ثورة 23 يوليو .. وموسم الهبد السنوى

24 Jul 2019

ثورة 23 يوليو .. وموسم الهبد السنوى .. !!
——————————————–

بقالنا كام سنة … خير اللهم إجعله خير … إكتشفنا فجأة إن ثورة 23 يوليو هى سبب كل المساوئ والخطايا والتاخر والإنحطاط اللى فيه مصر .. ويمكن العالم كله … ده إذا ما عديناش كمان بالمرة على كوكب المريخ يمكن يكون نابه من ثورة يوليو نايب !!! ….

و مع مجيئ يوم 23 يوليو من كل سنة .. نبدا نسمع التأوهات والشحتفة ومصمصة الشفايف على العهد الملكى والأيام الجميلة والنعيم اللى المصريين كانوا عايشين فيه فى عهد جلالة الملك .. وتبدأ تسمع بقى كلام من عينة … شوف الشوارع كانت نظيفة إزاى !؟ .. دى القاهرة أخدت اجمل عاصمة فى العالم مش عارف سنة كام .. شوف المدارس زمان كانت حلوة قد إييه والفصول فاضية … دى الموضة كانت بتنزل عندنا قبل ما كانت بتنزل فى أوروبا .. ده اليونانيين والطلاينة كانوا بيشتغلوا عندنا خدامين وحلاقين وعمال فى الصيدليات وبوابين وبقالين .. ده الجنيه المصرى كان اغلى من الجنيه الذهب .. دى مصر كانت مسلفة إنجلترا .. ده كيلوا اللحمة كان بقروش .. ده الخمسين بيضة كانوا ببلاش .. دى الشقق والبيوت كانت كتير والإيجار كان بملاليم .. الخ الخ الخ من الهبد الجميل للزمن الجميل .. واللى إن دل على شيئ ، فإنما يدل فعلا على عقلية قائله .. وإحنا مش هــ ندخل فى جدال عقيم مع من يتبنى هذا النوع من الكلام الخزعبلى لأنه مجتزأ وغير موضوعى 🙄

عايز تعرف مصر كانت إييه على حقيقتها !!؟؟
بسيطة خالص .. هم مش بيقولوا إن الفن مرأة الشعوب .. ماشى .. هات بقى الأفلام القديمة اللى إتعملت أيام الملكية ، وإتفرج على مصر كانت إييه !!؟ … هات الأفلام التسجيلية اللى إتعملت عن مصر القديمة زمان .. وشوف الناس كانت عايشة إزاى

إحنا مش هــ نسمع لتأوهات أصاحب المازوخية الفكرية ، اللى بيتعبدوا فى محراب زمن الملكية والإحتلال البريطانى لمصر ، وبعد كدة تلاقيهم بيقولوا عننا إننا عبيد البيادة .. على طريقة المثل القائل “كلم الجماعة تلهيك ، واللى في فيها تجيبه فيك” … عايز تعرف مصر كانت إييه .. بحقائق مثبتة !!؟؟ .. اقولك ..

مصر دولة لها قوميتها و حضارتها و ثقافتها و هويتها الوطنية المتفردة بيها منذ اكتر من 7000 سنة …. مرت مصر فيها بفترات إزدهار كان يقودها حكام مصريين وطنيين … و فترات إضمحلال قادها محتلين أجانب في فترات الإضمحلال الأولي في عصر الأسرات القديمة ثم فترة الإضمحلال الثانية في عصر الأسرات الوسطي … عاني خلالها الشعب المصري من ويلات ظلم الإحتلال و محاولات طمس الهوية الوطنية المصرية و إستعباد الشعب و الإستيلاء على مقدراتة … و العمل على إغراق الشعب في الجهل و الفقر و العَوَز حتي يستطيع المحتل التحكم في أكبر كتلة سكانية في المنطقة …. و كانت مصر بالنسبه للمحتل هي الفرخة التي تبيض له ذهباً …. بسبب خصوبة أرضها و كنوزها … و بسبب الكتلة السكانية الكبيرة التي كانت تعني الملايين من مداخيل الضرائب .

