ملحمة الجزيرة الخضراء

10 Oct 2018

الجيش المصري … ملاحم خالدة ….. ملحمة الجزيرة الخضراء

————————————————————-

تاريخ الجيش المصري ملىء بمئات بل بآلاف البطولات ….. و التي تتخطاها الى حد الملاحم العسكريه …. و التي خلدها التاريخ العسكري …. و ما زال حتي اليوم يدّرس العشرات منها في ارقي المعاهد العسكريه الشرقيه و الغربيه … لانها كانت اما خارج نطاق العلم العسكري بذات نفسه … او خارج نطاق المنطق او الطبيعه البشريه  …. و من احد هذه الملاحم …. ملحمة الجزيره الخضراء…. و اللى كان بطلها و قائدها … العميد دفاع جوى (نقيب في ذللك الوقت) / مجدي بشاره قليني  …. الذي كان قائد خمس سرايا دفاع جوى موزعه غرب خليج السويس …. الجزيره الخضراء احد هذه السرايا ….. و تاريخ هذه الملحمه كان في حرب الاستنزاف يومي 19 و 20 يوليو 1969 .

تقع الجزيره الخضراء في منتصف اقصي شمال خليج السويس …. و هي عباره عن كتله صخريه جبليه صماء بارتفاع حوالي 40 متر من سطح البحر …. حوافها عاليه شديدة الانحدار بزوايا حاده … صعبة التسلق و لا يوجد بها شاطىء …. فهي مجرد جبل صخري طالع وسط الخليج مكونا جزيره صغيره جدا في المساحه …. 

و بالرغم من صغر حجم الجزيره دي كمساحه … إلا ان اهميتها الاستراتيجيه كانت كبيره جدا في ذلك الوقت …. لانه كان لا يوجد بها غير سرية صغيره للدفاع جوى …. فكانت تعتبر مركز متقدم للانذار و الاشتباك الجوى المبكر و كذلك ابلاغ الجيش الثالث باي هجوم جوى على السويس و الجيش الثالث … و ايضا كان قائد الموقع النقيب / محمد عبد الحميد ….. بيستخدم مدافع الدفاع الجوى بعيد المدي (15 كيلو متر) لاصطياد اي مركبه او معده اسرائيليه تتحرك على ارض الضفه الشرقيه لخليج السويس و يكبدهم خسائر في المعدات و الافراد ….. فكانت الجزيره مصدر ازعاج للقوات البريه و الجويه و تهدد الوضع الاستراتيجي لهم.

اسرائيل قررت انها تبيد سرية الدفاع الجوى المصريه و تستولى على الجزيره في عمليه مثاليه لهم كصيد سهل عسكريا … جزيره منعزله مساحتها صغيره جدا و الجنود اللى فيها مجرد سريه دفاع جوى عددهم صغير لا يتعدي قوامهم ثلاث ضباط و 65 جندي فقط …. يجيدون التعامل مع الطائرات ولاكنهم غير مؤهلين للقتال المتلاحم و القتال الارضى و الاشتباك المتلاحم بالبندقيه و السونكي ( يعني بالنسبه ليهم عساكر غلابه ) …. فمجرد الهجوم عليهم بقوات كبيره من الكوماندوز او المارينز البحرى ….. سيكون نزهه بالنسبه لهم.

لكن لان الجزيره كانت شديدة الوعوره و حوافها عاليه جدا و شديدة الانحدار … سافرت كتيبة مارينز اسرائيليه الى امريكا للتدريب على اقتحام الجزيره في مكان مشابه تماما للجزيره المصريه … فتدربوا لمدة ثلاثة شهور على اقتحامها باسلوب الاقتحام الصامت …. فكانوا يخططون ان يحدث انزال صامت و يتسلق المارينز الجزيره … ثم يذبحون كل من على الجزيره قبل الانزال الرئيسي بالقوات الرئيسيه  على الجزيره.

و كعادة اسرائيل …. حددت ميعاد الهجوم في ليلة 19-20 يوليو لكسر الروح المعنوية للجيش والشعب المصري قبل خطاب عبد الناصر السنوى بمناسبة احتفالات ثورة 23 يوليو … و حتي يكسروا انف جمال عبد الناصر الذى كان يعلن ان عام 69 عام الصمود و عام 70 هو عام الحسم لاستعادة الارض المحتله بالقوه…. و بذلك يكونوا حققوا هدف عسكري و نفسي و سياسي متكامل.

