المقاطعة … و حرب التجييش الأعمى !!

28 Oct 2020

المقاطعة … و حرب التجييش الأعمى !!

————————————-

خلينا نتفق فى البداية إن أى إساءة لسيد الخلق محمداً صلى الله عليه وسلم مرفوضة رفضا باتاً … وأى حديث عن حرية التعبير هو حديث من قبيل الهراء الفكرى والإستهلاك الدعائى لفكرة حموم البتنجان اللى بــ يتم الترويج ليها عاطل مع باطل وكأنها كارت احمر ممكن أى حد يشهره فى وجه اى حد علشان يحتمى خلفه ويقدر من خلاله يمارس أى هراء .. متجاهلا المبدأ اللى بيقول إن حريتك تنتهى من حيث تبدأ حرية الأخرين !

وكمان خلونا نتفق إن الحديث عن إن دى ثقافتهم ، و همّ بيتريقوا كمان على كل الديانات وبيسخروا من المسيح ، وماحدش فتح بقه .. ده برضوا كلام من أنواع المسكنات الغير مقبولة .. لأن بالنسبة لنا إحنا فــ السخرية من المسيح أو من أى نبى من الأنبياء هو امر غير مقبول أيضا .. والدين حثنا على عدم قبوله من باب النهى عن المنكر .. وأكيد مافيش منكر أكثر من السخرية من الأنبياء المكرمين اللى العقيدة الإسلامية تجلهم وتحترمهم . والرسول نفسه قال عن الأنبياء إنهم إخوته زى ما قال على سيدنا يونس بن متى !

وإذا كانت حرية التعبير مقطعة بعضها أوى كدة يعنى .. طب أوّمال موضوع معاداة السامية ده إييه .. وليه الجريدة إياها مش بتسخر وتستهزأ بمعتقدات أسمهم إييه دوول ولاد العم .. وإلا هى حرية التعبير بتمشى على سطر وتسيب سطر !!؟؟ .. طب خليهم كدة بس يجربوا مرة .. و هــ نشوف الجريدة دى هــ تفضل زى ماهى ، وإلا هــ يتحط جنب إسمها كلمة “سابقا” !!

الكلام السابق ده كلنا متفقين عليه ، وماحدش يقدر يقول عليه نص كلمة … و لــــكــــــن …..

و حط تحت كلمة “لـــكــــن” دى مليون خط ..

إحنا مش ممكن نسمح إننا نكون لعبة فى إيدين عصابة إرهابية دولية من تجار الدين إعتادت على إستخدام الدين كستار لتحقيق مصالحها السياسية والإقتصادية .. ولا هــ نوافق على تكميم عيوننا وأنوفنا بشعارات دينية براقة ، علشان نبقى مجرد مطية يتم إمتطائها من تجار الدين دوول وتحويلنا إلى جيش أعمى ينساق وراء شعاراتهم الكاذبة لخدمتهم وخدمة أغراضهم القذرة

حملة المقاطعة اللى شغالة على مواقع التواصل ، وبتقودها اللجان الأليكترونية بمنتهى الكفائة .. وصفحات ممولة ، و مئات الألاف من البوستات و التعليقات من حسابات وهمية .. واللى قدرت تسخن الناس إستغلالا للعاطفة الدينية .. هــ تأذى أول ما هــ تأذى ، الشركات والمصانع المصرية والعمالة المصرية اللى بتنتج منتجات مصرية تحت العلامة التجارية للشركات الفرنسية .. والموضوع ده مش محتاجين نشرحه ولا نتكلم فيه لأننا كلنا فاهمين الفرق بين منتج مصرى “Made In Egypt” .. ومنتج فرنسى مستورد “Made In France” .. وناهيك طبعا عن إن نسبة إستيراد مصر للخامات والمنتجات الفرنسية لا تمثل أكثر من 0.3% من حجم الصادرات الفرنسية … يعنى لما تقاطع 100 سنة قدام ، ولا هــ تهز شعرة فى إقتصاد فرنسا .. لكن التاثير الحقيقى هــ يبقى علينا إحنا كمصر ، لأن إنتاج الشركات المصرية دى يمثل جزء من الناتج المحلى المصرى اللى فاتح بيوت ناس بــ مئات الألاف ..