ثم واجهت مصر فترة الإضمحلال الكبرى …. منذ آخر ملك مصرى “نخت أنبو الثاني” الذي إنتهي حكمة عام 341 ق م بإحتلال الفرس مصر ثم الإحتلال اليوناني لمصر مروراً بالرومان ثم العرب ثم المماليك ثم العثمانيين ثم عصر أسرة محمد على حتي ثورة 1952 و الذي تولي فيها حكم مصر مواطن مصرى لأول مرة منذ ما يقرب من 2300 عاما.

طوال 2300 سنة كانت مصر مجرد فريسة بتنهش فيها عاصمة الحكم أيا كانت موقعها خيرات الشعب المصري … من محاصيل زراعية او نقود و ذهب في صورة الضرائب … و كان الشعب المصري يعيش حياته كأي شعب محتل لا حقوق له … يعمل ذليلا لحكام المحتلين لتحقيق رغباتهم و إلا القتل أو السجن هو المصير … و كان يتم وأد أي حراك قومي أو ثقافي أو حضاري أو تعليمي ممكن أن يسترجع به الشعب ثقافته أو قوميته.

و كان آخر إحتلال لمصر هو الإحتلال العثماني … الذي حرم الطباعة و التعليم و إستخدم السخرة في معاملة الشعب المصرى … و نشر الجهل و الفقر و البدع و الدروشة … و أذاق الشعب المصرى مر العذاب و التنكيل …. و حتي أسرة محمد على …. فقد أستمرت في محو الهوية القومية المصرية بإلغاء مصطلح “مصري” و إستبداله بمصطلح “فلاح” … فالشعب المصري تم تصنيفة الى فئتين .. فئة “البشوات و البكوات و الشماشرجية” … و فئة الفلاحين أو بالأصح العبيد.

و لأن معظم اللى بيتكلم و يجادل الآن لم يعش هذه الفترة … و بيفتي كالعادة … فمثلا تعداد سكان مصر عام 1952 كان 22.5 مليون … و كانت معظم ثروة مصر تملكها الأسرة المالكة التي كان تعدادها لا يتجاوز المأتين …. و باقي الثروة موزعة على طبقة البشوات التي كان عددهم حوالي 352 فرد فقط …. و كان يوجد طبقة أخرى من البكوات هم من يديرون ثروات البشوات … يعني ممكن نقول أن ثروة مصر كلها كانت متوزعة على مجموعة أفراد لا يتجاوز عددهم الألف شخص … و هي الثروة التي كانت كلها تؤول للمحتل العثماني و الانجليزي … أما بقية الـ 22.5 مليون فكانوا من طبقة الفلاحين الحفاه اللى كانوا بيضربوا بالكرباج …. إلا طبقة بسيطة “الأفندية” و هي طبقة الموظفين العموميين…. فطبيعي جدا ان الجنيه المصري ساعتها يكون قوى لاننا كنا دولة تعداد سكانها 22.5 مليون مواطن كل مداخيلها تصرف على ألف مواطن فقط و الحاشية الخاصة بيهم.

كان العز و البغدده و الشوارع النظيفة و الحفلات و الملابس الفاخرة و الشوارع اللى بتتغسل بالصابون و كل المظاهر اللى بيتكلم عليها الفتايين النهاردة … بتتعمل للطبقة الحاكمة و بشواتهم و بكواتهم فقط…. بخلاف طبقة مواطني الإحتلال.