و لكن ايضا كالعاده … فضح الغرور الاسرائيلي نواياهم … فمنذ يوم 15 يوليو و قبل الهجوم باربعة ايام … كثفت اسرائيل طلعات الاستطلاع فوق الجزيره …. و التي رصدها قائد فوج الدفاع الجوى / مجدي بشاره  و قام بتحليلها … فتوقع انهم سيقومون بالهجوم على رجاله في الجزيره خلال الايام القادمه …. ثم رصد محادثات لاسلكليه اسرائيليه تتحدث بشفره قديمه عن هجوم يوم 24 على موقع يبعد عن الجزيره بـ 11 كيلو … فتوقع انها خدعه اسرائيليه لخداعه … حيث ان الشفره قديمة و كذلك موقع الجزيره اقرب و اهم لهم من هذا الموقع … ثم رصد بالرادر يوم 19 فجرا هبوط عدد 30 طائره هليكوبتر في موقع مواجه للجزيره داخل سيناء و رحيلهم مره اخرى … فقام بتحليل هذا ان هذه الطائرات تقوم بنقل معدات و افراد لعمليه محتمله … و توقع ان اهم موقع تريده اسرائيل … هو موقع سريته في الجزيره الخضراء … فتوقع ان الهجوم سيكون هذه الليله….. و اللى اكدتها تقارير المخابرات الحربيه اللى ابلغت قيادة الجيش الثالث بالهجوم.

و مع كل هذه المعلومات … و لمعرفة القائد مجدي بشاره ان الجزيره لن تستحمل هجوم بحري مكثيف بالمدفعيه و الهاونات و القنابل الفسفوريه و معها مئات المارينز و قوات الانزال البحري …. قام بتدعيم قواته … بإرسال 30 جندي اخرين من باقي سرايا الدفاع الجوى الذين يعملون تحت امرته في باقي المواقع … و معهم كمية كبيره من الذخائر و القنابل اليدويه …. و قام بطلب شخصي من وحدة مشاه قريبه … بإستلاف 4 رجال بمعدات قوازف لهب و معهم ضابط … و كذلك قام بالاتصال بقاعده بحريه قريبه و قام بارسال 4 ضفادع بشريه و معهم ضابط يقومون بعمل دوريات حول الجزيره و رمى قنابل اعماق لمنع هجوم الضفادع البشريه الاسرائيليه …. و بذلك … اصبح على الجزيره 5 ضباط و اقل من 100 جندي دفاع جوى ينتظرون هجوما وشيكا على الجزيره…. و لكن لا احد كان يتوقع شكل الهجوم و حجم القوات المستخدمه للاستيلاء على جزيره صغيره جدا و الذي فاق كل التوقعات…. فكانت كل التوقعات ان الهجوم سيكون بقوات تتناسب مع حجمها الصغير … و لكن للاسف حدث العكس.

اسرائيل خططت بالهجوم على هذه الجزيره الصغيره بجيش متكامل بالمعني الحرفي للكلمه …. فأطلقت اسرائيل عدد كبير جدا من طائرات الميراج لعمل مظله جويه كثيفه لتغطية الهجوم البحري و لتحييد تدخل الطيران المصري تماما … ثم حاصرت الجزيره بحريا لعزلها تماما بعدد كبير من قطع البحريه كثيفة النيران سواء المدفعية او الصاروخيه او حتي الهاونات الثقيله  … و كذلك بعدد كبير من سفن الانزال البحري … بخلاف كتيبتين من المارينز و الضفادع البشريه …. كان عدد القوات الاسرائيليه يتجاوز الـ 800  من جنود المارينز المدربين تدريب راقي على القتال المتلاحم و الاقتحام البحري في مواجهة مجرد 95 جندي دفاع جوى و خمس ضباط ليس أكثر…. و اصبحت الجزيره عسكريا في وضع مثالي للاقتحام و لقمه سائغه لهم.

في تمام الساعه 11:50 مساءا …. تلقي مجدي بشاره اتصالا من محمد عبد الحميد يفيد فيه انه حاسس بحركه غريبه في الميه حول الجزيره و انه يتوقع انها من ضفادع بشريه …. ليتلقي الامر من مجدي بشاره ان يشتبك مباشرة في حالة تأكد البلاغ … و بعدها بخمس دقائق يشاهد جندي مصري عدد 2 ضفدع بشري يحاولون تسلق جوانب الجزيره ليقومون بالضرب عليهم و يردوهم قتلي و يتم اعلان انطلاق المعركه … لتتحول المعركه من معركه صامته كما كان مخططا لها … الى معركه صاخبة تم استخدام كل انواع الاسلحه فيها .