قاطعوا المنتجات الفرنسية علشان بــ يسيئوا للرسول ، وإستبدلوها بالمنتجات التركية .. قاطعوا المتجات الصينية علشان بيقتلوا المسلمين ، وإستبدلوها بالمنتج التركية .. قاطعوا البضائع الأميريكية علشان بيقتلوا المسلمين ، وإستبدلوها بالمنتج التركى .. طب وبالنسبة للى بتعمله تركيا فى العراق وسوريا وليبيا و اللى كانوا بيعملوه فى سيناء وبإعتراف رئيسهم فى خطاب رسمى .. ياترى هم بيقتلوا مين .. كفار قريش مثلا ، .. وإلا يكيونوش بــ يبيعوا سبح !! .. طب ياترى تركيا ماقفلتش توكيل سيارات رينو فى تركيا لييه !؟ … طب اللاعب المصرى الإخوانى “أبوخريكة” اللى طالع من خلال قناة الحظيرة يطالب الناس بمقاطعة المنتجات الفرنسية .. ياترى هو مش واخد باله إن اللى بيدفع له فلوس علشان يقول الكلام ده ، هو ناصر الخليفى رئيس شبكة بي إن سبورت ، وهو نفسه رئيس نادي باريس سان جيرمان الفرنسي !!!

للأسف .. إحنا بيتم إستخدامنا وتجييشنا فى صراع سياسى أقتصادى شخصى بين القرد العثمانلى ، والرئيس الفرنسى .. وتم تحوير تصريحات الفرنسى وتحويلها من حرب على تيارات التأسلم السياسى لحرب على الإسلام .. نفس اللى كان بــ يتعمل عندنا فى مصر ، قبيل و إبان ويمكن حتى بعد حكم الجماعة الميمونة ، لما كنت تعارضهم او تعترض عليهم ، يقولك إنت ضد الدين وضد الإسلام .. وكان بيتقال كدة علناً فى القنوات الفضائية ، وكان بيتم تكفير أى معارض أو معترض عليهم بإعتباره ضد الإسلام .. بس إحنا بننسى

اللى بيحصل ده كله ردا على الهجوم الفرنسى على تيارات التأسلم السياسى ، وكمان للتغطية على حملة المقاطعة أو التحجيم للمنتجات التركية فى العديد من الدول العربية ويمكن فيه منها بقرارات حكومية زى ما حصل فى السعودية والمغرب .. ناهيك عن المقاطعة الشعبية من المصريين بغض النظر عن حجمها .. و ده كله يعتبر ضربة للإقتصاد التركى النازف بسبب جنون وأطماع خليفة القرود … وبالتالى كان لازم يبقى فيه حملة مضادة للرد … وكانت الفرصة فى الرسوم المسيئة اللى نشرتها جريدة شارلى الفرنسية … واللى تم إستغلالها وإستغلالنا بها كأفضل ما يكون ..

غضبنا من الإساءة لنبينا الكريم هو غضب مشروع .. بل هو واجب دينى وايضا اخلاقى … لكن التعامل مع الإساءة دى هو اللى بيحدد النتيجة اللى إنت ممكن توصل لها .. وده اللى مجلس حكماء المسلمين بقيادة الأزهر الشريف عملوه ، لما قرروا تشكيل لجنه من خبراء قانونيين لمقاضاة جريدة “شارلى إيبدو” الفرنسية على نشرها للرسوم المسيئة ، ومطالبتها بالإعتذار والتعويض … و هو ده روعة مؤسسة الأزهر .. وكلمة الشيخ الطيب النهاردة رئيس الأزهر فى إحتفالية المولد النبوى الشريف كانت أكثر من رائعة .. و مش كدة وبس .. لكن كمان أعلن الشخ أحمد الطيب عن إطلاق الأزهر الشريف لمنصة عالمية للتعريف بنبى الرحمة محمداً صلى الله عليه وسلم ، و بالعديد من لغات العالم ، و يقوم على تشغيلها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف …

