26 Aug 2018
من أقدم الشائعات … منجم السكرى – جزء أول
———————————————–
برجاء مراجعة هذه المقال الهام جداً جداً ” في بئر الخيانه سقطوا “ … و اللى اتكلمنا فيه بالتفصيل عن الاستهداف الممنهج للوعي الجمعي للشعب المصري لضرب الاقتصاد المصري
من سنين طويلة و كان فيه تركيز كبير على استهداف مواضيع بعينها بالشائعات و الاخبار المغلوطة و الاكاذيب … و تعمد تكرارها بشكل كبير بمبدأ …. “الزن على الودان أمر من السحر” …. حتي يتم برمجة الوعي الجمعي للشعب لتقبل هذه الاكاذيب ثم تحولها الى حقائق و ثوابت لا تقبل النقاش … و من ضمن هذه المواضيع هو منجم السكرى اللى نسجت حوله العديد من الاساطير المكذوبة و الخيالية و الغير منطقية و لا تمت لا لعلم و لا لمنطق و لا لواقع باي صلة.
كان و لا يزال بــ يتقال للناس ان منجم السكري ده عباره عن جبال من الذهب و ان يوجد به جبل عباره عن كتله كبيره من الذهب الخالص عيار 32 و ان وزن الكتلة دي بس مليون طن من الذهب الخالص يقدر ثمنها بـ 55 تريليون دولار … ده غير ان انتاجه بيبلغ نص مليار دولار يوميا … و ان الدهب بــ يتسرق تحت عين الدولة و الحكومة و انه بيطلع من المصنع بطيارات من ارض المصنع للخارج لاخذ الدمغه … و مش بيرجع و لا حد يعرف عنه حاجة …. و مفيش مانع برضوا اننا نحشر زمن الملكية الجميل في الموضوع و نقول ان الملك فاروق بنفس ذات نفسه اغلق بوابات المنجم و قام بتشميع الباب الرئيسي و مدخل المنجم حفاظا على مستقبل الاجيال. 🙂
و للاسف مع ان الكلام ده لما يقراه اي مبتدىء درس او اشتغل في مجال التنقيب عن الدهب يضرب كف على كف و يقول ” سلام قولا من رب رحيم … ربنا يعوض علينا و على عقول الناس عوض الصابرين يا رب” … الا ان للاسف الكام سنة اللى فاتت … و بالذات من اول احداث يناير الميمونة … و مع بدىء حقبة انا أهري إذا انا بفهم …. و مع انتشار عصر الخبراء الاستراتيجيين اللى بيفهموا في الامن و العمليات العسكريه و الاقتصاد و المشاريع القومية و الهندسة و الملاحة و الـ DNA و تأمين المطارات و الطائرات و جرائم علم النفس …. اتحفنا الكثير منهم و بخاصة النخبة المثقفة اللى طفت على سطح الاحداث بكثير من روايات الخيال العلمي كلها بتحلف طلاق تلاتة ان الهرى ده كله صحيح.
و مع ان علميا الكلام ده ممكن يبقي موجود فقط في مجلة ميكي لما عم بطوط هو و عم دهب بيدخل مغاره و يلاقي عرق الدهب باين قدامه … يقوم جايب فاس و مكسر في عرق الدهب و يبقي كده هو طلع الدهب من المنجم ….. لكن للاسف مفيش فايده … الكل كان بيصدق … او محاولش يدور و يقرأ و يعرف ايه الحقيقه …. مع انها موجوده في مصادر كتيييييييير و سهل الوصول عليها من على النت …. و نظرا لانه اتبعتت لينا رسايل كتيييير من اصدقاؤنا على الصفحه اكتر من مره بتطالبنا بنشر مقال عن الموضوع ده …. فالنهارده هــ ندردش شويه في الموضوع ده و نتكلم كلام علمي هــ يبين ليكم احنا قد ايه اتلعب على عقولنا و كنا ساذجين جدا و بنصدق اي حاجه بتتقالنا.
