الأزمة

26 Mar 2022

الأزمة .. !!

————

بغض النظر عن الخناقة اللى دايرة مابين مؤيد ومعارض … مابين وطنى ومغرض .. مابين مدافع و مهاجم …. مابين ناس مع بلدها قلبا وقالبا ، وناس مستنية بالخنجر فى إيدها لــ اللحظة اللى الوطن يتهز فيها علشان تطعنه فى ظهره بكل خسة … لكن كان القرار فى الصفحة إننا مش هــ نعلق على الوضع الحالى لأننا كنا ومازلنا مقتنعين إن الوضع الحالى مش محتاج أى تفسير أو تبرير ..

والحقيقة إنها كانت تجربة مفيدة جداً لمتابعة التريند بدون التدخل فيه .. لكن اللى خلانا نكتب النهاردة ، إنه مع الأسف وصلتنا عشرات الرسائل اللى بتطلب مننا نعلق على الأزمة الحالية .. والبعض بــ يأكد إن التجربة المصرية إنهارت وفشلت .. والبعض الأخر كان بيقول لنا قولولنا إييه اللى بيحصل .. إحنا بــ نتهاجم ومش عارفين نرد !!!!

والسؤال اللى بيطرح نفسه هنا …. هى الدولة المصرية إنهارت وفشلت فعلا !؟ … وهل برغم وضوح الصورة ، والأخبار المنتشرة فى كل وسائل الإعلام .. لسة فيه ناس مستنية حد يسندها ويقول لها ترد تقول إييه !!؟؟

طب ياسيدى .. إحنا دولة فاشلة إذا كان ده هــ يبسطك ..

لكن هل الظروف اللى بــ يمر بيها العالم كله ظروف طبيعية ؟

هم بيقنعوك إن مصر دولة فاشلة وإنت بتصدق ..، ده على إعتبار إن مصر مسئولة عن إرتفاع نسبة التضخم فى العالم كله فى فبراير الماضى .. لمستويات غير مسبوقة .. يعنى مع بداية الحرب ..،  ووصلت فى أميريكا بجلالة قدرها لمستوى 8% واللى ماحصلش من 40 سنة .. ووصلت فى الإتحاد الأوروبى لمستوى الــ 5.5% … ناهيك عن روسيا والبرازيل وبيلاروسيا بكل مواردهم اللى كسر فيهم التضخم حاجز ال 9% ووصل فى البعض الى 10.5% وناهيك طبعا عن تركيا اللى تجاوزت نسبة التضخم فيها الــ 55% والأرجنتين 50% .. فى حين إن مستوى التضخم فى مصر كان 8.8% !! .. بس مصر دولة فاشلة وسبب اللى بيحصل فى دول العالم !

هم بيقنعوك إن مصر دولة فاشلة وإنت بتصدق ..، ده على إعتبار إن مصر مسئولة عن تراجع سعر الصرف للعملات أمام الدولار بنسب كبيرة بالنسبة للأسواق الناشئة اللى دولتك … فنلاقيها مثلا فى باكستان 16% والأرجنتين 20% وكازخستان 20% … وناهيك طبعا عن تركيا بنسبة 90% ، وروسيا 32% .. و ده غير الين اليابانى بتاع كوكب اليابان الشقيق ده ، و اللى إنخفض لأدنى مستوياته أمام الدولار من 2017 .. فى حين إن مستوى تراجع العملة فى مصر بعد الإجراء الأخير 16% فقط !! .. بس مصر دولة فاشلة وسبب كل اللى بيحصل فى دول العالم !

لأ ماهو أصل الديون الخارجية هى السبب فى اللى بيحصل لنا علشان إحنا دولة فاشلة وعايشة على السلف … الديون دى اللى بتمثل بالنسبة لمصر 37% من حجم الناتج المحلى … يعنى من أكثر النسب الأمنة فى العالم كله .. فى حين تلاقى تركيا 61% .. أوكرانيا 82% .. رومانيا 58% .. المكسيك 45% .. بل إن حجم الدين العام فى أميريكا تخطى نسبة الــ 115% وبريطانيا فى حدود الــ 105% من الناتج المحلى … بس مصر دولة فاشلة وسبب كل اللى بيحصل فى دول العالم !

