الأزمة الأوكرانية و مخاض تشكيل النظام العالمى الجديد – جزء 1

03 Mar 2022

الأزمة الأوكرانية و مخاض تشكيل النظام العالمى الجديد – جزء 1

————————————————————–

تتلخص الأزمة الأوكرانية بأن نتيجتها ستحدد شكل النظام العالمي الجديد الذي بدأ مخاضه الحقيقي منذ حرب البلقان ثم أحداث الثورات الملونة في شرق اوروبا و الشرق الأوسط …. و عشان نفهم إيه اللى بيحصل بالظبط في أوكرانيا … لازم نرجع لورا شوية عشان نفهم إشمعنى أوكرانيا … و ليه المواقف المتشددة من الغرب و الروس لدرجة الصدام المسلح …. و سامحونا لو المقال كان طويل شوية لاننا زي ما اتعودنا لازم نفصص صورة البازل المشوشة و نعيد تركيبها بشكل صحيح لتأصيل الأمور … فهات كدة كوباية الشاي بتاعتنا و واحدة واحدة كده و اصبر معانا و حنحاول نكون محددين و بنتكلم في عناصر محددة.

– أوكرانيا تاريخيا جزء أصيل من الإمبراطورية الروسية … إستقلت عنها بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي عام 1991 … و بتتكون من ثلاث عرقيات رئيسية …

#أولا الشرق و هو يدين لروسيا بالولاء و الثقافة و اللغة و الديانة … فهي شعوب روسية أرثوذكسية يتبعون الكنيسية الشرقية الروسية الأرثوذكسية….

#ثانيا الغرب و هو يتحدث اللغة الأوكرانية و هو غربي الهوا و يدين بالديانة المسيحية الكاثولوكية و يتبع كنيسة روما الكاثوليكية.

#ثالثا الجنوب و منها إقليم القرم و هو أصولة تترية و يتحدث اللغة التترية و الروسية و هو يدين بالولاء الى روسيا الأم.

– مع إنهيار الإتحاد السوفيتي … و بالرغم من الوعد الأمريكى لروسيا الإتحادية وقتها بعدم الإقتراب من حدودها الغربية …. لكن كعادة الغرب في عدم إحترام الغير لو كان في موقف ضعف …. بدأت أمريكا تزحف على حدود روسيا بضم جمهوريات الإتحاد السوفيتي السابق إما بإستمالتها بالإقتصاد أو عن طريق دعم المعارضين الموالين للغرب إما بالدعم المالى او بالثورات الملونة …. و نجحت عام 1999 في ضم (بولندا و التشيك و المجر) …

ثم في عام 2004 نجحت في ضم ( استونيا و بلغاريا و رومانيا و سلوفاكيا و سلوفانيا و لاتفيا و ليتوانيا و ألبانيا و كرواتيا)…. لكن كان التركيز الرئيسي على أوكرانيا لانها أكبر دولة اوروبية من حيث المساحة .. و صاحبة أكبر حدود كبيرة مع روسيا.

– و في نفس العام بدأت أمريكا في تنفيذ خطتها لإبتلاع أوكرانيا بعد إطلاقها للثورة البرتقالية هناك و اللى نجحت في استقطاب الشباب اللى نجح في اسقاط الحكومة ذات الولاء الأيدولوجي لروسيا و صعود الثورة الى الحكم بشخصيات ذات ولاء كاثوليكي غربي بإمتياز … و طبعا كالعادة … و لأن الغرب مش بيجي منه غير شخصيات سياسية ضعيفة …. فشل الموالين للغرب في إدارة الملف الإقتصادي و السياسي اللى كان كل همهم هو تمرير إنضمام اوكرانيا للناتو و الإتحاد الأوروبي حتي لو على حساب الشعب الأوكراني ….. ليسقطوا في الإنتخابات مرة أخرى و يرجع نفس الرئيس اللى ثاروا عليه في 2004 و يرجع يمسك الحكم مرة تانية في 2010 … و تستقر الأمور … لغاية نوفمبر 2013  لما ألغي الرئيس الأوكراني إجراءات إنضمام أوكرانيا الى الإتحاد الأوروبي …. ليجن جنون أمريكا و تنفذ قرارا بإشعال أوكرانيا.