مبدأيا مفيش منجم دهب عباره عن مغارة و لا فيه حاجة اسمها فيه عرق دهب جوه جدران المغارة …. و عملية استخراج الدهب عمليه تقنية متقدمة جدا و مكلفة جدا …. و عدد الشركات التى تملك القدرة المادية و تملك التقنية التكنولوجية لاستخراج الدهب معدودة جدا على مستوى العالم … زي بالظبط شركات استخراج الغاز بالظبط … و ايضا هي عمليه فيها مخاطرة كبيرة …. لان عدد الشركات اللى عندها القدرة المالية انها تصرف مليارات الدولارات في استثمار في دول اخرى عائده ممكن يجي بعد عشرات السنوات قليله جدا …. و ممكن كمان بعد ما تبدأ تلاقي دراساتها كانت خطأ و تخسر الجلد و السقط … و حصلت فعلا كتير … زي ما حصل مع شركة كيرنوس الكنديه لما اتنصب عليها في منجم للدهب في موريتانيا و بعد ما دفعت مليارات عشان تستثمرهم في منجم اتعملت الدراسات بتاعته على دهب في تكوينات صخريه قريبه من الارض سطح الارض بقيمة 8 مليار دولار … اتضح ان الحقيقه ان الدهب الموجود على اعماق كبيره جدا مما يزيد من تكلفة استخراجه و القيمه بتاعته لا تتعدي 2 مليار دولار…. يعني من الاخر زي القمار.
أما منجم الدهب عبارة عن مساحة شاسعة بتكون بالكيلو مترات المربعة و ليس مغاره صغيرة جوة جبل لها باب بيتم غلقه و تشميعه بالشمع الاحمر زي ما كانوا بيقولوا ان الملك فاروق عمل 🙂 ….. و بيكون حواليها سور و تأمين …. يعني ممكن منجم مثلا يكون طوله 10 كيلو متر بعرض 15 كيلو متر … زي القرية الصغيرة بالظبط ….. و بيكون فيه تكوينات جيولوجية صخرية بيتركز فيها ” جزيئات الدهب” … و نكرر تاني … ” جزيئات الدهب ” … يعني جزيئات لا ترى بالعين المجرده بتكون ملاصقة لتكوينات داخل الصخور زي مثلا الكوارتز …. و بيكون معاها جزيئات معادن اخرى … ممكن مثلا تكون نحاس او فضة او حديد … و على حسب حالة المنجم ده و تكوينه …. كل واحد طن صخور تقدر تستخرج منه من 0.7 جرام دهب الى 2.5 جرام دهب فقط … و الـ 2.5 جرام دهب من واحد طن صخور معناها انه منجم غني جدا … و كمان مش شرط ان كل منجم دهب ينفع يشتغل و يستخرج منه الدهب ….. لان مثلا منجم الطن فيه بيحتوى على 0.8 جرام دهب لكن موجود في الطبقات الصخريه القريبة من سطح الارض و الشوائب اللى فيه مثلا فضة … يكون افضل بكتييييير من منجم بيحتوى طن الصخور فيه على 2 جرام دهب لكن موجود في تكوينات صخرية على اعماق كبيرة و الشوائب اللى فيه حديد مثلا لان تكلفة استخراجه بتكون غير تجارية و غير مربحة …… يعني الخابور الاستراتيجي اللى بيقول في كتلة دهب متكاملة وزنها مليون طن تقدر ب 55 تريليون دولار و الشركة قاعدة تقطع و تكبش منها … ده تبوسه و تحطه جنب الحيط 😊 .
بــ يتم تكسير الصخور دي بالتفجيرو نقلها الى معامل استخراج الدهب الموجوده داخل منطقة الاستخراج …. و طبعا بما ان كل واحد طن صخور بيتم استخراج متوسط 1 جرام دهب …. فكل ما كان حجم الصخور اللى بيتم تكسيرها و نقلها للمعامل كبير … كل ما انتاجية المنجم ده تكون اكبر و ربحيته تكون اكبر و ده يتوقف على حجم المعدات و الانشاءات اللى فيه …. فمثلا فيه مناجم عندها المعدات و القدره انها تنقل يوميا 80 الف طن صخور يوميا … فتخيل حجم الديناميت و المعدات اللى بتشتغل عشان تنقل الحجم ده من الصخور كل يوم.
