أزمة الدولار ومعركة الإقتصاد

19 Feb 2016

أزمة الدولار ومعركة الإقتصاد

——————————

بعيدا عن السياسة الخارجية ، والمقالات الإستراتيجية ، إحنا النهاردة هــ نتكلم بإقتضاب شديد جداً فى موضوع غاية فى الأهمية ، وبيشغل الرأى العام المصرى ، وأصبح صداع فى رأس الحكومة ، ومصدر قلق عند كل المصريين ، ألا وهو موضوع الدولار .. 🙂

بس علشان إحنا مش خبراء إقتصاد .. وعلشان مايبقاش كل من هب ودب بيفتى ويتكلم فى موضوع الدولار ، فــ خلونا نقول إن المسئول عن السياسات النقدية ، وإتخاذ  الإجراءات الخاصة بضبط السوق ومحاولة القضاء على السوق السوداء ، هو البنك المركزى .. وهو ده اللى نجح فيه فى الفترة الماضية برغم كل اعتراضات رجال الأعمال من تحديد سقف السحب والإيداع .. لكن للأسف ما باليد حيلة !!

ولأن الإقتصاد المصرى بيعانى معاناه شديدة جداً ، نتيجة الأزمات اللى مرت بيها مصر وشعبها على مدار السنوات اللى فاتت ، فاصبح تأثير الهزات الإقتصادية لسوق العملة ، بيأثر بشكل كبير جدا على المواطن نفسه ، وبشكل مباشر .. فى الوقت اللى كثير من الناس مش مدركين ، إن الأزمة الإقتصادية هى أزمة عالمية ، بتعصف بالعالم كله على خلفية صراع عالمى وحرب إقتصادية طاحنة تخوضها جميع الأطراف بهدف تركيع الأطراف الأخرى !! ..

وللأسف الشديد ايضا .. واللى برضوا كتير من الناس مش مدركينه إن مشكلة الإقتصاد المصرى إنه واخد شكل نمط الاقتصاد الريعي القائم علي الخدمات والسياحة والتجارة والاستيراد فقط ، وهو ده أساس الأزمة لأن ده بيعطى فرصة للضغوط الخارجية إنها تقدر تضرب الإقتصاد المصرى ….. لييه بقى .. لأن مصادر إعتماد الإقتصاد المصرى على العملة الصعبة اللى بتغذى البلد يتلخص فى الأتى:

تحويلات المصريين العاملين بالخارج (وللأسف و عي مدار شهور و بأسلوب ممنهج وعن طريق لجان تقوم بإغراء المصريين بالحصول على تحويلاتهم الدولارية وتحويلها عن طريق وسيط فى مصر بالجنيه المصرى بفارق سعر مغرى تم حرمان مصر من اهم مصدر من مصادر تمويل الإقتصاد المصرى بالعملة الصعبة) !!

السياحة المصرية ثانى أكبر مصدر للعملة الصعبة .. (واللى أصبحت شبه متوقفة بعد حادثة الطائرة الروسية فى شرم الشيخ واللى تسببت فى عمل حظر سياحى دولى على سيناء بالكامل ، ومنع السياحة الروسية من كامل جمهورية مصر العربية ، وبعدين كمّلوا بالحادث الأهبل بتاع الغردقة لما عيّلين من ألتراس زملكاوى رفعوا أعلام القاعدة وإتهجّموا بسلاح أبيض على إثنين سياح و أصابوهم إصابات بالغة وبكدة تم رفع أنقاض السياحة المصرية لأجل غير مسمّى) !!

قناة السويس ثالث أكبر مصدر للعملة الصعبة .. ( واللى شهدت إرتفاع كبير فى عائداتها فى أول 3 شهور بعد إفتتاح قناة السويس الجديدة ، لكن تباطؤ حركة الإقتصاد والتجارة العالمية أدى لهبوط كبير فى إيرادات القناة)

الصادرات المصرية رابع أكبر مصدر للعملة الصعبة ( وللأسف حصل إرتفاع فى عجز الموازنة نتيجة إتساع الفارق بين الواردات و الصادرات نتيجة توقف حركة الإنتاج بسبب اللى بيحصل فى البلد ، واللى بيؤدى لتأكل حصيلة الصادرات الدولارية لصالح الواردات ، اللى بيقوم بها معظم رجال الأعمال ، لصالح شعب يتمتع بميول إستهلاكية من الدرجة الأولى) !!

