الملف الليبي – تناقضات الصراع

18 Jun 2021

الملف الليبي – تناقضات الصراع !!

———————————-

من سنة بالتمام و الكمال و من على حدود مصر الغربية …. أعلنت مصر نصرها و حسم الملف الليبي و فرض إرادتها على كل قوي الصراع في المنطقة في حضور مشايخ القبائل الليبية و أمام فرق الجيش المصري  … و فيه وضعت مصر الخط الأحمر الشهير (سرت – الجفره) و هددت بالتدخل العسكري لأي قوى تتجرأ أو تتصور بأنها قادرة على حسم الملف الليبي بالقوة العسكرية لصالحها .

في الوقت ده الكل كان مركز على الدور التركي في ليبيا …. و كان الظاهر للناس أن مصر تواجة أطماع تركيا في ليبيا …. و هذا غير صحيح …. لانه يوجد الكثير من اللاعبين الفاعلين في ليبيا ، واللى كان على مصر مواجهتهم جميعيا و فرض ارادتها عليهم….. و مواجهة أطماعهم في سرقة خيراتها من النفط و الغاز و التي تقدر بتريليونات يمتلكها حوالى 4 مليون فقط …. يعني بالبلدي اللى حيخش و يسيطر … حيغرف و محدش حيحس بيه.

فمثلا إيطاليا …. مثلها مثل تركيا ….تعتبر ليبيا هي الإرث التاريخي لها و الإمتداد الجغرافي الجنوبي و بوابة الأمن القومي الإيطالى الجنوبية …. بخلاف أمريكا اللى يهمها جداً التواجد الفاعل هناك لمنع التمدد الروسي … و فرنسا اللى دفعت دم قلبها في عمليات الناتو و قامت بالمجهود الحربي الأكبر في تدمير جيش القذافي … و بعدها فوجئت أنها خرجت بخفي حنين بعد ما أوباما حيّدها في ليبيا و بدأ بضرب مصالحها بالإرهاب في النيجر و تشاد و مالى و دول الساحل.

و من الأدوار اللى لعبت بكل قوتها على تعطيل الحل الليبي كانت الجزائر …. اللى رمت بكل ثقلها لسنين لعدم تمكين البرلمان الليبي لفرض نفوذه على ليبيا و تعطيل الجيش الوطني الليبي من فرض سيطرته على وطنه بأي ثمن …. حتى لو أدى الأمر أن تسليم ليبيا لميليشيات ارهابية أو تسليمها للمحتل العثمانلي و الجيش و التركي….. و كأن التاريخ يعيد نفسه بنفس الأخطاء التاريخية الكارثية….. عندما إستدعي الجزائريين عام 1516 طواعية العثمانيين لإحتلال بلادهم ظنا منهم أنهم سيحمونهم من تحرشات الأسبان …. ليستقبل الجزائريين جيش العثمانيين بالورود و الترحاب و يستقبل السلطان الجزائري ” سالم التومي” في قصره  قائد الجيش التركي “عروج بربروس” … و كعادة العثمانيين …. رد “عروج بربروس” كرم الضيافة فوراً …. بعد ما قام بقتل السلطان “سالم التومي” بيده في حمام قصره و خرج للناس ليعلن نفسه حاكما على الجزائر و يعلن بدء أسود فترة إحتلال عثمانلي للجزائر قدرت بـ 320 عاما … أذاق فيها العثمانيين الشعب الجزائري صنوف الذل و العذاب بكل أشكاله ….. حتي تسليمها للإستعمار الفرنسي.  