عشان كده المناجم دي مش بتستخدم لوادر و حفارات و تريلات زي اللى احنا بنشوفها في اعمال البناء … و لكن بتستخدم ديناصورات في صورة معدات … فمثلا المنجم مش بينقل الصخور بتريلات عادية من اللى احنا بنشوفها ….. و لكن بــ معده اسمها ” دمبر” اللى موجوده في الصوره فوق … الدمبر ده بالصلاة على النبى كدة ، فيه منه يقدر ينقل 100 طن في النقلة الواحدة …. و بتصل بعض الموديلات فيه انه يشيل 450 طن في النقلة الواحدة …. و كل ما جبت حفارات بطاقة استيعابية أكبر و “دمبرز” سعتها اكبر و عددها اكبر … تقدر تعمل عدد نقلات اكتر … فتزيد كمية الصخور المنقولة ….. و بالتالي تزيد عدد جرامات الدهب المستخرجة يوميا.
الصخور دي بتفضيها الدمبرز على سيور ضخمه بتنقلها الى ماكينة عملاقة اسمها الكسارة …. بتقوم بتكسير الصخور لاجزاء صغيره بحجم قياسي … ثم تنقل الى تنكات اخرى عملاقة بها محلول من السيانيد …. لان من خواص السيانيد انه بــ يجذب ليه جزيئات الدهب و يتحد مع جزيئاته …. ثم تفصل الصخور عن المحلول و تصبح صخور فاضية و بتترمي في اماكن بعيدة …. بعدها بيتاخد محلول السيانيد ده يدخل على تانكات اخرى بعمليات كهروكيميائية بــ يتم فيها فصل جزيئات الدهب لوحدها عن محلول السيانيد عشان يكون عندنا سبايك دهب اولية مختلطة بشوية معادن اخرى زي النحاس او الفضة او الحديد بنسبة نقاء من 82% الى 93%….
سبايك الدهب دي لازم تتنقي و تبقي دهب خالص بنسبة 99.99% …. و ماينفعش تتعمل في اي مكان لانها لازم تتبعت تتنقي في اماكن تعد على اصابع اليد و تكون معتمدة عالميا و مسجلة في بورصات الدهب العالميه عشان يتم دمغها و تسجيلها في بورصة لندن للدهب … و الا لا يعترف بيها … و من ضمن الاماكن دي عملاق صناعة الدهب في العالم … كندا.
طبعا لما تعرف ان طن الصخور ممكن تطلع منه من 1 جرام الى 2 جرام بــ يتاخد منهم 0.8 جرام الى 1.6 جرام دهب و تيجي تقارنه بالكلام اللى بيتقال ان منجم السكرى بيطلع منه في اليوم اطنان من الدهب الخالص عيار 32 بمليارات الدولارات …. تعرف قد ايه كان فيه ناس كانت بتضحك علينا و بتستغل جهل العديد من الشعب بعمليات التعدين و تعمد صمت النخبة المخترقه عن قول الحقائق و تعمدها نشر الاكاذيب.
نيجي بقي لمنجم السكرى …. منجم السكري واحد من عشرات مناطق الامتياز الغنية جدا بالدهب في مصر … و يوجد اماكن اخرى غيره واعدة اكثر بكثر من هذه المنطقة …. لكن للاسف مكانش فيه مستثمرين اجانب بيوافقوا ييجوا مصر يستثمروا و ينقلوا التكنولوجي في قطاع استخراج الذهب … و ده لعدة اسباب .
ان الحكومات المصرية كانت مش بترضي توافق على اتفاقيات بالشروط العالمية المستخدمة في كل مناجم العالم حفاظا على ثروات الشعب … ففي الخارج …. الشركات دي بتروح للحكومات و بتأجر الارض بمبلغ ثابت بــ يتراوح ب 7% من قيمة الانتاج زائد عليه 3% اتاوه … و بالتالي الشركة بــ تيجي تحط مليارات الدولارات جزء منها من فلوسها و الجزء الاخر من بنوك الدولة صاحبة المنجم و بتسهيلات كمان و تبدأ تطلع الدهب ….. و من الـ 90% اللى بتاخدهم …. بتطلع منها مصاريف التأسيس و تدفع منه تكاليف الاستخراج اليومية و الباقي بيبقي مكسب ليها.
