مصر .. و ليبيا .. و السد … !!

01 Jun 2020

مصر .. و ليبيا .. و السد … !!
——————————

العديد من أصدقائنا كتبولنا على الخاص بــ يسألونا عن اللى بيحصل فى ليبيا واللى بيحصل فى جنوب السودان واللى بيحصل من اثيوبيا فى موضوع سد النهضة … والبعض منهم كان خايف من اللى بيحصل .. والبعض شايف إن مصر ساكتة و مش بتعمل حاجة .. والبعض على ثقة إن مصر هــ تعدى الأزمة بس قلقان من اللى هو شايفه !

والحقيقة إن لا دوول ولا دوول ولا دوول نقدر نقول إنهم شايفين حاجة .. لأن الصورة الحقيقية مش هى اللى بتعكسها عناوين المانشيتات الصحفية ، ولا اللى بــ تتصدر الأخبار فى المواقع الإخبارية .. وحتى لو سلمنا جدلاً إن اللى إحنا بنسمعه ونشوفه بــ يعكس الواقع ، فــ مافيش حد فينا يعرف حقيقة ما يتم .. ولا إييه هو المجهود اللى إتعمل واللى وصل بالصورة لما هى عليه ! ..

فى حقيقة الأمر إن مصر حاضرة .. وحاضرة بقوة كمان فى كل الأحداث اللى بتحصل .. وإذا كان ماحدش يقدر يدعى إمتلاكه لمصدر المعلومة اللى جاية من قلب الدوائر والغرف المغلقة .. لكن بتحليل الصورة والأحداث .. وبالإستنتاج .. ممكن نوصل لحقيقة طبائع الأمور .. وعلشان نعمل كدة .. لازم نرجع شوية صغيرين للخلف .. لحد 2011 و 2013.

فى البداية لازم نعرف إن حدود الأمن القومى المصرى تقع فى شبه دائرة تبدأ من طهران شرقاً إلى المغرب و مضيق جبل طارق غرباً .. و من هضبة الأناضول وجنوب أوروبا شمالا ، إلى بحيرة فيكتوريا وهضبة الحبشة جنوباً !! .. زى ما أنتم شافين فى الخريطة كدة !

وفى سنة 2011 ، المؤامرة على مصر وصلت لقلب ميدان التحرير .. بل تخطت ذلك و وصلت فى 2012 لقلب قصر الرئاسة نفسه ، و مع نهاية 2013 بعد التمكن من إزاحة الإخوان من قصر الرئاسة وفض إعتصام رابعة الإرهابى كانت الأوضاع فيما يخص الملفات الأهم فى نطاق الأمن القومى المصرى وصلت للأتى:
– سيناء تعج بالألاف من الإرهابيين ، واللى بنوا لهم بنية تحتية وقواعد على الأرض
– تحويل مسار نهر النيل و بناء جزء كبير من سد النهضة
– العراق فى خبر كان وممزقة بين الدواعش والتيارات الموالية لإيران
– أكثر من 80% من سوريا فى يد الدواعش
– ليبيا بالكامل تقريبا فى يد المليشيات المسلحة
– السودان فى يد نظام إخوانى يهدد مصر حتى و لو بشكل غير مباشر
– اليمن منهار ، ومضيق باب المندب مهدد
– البحر المتوسط فى حالة تهديد كامل بضياع ثروات مصر البحرية

اللى حصل بقى إنه فى خلال السنوات الماضية ، ومع رسوخ اقدام مصر ، وتنامى قوتها السياسية والعسكرية والإقتصادية .. واللى إتكلمنا عنها فى عشرات المقالات ، ولا مجال لإعادة كل كلمنا عنها هنا .. اللى حصل إن كل المشاكل والتهديد اللى فى محيط الأمن القومى المصرى بدأ يتجه سياقه فى الإتجاه اللى بــ يصب فى مصلحة مصر … طب هل ده صدفة .. أكيد لأ ..

