مصر تتمدد في افريقيا و لا عزاء لدراسات الجدوى

12 Dec 2018

مصر تتمدد في افريقيا و لا عزاء لدراسات الجدوى

————————————————-

اليوم تبدأ مصر في جني ثمار عودتها الحقيقيه الى الحضن الافريقي لمتد أذرعها الناعمه و تتوغل داخل افريقيا بعد نجاح مصر في الحصول على عقد بناء اكبر سد مائي في تنزانيا “ستيجلر جورج ” لتوليد 2100 ميجا وات من الكهرباء و الذي سيقام على نهر روفيجي بواسطة الشركه الوطنيه المقاولون العرب بقيمة 3.6 مليار دولار و الذي سيمد تنزانيا بكل احتياجاتها من الطاقه الكهربيه و الذي سينتهي في 2021 … اي بعد ثلاث سنوات فقط ….

و يعتبر هذا الحدث تطورا استراتيجيا محوريا غير مسبوق في علاقة مصر بأفريقيا من وقت مساندة مصر للحركات التحرريه من الاستعمار في فترة الستينات … فهو يؤكد للأفارقه ان مصر ليست دوله أنانيه او تتعامل مع اشقاؤها الافارقه بإستعلاء … و لكن تقدم لهم يد العون في البناء و التعمير و مساعدتهم في القيام بمشاريع تمس المواطن الافريقي مباشرة …. و لن نصف لكم حجم الفخر و السعاده التي تنتاب الجاليات المصريه في كل دول افريقيا و كيف سيؤثر ذلك ايجابيا على مستقبل حركة الاستثمار للمستثمرين المصريين او في حركة التجاره البينيه و الآفاق التي سيفتحها هذا العمل العملاق بين مصر و افريقيا.

و عشان نعرف ازاي مصر قدرت تفوز بهذا العقد العملاق و بخاصه مع المنافسه الشديده للشركات الصينيه و التركيه المتوغلين بقوه في افريقيا بعد تقديم مصر اقل عرض مالي و كذلك افضل عرض فني سواء في الجوده او في زمن البناء (ثلاث سنوات فقط )اللى كان اقل من نصف زمن اقل عرض مقدم من الشركات الاخرى …. لازم نعرف الاول ان فوز شركة المقاولون العرب بالعقد جاء بعد جهد رهيب و نجاح مصر المدوى في مشاريعها الداخليه التي جرت و مازالت تجرى على ارض مصر …. بعد ان ضرب المصريين بعرض الحائط كل القواعد العلميه او دراسات الجدوى في معدلات و جودة و تكلفة المشاريع في مصر …..

مصر اشتغلت على الموضوع ده بشكل استراتيجي …. فـ إعتمدت على انها تكبَّر شركات وطنيه بصوره كبيره لما اعتمدت عليها في مشاريع ضخمه … زي مثلا المقاولون العرب و بتروجيت و كونكورد و اوراسكوم و حسن علام و السويدي و غيرها من شركات المقاولات … و اللى اشتغلوا بشكل مباشر تحت ادارة الهيئه الهندسيه للقوات المسلحه … و ده كان ليه هدفين .

الهدف الاول ان الدوله المصريه اصرَّت انها لا تعتمد على خبرات اجنبيه و انها تشغل الشركات المصريه الوطنيه دي في مشاريع عملاقه و بالذات في الاعمال الجديده تماما علينا … سواء في بناء مدن كامله بكل مرافقها او في اعمال الانفاق و المطارات و محطات الكهرباء العملاقه و محطات المياه و الصرف الصحي و تنقية مياه البحر و شق الطرق في الجبال و المواني الضخمه و المناطق اللوجيستيه و غيرها من المشاريع العملاقه ……. ده بخلاف ان الحكومه المصريه ألزمت كل الشركات العامله في هذه المشاريع القوميه و في تحالفاتها مع الشركات الاجنبيه …. زي مثلا تحالف سيمنز مع السويدي …. ان حجم العماله الاجمالى يجب ان يكون 99% مصريين و 1% فقط يكونوا اجانب … يعني استقدام عماله اجانب بيكون في اضيق الحدود و اللى بيكون محصور في الخبراء فقط …. و ده ادي الى تكوين خبرات مصريه من شباب مصري واعد بمئات الالاف من اول مديري المشاريع و حتي مستوى العماله اليوميه …. حتي وصلت الشركات دي الى ان بقي عندها CV تخض بالمعني الحرفي للكلمه…. و بخبرات و موارد و ايدي عامله مصريه.