لأ ماهو أصلنا بنستورد كل حاجة من برة ومش لاقيين ناكل …

ولما تيجى تدور .. تلاقى إن مصر مؤخرا حققت مثلا الإكتفاء الذاتى من المعكرونة والأرز بنسبة 100% .. والدواجن بنسبة 97% .. وخفضنا إستيرادنا من القمح من 14 مليون طن سنويا لقرابة الــ 8.5 مليون طن فقط ورفعنا الإحتياطى الإستراتيجى بسبب الصوامع اللى بيقولوا إنها مالهاش لازمة ، إلى 9 شهور … بل إن أندونيسيا وتركيا اصبحوا هم الدول الأكثر إستيرادا للقمح فى العالم بنهاية 2020 .. بزيادة عن مصر بأكثر من مليون طن …. بس إنت مصدق إن مصر دولة فاشلة وسبب كل اللى بيحصل فى دول العالم !

إزاى صدقت إن الدولة اللى إقتصادها حقق واحدا من أفضل الأداء فى زمن جائحة كورونا .. وصمد أمام جائحة عالمية وحقق نمو إقتصادى كمان … يبقى فجأة كدة إقتصاد فاشل !؟

إزاى سيبتهم يقنعوك فى الأزمة الأخيرة ، إن دول العالم الكبرى .. اللى أرفف محلات السوبرماركت فضيت فيها ، والناس بتتخانق على السلع فيها .. زى فرنسا مثلا … وبيتحدد للمواطن حصة من زيت الطعام زى ألمانيا مثلا … يبقى ده نجاح إقتصادى .. فى حين إن مصر اللى السلع كلها متوفرة عندك فى كل حتة ، ومافيش سلعة غذائية نقصت ، ورئيس الدولة طلع فى خطاب إعلامى يقولك إعملوا اللى إنتم عايزينه ، وإشتروا زى مانتم عايزين .. إحنا مستعدين لكل حاجة .. يبقى ده فشل إقتصادى .. علشان بس حصل إرتفاع طبيعى فى الأسعار سواء بسبب الأوضاع العالمية أو بسبب جشع التجار !! (و ده مش معناه إننا بنقول إن إقتصاد مصر أقوى من فرنسا أو ألمانيا .. علشان بس الناس اللى بتحب تفهم الكلام شمال) !!!

إحنا مش محتاجين نبرر سبب تخفيض قيمة العملة ، لأن المتابع الجيد عارف كويس يعنى إييه البنك الفيدرالى يرفع سعر الفايدة عالميا .. وتأثير ده على كل الإقتصادات الناشئة فى العالم .. وإنسحاب المستثمرين بما يسمى بالأموال الساخنة من أجل إستثمارها فى أميريكا .. وناهيك عن إن الإجراءات دى تزامنت مع حالة حرب وإستقطاب عالمى .. وعقوبات إقتصادية أثرت على كل سلاسل الإمداد فى العالم اللى هى متأثرة اصلا بسبب الجائحة !!

ورغم كدة .. الدولة عملت إجراءات حمائية لتخفيف تأثير الأزمة العالمية وتخفيض سعر العملة بــ 25 إجراء … منها على سبيل المثال لا الحصر .. قرار زيادة المعاشات بنسبة 13% و ده كلف الموازنة العامة للدولة 8 مليار جنيه زيادة .. وكمان إضافة 450 ألف أسرة لمعاش تكافل وكرامة بزيادة على موازنة الدولة 2.5 مليار جنيه .. ده غير دعم البورصة والإعفاءات الضريبية وزيادة المرتبات للقطاع العام والحكومة من شهر إبريل .. ونشر منافذ بيع للسلع الإستهلاكية بأسعار مخفضة علشان تساعدك فى مواجهة جشع التجار .. وناهيك عن تخصيص 130 مليار جنيه لجابهة إرتفاع الأسعار فى حالة إمتداد الأزمة العالمية الحالية لفترة أطول !! …

