المظلومية الفاسدة فى أزمة الضمير !!

14 Nov 2019

المظلومية الفاسدة فى أزمة الضمير !!
————————————-

نفس اللى إتكلمنا عليه من يومين .. يومين فقط .. فى أخر مقال نشرناه ، واللى إتكلمنا فيه عن الثقافة المغلوطة للتعاطى مع مصطلح “الغلبان” سواء من جانب الإعلام أو حتى من المواطن العادى .. علشان نتفاجئ بحادث بشع بيحصل فى إيتاى البارود ، نتج عنه وفاة العديد من المواطنين وإصابة أخرين بحروق من درجات مختلفة … وللأسف .. نفس السيناريو بيتكرر … وطبق الأصل العلقة اللى فاتت ، لا قلم زاد ولا قلم نقص … ونفس التناول المخل لملابسات الحاث .. ونفس التوصيف اللى بــ يتم إسقاطه على أى حد .. توصيف أو مصطلح “الغلبان” !!!

مواطن حرامى ((غلبان)) .. كسر ماسورة وقود .. وأخد اللى هو عايزه .. وبعدين ساب الكسر مفتوح ومشى … وبعدين بعض المواطنين ((الغلابة)) إكتشفوا الموضوع .. وبدل ما يبلغوا .. راحوا جابو جراكن علشان يسرقوا بنزين من الماسورة المكسورة .. و مش كدة وبس .. لكن بلغوا صحابهم وصحاب صحابهم .. و هووب .. وبدأت جحافل من المواطنين ((الغلابة)) ، تتوافد على المكان ، وكل واحد فيهم معاه جركن وإثنين وثلاثة .. واللى جاى بتوكتوك واللى جاى بعربية كارّو محمل عليها جراكن ، واللى جاى بعربية نص نقل .. وطبعا كلهم ((غلابة)) … وماشاء الله .. بدأ كل المواطنين ((الغلابة)) دوول يحملوا البنزين المسروق ده وينقلوه علشان يستفيدوا بيه علشان هم ((غلابة)) !!! … ونلاقى مواطن تانى ((غلبان)) ومش لاقى ياكل ، واقف بيصور اللى بيحصل بكاميرا الموبايل بتاعه … وفى وسط كل جحافل ((الغلابة)) دوول .. ييجى مواطن تانى ((غلبان)) .. ومن غير مايقصد يرمى عقب سيجارة على الأرض كعادة كثير من المصريين ((الغلابة)) أو اللى مش … و هوووب .. الدنيا تولع … ونلاقى كل الناس الغلابة دوول بين موت ، وبين إصابات بحروق نخطيرة.

طبعا على المستوى الإنسانى .. حادث بشع بكل المقاييس … و ربنا يرحم الأموات … ويصبر أهاليهم .. ويعين الأحياء ويعافيهم من إصاباتهم الخطيرة … لكن المشكلة هنا و زى ما ذكرنا فى مقالنا اللى فات ، هى التعاطى الخاطئ مع الحادث ، و تبنى خطاب المظلومية ، والتبرير القميئ لكل اللى بيحصل .. والمزايدات بالدماء بحثا عن مزيد من اللايكات والشير … أيوة هو ده اللى بيحصل بكل أسف … عايز تعمل تريند وتزود التفاعل واللايكات والشير .. خش مصمص شفايفك ، و إتصعبن على أى جريمة ، وحط كلمة ((الغلابة)) فى أى جملة مفيدة .. وقول فينك يا حكومة وفينك ياريس .. وإنت تعمل أحلى شغل … لأنه ثبت بالتتجربة _بكل أسف_ إن ثقافة المظلومية والصعبانيات هى اللى بتعمل تفاعل كبير .. لكن اللى بيتكلم بعقلانية وبيشاور على المشكلة ، ماحدش بيسمع كلامه !!

و زى ما قولنا من يومين فى حديثنا عن التوصيف المجتمعى للبلطجى المخالف لمعايير الصح والخطأ .. و قولنا إن ده هــ يتكرر تانى وتالت وعاشر … فــ أدينا النهاردة أهو بنشوف تكرار للى حصل .. و زى ما كان عندنا شهيد التذكرة .. وشهيد السيجارة .. بقى عندنا النهاردة شهداء الجركن … والكارثة الكبرى ، إن محافظ البحيرة صرح إنه هــ يدفع تعويضات للمصابيين ، ولأهالى المتوفيين … تعويضات إييه يا سيادة المحافظ .. دى جريمة مكتملة الأركان مع سبق الإصرار والترصد !! .. و ده غير إن تكلفة إصلاح خط البنزين اللى إنفجر هــ يكلف الدولة 120 مليون جنيه لإصلاحه !! .. يعنى سرقة .. وإتلاف ممتلكات عامة .. وكمان ياخدوا تعويضات علشان هم ((غلابة)) !!!

والغريب بقى فى شيزوفرانيا المجتمع اللى بــ يبرر للمخطئ ويقول عليه ((غلبان)) … علشان محتاج … وبيتعاطف معاه .. ويوافق ضمنيا على قيامه بأى مخالفة طالما المخالفة دى تخص المال العام .. لكن خلى ((الغلبان)) ده كدة يقرب منه من ممتلكاته أو يسرق موبايله أو يسرق فلوسه .. هــ تشوف وش تانى خالص .. و لو طال يعدمه و هو واقف هيعملها علشان بس يسترد حاجته اللى إتاخذت منه !!