و ده يقودنا لسؤال مهم جدا …. واحد نشر رسوم مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم .. ياترى هو يعرف الرسول أو شافه أو إتعامل معاه بشكل شخصى .. أكيد لأ .. أومال هو كوّن فكرته عن رسولنا الكريم منين !؟ .. ايوة برافوا عليك .. مننا إحنا كمسلمين .. وعلشان مانبقاش بنعمم .. خلينا نقول من اللى بيشوفه غير المسلمين من اللى بتعمله تيارات التاسلم السياسى وممثليها من قياداتهم وشيوخهم وإعلاميوهم .. وهم بيقدموا نفسهم كممثلين للدين .. كذب وتدليس ونفاق وتكفير وحض على القتل وكراهية الأخر و توعّد للغير بالذبح والسحل والقتل … وبيعملوا كدة فعلا … وياريت الكلام ده للمخالف فى العقيدة بس .. لأ أبثلوتلى .. لكنهم بيعملوا كدة مع المسلمين أنفسهم … تفتكر بقى بعد كل اللى العالم بيشوفه من الناس دى .. ممكن تبقى فكرتهم إييه عن الرسول صلى الله عليه وسلم .. وخصوصا إن المتأسلمين بيقولوا إن دى تعاليم الرسول .. وإن مافيش مشكلة إن الناس تموت وتتذبح وتتسحل علشان إقامة الخلافة المزعومة !! …

بل بالعكس .. ده حادثة قتل المدرس اللى حصلت فى فرنسا دى ، بــ تأكد الفكرة اللى تم ترسيخها فى الأذهان فعلا ، وإن القتل والإغتيال هو الشيئ العادى اللى ممكن يقوم به المسلم .. إنه يقتل .. برغم إن ربنا لما خاطب الرسول فى القرأن الكريم قال له “خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ” صدق الله العظيم .. ماقللوش روح إقتلهم !!

هــ تلاقى واحد طالع يقولك ، يعنى هم شافوا ده ، وماشافوش اللى ماتوا فى الحرب العالمية الأولى والثانية ، واللى ماتوا فى هيروشيما ونكازاكى ، واللى ماتوا فى العراق على إيدين الأميريكان ، واللى ماتوا فى أفغانستان وفيتنام وغيرها وغيرها من الدول !!؟؟ … هقولك تمام .. إنت صح .. لكن لاحظ إنك فايتك شيئ مهم جدا .. وهو إن اللى عملوا ده كله ، ماكانوش بيقولوا إنهم ممثلين للدين ، ولا إنهم بيعملوا كدة بإسم الدين .. لكن دوول بقى بيقولوا إنهم بيعملوا كدة بإسم الإسلام ، وبيقولوا إن القتل والسحل والذبح ده من صحيح الدين .. فى حين إن ربنا قال فى القرأن “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ” .. صدق الله العظيم …

وأخيرا … نرجع تانى للكلام اللى بدأنا به مقال النهاردة واللى لخصه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى كلمته فى إحتفالية المولد النبوى لما قال “إن الإساءة إلى الأنبياء استهانة بقيم دينية رفيعة وجرح مشاعر الملايين، والاستعلاء بقيم الحرية درب من دروب التطرف، كفى إيذاء لنا” …..

و نحن نتمنى إن تكون ذكرى المولد النبوى فرصة لكل من يستخدمون مصطلح الحرية لمراجعة أنفسهم بالكف عن إيذاء الأخرين .. وفرصة لنا ايضا لمراجعة انفسنا فى مسئوليتنا عن الصورة الذهنية التى نصدرها عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم .. وفرصة أخرى ايضا لنا لكى نستوعب كيف يتم تجييش الناس بإسم الدين لخدمة مصالح وسياسات هى ابعد ما تكون عن الدين

حفظ الله مصر وشعب مصر .. وكل عام وأنتم بخير

لمتابعة تعليقاتكم