و الهدف التاني كان ضغط عنصر الوقت و التكلفه …. و عشان كده تم تكليف المشاريع دي كلها انها تكون تحت ادارة القوات المسلحه المتمثله في الهيئة الهندسيه …. ليه ؟؟؟ … لان الجيش دايما و ابدا عنده حلول خارج الصندوق و خارج الاطار العلمي المتعارف عليه … فبيقدر يشتغل و يعمل حاجات ضخمه جدا بأقل تكلفه و في وقت اقل بكتيييير جدا من المتعارف عليه … لانه متعود انه يخترع علم جديد او بالاصح عنده علم جديد …. فمثلا كل دراسات الجدوى العلميه و العلم العسكري كان بيقول ان فتح الساتر الترابي و تدمير خط بارليف بيتطلب قنابل ذريه لاستحالة ازاله آلاف الامتار المكعبه من الرمال و كذلك استحالة اختراق خط دفاعي عبر مانع مائي بالمواجهه العسكريه … لكن هو عدل على العلم العسكري ده و فتح الثغرات بشوية خراطيم ميه بتلاته صاغ … و قدر يقتحم و يدمر النقاط الحصينه بالمواجهه بحلول عسكريه لم يعرفها اي جيش عسكري من قبل.

فمثلا في مجال حفر الانفاق …. و اللى بيعتبر من اصعب الاعمال الهندسيه …. فالمتحكم في المجال ده عالميا … او بالاصح معلمين المجال ده مقصور على عدد محدد من الشركات و الدول …. زي مثلا الصين و المانيا و انجلترا و تركيا …. و اللى بيجتمعوا كل سنه في مؤتمر عالمى مقفول عليهم اسمه STUVA عشان يتبادلوا الخبرات ما بينهم في هذا المجال المعقد هندسيا و الصعب على اي شركه اخرى الدخول فيه للمخاطر المتعلقه بيه ….. و لم مصر قررت انها تحفر انفاق قناة السويس ….. كان دراسات الجدوى العلميه بتقول اننا لازم نتجه الى احدي الشركات المتخصصه في هذا المجال و ندفعلها تكلفه الحفر و تأجير المعدات و مكن الحفر.

لكن لان مصر بتخطط لبعيد …. ضربت بدراسات الجدوى دي عرض الحائط …. و رحنا اشترينا 4 مكنات حفر TBM عشان يكونوا ملكنا من عملاق الصناعة في المجال ده الشركه الالمانيه هيرن كشنت و اللى كان تمنهم نفس تمن الايجار لو أجرناهم بالفنيين اللى حيشتغلوا عليهم …. و عطينا كل شركة مقاولات مصريه مكنة TBM و فرضنا على الشركه الالمانيه انها تعلم 4 فرق من أوراسكوم – بتروجيت – كونكورد – المقاولون العرب ازاي بيتم العمل على المكنات دي … و الشباب المصري كان قد التحدي … و شرب الصنعه تماما في اقل مده زمنيه لدرجة اذهلت الالمان نفسهم …. و خاللى الخواجه هيرن كيشنت بذات نفسه يصرح و يقول ليتحدث بعدها مدير و صاحب الشركه ” هيرن كينشت” قائلا :-

” لم ارى مفاوضا بارعا في حياتي مثل عبد الفتاح السيسي … لقد عصرني بالمعني الحرفي للكلمه …. و اخذ الماكينات بسعر لم يحدث من قبل …. فتقريبا لم اكسب منه الكثير … و اصر على تدريب شباب مصري …. لقد كان شرطه الاساسي … ان من يستلم الماكينات و يقوم بتركيبها و قيادتها هم الشباب المصريين …. الشباب المصري تدربوا في مركز التدريب في المصنع في ألمانيا … لقد ابهروني …. لم أرى شبابا واعدا محبا للتعلم مثلهم … لقد تعلموا بسرعه مذهله و بكفاءه منقطعة النظير …. هم يستحقون ما يفعله لهم قائدا محبا لوطنه مثل الرئيس السيسي” …….