الميزه الوحيده للقوه المصريه كانت ان الجزيره مرتفعه عن البحر فقاموا بمهاجمه مراكب الانزال الصغيره ليكبدوهم خسائر كبيره في المعدات و الافراد ليجن جنون القوات الاسرائيليه ليقوموا بقذف الجزيره بمنتهى العنف و الوحشيه بالمدفعيه و الهاونات الثقيله و القنابل الفسفوريه المحرمه دوليا و الرشاشات الثقيله لتغطيه محاولات المارينز تسلق جدران الجزيره و و قاموا بالدفع بكل القوات الاحتياطيه و الهجوم بالـ 800 مقاتل اسرائيلي بكل قوه … يعني بكل قواتهم …..  وسط مقاومه شرسه من جنود الجزيره اللى سلاحهم الرئيسي مدافع دفاع جوى غير مجهزه لمواجهة مثل هذه القوات الهائله و هذا النوع من العمليات ……. ليتساقط الشهداء و الجرحي تباعا …. و تبدأ الذخائر في النفاذ ….. و ينجح العديد من قوات المارينز في الوصول الى حافة الجزيره و الشروع في تسلقها ….  و يستشهد ضابط البحريه و مجموعته و كذلك ضابط المشاه و مجموعته … و يستشهد الضابط / محمد سعيد ….  و يستشهد الضابط / ايميل جرجس و يستشهد اكثر من 30 جندي اخرين …..  و يصاب الضابطين الاخرين باصابات قاتله تمنعهم من الحركه … و يصاب العشرات من الجنود ….. و يصاب قائد الموقع / محمد عبد الحميد بـ 12 طلقه نافذه بالفخذ و القدم و يستمر في القتال بشراسه رغم اصابته الشديده … ليقوم بالاتصال بقائده مجدي بشاره و يصرخ فيه … الجزيره بتقع يا فندم  الحقني … انا عندي عشرات القتلي و الجرحي … محتاج دعم و نجده حالا … فيقوم مجدي بشاره بالاتصال بقائد الجيش الثالث اللواء/  محمد سيد البوريني الذي يستجيب مباشره و يقوم بارسال لانش بحري من ميناء الادبيه به 45 فرد من قوات الصاعقه المصريه لانقاذ الجزيره … و لكنه يقع في كمين الحصار البحري الاسرائيلي قبل اقترابه من الجزيره و يقع تحت القصف المباشر عليه … لينفجر اللانش و يستشهد كل من فيه قبل وصولهم للجزيره .

لتستمر استغاثات قائد الموقع المصاب لارسال نجده سريعه لانقاذ الجزيره من السقوط …. ليقوم مجدي بشاره بطلب نجده اخرى من قائد الجيش الثالث …. و الذي رفض تماما … و قال … انا بعت 45 فرد صاعقه و استشهدوا و مش مستعد نخسر رجاله تانيين … حاربوا و دافعوا عن الجزيره بالامكانيات المتاحه ليكم … حاربوا لاخر طلقه و اخر رجل …. و تحت ضغط ان الوضع لا يستحمل خسارة ارض مصريه مره اخرى … يظهر معدن الجندي المصري الذي يعتبر ان الارض عرضه و شرفه … و يأخذ قراره بانه لا يجب ان يترك جنوده و انه يجب ان يتواجد بين جنوده في المعركه و ان يكون هو النجده لهم حتي وان استشهد معهم دفاعا عن شرفه و عرضه …. ليأخذ معه 30 جندي اخر من فوج الدفاع الجوي و ينتقل بسرعه الى ميناء الادبيه و يستقل لانشين تحت امرته و يقرر اختراق الحصار البحرى….. و هو يعرف انه يا اما سيستشهد في طريقه الى الجزيره او سيستشهد فوقها مع جنوده.

و بالرغم من سير اللانشين بسرعه بطيئه حتي يخفض من صوت المواتير لعدم كشفهم و بعد الكر و الفر في البحر… الا انه يتعرض بوابل رهيب و بمنتهي العنف من نيران السفن الحربيه الاسرائيليه التي اكتشفت وجوده محاولةً اغراقه …… ليستشهد 7 جنود اخرين و يصاب 11 جندي اخر باصابات بالغه فوق المركب و قبل وصولهم الى الجزيره  … و يصاب مجدي بشاره في قدمه …. الا ان توفيق الرحمن كان بجانبهم و ينجحوا في الوصول الى الجزيره …. ليحاولوا اعتلاء الجزيره من الجانب الغربي الذي كان غير مركز به الهجوم الاسرائيلي ….

