إشمعنى يوم 25 يناير

25 Jan 2019

إشمعنى يوم 25 يناير .. !!؟

—————————

بقالنا 7 سنين ، فى كل مرة مع بداية السنة بــ نلاقى بعض الأصوات بتتعالى إن الثورة جاية يوم 25 يناير اللى جاى … وطبعاً كل القنوات الإعلامية إياها نلاقيها بتسخّن وتولع حريقة .. ونشوف ونسمع شعارات ومانشيتات وعناوين ومقدمات نارية من نوعية ، النظام خايف .. النظام مرعوب .. البلد بتضيع .. مسئولين هربوا للخارج .. الثورة قادمة .. و علّى الصوت علّى وعلّى ، خلّى الثورة تشيل ما تخلى .. شعبية النظام تتأكل .. الجيش قافل الميادين علشان خايف من الثورة .. الجحافل الثورية تتواصل لترشيح مجلس رئاسى .. ماذا بعد السيسى .. إنقسام فى الجيش .. إجهاض محاولة إنقلاب فاشلة .. الشباب “التاهر النكى” هــ ينزل فى 25 يناير لإسقاط النظام .. النظام يترنح ….. ألخ ألخ ألخ … من كل العناوين والشعارت البراقة اللى بنسمعها كل مرة .. وتيجى ذكرى 25 يناير وتعدى .. ومايحصلش حاجة … !!!

  • والسؤال اللى بيطرح نفسه … إشمعنى يعنى كل مرة “يوم 25 يناير” مش أى يوم تانى !!؟؟
  • هل يوم 25 يناير يوم متوضئ مثلا فى حين بقية أيام السنة مش على طهارة !؟
  • هل يوم 25 يناير موسم تزاوج وفقس الثوار مثلا ، و مش بيتكرر غير فى السنة مرة !؟
  • هل الثورة ماتنفعش فى أى يوم تانى غير يوم 25 يناير !؟

بجد شر البلية ما يضحك !!! 😊

عموما اللى يجاوب على السؤال ده هو علم التفس .. أيوة علم النفس …

فى البداية لازم نقول إن مافيش ثورة بــ تنجح فى التغيير وإسقاط نظام علشان شوية عيال أو مجموعة من الأفراد نزلت الشارع تهتف .. أو حتى تحرق وتكسر ….. أيوة .. تاريخ الثورات فى العالم كله بيقول كدة … لأن بالإضافة للحراك فى الشارع ، لازم يتوفر عنصرين مهمين جداً .. الأول هو توافر الظهير الشعبى .. والثانى هو تدخل الجيش بجانب الثورة دى .. والشرطين دوول كانوا متوفرين فى 25 يناير و فى 30 يونيو .. مع الفارق فى رأينا اللى شرحناه فى مقالات كثيرة عن الخلفيات و الأسباب المختلفة تماما ، اللى أدت لنزول الناس للشارع فى المرتين …

و هنا بقى ييجى علم النفس علشان يجاوب على السؤال .. إشمعنى يوم 25 يناير !؟

فيه حاجة فى علم النفس إسمها “متلازمة الثبات الزمنى” .. و دى معناها إن الزمن توقف عند بعض الأشخاص عند حدث معين ، أو لحظة معينة ، أو موقف معين .. وأصبح الحدث أو اللحظة أو الموقف ده هو محور الحياة والزمن عند الأشخاص دى نتيجة فشلهم فى تحقيق أى شئ عليه القيمة خارج إطار هذا الحدث .. و فى حالتنا دى ، بنلاقى إن الثورة فى نظرهم هى محاولة إعادة إستنساخ الحدث ده بنفس المواصفات والتاريخ والنسق اللى سارت به الأحداث فى 2011 علشان يرجعوا لنفس اللحظة اللى الزمن بالنسبة لهم توقف عندها.

الموضوع بالنسبة لشوية الفشلة دوول ، مش موضوع ثورة ، وحرية ، وحق الغلبان ، وعدالة اجتماعية .. وكل الشعارات دى … لأ .. أبثلوتلى … هم فقط بــ يحنوا للحظة اللى كانت الأضواء في العالم كله مسلطة عليهم .. وكانت الفضائيات المصرية والعربية والأجنبية بتكتب عنهم وبتصنع منهم نجوم وأبطال .. وبتستضيفهم أمام الكاميرات على مدار الساعة .. بعد ما خلقت من كل واحد فيهم بطل وهمى ، وزعيم ثورى ، بــ يخاطب العالم من خلال المنابر الإعلامية .. وكل واحد فيهم بيروى لحظاته الثورية فى الميدان ، وإزاى كانوا بيواجهوا الأمن وبيحرقوا عربيات الأمن المركزى ، وبيولعوا فى المبانى وبيستخدموا المولوتوف ، وبــ يخططوا لخطف الضباط … والكلام ده بإعترافهم هم .. وبإعتراف قيادتهم وأيقونانهم … و اللى هــ تلاقوها فى اللينك ده !؟

أما بالنسبة للى ماعاصرش الأحداث دى وكان لسة بشورت فى أيام 2011 ، وتلاقيه بيردد نفس الدعوات .. فــ ده لأنه نفسه هو كمان يبقى نجم ويطلع فى الفضائيات .. وينسب لنفسه بطولة زائفة إنه أسقط نظام !!

