الموجة الإرتدادية .. وبداية الأزمة الإقتصادية

22 Oct 2021

الموجة الإرتدادية .. وبداية الأزمة الإقتصادية .. !!

————————————————

أكيد إحنا ملاحظين بوادر إرتفاع فى بعض أسعار السلع خلال الأسبوعين الماضيين … وأكيد كثير مننا بــ يرجعوا الإرتفاع ده بسبب رفع سعر لتر البنزين 25 قرش فى أخر مراجعة سعرية عملتها الدولة لأسعار الوقود واللى بتتعمل كل 3 شهور …. و الحقيقة إن الكلام ده صح وغلط فى نفس الوقت ..

طب إزاى !!!؟

سعر الوقود اللى بــ يأثر داخليا على أسعار السلع هو سعر الجاز مش البنزين .. و ده ماحصلش عليه أى زيادة .. ناهيك طبعا عن إن 25 قرش واللى بــ تمثل نسبة زيادة حوالى (3%) ، مش هى اللى هتعمل إرتفاع فى الأسعار ، واللى وصل فى بعض السلع إلى 30% زى الدواجن والبيض مثلا .. وبعض السلع الأخرى اللى زادت بنسبة (10-15%) … لكن فى نفس الوقت .. ده مايمنعش إن سعر الوقود له دخل كبير فى اللى بيحصل .. واللى لسة هيحصل فى خلال الكام شهر الجايين … لأن الموضوع أكبر من كدة بكتير ..

مبدئيا كدة .. لازم نبقى عارفين إنه بسبب جاحة كورونا ، و مع حالة الإغلاق الكامل اللى حصلت .. إنهارت أسعار الوقود والطاقة .. ووصل سعر برميل البترول لمستوى 33 دولار .. لكن مع عودة الحياة تدريجيا لطبيعتها بيحصل حاجة إسمها الــ Rebound .. أو الموجة الإرتدادية .. و ده اللى بدء العالم يشعر بيه فى كل الأنشطة الإقتصادية .. وده شيئ بيحصل دايما بعد أى حالة كساد أو ركود إقتصادى

مع زيادة الطلب على الوقود نتيجة عودة الحياة ، وإعادة تنشيط التجارة العالمية ، وعودة حركة الطيران والملاحة وعودة نشاط السياحة العالمية .. فــ سعر برميل البترول النهاردة تخطى حاجز الــ 85 دولار .. يعنى زيادة بتمثل حوالى 158% .. ولسة مرشح للإرتفاع أكثر من كدة .. وفيه بعض التوقعات بتقول إنه هــ يكسر حاجز الــ 100 دولار قريبا جدا … و ده هــ يعمل موجة كبيرة جدا من التضخم هــ تأثر على كل دول العالم !

وبما إن الوقود زاد .. فــ سعر النقل زاد .. و ده طبعا كان له تأثير كبير على السلع التجارية اللى بدأت تتحرك فى العالم شرقا وغربا .. وناهيك عن إن زيادة حركة الملاحة ، والقوافل التجارية ، عمل تزاحم شديد على الموانئ التجارية .. واللى بينتج عنه إن الناقلات بتفرض غرامات على الموانئ حسب فترات الإنتظار ، واللى بــ يتحملها المستورد .. وبالتالى الغرامات دى بتتحمل فى النهاية على سعر المنتج .. إضافة لسعر النقل اللى هو زاد أصلا بسبب أسعار الوقود … يعنى دايرة مقفولة .. ودوخينى يالمونة ..

الأخطر من كدة إن العالم كله بــ يواجه حاليا أزمة طاقة شديدة .. جزء كبير منها نتيجة حالة الــ Rebound .. واللى خلى الطلب يفوق المعروض بمراحل .. لأن زيادة الطلب دايما بتبقى اسرع من العودة للإنتاج المواكب للطلب .. وبالتالى بيحصل الزيادة دى فى اسعار الوقود والطاقة ..

لكن للأسف ده مش السبب الوحيد .. لإرتفاع اسعار الطاقة

السبب الثانى هو الدول المصدرة للطاقة .. زى روسيا مثلا … واللى بتتحكم بأكثر من 40% من إحتياجات أوروبا من الغاز والطاقة .. وروسيا عمالة تتلاعب بالأوروبيين ، وبترفع أسعار الغاز شوية …. وشوية تقول لهم هــ نقلل الضخ علشان إحنا محتاجين الغاز لمواكبة الطلب الداخلى !! .. يعنى لعبة قط وفار .. والنتيجة موجة تضخم كبيرة فى أوروبا …

حاليا .. وبسبب أزمة الطاقة الداخلية فى أوروبا .. فــ أسعار الغاز زادت بأكثر من 700% … و تكلفة إنتاج الكهرباء فى ألمانيا على سبيل المثال زادة بنسبة 500% … وفيه أزمة وقود فى بريطانيا ، والناس بتتخانق مع بعضها فى محاطات الوقود .. وشوفنا ده فى النشرات الإخبارية فى فيديوهات مصورة .. وناهيك طبعا عن إرتفاع أسعار الوقود والطاقة فى كامل المملكة المتحدة ..

حتى فى أسيا .. هــ نلاقى دولة زى الصين عندها أزمة كبيرة فى الطاقة واللى تعتبر هى المستورد الأول للبترول والغاز … هــ نلاقى إن عقود الغاز زادت بنسبة 900% وعقود النفط زادت بأكثر من 100% ..

