أمريكا والصين والدولار .. واحدة واحدة !!

15 Apr 2020

أمريكا والصين والدولار .. واحدة واحدة !!
——————————————-

ناس كتيرة سخنت فجأة ، وكله حضر الفشار والكاجو علشان يتفرج على مذبحة الدولار اللى هــ تحصل بعد إعلان الصين إنها هــ تلغى الدولار ، وهــ تتعامل مع الدول الأخرى فى علاقاتها التجارية بالعملة المحلية … بس الحقيقة إن اللى عملو كدة كانوا مستعجلين شوية .. أو شويتين .. أو تلاتة كمان 🙂 …

الخبر ده صحيح و مش صحيح فى نفس الوقت .. لأن المشكلة دايما بتبقى فى طريقة صياغة الخبر ، وطريقة عرض المعلومة لدى بعض المواقع علشان تعمل تفاعل …

طيب .. أومّال إييه الموضوع !!؟؟ … خلينا نسأل الأول .. هل فيه صراع إقتصادى بين أمريكا والصين !؟ .. أكيد طبعا .. طب هل الإجراءات اللى بتاخدها الصين فى مواجهة الدولار دى إجراءات جديدة !؟ .. بالقطع لأ … طب أومّال إييه الحكاية ؟؟ …

شوف يا سيدى .. الموضوع ده بدأ من زمان .. من بداية تاسيس تحالف دول مجموعة “بريكس” اللى إتكلمنا عنها قبل كدة كتير .. وهي مجموعة بالأساس إقتصادية سياسية .. وإسمها هو مختصر للحروف الأولى باللغة اللاتتينية “BRICS” المكونة لأسماء الدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي فى العالم وقت التأسيس .. وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وإنضمت لهم لاحقا جنوب أفريقيا … والدول دى إتفقت على التنسيق في القضايا الاقتصادية العالمية بما فيها التعاون في المجال المالي وحل المسألة الغذائية .. وأهم ما ورد فى الإتفاق بينهم هو إن التبادل التجارى فيما بين مجموعة الدول المؤسسة يكون بالعملات المحلية … !! ……
طب هل البند ده تم تفعيله !!؟ …
لأ مش بشكل كامل .. و ده له اسبابه هنعرفها فى أخر المقال !

طب أومّال إييه اللى فجّر الموضوع تانى وخلّى الناس تتكلم فجأة عن إن الصين خلاص بتقول ، مافيش دولار .. وأنا الدولار (بصوت أحمد السقا) 🙂 !؟؟ … اللى حصل ياسيدى إنه فى الأسبوع الثالث من شهر مارس الماضى ، حصل إتفاق بين الدول الأعضاء فى منظمة شنغهاى للتعاون الدولى ، و هم 8 دول أعضاء مؤسسين ، ومعاهم 4 دول بصفة مراقب … وأهم الدول الــ 12 دوول هم ، الصين والهند وروسيا وباكستان ، وإيران وبيلا روسيا .. والدول دى كلها إتفقوا على إتمام التبادل التجارى والإستثمارات بينهم ، بالعملات المحلية مش بالدولار .. يعنى أى معاملات ثنائية تجارية بين أى دولتين فى المجموعة ، هــ يكون بالعملة المحلية !

طب هل ده معناه إن ممكن الدول دى بما فيهم الصين نفسها ، أو أى دولة فى العالم ، تقوم الصبح تصدر قرار ، بإنها تتخلى عن الدولار فجأة كدة … الحقيقة لأ .. لأن الدولار هو العملة الأولى فى العالم ، واللى بيمثل أكثر من 60% من الإحتياطى النقدى لدى البنوك المركزية فى كل دول العالم بما فيهم الصين وروسيا .. ده بالإضافة إن 40% من ديون العالم الخارجية بالدولار

لو بصينا لمصر مثلا .. هتلاقى إن كلنا فاكرين المزايدات الهبلة بتاعة المعارضة ، والإخوان لما كانوا بيتكلموا زمان عن إن مصر علشان ترفع قيمة الجنيه المصرى ، لازم تخلى دفع رسوم المرور فى قناة السويس بالجنيه .. و ده هــ يخلق طلب على الجنيه ، فــ يرفع قيمته .. والحقيقة إن الكلام ده كلام متخلف ، لزوم المزايدة على الإدارة المصرية وتسخين الناس بالباطل .. لأنك لو عملت كدة ، إنت بتفقد أهم مصدر دخل لمصر بالعملة الصعبة ، اللى إنت محتاجها اصلا علشان تشترى بيها مستلزمات الدولة وإحتياجات المصريين من الخارج من غذاء ودواء ومواد خام ومواد مصنعة الخ الخ .. واللى مش هتقدر تشتريها بالجنيه المصرى ، حتى لو كان الجنيه بــ 50 دولار .. إلا لو تحولت عملتك لعملة دولية معتمدة .. و ده له إجراءات كتيرة وطويلة ومعقدة ، إستغرقت فى دولة زى الصين بكل إمكانياتها أكثر من 30 سنة ، علشان تحقق الهدف ده ، ويبقى اليوان عملة دولية بداية من 2016 !

