الإختيار .. و فخ إبن تيمية !!

18 May 2020

الإختيار .. و فخ إبن تيمية !!
—————————

بقالنا يومين او ثلاثة جاى على بالنا الفنان أحمد رزق و هو بيكلم الريس برايز فى مشهد من فيلم “فيلم ثقافى” و بيقول له “أيوة يا برايز ، بص بقى ، الموقف إتغير دلوقتى خالص” .. و ده لأن الوضع الحالى اصبح كوميدى جداً ، بعد الحلقتين اللى إتعرضوا فى اليومين اللى فاتوا من مسلسل الإختيار ، واللى كان فيهم حديث عن إبن تيمية !

لييه بقى !!؟؟ .. لأن بعد ما كان كل مؤيدى الدولة والقوات المسلحة المصرية ، وبعض من يطلق عليهم الدولجية ، مؤيدين بشدة للمسلسل .. فى حين إن الإخوان وكل مراكيبهم ، وكل المتأسلمين بيهاجموا المسلسل بضراوة ، وبيقولوا إنه بيشوه الدين .. فجأ كدة إنقلب بعض (وليس كل) المؤيدين ، على المسلسل ، و منهم من أقسموا بأغلظ الأيمان إنهم نادمين على متابعنه .. فى حين إنقلب الإخوان ومراكيبهم وكل المتاسلمين من عشاق اللغط الدينى ، ولاحسى اعتاب ولاعقى احذية الأسياد فى تركيا ، و لقنواتهم التحريضية .. واصبحوا بيفتخروا بالمسلسل اللى جاب التايهة ، وأظهر الحق و رد لإبن تيمية حقه !!

من ضمن الناس دى واحد زى المسمى “عبدالله رشدى” على سبيل المثال لا الحصر ، و اللى اللى إمتلك قدرا من الصفاقة ، إنه يطلع فى فيديو يمدح فيه المسلسل ، ويثنى على اللى إتقال فيه .. ويؤكد على إن فكر وفقه إبن تيمية إتفهم خطأ ، وإن الإرهابيين الوحشين الأشرار إجتزئوا فتاويه من سياقها التاريخى .. برغم إنه الشخص ده هو واللى زيه ، مافيش حد فيهم أخذ على عاتقه إنه يقوم بتصحيح المفاهيم الخاطئة على حد قولهم ، لمجموع خرفان متابعيهم ، ويحاولوا يوضحوا لهم هذا التلفيق الدينى التاريخى واللى إنعكس عل واقعنا المعاصر .. ويبقى قضيتهم ، دحر هذا المفهوم الخاطئ القائم على سفك الدماء ، و اللى فعلا بــ يشوه الإسلام .. ده لو هم قضيتهم الإسلام بجد يعنى مش حاجة تانية … لكن كل اللى بيعمله هو واللى زيه لما يبقى فيه عملية إرهابية ، إنهم يطلعوا يرتدوا مسوح الضأن ، ونشوف فى عنيهم دموع التماسيح ، وهم بيمصمصوا شفايفهم على خيرة شبابنا وجنودنا وكل الأبرياء اللى بتموت على إيدين ناس تربّت على هذا الفكر العفن .. فكر القتل والدمار ! .. و كل واحد من مدعى التدين والوسطية دوول يقول كلمتين مقتضبين على صفحته .. بس كدة .. و دمتمتم !!

طبعا كل بهاليل “رشدى” ده هــ يدخلوا يهاجمونا ، و يشتمونا بأقذع الألفاظ .. لكن عادى .. هو ده تمامهم .. وهى دى حقيقة فكرهم وتدينهم اللى إتعودنا عليه وعايشناه وشوفناه على مدار سنين … و عموما ده مش موضوعنا .. لكن موضوعنا هو حالة اللغط اللى حصلت .. واللى لازم نوضحها

مبدئيا .. حالة اللغط الواسع دى ، أثبتت إن المسلسل ناجح بكل المقاييس .. و بــ يحظى بنسبة مشاهدة أكبر من اللى كان متوقع بكثير … مش فى أوساط المؤيدين للدولة فقط .. ولكن حتى بين المعارضين للنظام فى وضعه الحالى ، وحتى بين من يحملون الفكر الإرهابى التكفيرى جواهم ، بس ظاهرين بمظهر الشخص الكيوت .. الشخص اللى إتكلمنا عنه فى مقال سابق .. نموذج “الإخوانى معتصم” اللى مستنى الفرصة تجيله علشان يقتلك ! .. ناهيك طبعا عن بتوع شعار “أنا مش إخوان بس باحترمهم” .. و “أنا مش إرهابى ، بس الإرهابى إنسان وله حقوق” .. !