– أمريكا عملت إية ؟؟؟؟ …. قامت بدعم الشباب لينزل الى الشوارع ليقوم بثورة ملونة أخرى … و لكنها صُدمت بعد ما فشلت في استقطاب الشعب الأوكراني و بالرغم من التضخيم و الدعم الإعلامي و على السوشيال ميديا …. لكن تقدر تقول كده إنها كانت ثورة منزوعة الزخم 😊 … و تقدر تقول عليها مجرد تجمعات احتجاجية ضعيفة.

– و لما حست اميريكا إن الشعب الأوكراني رافض فوضي الثورة لأنه جربها قبل كده ….  قامت بدعم أكثر التنظيمات الكاثوليكية القومية تطرفا في الجانب الغربي … و هم ما يطلق عليهم النازيين الجدد …. و دعمتهم بالتمويل و السلاح و اللى نزلوا الى العاصمة و كل المدن ليسحقوا جهاز الشرطة تماما بالقوة المسلحة و … و يحتلون المراكز الحكومية لتسقط الحكومة و السلطة المركزية مرة أخرى و يعينوا حكومة غربية كاثوليكية مرة أخرى ….

– النازيين دول ماكتفوش بكده … لكن بدأوا يستهدفوا كل ما يمت للقومية الشرقية الأرثوذكسية و الثقافة الروسية بأي صلة …. ليقوموا بإستهداف الأقاليم الشرقية بالأسلحة الثقيلة و عمل مجازر و حملات تطهير عرقية … و منع إستخدام اللغة الروسية سواء في المدارس أو التعامل أو الغناء او الفن الروسي أو العملة الروسية … لدرجة أن المواطن هناك لو دخل صيدلية يطلب دواء أو مستشفي و بيوصف للدكتور أعراض مرضه و هو بيتكلم روسي … بيتم طرده و عدم تقديم الخدمة له.

– و لأن النازيين دايما مجانين …. ف الموضوع مانتهاش بكدة … لكن قاموا بحملات عسكرية إرهابية إنتقامية منظمة ضد المدنيين في الأقاليم و المدن و القري ذات الأكثرية الأرثوذوكسية ترتقي الى جرائم الحرب … فكانت التفجيرات و قصف المدارس و الأسواق التجارية و حرق الكنائس و الهجوم على القرى و قتل و إغتصاب النساء و حرق البعض أحياء من الأمور اليومية اللى كانت بتحدث هناك و على نطاق واسع…. و طبعا كانت الميديا الغربية عاملة نفسها من بنها و بتوصف الضحية اللى هي الأقاليم الشرقية المعتدي عليها بالإرهابيين و بتدعم الإرهابيين النازيين و بتوصفهم بالسلطة اللى بتحاول تقضي على الإرهاب …. يعني عملت بالظبط نفس اللى كانت بتعمله معانا … لما كانت بتتفجر الكنايس عندنا و القنابل و الإرهاب بيحصد دماء المصريين و كان الإعلام الغربي بيتكلم على الحقوق السياسية للإرهاب و بتطالب بعدم القبض عليهم. 

– و ده اللى خللى روسيا تدخل تحمي مواطنيها الأصليين الموجودين في شرق أوكرانيا و تدعمهم بالسلاح و تدخل على الخط … و تدخل تضم إقليم القرم و يقف القتال بإتفاق منسك اللى أعطي الأقاليم الشرقية صيغة للحكم الذاتي بالتعهد بعدم طلبهم الإنفصال عن أوكرانيا و الإنضمام لروسيا في مقابل تعهد سلطة أوكرانيا بعدم الهجوم على هذه الأقاليم.

– و طبعا طول الفترة اللى فاتت لم يحترم المتطرفين الكاثوليك هذا الإتفاق و كان بيتم قصف هذه الأقاليم بشكل شبه يومي و العشرات من المدنيين كانوا بيموتوا نساء و أطفال في ظل تجاهل تام من الإعلام الغربي و العالمي اللى بيتحكم في إعلام الكره الأرضية كلها.

اللى فات ده كان مجرد مقدمة تاريخية مبسطة عن أصل النزاع الغربي الروسي على الأراضي الأوكرانية …. و الجزء القادم حنتكلم عن بداية الأزمة و مجرياتها على الأرض و إييه الخيارات اللى في إيد كل طرف…. و موقع مصر من هذه الأزمة و نتائجها لان ده اللى يهمنا. 

تحيا مصر و تحياتنا.

لمتابعة تعليقاتكم