مصر كانت دولة محتلة ، بيتحكم فى قرارها السفير الإنجليزى ، وبيقدر يعزل ويعين الحكومة حسب رغبة إنجلترا .. عكس ما كانوا بيصورولك إن مصر زمان ايام الملك كانت فيها ديموقراطية .. لدرجة إن مرة من المرات القوات الإنجليزية حاصرت قصر الملك لما حب يعمل فيها عنتر زمانه علشان تجبره إن يعزل الحكومة …. مصر كانت منعدمة الرعاية الصحية .. وكان ألاف الناس بتموت كل سنة من الكوليرا والحصبة والملاريا والبلهاريسيا .. اللى بيقولك المدارس كانت حلوة .. أه طبعا طبعا .. بدليل إنه كان 90% من الشعب المصرى أمى لا يقرأ أو يكتب .. وسيبك من شوية المدارس اللى كانت فى القاهرة واللى بيحبوا يورونا صورهم كل شوية لزمو التباكى والولولة على الذى مضى …. كانت الناس عايشة فى بؤس وضنك فى كل محافظات وقرى مصر ، بإستثناء بعض المناطق فى القاهرة وإسكندرية (بعض وليس كل المدينة) .. والمناطق دى هى اللى دايما بينشروا صورهم فى السوشيال ميديا علشان يضحكوا بيها على عقول المغيبين ويحسسوهم إن زمان كان احسن …

إتفرجوا على أفلام نجيب الريحانى وشوفوا الناس كانت عايشة إزاى … شوف المدرس والموظف كانت عيشتهم ضنك إزاى مقارنة بدلوقتى .. شوف إزاى الناس كانوا عايشين خدامين فى بيوت البشوات والأمراء .. والباقيين بــ يسفّوا تراب فى مزارعهم وأطيانهم .. شوف أماكن كتيرة فى البلد كانت الناس عايشة فيها بشكل غير أدمى إزاى …. شوف الملك فاروق نفسه وهو بــ يرأس جمعية إسمها جمعية مكافحة الحفاء .. علشان المصريين كان كثير منهم حافيين …

إتفرج على عبد الفتاح القصرى وهو بيطلب علاوة فى أحد المشاهد الكوميديا فى فيلم من الأفلام أيام الملكية .. وكان سبب طلب العلاوة إن رطل اللحمة بقى بــ 8 صاغ ومش عارف يشتريها … ده كان واقع المصريين الحقيقى .. مش مجرد مشهد هزلى فى فيلم .. ده كان سخرية من واقع حقيقى … اللحمة بــ 8 صاغ صحيح .. بس ماكانش يقدر يدفع ثمنها لأنه عايش بالكاد

الناس اللى بتعمل مقارنات بالصور معظمهم مغرضين … يجيبلك صورة ميدان طلعت حرب فى الأربعينات ، وجنبه صورة عشوائية فى الألفينات .. ويقولك بص شوف الفرق بين زمان ودلوقتى .. طب ياحبيبى لييه بتحط صورة عشوائية ، مش صورة مدينة الرحاب أو مدينتى او الشيخ زويد مثلا …. أو تعكسها .. يعنى تقارن ميدان طلعت حرب دلوقتى ، بصورة منطقة هامشية فى الخمسينات فى داخل القاهرة برضوا … أو تقارنها بقرية أو مدينة من مدن الصعيد فى العهد الملكى الجميل !! .. ياترى ساعتها المقارنة هتبقى إييه !!! ..

وغيره وغيره من ممارسة التضليل اللى ظهرت مؤخرا فجاة كدة ، وإكتشفنا إننا كنا زمان عايشين فى نعيم وإحنا مش واخدين بالنا !!
ياترى اللى بيحصل ده لييه !!؟؟ .. ولمصلحة مين !!؟؟ … و لما إحنا كنا تمام أوى كدة .. أومال الأبطال والمناضلين زى أحمد عرابى وسعد زغلول ومصطفى كامل وغيرهم دوول كانو إييه !!؟؟ ، ده إحنا لازم نحاكمهم تاريخيا بقى لأنهم كانوا بيكافحوا علشان يحرمونا من العز اللى كنا فيه !! .. لازم نسقط سيد درويش والحانه من تاريخ مصر الفنى ونحرق كل إسطواناته علشان كان بيحارب الإحتلال والملكية بفنه ، وبيلعن العيشة الجميلة اللى المصريين كانوا عايشينها … لازم نكره عبد الحليم حافظ وشادية ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم ، لأنهم عملوا الحان وأغانى تمجد فى الثورة ، و دعموا بفنهم الأيام الغبرة بتاعة الثورة اللى ضيعت أحلى ايام الشعب المصرى اللى كان عايشها فى ظل حكم الملكية والإحتلال الإنجليزى