يعنى مثلا الرئيس السيسى فى الأمم المتحدة ، طلع وإتكلم بمنتهى القوة وقال فيما معناه إن كل من يراهن على إن المليشيات المسلحة هــ يكون لها دور فى حكم سوريا ، هو واهم وخاسر .. واللى حصل بالفعل هو إنحسار لسطوة كل التيارات والفرق الإرهابية .. و مش كدة وبس .. لكن وقت ما روسيا طلبت تدخل مصر فى ملف المعارضة .. مصر طلبت انهم يجتمعوا فى مصر وكلهم وافقوا واجتمعوا فى القاهرة بعد 48 ساعة .. و ده مالوش معنى غير إن مصر كانت حاضرة بقوة على الأرض فى الملف السورى ، وإنها تمتلك من الرجال والأليات والإتصالات مع كبار الرموز اللى تخليها تقدر تلم الأضداد بمجرد الدعوة لذلك .. بل أكثر من ذلك .. إن مصر هى الوحيدة اللى كانت الضامن في اتفاقيات وقف اطلاق النار و المناطق الامنة و هى الوحيدة اللى الكل التزم بما اتفقت عليه .. بعد فشل عشرات الاتفاقات قبل كده بتدخل معظم دول المنطقة و اوروبا

و مش كدة وبس .. لكن حتى لما حصل تحالف لضرب سوريا ، التحاف ده إتفشكل وباظ بمجرد إعلان مصر عن عدم مشاركتها فى التحالف ده ، وإنها ضده …
و ده كمان غير إن الرئيس السورى والروسى الإثنين ، شكروا مصر فى أكثر من مناسبة على دورها فى سوريا .. فى الوقت اللى مصر إلتزمت الصمت تماما ، وعمرها ما قالت هى بتعمل إييه ، ولا إييه هى الكروت اللى فى إيديها فيما يخص الملف السورى

حاجة كمان فيما يخص الملف العراقى .. إنه لما توقفت إمدادات شركة أرامكوا السعودية من المنتجات البترولية لمصر .. فى خلال 48 ساعة كانت مصر بتعلن عن إتفاق مع العراق ، خلاصته إن مصر هــ تستورد كل إحتياجاتها من البترول من العراق لتعويض النقص اللى أحدثه توقف شركة أرامكوا .. و ده أكيد مش وليد الصدفة .. ولا مصر نامت بالليل ، وصحيت الصبح تخبط على باب العراق ، وتقول لهم يا أهل الله ياللى هنا ، تعالوا إعملوا معانا إتفاق .. لأ طبعا .. ده ماكانش له معنى غير إن مصر حاضرة فى العراق وبقوة .. ولها كروت وتواجد يمكنها من الإستفادة من هذه الكروت والعلاقات !

نفس القصة بالنسبة للملف الليبى … واللى مع بداية ظهور شخصية المشير خليفة حفتر قائد الجيش الليبى على مسرح الأحداث .. كان المرجع الأول له هى مصر ، وكانت أول زيارة خارجية له هى مصر ولقائه مع الرئيس السيسى و وزير الدفاع وقيادات الأجهزة الأمنية المصرية .. ثم التنسيق على أعلى مستوى لضرب الإرهابيين ومعسكراتهم فى الأراضى اليبية .. وتسليم عناصر خطيرة زى هشام عشماوى وغيره … ثم بدأ تحرير الأراضى الليبية من الشرق إلى الغرب ، لحد ما وصلنا للوضع اللى إحنا فيه النهاردة .. و ده ملوش معنى غير إن مصر برضوا حاضرة بقوة فى ملف ليبيا .. و ده اللى ظهر بوضوح فى التواجد المصرى فى المفاوضات الأخيرة فى ألمانيا ، واللى كانت فيها مصر نجمة المفاوضات رغم إعتراض تركيا وقطر على تواجد مصر

ملف سيناء كلنا عارفين إحنا وصلنا فيه لحد فين .. وبعد ما كان الإرهاب بيمرح فى سيناء ، النهاردة لو عملوا عملية خاطفة بعبوة ناسفة مفخخة تستهدف جنود أو مدرعات .. بيرقصوا على سعدهم ، وبيقولوا إحنا عملنا البدع !!

