الصراع مش أمريكى 

03 Jun 2020

الصراع مش أمريكى 
———————

لو كنت فاكر إن أمريكا خلاص بتقع ، وهــ تضيع ، تبقى غلطان … لو كنت فاكر إن اللى بيحصل فى أمريكا ده شيئ عفوى ، حتى لو كانت الشرارة هى حادث عفوى مش مترتب له ، تبقى غلطان … ولو كنت فاكر إن الصراع مجرد صراع حزبى بين حزبين ، بيكسروا فى بعض علشان الإنتخابات الجاية ، تبقى غلطان … ولو كنت فاكر إن ترامب مجرد شخص ساذج وأهوج ، وصدقت الدعاية المضادة اللى إتعملت من قبل الإنتخابات السابقة للإيحاء بإن الراجل ده مجنون و هــ يودى العالم فى داهية ، تبقى غلطان … و لو كنت فاكر إن شبكات المصالح ممكن توافق على ضياع مصالحها وإنهيار مخططاتها اللى إندفع فيها مليارات ، بل تريليونات ، تبقى غلطان

و علشان نختصر الكلام لأن الموضوع فعلا يطول شرحه …. فــ لازم نبقى فاهمين إن الصراع هنا هو صراع بين نظامين عالميين … نظام قديم بكل شبكات المصالح بتاعته ، واللى بتتمثل فى كل التوجهات السياسية والإقتصادية والعسكرية اللى إتبنت وإستفادت من اللى بيحصل فى العالم على مدار الــ العقود اللى فاتت ، ممثلة فى نظام العمولة ، والسيطرة على مصادر الدخل ومناطق الثروة ومخططات التقسيم و إستنزاف القدرات ، وتدمير الوعى وتمزيق الشعوب .. وبين نظام بــ يهد كل ده بشكل تدريجى ، وبيرجع لما قبل نظام العولمة ، والعودة لدعم القوميات وتدمير أدوات الإختراق المجتمعى .. إلخ إلخ إلخ ..

مش معنى كلامنا إن فيه نظام بأجنحة ملائكة ، ونظام أخر بقرون شياطين .. ولكن كلا النظامين ضد بعض تماما … ومافيش نظام فيهم يقدر يعيش ويتعايش مع النظام الأخر ..

حقيقة الأمر .. ان النظام العالمى القديم مش مجموعة دول وحكومات …. لكن مجموعة من ذوى المصالح العابرة للحدود …. شركات على مؤسسات على هيئات …. على هيئات اعلامية …. و ليهم عناصرهم داخل الحكومات و الهيئات الحاكمة داخل الدول …. يدينون بالولاء لفكرتهم و ليس لدولهم …. و لذلك سموها العولمة …. يعنى مفيش دول لها حدود …. و لكن مصالح عابره للحدود و للدول الوطنية

إحنا بقالنا كام سنة بــ نتكلم عن بدأ تشكيل النظام العالمى الجديد .. ووضحنا ملامح النظام ده فى مقالات كثيرة … وإزاى إن التغيير مش سهل .. وإن دول العالم اللى بــ ترسخ للنظام الجديد بتتحرك بمنتهى الحرص علشان تعمل الإنقلاب والتغيير من غير ما تتأثر .. أو تتسبب فى إنهيار النظام العالمى وسقوطه فى فوضى مدمرة ، تاكل الأخضر واليابس ….. و لأن أميريكا هى أكبر واقوى دولة فى العالم .. وهى اللى بتقود دايما التوجه العالمى ، حتى لو الكلام ده ماعجبش ناس كتيرة .. لكن للأسف هى دى الحقيقة … فــ كان لازم الصراع فيها ياخد منحنى درامى وبشكل مختلف … لكن الملفت إن الشكل ده .. حمل بصمات النظام القديم وبنفس الطريقة ونفس الأليات اللى تم إستخدامها ، إما فى الدول المراد إستنزافها وتفتيتها .. زى ما شوفنا فى أحداث الخراب العربى .. أو الدول اللى بــ يتم معاقبتها علشان بدأت تغرد برة السرب .. زى فرنسا مثلا ..

