مصر واللعبة السياسية والصمت الإستراتيجى !!

20 Jul 2020

مصر واللعبة السياسية والصمت الإستراتيجى !!

——————————————–

الرئيس السيسى أثناء لقائه مع ممثلى القبائل الليبية قال فيما معناه إن مصر إلتزمت الصمت طوال 6 سنوات كاملة ، وتركت الليبيين يقرروا .. وتركت كل الأطراف تعمل اللى هى عايزاه ، لكن الوضع وصل للحد اللى مصر فيه لازم تتدخل وتقول كلمتها …

والحقيقة إن الكلام ده يقودنا لتساؤلات البعض من المصريين عن لييه مصر فضلت ساكتة لحد ما الموضوع تفاقم كدة (تفاقم من وجهة نظرهم طبعا) .. وياخدنا أكثر لأراء السادة خبراء “الفيس بؤس” الإستراتيجيين اللى بيرسموا ويخططوا سياسات الدولة ويدلوا بدلوهم عن كيفية إدارة الأزمة من قلب غرف عمليات الفيسبوك ومواقع السوشيال ميديا .. واللى شايفين إن اللى بيحصل ده دليل على فشل مصر فى إدارة الإزمة وإدارة الملفات الخارجية ، وإن مصر كان لازم تتحرك من بدرى ..، رغم إن الخبير من دوول ، اللى بيعدل على سياسات الدولة وبينتقدها ، مش عارف أصلا يحل مشاكل بيته ، أو يحل مشكلته مع بواب العمارة اللى هو ساكن فيها !!!

الدولة المصرية تمتلك ثلة من الخبراء الحقيقيين اللى بــ يديروا ملفات الدولة والأزمات اللى بتواجهها بمنتهى الإحترافية ، بناء على دراسة مستفيضة وفهم عميق ومعلومة كاملة لكل ما يتعلق بالتحديات اللى بتواجه الدولة المصرية _وحط تحت معلومة كاملة دى مليون خط_ .. و يمكن ده اللى قاله الرئيس السيسى فى أحد اللقاءات من كذا سنة ، لما قال إننا (الدولة المصرية) شايلة مسئولية 100 مليون مواطن ، وماعندناش إستعداد إننا نضيعهم نتيجة لحسابات خاطئة !

و مع إقتناعنا بإن فيه حالة من الترصد للدولة المصرية من قوى الشر .. فــ فى حالة القرارات الخطيرة ، اللى ممكن ينتج عنها تداعيات أخطر .. بــ نلاقى الدولة المصرية بــ تنتهج ، زى ما قولنا قبل كدة سياسة الصبر أو الصمت الإستراتيجى .. واللى بتجبر الخصم إنه يجيب أخره .. وفى نفس الوقت بــ تكون مصر قفّلت كل المداخل اللى ممكن أى قوة تنفذ من خلالها … ولو إستلزم الأمر التحرك خارج الحدود ، بــ تبقى معانا الشرعية الكاملة للتحرك ده .. واللى بتكون قبله مصر فازت خلف الكواليس فى معركة سياسية ومخابراتية تخلى التحرك ده ، شرعى ومعاه تأييد بنسبة 100% .. حتى لو كان التحرك ده على غير رغبة بعض المؤيدين فى الظاهر من القوى الدولية لهذا التحرك !

لو رجعنا للتاريخ .. هــ نلاقى مثلا إنه فى حرب 56 .. وبغض النظر عن الإنذار الأميريكى الروسى المشترك .. مصر كسبت الحرب سياسيا وليس عسكريا .. وقدرت فى النهاية تعمل اللى هى عايزاه .. فى حين إن فى حرب 67 ، كان الفخ السياسى من الأصدقاء قبل الأعداء ، واللى إنزلقنا فيه ، أظهر مصر فى شكل الدولة المعتدية اللى بتتعدى على حق دولة أخرى فى الحياة .. وعلشان كدة وقتها الكل تخلى عنك !