طب ماهو المرافق والممتلكات والأموال العامة دى فلوسنا … يعنى بندفعها من جيوبنا … والإ علشان مش بنحس بيها فى جيوبنا بشكل مباشر تبقى مش بتاعتنا !؟ … طب بالنسبة لأعضاء جمعية عاطف المتعاطف اللى بــ يبرروا حادث إيتاى البارود وبيقولوا أصل الناس ((غلابة)) و مش لاقيين ياكلوا .. و لو إن ده مش الواقع …. لكن ماشى .. أنا موافقكم … تعالوا كدة بقى كلكم .. ونجمع فلوس التعويضات اللى هــ تدفعها الدولة للضحايا .. ونحطها على الــ 120 مليون جنيه تكلفة أصلاح التلفيات .. وتتقسم عليكم وتدفعوها من جيوبكم … ياترى ساعتها هــ تقولوا إييه !!؟؟ .. هتقولوا غلابة برضوا !؟

مرة تانية … البلطجى مش غلبان .. والحرامى مش غلبان .. والمخالف مش غلبان .. واللى بياخد حاجة مش بتاعته مش غلبان .. واللى بيبص للى فى إيدين الناس مش غلبان .. والمتعاطف مع النماذج دى هو مشارك فى جريمة أكبر .. وهنا .. زى ما بنهاجم الأداء السلبى للنماذج المجتمعية اللى مستنية الفرصة علشان تخرج عن القانون .. كمان لازم نقول إن تنفيذ القانون بمنتهى الصرامة هو مسئولية الدولة بكل أجهزتها .. بغض النظر عن حالى الكربلائيات والتباكى اللى بتتعمل كل مرة بحجة إن الشخص غلبان وبياكل عيش !

فى منتصف ثمانينات القرن الماضى .. إنقطع التيار الكهربائى عن مدينة نيويورك لمدة ساعتين نتيجة عطل تقنى فى الكابل الرئيس اللى بيغذى المدينة .. ساعتين بس .. و عنها .. و سجلت المدينة أعلى معدل سرقة فى تاريخ المدينة منذ إنشائها وحتى اللحظة اللى إحنا فيها دى … عارفين لييه !؟ .. لأن اللى كان بيسرق ماكانش الحرامية .. و ماكانش ((الغلابة)) اللى عايزين ياكلوا عيش .. لكن كان معاهم كمان المواطنين العاديين اللى ماشيين فى الشوارع .. وحتى الأطفال .. كانوا بيكسروا الواجهات الزجاجية للمحلات ويسرقوا ويجروا .. لمجرد غياب القبضة الأمنية وتعطل الكاميرات واجهزة الإنذار …

من الأخر … القصة مش قصة ((غلبان)) .. لكن القصة هى الإستعداد الشخصى لمخالفة القانون .. و اللى موجود عند بعض النماذج المجتمعية .. تحت أى مبرر سواء كان مبرر الحاجة أو الضغط النفسى والعصبى أو حتى القمع والظلم .. المهم يكون فيه تبرير أو شماعة يتعلق عليها سبب مخالفة القانون.

و خلينا نقولكم إن العرب زمان أيام الجاهلية .. اللى هم الكفار يعنى … كان عندهم مثل جميل جدا بيقولوه فى ظروف مشابهة .. المثل ده بيقول “تجوع الحرة ولا تاكل بثديها” .. يعنى قمة الفقر والجوع وشدة الحاجة مش مبرر أبدا لمخالفة الأخلاقيات تحت أى ظرف من الظروف .. فما بالك بقى بحادثة زى اللى إحنا فيها دى .. وناس جاية تسرق و هم راكبين تكاتك وعربيات ربع و نص نقل وعربيات ملاكى … و فى الأخر نلاقى المبرر لكل اللى بيحصل ده إنهم غلابة !!؟؟
يعنى الناس بتعيش حياتها حتى لو بالطول و العرض و بتتمنى حسن الخاتمة
و ناس تانية بتجرى بالمشوار عشان تموت محروقة و متفحمة و هى بتسرق …. و المصيبة إنك بــ تلاقي ناس بــ تبرر لها 😞😞😞
دى إييه الخيبة السودة دى 😏😏😏🤦‍♂️🤦‍♂️🤦‍♂️

و أخيراً .. وبنكررها تانى … إحنا متعاطفين إنسانيا مع الحادث … لكن مش ممكن نتعاطف أخلاقيا ولا مجتمعيا ولا قانونا مع بلطجى أو حرامى أو أياً كان .. لما يكون بيسرق ويبلطج وبعدين يستخبى خلف الجملة السحرية الى أصبح بــ يتم إستخدامها لتبرير إرتكاب الخطأ مهما كان .. جملة “معلش أصله غلبان” … وياريت ماحدش يزايد ويقول إشمعنا يعنى دوول .. طب ماتشوف الكبرات والأغنياء اللى بيسرقوا … لأنك فاهم كويس ياعم المزايد .. المنطلق اللى إحنا بنتكلم من خلاله … وكله بيمشى بالقانون .. واللى عايز .. ممكن يدخل على موقع الرقابة الإدارية بنفسه ، وهو يشوف كم القضايا المضبوطة .. والإدانة بدون أى تفرقة .. من اول الوزير لحد الغفير !

حفظ الله مصر وشعب مصر

موقع الرقابة الإدارية:

لمتابعة تعليقاتكم