صناعة الأزمة (1)

05 Apr 2022

صناعة الأزمة (1)

——————

إحنا عارفين إننا فى رمضان … وناس كتيرة هتبقى مشغولة فى الكنافة والقطايف ومتابعة مسلسلات رمضان .. وناهيك طبعا عن العبادات والروحانيات اللى هــ تاخد الوقت الأكبر من وقتنا كلنا .. علشان كدة إحنا هــ نحاول نختصر على قد مانقدر .. ونقسم المقالات الطويلة لعدة أجزاء علشان نقدر نوصّل المعلومة بشكل مبسط وبدون تطويل .. وخصوصا إن الاحداث أصبحت معقدة ومتشابكة جدا ومحتاجة كثير من المقالات لشرح ما يحدث !

لو نرجع بالزمن للخلف شوية .. هــ نلاقى إن ماما أميريكا نصّبت نفسها حامى الحمى ودافع البلا للمنطقة من سنين طويلة .. وزرعت فيها قواعد عسكرية ترسخ تواجدها الأمنى .. مش علشان خاطر سواد عنينا لاسمح الله .. لكن علشان مصالحها وعلشان كانت بتلعب دور شرطى العالم وفى نفس الوقت بتعمل إنتشار على الأرض علشان ماتجيش قوة عالمية تانية وتاخد المكان منها وبالتالى تمتلك نفوذ أكبر عليها

وللأسف إن ده ماحصلش قوةً وإستقداراً مثلا …. لأ ….. لكن بكل أسف ده حصل بموافقة دول المنطقة وبالذات دول الخليج .. و ده كان إما لإحساسهم إنهم محتاجين لشراكة إستراتيجية مع قوة عالمية .. أو لخوفهم من تهديدات القوة الفارسية اللى على بعد خطوات منهم واللى لها أطماع توسعية كبيرة فى المنطقة ..

وبرغم إدراكهم إن الحماية من البعبع الفارسى كان هو الجزرة اللى محطوطة قدام عنيهم طول الوقت علشان يقدموا كثير من الدعم للغرب وبالذات لماما أنتيكا سواء كان الدعم ده سياسى فى المواقف الدولية ، أو إقتصادى من بير البترول اللى عندهم ، أو تشغيل مصانع السلاح بصفقات تسليح مليارية ، وكل ده فى مقابل طبعا الحماية من البعبع .. إلا إن الوضع ده إستمر لسنين طويلة

ومع مجيئ زمن الحاج أبو حنان ، قرر تقليص التمدد العسكرى الأميريكى الخارجى لأقل قدر ممكن ترشيداً للنفقات التريليونية لصالح إقتصاد بلده .. وقرر الإنسحاب من أفغانستان والعراق وسوريا وتقليل التواجد فى أماكن كثيرة .. وأهمها كان الشرق الأوسط بغض النظر عن مين اللى كان هيلعب الدور الأميريكى فى المنطقة ..

وطبعا بعد تدمير معظم الجيوش العربية وإنهيار حلم الأغا التركى اللى كان موعود بيه لقيادة المنطقة بعد الدول المحورية فيها ، وسيطرة شراذم التأسلم السياسى على الحكم فيها .. برزت هنا ثلاثة قوى إقليمية ودولية ممكن تلعب دور أمنى فى المنطقة وتعويض الفراغ اللى خلفه الإنسحاب الأميريكى … وهم روسيا ومصر ودولة الكيان ..

طبعا السيناريو الروسي كان مرفوض تماما من الغرب ، برغم حالة التقارب اللى حصلت بين الخليج والدب الروسى ، واللى لعبت مصر فيه دور بارز جدا للتقريب بين الطرفين لدرجة زيارة الملك سلمان نفسه لروسيا ووصولا للتنسيق أو خلينا نقول للتقارب فى المواقف بين الطرفين ، وبالذات فى أزمة الحرب الأوكرانية الأخيرة

أما بالنسبة لمصر فأكيد مش من مصلحة أميريكا تدعيم الدور المصرى فى المنطقة ، لأن سياسة مصر معروفة ومعلنة ، ولا تتوافق بأى حال من الأحوال مع أجندة وسياسات أميريكا ومخططاتها بالنسبة للمنطقة .. واللى لولا 30 يونيو كان هيبقى الوضع فى المنطقة هو كل الأوضاع .. وعلشان كدة ارست مصر من بعد 30 يونيو مبدأ “مسافة السكة” وإن أمن الخليج هو خط أحمر لأنه يعتبر من أمن مصر القومى

ومع مجيئ إدرة المرحوم بايجون ، فكان لازم تشوف حل فى المعضلة دى .. وبالتالى كان لازم يتم الدفع فى إتجاه القوة الثالثة والأخيرة وهى دولة الكيان علشان ترمى بياضها وتبدأ تلعب أدوار أمنية فى المنطقة !! .. وعلشان ده يحصل .. فكان لازم يتم إستخدام نفس مبدأ العصا والجزرة .. وبدأت الإدارة الأميريكية الجديدة تتكلم عن الإتفاق النووى الإيرانى ، وإحتمالية رفع العقوبات عن دولة الفرس .. وفى المقابل بدأت دولة الملالى ترفع مستوى حدة التصريحات ضد الخليج ، وزيادة ملحوظة فى الهجمات الحوثية على جنوب السعودية .. ووصل الأمر لتهديد العاصمة الرياض نفسها …. وكل ده علشان لما يتم تقديم الطرح الجديد ، تكون الأرض ممهدة تماما لتقبل الأمر

لكن الإدارة الأميريكية الحالية فاتهم شيئ مهم جدا .. إنه لا دول الخليج اليوم هى دول الخليج بتاعة زمان … و لا مصر اليوم هى مصر ماقبل 2011 .. ولا روسيا اليوم هى روسيا زمان …. ولا حتى أميريكا نفسها هى أميريكا الوحش المرعب شرطى المنطقة والعالم ، الآمر الناهى بتاع زمان … لأن فيه مستجدات كتيرة حدثت تخلى الأوضاع العالمية كلها تختلف .. ومنظومة القوى العالمية تتقلب ، وعالم القطب الأوحد فى طريقه للإضمحلال ….

والأهم إن منطقة الشرق الأوسط إتغيرت بعد ما وعوا الدرس كويس … وفهموا اللعبة بتتلعب إزاى بوجوه مختلفة … ودفعوا الثمن فى خلال الكام سنة اللى فاتوا .. صحيح الثمن كان غالى … لكن ده كان ضرورى علشان الشعوب نفسها تفهم بعد ما أدت السياسات الخاطئة للساسة ، لإنفصال الشعوب عن حكوماتهم .. لحد ما تم إستخدامهم فى أهم وأخطر حروب التاريخ على الإطلاق للوصل بيهم لإسقاط اوطانهم ، وهم فاهمين إنهم كدة بيعدلوا المايلة.

الكلام ده كله كان مقدمة حاولنا نختصرها على قد مانقدر علشان نوصل بحضراتكم فى النهاية لإجتماع النقب الأخير … وعلاقة ده كله بالحرب الأوكرانية …. أه حقيقيى … فيه علاقة بين الإثنين .. لأن الملفات الدولية دلوقتى بقت كلها منفذة على بعضها .. وسكة أبوزيد كلها مسالك … بس أصبر شوية ونوصل فى الأخر لإجتماع النقب !

وللحديث بقية …. 🙂

لمتابعة تعليقاتكم