ليواجهوا مشكله اخرى … فنظرا للظلام الدامس في هذه الليله …. فباقي القوه المصريه الموجوده على الجزيره عند شعورها باقتراب قاربين من الجزيره و ظنا منهم انها قوارب اسرائيليه …. فتحت عليهم النيران بكثافه ليستشهد 4 جنود اخرين و يصاب خمسه اخرين …. الا ان الله كان رحيم بهم عندما وصل صوت النقيب مجدي بشاره لهم وسط صوت انفجارات القنابل و الاشتباكات و هو يطالبهم بوقف الضرب عليه …. ليتفاجىء الجنود بقائدهم وسطهم يشاركهم القتال مما رفع روحهم المعنويه و شد ازرهم …. و مع احساس الاسرائيلين بوصول مقاومه جديده … فقاموا بالدفع بكتيبة صاعقه بحريه اخرى … ليصبح عدد المهاجمين يتجاوز الـ 1000 …. و مع استمرار تدفق المراينز من مراكب انزال المراكب الاسرائيليه الذين بدأو يتسلقون جدران الجزيره مثل النمل  … و تحت شدة الضرب المركز الذي كان مثل الجحيم الذي لا يرحم ….. و تحت ضغط توالى سقوط الشهداء و المصابين … ليصل العدد النهائي للقوات المدافعه عن الجزيره الى 24 جندي فقط …. و كذلك بداية نفاذ الذخيره …. اصبح الوضع في غاية السوء …. و ادرك مجدي بشاره ان الجزيره في طريقها للسقوط.

ليقوم بالاتصال بقائد الجيش الثالث من اللاسيلكي ….. و يقول له … انا مجدي بشاره يا فندم … انا جازفت و انتقلت و بكلمك من على الجزيره …. الشهداء بالعشرات و الجزيره مش حتصمد اكتر من كده … ارجوك محتاج نجده بسرعه  …. ليجيبه قائلا  … ان حسب الوضع العسكري للمعركه على الارض الان …. فارسال اي نوع من انواع النجده سيكون مذبحة للقوات اللى حبعتهالك و حيتم تدميرهم قبل ما يوصلولك  …. مش حبعتلك نجده و مفيش حاجه اقدر اعملهالك … قاتل و حاول تحافظ على موقعك لاخر طلقه و اخر راجل حسب الامكانيات اللى عندك.

فيرد عليه و يطلب طلب لم يحدث من قبل و يقوله … طيب يا فندم عندي طلب اخير … ما دام ده القرار … فانا بطلب منك انك بعد 10 دقائق من دلوقتي …  توجه كل مدافع الجيش الثالث الميداني على الجزيره … و تدك الجزيره و تقضي علينا و عليهم و على كل القوات المحاوطه للجزيره … الجزيره دي يا فندم عرضنا و شرفنا … و انا مش حقبل ان الجزيره تروح الا على جثثنا … و لا حقبل اني او حد من جنودي يقعوا في الاسر.

فيرد عليه قائد الجيش الثالث … انت مجنون … انت عارف انت بتطلب ايه … الكلام ده على مسؤوليتك …. فيقوله على مسؤوليتي يا فندم و ارجوك نفذ طلبي حالا …. دك الجزيره حالا و بمنتهي القسوه …

كانت حسابات مجدي بشاره ان مع دك الجزيره … سيسقط  قطعا هو و جنوده شهداء … و لكن ايضا ستصيب المدفعيه القوات المهاجمه سواء اللى نجحوا في اعتلاء الجزيره او اللى مازالوا حولها بخسائر فادحه لن يتحملوها …. فكانت حساباته تتمحور حول مبدأ ” عليا و على اعدائي”