طب برضوا إشمعنى يوم 25 يناير !!؟

بغض النظر عن موضوع “متلازمة الثبات الزمنى” .. إحنا قولنا إن مافيش ثورة بتنجح من غير ظهير شعبى ، وتدخل الجيش .. و طبعا لأنهم عارفين كويس جدا إن الجيش مش ممكن هــ يتدخل بجانبهم فى أى ثورات مزعومة ، و خصوصاً بعد ما إتكشفوا وإتكشفت حقيقتهم أمام الناس كلها .. فــ هم بــ يحاولوا فى كل مرة إستنساخ الحدث ، وإستدعاء الظهير الشعبى باللعب على وتر “نوستالجيا الذكريات” .. وخصوصاً بالنسبة للبعض من اللى نزلوا فى 25 يناير ، وصعبان عليهم جداً إن تحركهم كجزء من الظهير الشعبى ، يمكن كان صحيح تحرك تلقائى .. لكنه كان بفعل فاعل .. تم إفتعاله والتحضير له على مدار سنين طويلة .. مع إتفاقنا كلنا على وجاهة وصحة الدوافع اللى أدت لنزول الناس للشارع فى 25 يناير .. واللى معظمهم نزل تانى فى 30 يونيو لإستعادة مصر ..، طبعا ماعدى الإخوان والعملاء والمغيبين وشمماين الكلة.

ماتقوليش 25 يناير ده أعظم يوم فى تاريخ مصر !!

لو قولت كدة ، يبقى معلش .. إسمحلى .. إنت ماتعرفش حاجة عن تاريخ مصر .. لأن تاريخ مصر يحمل الكثير من العلامات الفارقة ولحظات الفخار ، والأحداث العظيمة اللى صنعت تاريخ وحضارة مصر على مدار أكثر من 10 ألاف سنة

الدولة المصرية كانت عارفة اللى هيحصل فى 2011 .. وعرفنا بعد كدة إن الأيقونات اللى كانت بتاخد دورات تدريبية فى الخارج على كيفية إدارة الحراك السلمى والثورات ، كان معاهم ضباط مخابرات وكوادر أمنية مصرية فى نفس الدورات دى ، بتراقبهم وبتدرس عن قرب تحركاتهم وتوجهاتهم ومين بــ يمولهم ، وهــ يعملوا إييه وإزاى ….

و مرة تانية وثالثة وعاشرة …. وسواء الكلام ده أغضب البعض أو لأ .. فــ سوء الأوضاع فيما قبل 2011 ، و اتجاهها لطريق مسدود ، لا ينفى أبداً أن ما حدث كان مؤامرة متكاملة الاركان كان بيتم الاعداد لها من 2003 ، … وباعتراف اصحابها ، زى ما قالت كونداليزا رايز فى الفيديو اللى نشرناه من يومين … و زى ما قال عمر سليمان فى التسريب الشهير لكلامه مع معمر القذافى فى 2005 ، لما قال إن المواجهة جاية جاية ، وكل اللى بتعمله مصر هو إنها بتحاول تأخر المواجهة ….

وعلشان ماندخلش فى إطار من المزايدات ، ونسمع السؤال الشهير .. بتاع “و هى الدولة والمخابرات كانوا فين من كل ده !؟” … فــ فى حقيقة الأمر ..، و لأن المواجهة المباشرة المبكرة مع أطراف المؤامرة ، سواء كانت داخلية أو خارجية ، كانت ستؤدى إلى تدمير الدولة بالكامل وسقوط الجيش وتفكيكه .. فــ الدولة المصرية والجهات الأمنية أجادت تمثيل دور الدولة الميتة المغيبة من بداية الألفينات ، إنتظاراً للحظة الصفر … اللحظة اللى تمتلك فيها مصر كل الخيوط فى إيديها وتستعيد زمام المبادرة ، وتقدر تقلب الترابيزة على دماغ الكل ، وتعيد تشكيل الوعى الشعبى ، وتبدأ تنفيذ خطة إستعادة الدولة والحفاظ عليها .. واللى من وجهة نظرنا وفى تقديرنا كانت كلمة السر لإطلاقها هى كلمة الراحل عمر سليمان بعد خطاب التنحى وتفويض إدارة شئون البلاد للقوات المسلحة هى كلمة:

…… “والله المستعان” 😊

الثورة العظيمة مش ممكن تكون الثورة اللى تسببت فى حرق تاريخ مصر فى المتحف المصرى والمجمع العلمى .. ولا اللى تسببت فى نهب أموال وتدمير ممتلكات الشعب المصرى .. ولا اللى تسببت فى إننا نقطع فى بعض فى الشوارع .. ولا اللى تسببت فى تمزق أسرى بين المصريين ، بنعانى منه لحد النهاردة .. ولا اللى تسببت فى إراقة دماء جنود جيش وشرطة مصر .. ودماء الكثير من الأبرياء اللى مالهمش أى ذنب غير إنه تم التغرير بيهم …

الثورة العظيمة هى حاجة تانية خالص غير كدة .. !!!!!

وفى النهاية .. إذا كنا هــ نتفق على شئ بخصوص 25 يناير .. فهو إنها كانت نقطة مفصلية فى تاريخ مصر الحديث … نقطة مفصلية لإستعادة الشعب المصرى لوعيه وإدراكه و رؤيته للأمور على حقيقتها …

نقطة مفصلية كانت أذان بإطلاق خطة مصر لإستعادة مصر .. من فساد وضياع ماقبلها ، وظلام وإنهيار ما بعدها ..

و كل عيد شرطة وحضراتكم طيبين ومصر كلها بخير 🙂

لمتابعة تعليقاتكم