 وعلشان نخرج من الأزمة العنيفة دى ، يبقى لازم يحصل حاجتين:

أولا .. وعلى المدى القصير ، إنه يتم إتخاذ إجراءات صارمة وبشكل مرحلى فقط ، تجاه عملية الاستيراد عن طريق وقف استيراد السلع الإستفزازية والكمالية بالإضافة لكل السلع اللى لها بديل محلي …

وثانيا .. على المدى الطويل وهو ده اللى بيتم فعلياً دلوقتى  ، وهو عمل طفرة زراعية عن طريق توسيع الرقعة الزراعية على طريق تحقيق الإكتفاء الذاتى .. وطفرة صناعية ،  بوضع خطط لعمليات تصنيع حقيقية تحتكرها الدولة بدون السماح للقطاع الخاص بالدخول فيها .. ومش كدة وبس ، ولكن الإستمرار على النهج ده حتى بعد ما حركة تباطؤ الإقتصاد العالمى دى تتحل وبعد دخول موارد الغاز الطبيعى الجديدة المكتشفة حيز الضخ والإنتاج 🙂

وبغض النظر إن إنخفاض سعر العملة المحلية امام الدولار فى مصلحة مصر على المدى البعيد .. بشرط تفعيل الإجراءات اللى إحنا ذكرناها .. فــ أزمة الدولار فى مصر هى أزمة مفتعلة والهدف منها تركيع الدولة المصرية زى ما شرحنا ، واى حد مش شايف كدة يبقى عنده عمى قلب وبصر وبصيرة .. !!!

نيجى بقى للأهم وللنظرة الأشمل وهو إنه بدون أى شك ، فيه حرب إقتصادية عالمية طاحنة ودول بتضغط على بعضها وكل الأطراف عايزة تركّع الطرف المضاد بحرب باردة نظيفة علشان الموضوع مايتتطورش لحروب المواجهات المباشرة ، لأن أى مواجهة عسكرية بين اقطاب وقوى عظمى هــ تؤدى لدمار كل هذه القوى ، وعلشان كدة فالكل بيهدد بس ، وبــ يورّى العين الحمراء بس بدون التورط فى مواجهات مباشرة .. وأظن اللى حصل فى سوريا فى الكام يوم اللى فاتوا يثبت كلامنا ويؤكده بنسبة 100% 🙂 ..

 و هــ نقول مجرد شواهد فقط للحرب الإقتصادية اللى دايرة بدون الدخول فى تفسيرات معقدة .. والحدق يفهم 🙂 🙂

  •  إنخفاض أسعار البترول عالميا بشكل أصبح فيه سعر برميل البترول أرخص من سعر برميل الطرشى بجد مش هزار 🙂
  • خسائر بالمليارات فى معظم البورصات العالمية الكبرى
  • تخفيض الصين لقيمة اليوان الصينى فى مقابل الدولار ، ومحاولة السيطرة عليه ووقف أى إرتفاع محتمل له (وهنا نحط مليون علامة إستفهام) 😉 🙂
  • إرتفاع سعر الدولار فى مقابل الروبل الروسى ومعظم العملات العالمية نتيجة إنهيار سعر البترول
  •  إرتفاع الدولار مقابل الليرة التركى
  • التواصل بين الدول المعنية لإيجاد حل فى أزمة أسعار البترول
  • إرتفاع عجز الموازنة فى دول غنية كتيرة زى السعودية وقطر والكويت ، وحتى أميريكا نفسها
  • سباق إتفاقيات التبادل التجارى وصفقات السلاح المحمومة اللى بتتم بين دول كتيرة أوى بعيداً عن عباءة الغرب ، واللى مصر بتحاول تكون جزء منها !