مصر بعدها وعت الدرس تماما .. وعلشان كدة لما نفتكر حرب 73 .. وبرغم إنها كانت لتحرير أرضنا من محتل غاصب .. لكن هــ نلاقى إن بيان العبور اللى قال إن مصر نجحت فى عبور قناة السويس وإقتحام خط بارليف كان هو البيان رقم 7 … يعنى كان فيه قبل منه 6 بيانات أخرى .. طب البيانات دى كانت بتقول إييه !؟ .. كانت بتقول يا سيدى إن إسرائيل هى اللى بتعتدى علينا ، وإن فيه تشكيلات من قوات العدو بتهاجمنا ، وإن الجيش المصرى بيتصدى للهجوم ده .. برغم إن الهجوم المصرى كان مفاجئ ، وإن قواتنا كانت بتقطع حرفيا فى القوات الإسرائيلية ، وإننا إحنا اللى كنا البادئين بالهجوم … طب ده معناه إييه !!؟؟ .. معناه إن أى تحركات عسكرية حتى لو كانت عن حق ، لازم يكون لها غطاء سياسى ومبرر أخلاقى ..

و على فكرة .. ده اللى عملته الولايات المتحدة الأميريكية فى حربها على العراق فى 2003 .. برغم إنها كانت القوة العظمى وقتها .. وبرغم إن ماكانش حد يقدر يقف قصادها بعد عملية سقوط البرجين .. لكنها أوجدت المبرر الأخلاقى لغزو العراق بموضوع اسلحة الدمار الشامل .. وقدرت تحشد الرأى العالمى كله .. وتعمل تحالف .. وبالتالى تحقق الغطاء المطلوب من الشرعية الدولية … صحيح الغطاء ده كان مبنى على كذبة كبيرة .. لكنه فى النهاية كان الغطاء الشرعى اللى إتحركت من خلاله كل طيور الظلام للفتك بالعراق والسيطرة مش بس على مقدراتها .. ولكن على مقدرات المنطقة كلها

لو رجعنا تانى لملف سد النهضة والملف الليبى ، هــ نلاقى إن مصر تعاملت مع الملفين دوول بمنتهى الحنكة والذكاء والهدوء … هدوء الواثق القادر اللى بــ يمتلك مفاتيح و أدوات الحل فى إيديه .. ولو ركزنا شوية بحيادية ومنطقية .. هــ نلاقى إن التصعيد فى الملفين دوول ، واللى خلق حالة القلق عند الرأى العام المصرى ، كان إعلامى بالدرجة الأولى .. وبالذات من الإعلام المعادى .. برغم إننا زى ما قولنا قبل كدة إن اللى بـــ يقدر يعمل ، مابيقولش .. و إن اللى بــ يهاوهاو طول الوقت ، بيبقى مش عن قدرة ، ولكن بهدف إستفزازك للسقوط فى الخطأ قبل ما تستكمل نسج شباكك حواليه

يعنى على سبيل المثال فى الملف الأثيوبى .. هــ نلاقى إن التصعيد كان من الجانب الأثيوبى .. وبتصريحات غير مفهومة وغير مبررة .. زى مثلا …. إحنا نقدر نحشد مليون مقاتل !! … طب وتحشد لييه ياعم ، هو انت حد جه جنبك … إحنا عندنا القدرة على حماية السد من أى تهديد !! …. تهديد إييه يا عم إنت ، هو حد هددك وإلا لمسك … لو ضربتم السد هنضرب السد العالى !! … طب بغض النظر إنك ماتقدرش تضرب السد العالى ، لكن هو حد قالك إننا هــ نضرب السد … أنا ليا مطلق الحرية فى ملء السد !! .. طب بس بالراحة على نفسك ياعم أحسن يجيلك شوجر … أنا هــ أملأ السد !! … طب ما تتفضل فى الصالون … أنا هــ أملا السد أهو !! … طب ياسيدى إتوكل على الله … أنا بدأت الملء أهو !! …. ياراجل قول كلام غير ده ، طب إحلف كدة .. لأ والعشرة دول أنا لسة ما بدأتش الملء ، ومش هــ أعمل كدة غير لما نتفق !