و مش بس كده …. ده كالعاده الشباب ده حط التاتش بتاعه اللى كان غير مسبوق …. لان الخواجه اللى مصنع المكنه دي بيقول ان سرعة حفر المكنه دي 8 متر في اليوم … و دراسات الجدوي العلميه بتقول ان نوعية الارض تحت قناة السويس سبخيه مرنه …. يعني المكنه لما تتحط في الارض دي تغوص و تغرس فيها …. و بالتالي ده حيأثر على سرعة الاداء و حيقلل سرعة الحفر الى 4 متر في اليوم مما يزيد من مدة تنفيذ المشروع الى اكثر من 5 سنوات.

لكن شباب الهيئه الهندسيه و معاها شباب الشركات المدنيه قدروا انهم يخترعوا اساليب جديده و حلول هندسيه عليمه لم يسبق لاحد ان يستخدمها من قبل … عشان يتغلبوا على كل العوائق دي في اول تجربه ليهم و ينجزوا العمل بمنتهي الحرفيه و الجوده المطابقه لكل المعايير العالميه …. و مش بس كده … ده قدروا يتوصلوا الى اساليب شغل جديده و يصلوا الى معدلات تنفيذ تصل الى 37 متر في اليوم بدلا من 8 متر فقط عشان يختصروا مدة التنفيذ من ثلاث سنوات الى سنة واحده و مش بس كده …. بربع التكلفه الاجماليه للحفر لو استعنا بشركه اجنبيه زي ما كان بتقوله كل دراسات الجدوى من بيوت الخبره المتخصصه في هذه المجال …. و ده اللى أدى الى ان عظماء حفر الانفاق في العالم في مؤتمر STUVA انهم يدعوا المشرف العام على الشروع و هو الهيئه الهندسيه للقوات المسلحه عشان يسألوه سؤال واحد …. عملتوها ازاي دي ؟؟؟ … خلونا نتعلم منكم.

مثال تاني …. محطات الكهرباء العملاقه اللى اتعملت في مصر …. فكل دراسات الجدوى اللى اتقدمت من سيمنز انها عشان تعمل 3 محطات عملاقه بقدرة 14.4 GW … استحاله انها تتنفذ في مده اقل من 60 شهر في احسن الظروف و اذا تم العمل الانشائي بواسطة شركات عالميه محترفه … و ان التكلفه استحاله انها تقل عن 18 مليار يورو للثلاث محطات …. عشان ينتهي التفاوض انكم حتوردوا التوربينات و اجهزة التحكم و تركبوها … و ملكومش دعوه بالباقي … لان عندنا شباب الهيئه الهندسيه و شباب شركاتنا المدنيه حيقوموا بيه … الالمان كانوا بيشوفوا معدلات أداء و تنفيذ مـ شافوهاش قبل كده سواء في الاعمال الخرسانيه او في مد عشرات الآلاف من الكيلومترات من الكابلات داخل المحطات …. و عمرهم ما شافوا في حياتهم رؤساء الورديات و عمالهم و هم عاملين فرق و بيواصلوا الليل بيتنافسوا مين يكسر ارقام التاني في معدلات الاداء ….. عشان تنخفض التكلفه الى الثلث 6 مليار يورو و تنخفض المده الزمنيه للتنفيذ الى حوالي 27 شهر فقط …. و يطلع جو كايزر مدير شركة سيمنز و هو بيقول :-