الناس اللى زعلانين بقى إنه تم ذكر إبن تيمية بأسلوب (يبدو) إن فيه تبرئة لساحته … إنت بجد زعلان علشان كدة !؟ .. إنت زعلان علشان المسلسل بــ يلم المغيبين من على حجر التكفيريين ، ويجيبهم فى حضن الدولة !؟ … إنت زعلان علشان المسلسل بيقول لهم مش ده إله العجوة بتاعكم .. طب ياسيدى هو كويس و جميل ، بس إنت فهمت فكره غلط ، وبتطبقه غلط ، وماشى وراء ناس سايقينك زى الخروف ، و آن الأوان إنك تفوق من الغيبوبة الفكرية اللى إنت فيها دى !؟ .. إنت زعلان علشان المسلسل بــ يفك الإشتباك ، وبيوجه الطاقة الخلافية كلها ، ناحية القطبيين ، وفكر سيد قطب وجماعته المارقة ، كلاب أهل النار وخوارج العصر ، وبدل ما يبقى خلافك مع ملايين من بتوع أصل التاريخ وأصل التأصيل وأصل لحوم العلماء مسمومة و … وكدزة …. يبقى خلافك مرحليا مع بضعة ألاف من الإخوان وشوية التكفيريين ، اللى ظهرهم و مددهم الوحيد ، هو جموع المغيبين اللى الجماعات دى بيلعبوا على عقولهم دايما بإسم المؤامرة على الدين ، وبإسم الجهاد !؟ ..

الموضوع أكبر بكتير من إن أى حد ياخد الأمور بسطحية …
إنت بتتكلم عن عمل فنى .. نجح إنه يربط الدراما بالواقع فى توثيق رائع لحقبة زمنية عشناها كلنا ، و ربط ده كله بأشخاص حقيقين من لحم ودم .. وهــ يفضل المسلسل ده وثيقة درامية و واقعية علشان يشوفها أولادنا واحفادنا ، ويستشهدوا بيها لسنين طويلة ! …
إنت بنتكلم عن قوة ناعمة بتتسلل للفكر ، وبتضرب بقوة فى أفكار إترسخت فى عقول مغيبة على مدار عقود وليس سنوات ، ومن الصعب إنتزاعها بالقوة إلا لو فصلت الرأس نفسه عن الجسد .. وده مستحيل إنك تقدر تعمله مع مئات الألاف من الناس !

معلش أعذرونا لو فيه حد كان فاكر إن المقال ده ، هــ يقولك إبن تيمية كويس ، أو إبن تيمية وحش .. ده مش دورنا خالص ..، ولا هــ نسمح لنفسنا إننا ننزلق فى الفخ ده ، وندخل فى جدال فقهى و تأصيل تاريخى حول ماهية هذا الرجل ، وتقييمه فقهيا ، وتقييم اهل العلم ورجال الدين له فى عصره وما بعده .. .. لأن ده هــ يبعدنا عن الفكرة الأصلية اللى بنتكلم فيها … فكرة إن عمل فنى ، له كل هذا الصخب المجتمعى والجدل الدينى والسياسى ، يحرك الماء الراكد ، ويخلق جدال حول شخصية خلافية ، يراها البعض صورة من ملائكة الرحمن الذين تتنزه أعمالهم عن الخطأ و النقصان .. ويراه البعض الأخر شيطان رجيم يحمل وزر كل روح أزهقت بسبب فتاويه … لأن كلا الفريقين ، هــ يحاول يبحث ويدور على الحقيقة من مصادرها … و ده فى حد ذاته قمة النجاح ..

بالنسبة لينا إحنا .. فــ زى ما القاعدة الفقية بتقول إن “الحلال بيّن ، والحرام بيّن” .. نفس الشيئ كمان بالنسبة لأى فكر بــ يظر ويبان نتائجه ، سواء كانت فى توجه عام … أو فى صفة فكرية و نمط حياتى يرتبط بأتباع الفكر ده …
و إبن تيمية بالنسبة لنا يتلخص فى إجابة لسؤال واحد فقط … إشمعنى هو اللى دوناً عن كل العلماء والمفكرين اللى فقهه وكلامه إتفهم غلط .. حتى فى عصره نفسه .. بل وتحول الفكر ده لمصدر ومنهل لكل التكفيرين ومن يطلق عليهم الجماعات الجهادية ، ويتامى حسن البنا المؤمنين بفكر سيد قطب الخرف !!؟؟ … بيتهيألى إن الإجابة سهلة .. وأبسط من إننا نغرق بسببها فى إشكالية جدلية لا هــ تقدم ولا هــ تأخر فى شيئ .

يعنى من الأخر بلاش نسقط فى الفخ زى كل مرة .. وخليكم زى الدولة المصرية .. مكملين فى سكتكم وناحية هدفكم ، من غير ما تنشغلوا بالدوشة اللى حواليكم .. ولازم نبقى فاهمين .. إن تصحيح وتقويم الفكر المجتمعى ، مش دور الدولة فقط .. ولكن دورنا كلنا .. دور كل واحد فينا فى نطاق محيطه المجتمعى .. و لو كل واحد فينا إشتغل على كدة .. فيه أشياء كتيرة أوى ممكن تتغير !

ملحوظة:
صورة المقال رسالة واضحة .. تمنى إنها تكون وصلت لكل الأصدقاء 😉🙂

حفظ الله مصر وشعبها من الشر واهله وأعوانه

لمتابعة تعليقاتكم