و مع الصين ثانى إقتصاد فى العالم ، فالصورة هتبقى أشد قتامة .. والتأثير هــ يبقى اعمق .. لأنه زى ما بيقول خبراء الإقتصاد “الصين تعطس فيصاب العالم بالزكام” … حيث يغرق التنين الصينى في أسوأ أزمة كهرباء في تاريخه، نتيجة نقص إمدادات الفحم واشتعال أسعاره ، واللى اثر على قدرات محطات الكهرباء العاملة بالفحم .. ووصل لمرحلة إن 20 محافظة ومنطقة فى الصين أعلنت عن انقطاعات في التيار الكهربائي، مع نصائح من الحكومة بمحاولة إستخدام الشموع لتقليل الإستهلاك المحلى من الكهرباء

و لو عرفنا إن المناطق اللى بتشهد إنقطاع كهرباء متتالى ، بــ تساهم بثلثي الناتج المحلي الإجمالي الصيني ..، فــ تخيل بقى اللى هــ يحصل فى حجم الإنتاج الصينى وتكلفة المنتج .. وتأثير ده على حركة التجارة العالمية وعلى أسعار السلع فى كل القطاعات … و ده غير تأثير أزمة الكهرباء على الصناعات الثقيلة فى الصين وتأثير ده على الإقتصاد العالمى

و فى إستعراض سريع لبعض الأرقام فى الصين .. فــ من المتوقع إنخفاض إنتاج المعادن بنسبة (20 – 40%) .. وإنخفاض فى المواد الكيميائية بنسبة (10% إلى 20%) ، وإنخفاض فى إنتاج المنسوجات والورق والبلاستيك بحوالى 10% .. وإنخفاض فى إنتاج الألمنيوم بــ 7% والأسمنت بحوالى 29%.

وعلشان نقرب الصورة للأذهان عن مدى تأثير الإنخفاضات دى على الأقتصاد العالمى .. فيكفى أنك تعرف عل سبيل المثال ، إن الصين هى أكبر منتج للصلب في العالم، حيث أنتجت ما يقرب من مليار طن في عام 2019، مقارنة بـ 111 مليون طن فقط في الهند ، والي بــ تحتل المرتبة الثانية … إنت متخيل الفرق !!! … فــ شوف بقى لما إقتصاد زى الصين يتأثر إنتاجه بنسبة كبيرة .. تفتكر إييه اللى ممكن يحصل فى العالم !؟

ولأن التحديات لا تأتى فرادى … فكان التحول المناخى العالمى له تأثير على السلع الغذائية فى العالم بموجة الجفاف التي ضربت بعض مناطق العالم، وقلصت كميات الطاقة الكهرومائية المولدة .. و ده غير موجة الفيضانات فى مناطق تانية .. وموجات الحرارة المرتفعة فى مناطق أخرى .. ومنها مصر على سبيل المثال فى أشهر الصيف الماضية .. واللى أثرت على موسم الخضروات والفواكه الصيفية السنة دى …

كل اللى ذكرناه ده هو تلخيص شديد ونتمنى أنه يكون تلخيص غير مخل .. للتحدى اللى العالم مقبل عليه واللى هــ يؤدى لموجة من التضخم غير مسبوقة .. وأزمة إقتصادية عالمية طاحنة .. واللى بــ يتوقع الخبراء إنها توصل لذروتها مع بداية 2022 .. وتستمر تأثيراتها لحد الربع الأول من سنة 2023 !!

والحقيقة إن مصر كجزء من العالم ، مش هــ تكون بعيدة عن الأزمة العالمية دى .. لكن التأثيرات اللى هــ نحس بيها هــ تكون هى الحد الأدنى من التأثيرات اللى ممكن دول أخرى تمر بيها .. و ده كان نتاج لما قامت به الدولة خلال الــ 7 سنوات الماضية .. واللى كانت عندها إصرار إنها تتحرك فى كل المحاور .. وكان دايما الرئيس بــ يقول إحنا مستعجلين .. وماعندناش وقت .. وكأنه كان شايف اللى هــ يحصل .. أو بــ يستقرئ المشهد الحالى

أنا عايزيكم بس تتخيلوا حجم تأثير الأزمة القادمة دى علينا بكل هذا عنفها وضراوتها .. لو ماكانتش مصر عملت مشروعات الــ 2 مليون فدان ، والــ 100 ألف صوبة ، ومشروعات الإستزراع السمكى .. وإجتذاب الإستثمار والصناعات .. وإنشاء المناطق اللوجيستية .. وبناء محطات الكهرباء ، وإستخراج الغاز والبترول .. وربط مفاصل الدولة بشبكات طرق تسهل عملية نقل التجارة للداخل والخارج .. وإنشاء الموانى والمطارات الجديدة .. وعمليات الربط الكهربائى مع دول الجوار واللى هــ يحول مصر لمركز إقليمى للطاقة … تخيل بس مجرد تخيل ..، تأثير الأزمة دى علينا كان هــ يبقى عامل إزاى من غير كل ده

هيبقى فيه تاثير أكيد .. لكن هيكون فى أدنى مستوياته بالمقارنة بدول تانية كتيرة …… ومنهم دول عظمى على فكرة …

حفظ الله مصر برئيسها وجيشها وشعبها 🙏

لمتابعة تعليقاتكم