طبعا البراجراف السابق هو مجرد سخرية لتوضيح اللى عملته أثيوبيا .. و لكن فى المقابل مصر كان بترد بنفس المعنى اللى ذكرناه لكن بتصريحات إحترافية من الخارجية المصرية وبشكل مؤسسى ، وبإجراءات تصاعدية .. وبتستكمل الغطاء الشرعى لأى تحرك عسكرى محتمل ممكن تقوم به مصر لو تطلب الأمر التحرك ده … بنقول لو تطلب الأمر ده .. يعنى ممكن مايحصلش .. و هو ده هدف الدولة المصرية .. إننا مانضطرش إننا نتحرك عسكريا .. لأن حتى لو كان عندنا القوة والقدرة على الحسم العسكرى السريع والحاسم (زى ما قال الرئيس السيسى بالنسبة للملف الليبى) .. لكن يبقى الخيار السلمى السياسى هو الخيار الأول للدولة المصرية .. لأن الحرب مش نزهة .. ولها ثمن ..

و ده يرجعنا تانى لكلام الرئيس السيسى اللى قاله من كذا سنة إننا ماعندناش إستعداد نضيع مستقبل ملايين المصريين نتيجة لحسابات خاطئة … فــ ياريت بقى السادة الخبراء ينقطونا بسكاتهم ، وبلاش إفتاءات .. و يهدوا شوية كدة ويعرفوا إن إدارة الدول ، وبالذات إدارة فقه الأزمات ..، له رجاله .. و عمره ما بيتم من خلال مواقع التواصل .. ولا بــ يتم التحشيد له باللايكات والشير !

و ناهيك طبعا عن التوجيه المعنوى للإعلام المعارض …، و هو ماله ومال ليبيا ، ومش كان اولى يخلى باله من أثيوبيا .. و سايب مسألة تعطيش الشعب ورايح يحشد فى ليبيا … الخ الخ … يعنى نفس اللى كان بيتقال لما عملنا قاعدة محمد نجيب ، وقالولك سايب سيناء ورايح يعمل قاعدة فى الغرب …. واللى لو كان الموضوع إتعكس .. وكانت مصر حشدت فى مواجهة اثيوبيا .. كنت هــ تلاقى نفس الأبواق المعادية دى ، بتقولك .. هو رايح يتشطر على أثيوبيا الضعيفة .. هو يعنى علشان الناس دى عايزة تعمل تنمية نعمل فيهم كدة .. ماهو اصل جيش المكرونة والجمبرى ما يقدرش يتحدى الجيش العثمانى ألخ ألخ ألخ … والمشكلة إننا بنشوف ناس من المؤيدين ، بتنزلق خلف الهراء ده ، وبتردد نفس التراهات دى ، إما عن جهل .. أو إنها بتتسحل وراء التريند .. زى ما قولنا فى مقال “حضرة المواطن المايع” اللى نشرناه من شهرين تقريبا

الدولة المصرية بــ تتعامل مع كل ملف على قدر حجمه .. و عارفة كويس إييه التصرف الصحيح اللى لازم يتم إتخاذه فى مواجه كل تحدى .. بدون الحاجة للسادة الخبراء إياهم .. فــ ياريت للمرة المليون نثق فى الدولة المصرية بــ إدارتها الحالية .. واللى أثبتت على مدار السنين الماضية ، إنها أهل للثقة فى كل الملفات والتحديات اللى خاضتها سواء كانت خارجية أو داخلية .. وإن وجهة نظرها كانت دايما هى الأصوب .. وبالذات على المدى البعيد !

حفظ الله مصر .. وشعب مصر

لمتابعة تعليقاتكم