و بعيدا عن المزايدات و الشعارات ….. و عشان نفهم الدور الجزائري …. لازم نرجع لورا شوية …. ففي فترة الستينات …. لعبت مصر دور تاريخي لتحرير الجزائر …. و سخّرت كل إمكانياتها في دعم حركة التحرر الجزائري سياسياً و عسكرياً و على مستوى التدريب و التسليح و الدخول في مواجهات سياسية أمام القوي الإستعمارية الكبري … حتي وصلت الى المواجهة العسكرية المباشرة في العدوان الثلاثي ….. و دعم الشعب المصري موقف حكومته حتي قبل بإستقطاع مبلغ من المنبع من راتب كل موظف في الدولة دعما للشعب الجزائري …. إلى أن فرضت مصر إرادتها و تحرر الشعب الجزائري من الإستعمار الفرنسي ….. يعني مصر ماكانتش طمعانة في الجزائر و لا ثرواتها و لكن موقفها كان موقف مبدئي …… (و هو على فكرة ، ده نفس الدور اللي بتعمله مصر النهاردة مع ليبيا).

أما في فترة السبعينيات و بعد حرب اكتوبر  …. كان بدء تنفيذ المخطط الأمريكي لإستخدام الإسلام السياسي في المنطقة بدعم الحركات الإسلامية (الإخوان المسلمين) … و إنضربت مصر و السعودية بعدد من الضربات الإرهابية بتشكيلات مسلحة لأول مرة تاريخيا في العصر الحديث ….

السادات في الوقت ده كان طالع من الحرب منتصر و لكن بإقتصاد مدمر تماما و جيش منهك بسلاح روسي قديم  …. و فاهم إقتصاديا إن العرب ممكن يسندوا مصر اللى هي أكبر دولة عربية سكانيا شهر او اتنين أو سنة لكن مش على طول …. وكمان فاهم اللعبة سياسياً ، وهى إن وقت الجد الروس مش بيسندوا حد …. و إنه مستحيل يحرر الأرض عسكريا لأنه ماينفعش يواجه أمريكا ….. فأخد القرار السياسي بإسترجاع الأرض سياسيا بالسلام و حل المشكلة الفلسطينية من جذورها …. و فهم كويس إن كرة الثلج اللى اطلقها الأمريكان في المنطقة و هي الجماعات الإسلامية مش حيقدر يقف قدامها بظروفه دي …. لان كان كل همه ساعتها إنه يكسب وقت بأى ثمن لغاية لما يسترجع الأرض الأول …. و بعدها لكل حادث حديث ….. و لأنه كان تعلب سياسة ….. إستغل الحرب الباردهدة بين الروس و الأمريكان …. و قال للأمريكان ماتيجوا تبعتوا الجماعات دي تحارب الروس في افغانستان و أهو يتلهوا فيهم و يسيبوكوا شوية و أنا و السعودية حنساعدكم كمان ….. الفكره عجبت الأمريكان جدا …. و دي كانت المناورة اللى بسببها كسب الوقت الكافي لعمل الحد الأدني من الإستقرار السياسي لإسترجاع سيناء ….. لكن للأسف اللعبة دى كلفته حياته.

نرجع بقي تاني للجزائر 😊 ….. فلما إنشغلت مصر بإسترجاع أرضها المغتصبة من الإحتلال الإسرائيلي سياسيا بعد النصر العسكري …. و لأن حكومات كتييييير كانت بتاكل عيش على شعوبها بالخطابات الحنجورية الرنانة اللى كانوا بينسّوا بيها شعوبهم مشاكلهم الإقتصادية و السياسية ….. و لأن التيار اليساري اللى كان نايم في حضن الجماعات الاسلامجية شادد حيله هناك ….. أخذت الجزائر صف دول الممانعة ضد مصر …. و سخّرت كل إمكانياتها للتنكيل بمصر و شعبها إعلامياً … و إستضافت المعارضين المصريين و أفردت لهم المساحات الإعلامية في الجرائد و التليفزيون و نشر الكتب و عمل المؤتمرات للنيل من كل ما يمت لمصر بصله.

و وصلت الأمور هناك الى إن فيه جيل كامل إتولد و إتربي على مجموعة من الأكاذيب الممنهجة و اللى من كتر تكرارها أصبحت حقائق لا تقبل النقاش ….. و وصل الأمر حتي لسرقة التاريخ المصري و الهوية المصرية و كل ما يتعلق بمصر …. بل وصل الأمر إنه فيه مواطنين هناك مقتنعين ان مشاكل حياتهم كلها سببها مصر …. و ده كنا بنشوفه حتي في مباريات كرة القدم او اي تواجد مصري بأي صورةٍ كانت.