فيقوم بأمر جنوده بترك مواقعهم و النزول الى المخابيىء السفليه …. و بالفعل … و في لحظة واحده … نزل الجحيم على الجزيره من المئات من المدفعيه الثقيله للجيش الثالث الميداني على الجزيره و حولها لاكثر من 10 دقائق  …. ثم يسود الصمت القاتل…. و يقدر الله العلى العظيم ان ينجوا مجدي بشاره و جنوده من القصف ما عدا 2 جنود استشهدوا من القصف المصري … و ان ينجو ايضا مدفعين من مدافع الدفاع الجوى الرئيسيه من دانات المدفعيه … بالرغم من تدمير باقي منشئات الجزيره….. كانت الساعه في هذا الوقت تجاوزت الخامسه و النصف فجرا و بدأ النهار في الظهور …. ليصعد مجدي بشاره و باقي جنوده ليجدو ان الجزيره خاويه تماما من اي نوع من انواع الحياه … بالبلدي كده “مفيهاش صريخ ابن يومين” … لا على الجزيره و لا حتي حواليها لمسافة اكتر من 200 متر بعد انسحابهم من حوالين الجزيره لعدم قدرتهم على تحمل خسائر الضرب المدفعي على الجزيره  ….. فكانت الفرحه عااااارمه و التهليل و التكبير لا وصف له  ليشاهدوا الاسرائيليين و هم يقومون بعمليات اخلاء للمصابين و القتلي من المياه …. 

لينقلب الوضع تماما رأسا على عقب …. ليعطي اوامره لجنوده بمطاردة القوارب و الزوارق المنسحبه و التي تقوم باجلاء ضحاياهم و مصابيهم و ضربهم بآخر مدفعين يمتلكوه على الجزيره … ليكبدهم خسائر اخرى فادحه في الارواح و المعدات و ينجحوا في اغراق المزيد من قواربهم  …. ليصل خسائرهم في هذه العمليه الى اغراق 8 لانش ذوديك مطاط و 4 لانش انزال بحري كبير و 4 قارب انزال وسط و قتل 62 و جرح 110 باصابات قاتله….. ثم يهدأ الوضع مره اخرى.

و في تمام السادسه صباحا … اكتشف مجدي بشاره و رجاله ان القوات الاسرائيليه بدأت عملية نجده و اخلاء لمصابيهم و ضحايا الاشتباكات الذين غرقت مراكبهم برصاص و قذائف رجالته …. ليجد ثلاث طائرات هليكوبتر اسرائيليه تقترب من الجزيره ثم تقف على ارتفاع ثابت حوالى 30 متر فوق المياه و ينزل منها حبال و سلالم لانتشال الجرحي و رفع جثث القتلي….. فطبعا كرجل دفاع جوى … اغراه جدا هذه المنظر … هدف سهل ثابت على ارتفاع مثالي قيمته كبيره عند العدو … فأمر رجاله بالتنشين على اقرب طائره … و نظرا للمجهود الخارق و الضغط الشديد اللى تعرض له رجاله طوال الـ 6 ساعات السابقه … امرهم ان يضع كل مدفع طلقه واحده فقط …. عشان الجندي اللى حيضرب يبقي مقتنع ان مفيش مجال للغلط و انه يركز جدا … هي طلقه واحده بطياره و مفيش فرصه للغلط …. و بالفعل …. مع امره بالضرب …. تنفجر الطائره باللى فيها في الجو و تتحول الى مئات القطع المشتعله على سطح الميه…. ليفاجىء الاسرائيليين بالموقف … و هم غير مصدقين ان هذا الموقع اللى تم ضربه بعشرات القطع البحريه الاسرائيليه … و مهاجمته بـ 1000 من المارينز … ثم دكه من المدفعيه المصريه … لسه فيه نفس … و كمان قادر على الاشتباك … و كماااااان يوقع طياره !!!!!!

طبعا الاسرائيليين جن جنونهم … و طبعا لان مجدي بشاره يعرفهم جيدا … فتوقع ضربه انتقاميه ساحقه بالطيران الاسرائيلي على الجزيره … فأعطي اوامره لجنوده بعدم الاشتباك عند بداية اي غاره على الجزيره … لان ذخيرته على وشك النفاذ … و جنوده اصبحوا منهكين…. و اي اشتباك في الظروف دي حتكلفه شهداء اخرين …. فمادام الجزيره لسه معانا … فسيبوهم يضربوا زي ما هم عايزين …. و بالفعل … لم تمضي دقائق الا و رصد المراقب طائرتين ميراج تتقدم بسرعه بارتفاع منخفض ناحية الجزيره … ليأمر جنوده بالنزول الى المخابىء ….