و ده غير إصدار شهادة الــ 18% اللى المصريين إشتروا فيها بنسبة 103 مليار جنيه فى خلال 3 أيام فقط … (عايز افكركم إن المصريين جمعوا 64 مليار جنيه فى أسبوع ، ايام حفر قناة السويس) … فــ ياترى المقاربة الرقمية دى مش بتقولكم حاجة !!؟ … أنا مش هــ أقول .. لكن هــ أخليكم إنتوا اللى تفكروا فيها !!

الخلاصة ..

إحنا لا بــ ندافع ولا بــ نبرر … ولا عايزين نقنعك بحاجة … مش موجودة ….

و مش معنى كلامنا إننا بنقول إن كله تمام ، وإن المصريين عايشين زى الفل .. وإن الأزمة الحالية دى مجرد وهم .. وإن الناس مش بتعانى … بالعكس … إحنا كلنا تعبانين … وزيادة الأسعار أصبحت كابوس بيأرق كل المصريين .. وإمتداد الأزمة هــ يفرض علينا كلنا على المستوى الشعبى إجراءات تقشفية صعبة .. وأكيد مافيش حد فينا مبسوط من كدة ….

لكن إحنا بس كل اللى عايزين نقوله .. إننا مش لواحدنا على ظهر هذا الكوكب اللى بيتعرض للمصاعب الحياتية دى ، زى ما البعض بيحاول يفهمك … وإن الدنيا تمام وفل فى كل العالم ماعدى مصر .. وإنه إشمعنى يعنى اللى حاصل ده ماثر علينا إحنا بس …. بأمارة إن أوكرانيا نفسها ما إتأثرتش .. وعملتها زى ماهى …. والمشكلة إنك تلاقى ناس فعلا مصدقة إن دولة بنيتها التحتية إنهارت بالكامل وعندها شلل تام فى معظم المرافق .. وتوقف تام عن الإنتاج ، و 7% من شعبها بقوا لاجئين …. لكن عملتها زى ماهى ما إتأثرتش بشكل طبيعى مش بفعل فاعل !!

خلى بالك إنه وقت الأزمات هو أكثر وقت بــ يتم فيه تزييف الحقائق ، و التلاعب فيه بالعقول ، لأن الناس بتبقى فعلا تعبانة .. وأى كلمة ممكن توديهم وتجيبهم .. ولو تلاحظ ، هــ تلاقى نفس الكلام اللى بيتقال لك دلوقتى هو نفسه اللى إتقال فى 2016 وقت التعويم … البلد بتضيع والإقتصاد بينهار ، والدولار هــ يوصل 150 جنيه ، والدولة هـ تفلس .. وفوايد البنوك حرام ألخ ألخ ألخ …. وبالتالى فــ سلاحك الوحيد هو سلاح الوعى والتناول الموضوعى لكل ما يحدث حولك

فى النهاية .. إحنا فى أزمة حقيقية … أزمة بتعصف بالعالم كله … أزمة اتكلمنا عن إنها جاية جاية فى مقالات سابقة كتير … أزمة المواجهة بين نظام عالمى قديم وجديد … أزما بتواجهنا كلنا … كمصريين أولا … وكجزء من الكيان العالمى اللى كل الشعوب فيها للأسف بتدفع ثمن أطماع شبكات المصالح العالمية ، اللى بتجيد صناعة الأزمات لتحقيق أكبر مكاسب مادية ممكنة .. مش على حسابنا إحنا بس … ولكن حتى على حساب شعوبهم نفسهم !!!

وبرغم كل شيئ .. فــ بلدنا بخير مقارنة بدول تانية .. ومنهم دول كبرى كمان … و هــ نعدى الأزمة الحالية دى زى ماعدينا أزمة الجائحة .. وبأقل قدر من الخسائر بإذن الله

حفظ الله مصر برئيسها وجيشها وشعبها 🙏

لمتابعة تعليقاتكم