طبعا القوة اللى بيمتلكها الدولار ، كانت بتخلى أمريكا قادرة على فرض عقوبات إقتصادية على أى دولة من دول العالم ، فى أى وقت … و من أهم الدول اللى بتعانى من العقوبات الإقتصادية الأميريكية لحد النهاردة هى روسيا .. وعلشان كدة بدأت دول كثيرة تسعى إنها تتخلص من قبضة الدولار عن طريق إجراء تبادل تجارى مع دول أخرى بالعملات المحلية .. و ده اللى بدأت تعمله دول البريكس و منظمة شنغهاى للتعاون .. لكن هل يقدروا يعملوا الكلام ده ويفعلوه بشكل حاد وعنيف وكلّى .. الإجابة لأ ..

دولة مثلا زى الصين ، تمتلك حوالى تريليون دولار إستثمارات فى أذون الخزانة الأميريكية .. و لو قامت ببيع السندات دى ، ده هــ يؤثر على الدولار بشكل حاد ، ويقلل قيمته ..و هيعمل فوضى إقتصادية عالمية … و لو الصين عملت كدة ، هــ تكون عامل كدة زى اللى معاه مسدس و بدل ما يضرب عدوه ، ضرب بيه صوابع رجليه هو .. لأن أمريكيا نفسها هى أكبر سوق فى العالم للمنتجات الصينية ، و ده معناه إن الصين كدة بتأذى نفسها .. و يمكن ده اللى خلى الصين تدخل تدعم إقتصاد الولايات المتحدة فى الأزمة الإقتصادية فى 2009 ، وتحافظ عليها من الإنهيار عن طريق ضخ مليارات فى أذون الخزانة الأميريكية وقتها ..

وطبعا ده بالإضافة إلى إن إنهيار الدولار هــ يخلى دول كثير فى العالم تنهار ، و دول تفلس ، و دول أخرى تنسحق .. و ده بالإضافة كمان إلى إن رد الفعل الأميريكى على تصرف زى ده ، مش هــ يكون رد إقتصادى .. لأ .. ده هــ يكون رد بالصواريخ والدبابات .. و عليا وعلى أعدائى .. والعالم كله يشتعل .. و ده مش فى مصلحة أى حد .. وبالذات الدول اللى عايزة تتخلص من هيمنة الدولار .. زى الصين وروسيا والهند وغيرهم كثير .. حتى مصر ! ..

طب الحل إييه !؟ .. الحل إن الإجراءات دى تتم أااه .. لكن واحدة واحدة .. خطوة خطوة .. بدون أى تصرف حاد .. و ده اللى بدأت الصين وغيرها يشتغلوا عليه و ينفذوه .. واحدة واحدة … من أول الشركات الإنترناشيونال اللى بدأت تبرم عقودها باليورو مثلا بدل الدولار .. زى بعض شركات البناء والتشييد ، و حتى فى قطاع السياحة وغيره من القطاعات .. و وصولا إلى مرحلة تسوية التبادل التجارى والإستثمار فى معاملات ثنائية بين الدول وبعضها بالعملة المحلية بشكل جزئى و فى قطاعات محددة !

لازم نبقى فاهمين ، إن البنية التحتية المالية فى العالم كله قائمة بشكل كامل تقريبا على الدولار .. وعلشان ماندخلش فى تفاصيل إقتصادية معقدة تتعلق بقدرة كل عملة من العملات المحلية على التماسك وثبات قيمتها مقارنة بالدولار أولا ، و بسلة العملات ثانيا .. فــ خلينا نقول إنه لازم يبقى فيه حرص من الصين فى التعامل مع الملف الشائك ده ، وإحداث إنتقال عالمى ممنهج و مدروس من الدولار ، لليوان .. بدون الوصول لنقطة الصدام ، اللى ممكن تهد العالم على دماغ الجميع !

و علشان كدة ، الموضوع ده ممكن يستغرق على الأقل 10 سنوات من دلوقتى … و دى مش فترة طويلة فى عمر العالم على فكرة

طب هل أميريكا هتفضل ساكتة وهى بتشوف الدولار بتاعها بيتراجع جزئيا ، وفيه تحركات هدفها تقويض سيطرة الدولار على العالم !؟ .. أكيد طبعا لأ .. و علشان كدة بقالنا كتير بنشوف تحركات وصدامات بشكل مباشر ، أهمها نشر صواريخ باليستية فى محيط الأمن القومى الخاص بكل دولة من دول الصراع .. أو بشكل غير مباشر ، زى حروب الجيل الرابع والمناكفات السياسية والإقتصادية وخلافه ..

الخلاصة ، إن الكلام ده ، كدة كدة هــ يحصل .. ومرحلة الغليان هــ توصل أكيد لنقطة الفوران .. وخصوصا إن الديون الخارجية الأميريكية تخطت حاجز الــ 22 تريليون دولار .. لكن إمتى .. وإييه اللى هــ يحصل .. ده بقى اللى هــ نبقى نتكلم عنه بإذن الله فى مقالات قادمة ، ماذا بعد كورونا 😉🙂

بس كله بوقته 🙂

حفظ الله مصر وشعب مصر

لمتابعة تعليقاتكم