وعلى طريقة (أرنبنا فى منور أنور وأرنب أنور فى منورنا) .. فــ زى ما أميريكا وحلفائها بيضغطوا إقتصادياً بالإستقواء بالدولار اللى هو عملة بورصات الطاقة والبترول والتبادل التجارى العالمى .. واللى إرتفاعه مش فى مصلحة ميزان المدفوعات للدول اللى عملتها بتقل أمام الدولار .. كمان إرتفاع الدولار هــ يأثر علي أمريكا بشكل مباشر ، لأن دول كتيرة هــ تبتدى تروح للقوى الإقتصادية اللى عملتها أرخص وخصوصاً بالنسبة للسلع الإستهلاكية ، وإتفاقيات السلاح ، وده هــ يضر بـشكل مباشر بالصادرات الأميريكية واللى هــ يأثر إقتصادياً  بشكل كبير على المارد الإقتصادى الأميريكى !!

بصراحة مش عارف الإشتباك ده هــ يتم حله إزاى .. لكن اللى أنا متأكد منه ، إن الحرب الإقتصادية شغالة بشكل مرعب ، والكل بيلعب على سياسة النفس الطويل …

وفى النهاية .. الحل بالنسبة لمصر لمواجهة أزمة الدولار الحالية ، هو عودة عجلة الإنتاج وتشغيل المصانع وزيادة معدلات التصدير .. و ده اللى الدولة بتدفع اليه بكل قوة ، باقامة مشاريع عملاقة ، و بمعدلات تنفيذ غير مسبوقة عالمياً في البنية التحتية ، و الطرق ، و المواصلات ، و المواني ، والمطارات ، و انشاء المناطق الاستثمارية …… أما بالنسبة لرجال الأعمال المصريين اللى بيتحكموا فى السوق ، وبيضغطوا على الشعب بأسلوب إشعال الموقف عن طريق إشعال الأسعار ، فــ  بدل ما يهاجموا سياسة البنك المركزى وخلاص ، ياريت يقدموا لنا مجهود حقيقى و روشتة لزيادة الإنتاج وعودة السياحة وجذب الاستثمارات..!

وكلمة أخيرة .. طول ما معدل الإنتاج للموظف المصري هو 28 دقيقة فى اليوم من اصل 480 دقيقه عمل يوميا .. واللى للأسف تم رفض قانون الخدمة المدنية الجديد اللى كان هــ يعالج ده .. وطول ما المعدل العام للإنتاج على مستوى مصر كلها شاملة القطاعين العام و الخاص هو 46 دقيقة فى اليوم من اصل 480 دقيقه ، .. و طول ما فيه الاف الوظائف الشاغره اللى مرتباتها مجزيه و  اللى مش لاقيه حد من الشباب بحجه انها وظائف مهنيه و لا تتناسب مع وضعهم …..  ومع كل ما يحاك من خطط من زبانية جهنم لإسقاط مصر إقتصادياً ، .. فــ ياريت ماحدش يسأل عن سعر الدولار بقى بكام .. لأنه هــ يبقى سؤال سخيف ، والإجابة عليه هــ تبقى مكررة .. و … أسخف !!

لكن  بالرغم من الضغط الشديد على الاقتصاد و التركيز على نشر الطاقات السلبيه …. الا اننا ندعم و بشدة بارقة الامل اللى أطلقها الكثير من المصريين بالخارج و بخاصه في دول الخليج بتحملهم لواجبهم الوطني  …. بعد ملاحظة تدافع الكثير منهم الى تحويل الكثير من التحويلات الدولاريه عن طريق البنوك لمواجهة و استبدالها في مصر بالجنيه داخل البنوك  و تنازلهم عن فروق السعر الرهيبه دعما منهم للاقتصاد المصري …. و حتي لو في صوره تحويلات صغيرة و لكن بصفة شهرية و منتظمة … و ده اللوغاريتم بتاع المصريين اللى محدش هــ يقدر يحله ….

و زي ما ناس كتييييير على مدي شهور طويلة كانت بتبعت لينا و تسألنا ازاي نشارك الدولة المصرية في حربها على قوى الشر و كان نفسهم يحملوا سلاح و ينزلوا يحاربوا مع جيشهم …. فنعتقد ان مافيش اكبر من الدور ده … اللى اتكرر أيام الستينات أيام ما كان المصريين بــ يقتطعوا من قوتهم لدعم المجهود الحربي ….. و الصفحه تدعم بل و تناشد المصريين المغتربين انهم يدعموا وطنهم الان ….. مصر محتاجه كل جهد و دعم منكم .

و ده كان مجرد رأى متواضع من خلال نظرة شاملة على الأحداث 🙂 🙂

لمتابعة تعليقاتكم