الرئيس الأميريكى دونالد ترامب سواء إتفقنا أو إختلفنا حوله لأنه بالفعل شخصية جدلية … كان هدفه من البداية تفتيت منظومة العولمة ، والخروج بأمريكا من شرنقة شبكات المصالح ، والمخططات الإقليمية والدولية ، اللى بتسيطر على العالم سواء بإستخدام ادوات واساليب شريفة او غير شريفة .. واللى وصلت بالولايات المتحدة لأن ديونها الخارجية كسرت حاجز الــ 22 تريليون دولار بما يعادل حوالى 114% من حجم الناتج المحلى الأميريكى.

والمتابع لسياسات ترامب .. هــ يلاقى إنه كان بيحاول تصفية التواجد الأميريكى العسكرى فى العالم بقدر الإمكان .. وتوفير النفقات العسكرية على التواجد ده ، وإعادة توجيهها للداخل الأميريكى .. وعلشان كدة كان دايما بيقول ، إن اللى عايزنا لازم يدفع .. بل إن ترامب بدأ يسحب القوات الأميريكية أو يقلل حجمها فى قوات حفظ السلام الدولية .. زى ماعمل من كام اسبوع فى قوات حفظ السلام الموجودة فى سيناء واللى قوامهم 400 عنصر أميريكى من إجمالى قوام قوات حفظ السلام وهو 1100 فرد .. وكمان حاول الوقوف أمام التمدد الإقتصادى الصينى اللى نجح فى زلزلة عرش الإقتصاد الأميريكى فى منظومة التجارة العالمية .. وبيقوم بالضغط على الشركات الأميريكية علشان ترجع مصانع إنتاجها تانى فى أميريكا … وبدأ كمان يكسر فى نظام العولمة عن طريق خروجه من مؤسسات وإتفاقيات دولية كثيرة ، زى إتفاقية المناخ ، ومنظمة الصحة العالمية و مؤخرا منظمة التجارة العالمية .. وتوقيع دونالد ترامب، أمرا تنفيذيا يهدف إلى إلغاء بعض جوانب الحماية القانونية الممنوحة لشركات التواصل الاجتماعي .. والبقية تأتى ..

الكلام ده خطر جدا على النظام العالمى القديم بكل شبكات مصالحه ومخططاته وأدواته اللى بيستخدمها .. لترسيخ وجوده ، وأهم الأدوات دى هو تنظيم الإخوان .. وعلشان كدة شوفنا إزاى إن أكبر الداعمين لحالة الفوضى فى أميريكا هو تنظيم الإخوان … والأخت المناضلة “تبول شكمان” بتهلل بتغريدات علنية للى بيحصل فى أميريكا .. والرئيس الأميريكى السابق براك أوباما عرّاب ثورات الخراب العربى ، بيعلن على حسابه على تويتر ، إنه ونظامه بــ يدعموا كل اللى بيحصل ده ، وإن هدفهم سقوط النظام الحالى .. و ده غير إنك تلاقى باسم يوسف .. أيوة باسم يوسف بتاعنا اللى كان فى حملة هيلارى كلينتون الإنتخابية ، بيدعم اللى بيحصل ده .. وتلاقى وائل غنيم بيقولك إن فيه أمراء قطريين بيدعموا الفوضى فى أميريكا لأنهم متضررين من وجود ترامب …