  •  إن اتمام مشاريعنا العملاقه في مصر في مثل هذا الوقت القياسي لن يحدث طفره في منظومة الطاقه في مصر فقط. و لكنه سيصبح نموذجا يحتذي به في بناء مشاريع البنيه التحتيه في قطاع الطاقه في دول اخرى في منطقة الشرق الاوسط و على مستوى العالم.
  •  اليوم نحن هنا لنحتفل ولنقول شكرا للرئيس السيسي على رغبتكم في إطلاق هذا المشروع، ليس بسبب أنكم تريدون شيئا لأنفسكم، ولكن لشعبكم وتريدون أن تجعلوا دولتكم أفضل”…”السيد الرئيس لقد قمتم بذلك بفائدة لشبعكم، كنت المفاوض الأفضل الذي فاوضته على الإطلاق.
  •  أن مصر لديها العديد من المقومات الإيجابية لتصدير الخدمات للكثير من الدول فى المنطقة، وإذا استمرت على نفس مسيرة التنمية ستكون على خطوة أقرب لاستعادة مجدها الذى تربعت عليه خلال الثلاث آلاف سنة الماضية. نحن هنا من أجل مساعدة مصر على تخطى التحديات فى هذا الطريق وخاصة فى وجود رؤية قيادية واعية من القيادة المصرية….. أن ما شهدته مصر فى قطاع الطاقة لم يحدث من قبل على مستوى العالم…..أوجه رسالة للرئيس المصرى وشعب مصر، إن هناك نوعين من الشعوب…. منهم من يجلس وينتظر الفرص والمستقبل ….. وهناك القادة والشعوب التى تصنع الفرص والمستقبل ….. ومصر وقيادتها من النوع الثانى ونحن هنا لمساعدتكم فى تحقيق هذا الهدف.

و بعد ده يطلع يصرح ان مشاريع مصر عملت ليهم مشكله كبيره مع عملاؤهم … لان كل الدول بقت بتطالب سيمنز انها تعمل محطاتها بنفس التكلفه بتاعة مصر و في نفس الفتره الزمنيه … عشان يرد عليهم و يقول …. احنا معندناش مشكله …. بس هاتولنا نفس المهندس و العامل المصري اللى اشتغلوا في محطاتنا بتاعة مصر و احنا نعملكم المحطات بنفس التكلفه و في نفس الفتره الزمنيه …. فيظهر في الافق الاتفاق الرئيسي اللى اتعمل مع سيمنز …. ان يتعمل شراكه استراتيجيه ما بين سيمنز و الشركات المصريه …. ان اي مشاريع طاقه على مستوى العالم عايزاه دولة تانيه بنفس معايير مصر …. يطلع نفس التحالفات اللى كانت شغاله في مصر … الشركات المصريه مع سيمنز تنفذها.

احنا بنقول الكلام ده ليه …. لان اللى بيحصل في مصر أمر غير مسبوق و العالم كله بيتابعه و بينظر ليه بمنتهي الانبهار ….. و ده اللى خاللى الرئيس التنزاني جون ماجوفلي يقول للرئيس السيسي انه حيرفض كل العروض المقدمه من الشركات التركيه و الصينيه و الهنديه و الاوروبيه لبناء سد “ستيجلر جورج ” و يعطيها للشركات المصريه و لكن بشرط … انها تشتغل تحت اشراف الهيئه الهندسيه للقوات المسلحه … او انهم يشتغلوا بنفس الاسلوب و بنفس الجوده و معدلات التنفيذ اللى بيعملوها في مصر …. و ده اللى حصل بالفعل … فتحالف شركة المقاولون العرب مع شركة السويدي حيقوموا بتنفيذ السد اللى حيكون بإرتفاع 134 متر بخلاف اربع سدود فرعيه مكمله له بخلاف بعض الانشاءات الاخرى و الطرق المكمله لهذا المشروع.

عامة معلومه على السريع … فرجوع الشركات الوطنيه المصريه الى افريقيا بدأ بقوة من خمس سنوات … فمثلا شركة المقاولون العرب شغاله في العديد من المشاريع العملاقه في 18 دولة افريقيه في مشاريع بقيمة 1.8 مليار دولار سواء فى اعمال طرق و مستشفيات و استادات رياضيه و محطات مياه و بنيه تحتيه و غيرها من المشروعات … في موريتانيا و اثيوبيا و الجزائر و بنين و بتسوانا و تشاد و غانا و رواندا و المغرب و كودت ديفوار و غيرها من الدول.

تحيا مصر و عاش شباب مصر

لمتابعة تعليقاتكم