فمثلا تلاقي رأس السنة الجزائرية هي عيد هزيمة قدماء المصريين على يد ملك جزائري و حكمهم لمصر لمئات السنين و بناؤهم للحضارة المصرية القديمة ….. بس عشان مصر دولة قوية و مفترية … قدرت تنيّم علماء التاريخ في العالم كله مغناطيسياً و قدرت تزور التاريخ و تنسب لنفسها الحضارة المصرية القديمة و تمحي الحضارة الجزائرية . 😊 😊

أو إن الجزائر هي اللى حاربت في 1973 و هزمت الاسرائيليين و الجنود المصريين لما شافوا اليهود حيتغلبوا …. بقوا يساعدوا الإسرائيليين عشان ينقذوهم لاننا طبعا دولة الخيانة و كدهون …. بس برضوا نيمّنا العالم كله طغطاطيسي و نسبنا لنفسنا نصر اكتوبر 😊 😊

أو مثلا إن الجيش المصري هو اللى بيحمي اسرائيل و بيقتل الفلسطينيين و لولا بس ان احنا مانعين الفيزا عليهم … كانوا دخلوا حرروا فلسطين …. فإفتحوا الحدود يا مصاروة و ادونا الفيزا باش نحرر القدس 😊 😊

و غيرها كتيييييير من المواضيع و الأكاذيب الممنهجة اللى اصبحت عند كثيرين من اخواتنا الجزائريين حقائق لا تقبل النقاش….. حتي تكونت عقدة تاريخية هناك اسمها مصر و النفوذ المصري اللى بتستخدمه مصر لسحق الجزائر تاريخيا و ايدولوجيا و سياسيا.

فلو رجعنا تاني لموضوع ليبيا …. و حديث الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” الأخير …. عندما قال “حين قالت الجزائر إن طرابلس خط أحمر، فقد كانت تقصد جيدا ما تقول والرسالة وصلت لمن يهمه الأمر ….. فإن بلاده كانت على استعداد للتدخل بصفة أو بأخرى لمنع سقوط العاصمة الليبية طرابلس”…… و لو ربطنا كلامه بموضوع العقدة التاريخية اللى اتكلمنا عليها …. و ربطناها مع ما تم على الأرض …. حنلاقي السياق واحد.

فالجزائر بتسمي الجيش الوطني الليبي و البرلمان الليبي المنتخب “مرتزقة” لمجرد أنهم مدعومين من مصر او ان ممكن يجي نظام علاقته جيدة مع مصر على حدود بلاده …. و كلنا نفتكر الدعم اللوجيستي الجزائري الغير محدود اللى اخدته القوات التركية و مليشيات الجماعات الإسلامية (و خلينا نقول لوجيستي بس 😊 ) … لدرجة تسهيل احتلال تركيا لقاعدة الواطية الجوية لإقامة قاعدة جوية تركية قريبة من الحدود الجزائرية  ….. و لا إن جيش وطني ليبي مدعوم من مصر يقرب من حدوده 😊 😊

المهم بعد زيارة الحاج “خلوصي أكار” وزير الدفاع التركي لليبيا اللى عملها في الضلمة و تحت الحراسة المشددة للجيش التركي داخل مطار معتيقة …… و بعد التصريحات الجزائرية الغريبة …. زار بالأمس اللواء / عباس كامل رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية طرابلس العاصمة ….. و يتصور و هو بيتمشي في الشوارع و الأسواق و بيتسوق من البضائع ….. و كأن مصر بتقول للجميع ….. بس يا بابا 😊 😊

و خلاصة الموضوع ….. كل ما تلاقي تصريحات كتير و عنتريات فارغة  …. تعرف إنك بتحسم على الأرض …. زي اللى بيحصل بالظبط في موضوع الواد الأثيوبي بالظبط 😊 😊 

المجد للثابتين……. تحيا مصر. 

لمتابعة تعليقاتكم