لينفذ اوامره كل الجنود ما عدا جندي واحد … عريف متطوع / محمد ابراهيم الدرديري  … رفض تنفيذ الامر و جرى على مدفعه الـ 14.5 بوصه و جلس على الكرسي و ادار المدفع ناحيه الطائرتين …. و سبحان الله …. قدر الله ان يجد ان طائره منهم داخله من نفسها داخل المدي القاتل للمدفع في دائره التنشين كهدف مثالي قابل للاسقاط بأقل مجهود … ليقوم بالدوس على بدال ضرب النار … لتنفجر طائره ميراج و تلوذ الاخرى بالفرار.

اسرائيل اتجننت بالفعل …. و ضربت اخماس في اسداس ….  مهو اديني عقلك …. ازاي !!!! … ايه الموقع ده ….. مين اللى فيه دول !!!! …. و كعادة اسرائيل المعتاده في الانتقام …. فقامت باعطاء اوامر لكل طائراتها المقاتله بالقيام بضرب قوات الدفاع الجوى المصري بطول القناه بمنتهي الوحشيه و القسوه …. من اول بورسعيد الى السويس … ليسطر ابطال الدفاع الجوي ملحمه اخري … ليقوموا باسقاط العديد من الطائرات الاسرائيليه في ملحمه اخرى اشترك فيها قوات الدفاع الجوي و نسور قواتنا الجويه.

ثم يستمر حصار القوات الاسرائيليه للجزيره لاكثر من 8 ايام كامله … بدون اكل او شرب او ذخيره او دعم طبي للجرى اللى استشهد العديد منهم لانعدام الرعايه الطبيه او حتى ابسط المواد الطبيه ….  ثم يقوموا بالانسحاب و فك حصار الجزيره بعد ادراكهم انه لا امل من حصار هؤلاء الابطال.

و من القصص الانسانيه في هذه الملحمه الذي لا ينساها العقيد مجدي بشاره ….. قصة الجندي / محمد زكي عبده  …. الجندي ده اصيب باصابه كبيره من الضرب المدفعي المصري على الجزيره …. فكان ملقي على الارض …. بطنه مفتوحه و احشاؤه خارجه منها … و ذراعه مدفون تحت كتله صخريه هااائله وقعت عليه من جراء القذف المدفعي …. غير قادر على الكلام او الحركه … و نظره شاخص و مركزه في عين مجدي بشاره في نظره قاااااااااتله … لا ينساها مجدي بشاره حتي اليوم … و كانه بيقوله …. اعملي حاجه يا قائد … انقذني …. ليسقط في يد مجدي … فلا يوجد شىء يستطيع فعله له …. فالموقع لا يوجد به نجده او طب او وسائل اخلاء … و لا يستطيع اخراج ذراعه من تحت الكتل الهائله من الصخور … و في نفس الوقت … هذه الموقف مسبب احباط رهيييييب لباقي الجنود اللى شايفين زميلهم بيموت بالبطىء قدامهم و مش عارفين يعملوله حاجه …. ليصبح في موقف لا يحسد عليه.

لتتصدر رحمة ربنا الموقف مره اخرى …. و يتفاجؤوا بأول شخص يستطيع اختراق الحصار بمفرده … و كان سيد شهداء الجيش المصري … البطل / ابراهيم الرفاعي … اللى وصل بقارب مطاطي و محدش عارف ازاي قدر يخترق الحصار البحري المشدد … جاء ببعض المؤونه و يأخد معه الكثير من غنائم الحرب من السلاح و نظارات البحر و معدات الغوص …. و يشد من أزر الابطال.

ليقول له مجدي انا مش عارف اعمل ايه للجندي ده …. عاملي احباط رهيب في الموقع و مفيش في ايدي حاجه اعملها ليه … فيرد عليه الرفاعي …. هاتلي بلطه او ساطور بسرعه و غمي عنيه و امسكه كويس …. و يقوم بالضرب بالساطور على عظم كتف ؟؟؟ حته يكسره و يفصل ذراعه عن جسده …. و يقوم مطبقه و شايله و واخده معاه و راجع بيه الى قياده الجيش التالت.

ليفاجىء بعد حوالي شهرين بشخص يطرق على باب بيته …. ليفتح الباب في ذهول عندما وجد هذا الجندي واقف امامه  يقوله  …. انت مش فاكرني يا قائد … انا محمد زكي اللى كنت معاك على الجزيره اللى قطعتلي دراعي عشان تنقذني … انت انقذت حياتي …. و هو هو يحتضنه بحراره شديده … و حتي اليوم لا تنقطع الصله و العلاقه بين الجندي و قائده.

انهم رجال الجيش المصري

انهم خير اجناد الارض

لمتابعة تعليقاتكم