تلاقى اللى بيقولك الثورة ضيعتنا وخلتنا إنهزمنا فى 3 حروب متتالية … إييه ده بجد فعلا !!؟؟ .. و هى حرب 48 اللى إتهزمنا فيها ، وضاعت بسببها فلسطين كانت قبل الثورة وإلا بعدها !!؟؟؟ … ولما حضرتك بتفتكر 3 حروب إتهزمنا فيهم .. طب مش بتفتكر حروب الإستنزاف و 73 لييه !!؟؟ .. وإلا ما اخدتهمش دوول فى الكيلاس !!؟؟ .. اللى يقولك إقتصاد مصر كان قوى ، وكنا مسلفين إنجلترا .. ياسلام .. ولما إحنا كنا مسلفين إنجلترا ، ما اخدناش فلوسنا منهم تانى لييه !!؟؟ … ولما إقتصادنا كان قوى ، أومال الناس كانت عايشة فى ضنك لييه !!؟؟

مش هــ ندخل فى مزايدات كتيرة وقرع الحجة بالحجة … لكن هــ نقول إنه بعد الثورة أممنا قناة السويس اللى لحد النهاردة عمود من اعمدة الدخل القومى المصرى .. وعملنا مجمع التحرير .. و تم تاسيس ما يزيد عن الألف مصنع، منها الحديد والصلب والألومنيوم والنصر للسيارات وأسمدة كيما .. وتم مد خطوط كهرباء من أسوان لآسكندرية .. وتم زيادة الرقعة الزراعية حوالى مليون فدان .. وعملنا السد العالى علشان نحمى مصر من الفيضان .. .. وأسسنا مصانع الإنتاج الحربى .. و خفضنا نسبة الأمية من 90% إلى 50% .. وحققنا نسبة نمو إقتصادى حوالى 7% لمدة 10 سنوات متواصلة من سنة 54% إلى سنة 64 .. وحققنا ناتج قومى اضعاف اللى إتحقق فى العهد الملكى .. ألخ الخ ألخ

الحقائق كتيرة .. بس إحنا اللى بنستسلم للمزايدات و مش بنعرف نرد على المخطوفين ذهنيا ، اللى بيرددوا اكلاشيهات اليسارجية والإخوان وغيرهم .. واللى هم اصحاب المصلحة الوحيدة فى تدمير تاريخك وهدم رموزك الوطنية

مش معنى كلامنا إنه ماكانش فيه أخطاء .. ويمكن ترقى لمستوى الخطايا فى عهد مابعد الملكية والإحتلال الإنجليزى … لكن النظر بموضوعية هو الحل الوحيد للحفاظ على عقولنا سليمة فى مواجهة حملات تدمير الوعى .. وهدم تاريخنا وكل رموزنا

عايز تحكم على الحقبة التاريخية السابقة … شوف جنازة عبد الناصر كانت عاملة إزاى .. وإنت تعرف ، يعنى إييه شعب بحاله أمن بشخص ووطن وتجربة بكل مافيها من مزايا وعيوب

كل سنة ومصر كلها بخير بمناسبة عيد ثورة 23 يوليو المجيدة … إللى شاء من شاء و أبي من أبي … أرجعت حكم المصريين للمصريين بعد 2300 سنة إضمحلال …. و إستعادت مرة أخرى المشروع القومي المصري …. و الهوية المصرية …. رغما عن أنف مروجي أكذوبة الإنقلاب العسكرى زى ما البعض إكتشف ده فجأة !!

إنقلابى وافتخر

لمتابعة تعليقاتكم