ملف الترسيم البحرى .. وإتكلمنا فيه وأفضنا لحد ما وصلنا للى إحنا فيه النهاردة.

سد النهضة كمان ، مصر عملت فيه كل الممكن ، وقيدت أثيوبيا بإتفاق إعلان المبادئ .. الإتفاق اللى الإخوان ضحكوا على الكثيرين بالحديث إنه مصر بموجب الإتفاق ده إتنازلت عن حصة مصر التاريخية فى مياه النيل .. برغم إن نفس الإتفاق ده هو اللى حاطط أثيوبيا فى مأزق النهاردة ، وهو كان أكبر داعم لموقف مصر فى مسار واشنطن ، لأن إتفاق إعلان المبادى ينص على إن أثيوبيا مش من حقها تبدأ تخزين المياه خلف السد بدون موافقة مصر .. وهو ده اللى مجننهم ، وسبب التخبيط اللى هم بيعملوه فى كل الإتجاهات ، وتهديدهم العلنى بإنهم هــ يبدأوا فى ملئ السد بدون موافقة مصر ، وحالة الصراخ والعويل وإستباق الأحداث إن مصر هــ تتدخل عسكرياً .. لأنهم متحزمين بإتفاقية دولية بتعطى مصر الحق فى الدفاع عن نفسها وقت اللزوم ..

المسار السودانى كمان ، يسير فى المسار اللى بــ يصب فى مصلحة مصر .. وعلشان كدة أثيوبيا بدأت تهبش فى السودان ، الطرف الأضعف ، كعملية إستفزاز ، طمعا فى إن مصر ترد عسكرياً علشان تبدأ حملة العواء والكربلائيات اللى تم الإعداد لها بكل دقة … لكن مصر ولا على بالها .. وعارفة هى هــ تعمل إييه و هــ تتصرف إزاى .. لأن اللى يقدر يعمل ما بيقولش !

ده مجرد ملخص سريع ، وهى دى المدرسة المصرية .. مدرسة الصمت والصبر الإستراتيجى …
مصر مش بتاعة شوو .. مصر بتتحرك بمنتهى الثقة والقوة والصلابة … صحيح مصر مش اللاعب الوحيد .. ولا هى الدولة العظمى اللى ماسكة بدفة الأحداث .. لكن مصر عندها من القوة والحكمة والذكاء ، ما يمكنها من إدارة الأمور .. وتوجيه الدفة لما يتوافق مع مصلحة أمنها القومى لأقصى درجة ممكنة ..

ويكفى إن مصر قدرت تحرك المؤامرة ، و مركز التهديد لأمنها القومى ، من قلب قصر الرئاسة فى القاهرة .. لأطراف المجال الحيوى لأمننا القومى .. و بدل ما كانت مصر شبه موجودة فى إيديهم .. فــ دلوقتى كل اللى بيقدروا يعملوه إنهم يخنقّوا عليك من بعيد لبعيد .. وعلشان كدة .. فــ بيتهيألى .. بعد الكلام ده مافيش كلام تانى ممكن يتقال .. و ياريت ماتشغلوش بالكم باللى بــ يتقال لأنه لا يعكس حقيقة الأمور ، وكمان بلاش تحمّلوا نفسكم أكثر مما تحتمل .. لأن مصر عارفة كويس هى بتعمل إييه … و كان الله فى عون القيادة السياسية على حجم التحديات اللى بيخوضوها من أجل مصر ..

حفظ الله مصر وشعب مصر …

لمتابعة تعليقاتكم