اما الحكومة المصرية … فاشترطت انها تعمل اتفاقية مخالفة تماما للاعراف العالمية …. انها تاخد الـ 3% اتاوه زائد عليها الـ 7% …. و كمان 50% من صافي الارباح بعد خصم دفعات مصاريف التأسيس …. و كمان اشترطت ان كل تمويل المنجم يتم دفعه بالكامل بالدولار من الشركة المستخرجة “سنتامين” كإستثمار خارجي مباشر يضخ في الاقتصاد المصري و رفضت تماما ان يتم اي تمويل من البنوك المصرية …. و كمان اشترطت انها تاخد نسبتها ال 60% بالدولار بالسعر الرسمي للبنك المركزي أيام ما كان فيه سعرين للدولار و كان سعر الدولار في السوق السوداء اعلى ب 2 جنيه على اقل تقدير.
و بالفعل الشركة دفعت استثمارات تقدر بـ 1.1 مليار دولار و أنشأت المنجم بكل إنشاءاته بمحطة كهرباء مستقلة و محطة تنقية مياه و تم توريد جميع معداته …. و كان اول انتاج ليها بعد 20 سنة كاملة لم تتقاضي اي ارباح طوال هذه الفتره ….
المنجم ده بيشتغل فيه 4500 عامل مصري و بعض الفنيين الاجانب ….. بيدفعوا ضرائب كسب عمل و تأمينات اجتماعية 10 مليون جنيه شهريا … بخلاف انه نقل تكنولوجي متقدمه جدا لمصر …. و كمان الحكومه اشترطت عليهم تدريب مئات الطلاب سنويا بالمنجم و ضخ في الاقتصاد المصري اكتر من 4 مليار دولار … و حجم صادراته يتعدي 2% من حجم صادرات مصر للخارج …… بخلاف تشغيل 25 شركة مقاولات مصرية بكامل معداتهم و عمالهم داخل المنجم و بيدفعوا ضرائب للدولة عن حجم اعمالهم.
و عشان نتخيل ضخامة الموضوع و مدي تكلفة استخراج الدهب …. فالمنجم مثلا بيستهلك يوميا سولار بأكتر من 1.5 مليون جنيه و حتي المعدات بتاعته مكلفة جدا … فمثلا سعر كاوتش الدمبر يتخطى الـ 50 ألف دولار و ممكن يوصل الى 100 الف دولار على حسب حجمه و نوعه …. و بــ تتخطي التكاليف التشغيلية للمنجم الـ 2 مليون دولار يوميا.
- طب ييجي هنا الاسئلة اللى كان بيستخدمها الناس اياهم :-
- طب ليه الدهب بيسافر كندا ؟
- مين الرقيب على المنجم و على عمليات انتاجه ؟؟؟ … و هل فعلا فيه دهب بيستخرج و لا يتم تسجيله لتهريبه؟
- طب مين اللى بيحدد عدد الجرامات المستخرجة من الطن ؟ …. و مش ممكن يقولولنا ان الطن بيستخرج منه 1 جرام و هما بيطلعوا منه 2 جرام ؟
- طب مش ممكن كل يوم كام واحد يضربله سبيكة دهب في جيبه و يخرج بيها ؟
- طب هو الدهب اللى بيسافر ده … بيرجع تاني و لا بيروح فين ؟
طبعا اجابة الاسئلة دي كلها سهلة جدا و مفيش الكلام ده خالص و بالادلة و المنطق و العلم كمان … لكن نظرا لطول المقال و فيه ناس كتير بــ تشتكي من طول المقالات …. فاجابة الاسئلة دي كلها و غيرها كمان هــ نقوم بالاجابة عليها بالتفصيل في الجزء القادم بإذن الله.
تحياتنا