اللى لازم نبقى فاهمينه .. واللى بقالنا كتير بنشوف بسببه دوشة فى العالم ، وأحداث قد يراها البعض غير منطقية ، او متعارضة .. انه صعد لحكم بعض الدول المحورية قادة يمينيين قوميين …. يؤمنون بالدولة الوطنية و بالحدود …. و معاداة نظام العولمة … زى ترامب في امريكا .. جونسون في انجلترا .. بوتين في روسيا .. و السيسي في مصر .. و حتى المرشح لخلافة ميركل فى ألمانيا .. وكل ده طبعا مع الصين اللى القومية الصينية فيها هى الأهم .. وإذا كان من المنظور السياسى مافيش ملايكة ، وكل رئيس من اللى لهم توجهات قومية قد يختلف مع الأخرين لأن كل واحد فيهم يدين بالولاء لبلده وفقط ، و بــ يبحث عن مصلحتها مهما تعارضت مع مصلحة الأخرين …. لكنهم بــ يتفقوا فى حاجة مهمة جدا ، وهى إنهم يجب ان يكونوا جبهة متحدة في مواجهة وحش نظام العولمة .. اللى ممكن يدمر العالم او يركعه بالفوضي او الحرب البيولوجية او اي شىء في سبيل تنفيذ اغراضه و بقاؤه

و علشان كدة كان من الغريب إنك تلاقى فيه مظاهرات بــ تندلع فى دول خارج القارة الأميريكية ، تضامنا مع اللى بيحصل فى أميريكا فى شكل تضامن مع جورج فلويد القتيل اللى إندلعت بسببه الأحداث على طريقة قول حق يراد به باطل .. زى مثلا إنجلترا وفرنسا وغيرها .. والأغرب إنك تلاقى حكام الولايات فى أميريكا رافضين يتعاونوا مع الرئيس فى وقف عمليات السلب والنهب وردع أحداث العنف ، وبيقولوله مع نفسك .. منك ليهم .. !!

هو ده بقى النظام الديموقراطى الفيدرالى اللى كانوا عايزين يطبقوه عندنا .. و ده اللى واحدة زى “تبول شكمان” ، واللى جابوها علشان تمسك مراقبة المحتوى فى منظومة عالمية كبيرة زى الفيسبوك ، كانت عايزة تطبقه فى السعودية بعد تقسيمها لخمسة أقسام .. وقالت كدة صراحة على تويتر فى شهر مايو الماضى .. زى ما قالت كدة على مصر زمان ، و زى ما خططت لكدة فى اليمن ….. نظام للتقسيم الفيدرالى بحكومة مركزية، ويتم السيطرة على الأشخاص فى المستوى الفيدرالى ، وإحاطتهم بشبكات مصالح ، والسيطرة من خلالهم على مؤسسات الدولة .. ولو خرجت الحكومة المركزية عن السياق يكون الحل هو إما إسقاط النظام ، أو شبح التقسيم .. و دوخينى يا لمونة !!

فى النهاية .. اللى بيحصل فى أميريكا ، هــ يتم السيطرة عليه فى اقرب وقت … لكن تبقى المعركة الفاصلة هى الإنتخابات الأميريكية المقبلة فى شهر نوفمبر … واللى هــ تكون معركة حاسمة .. لأن التاريخ بيقول إن دايما القرارات اللى كانت بتغرد خارج السرب ، كانت بتبقى فى الولاية الثانية للرئيس الأميريكى ، لأنه بــ يبقى عارف إنه كدة كدة خلاص مافيش أمل له تاتى فى التجديد .. وبالتالى فقد يكون عدم الوصل للإنتخابات قادمة ، هو قرار مصيرى قد يتم إتخاذه ، حتى لو كان الثمن هو إشعال العالم كله … و ده يعتمد على قدرة كل طرف على الضغط و إنفاذ رؤيته ومخططه ! … و ده اللى بــ يخلينا نطرح تساؤل مهم جدا .. وهو هل كانت كورونا جزء من اللعبة !؟؟

و ده اللى ممكن نناقشه فى مقالات قادمة … “ماذا بعد كورونا”

حفظ الله مصر وشعب مصر

لمتابعة تعليقاتكم