استقراء  فى المشهد السودانى

25 Oct 2021

استقراء  فى المشهد السودانى .. !!

———————————

لما حصلت الثورة السودانية فى 2019 .. كانت السودان بتكسر الطوق اللى اتفرض عليها بالخضوع لنظام حكم اخواني فاشى .. وبتخرج من المصير الاسود اللى كانت بتغرز فيه يوم بعد يوم .. وبتخسر مع كل لحظة بتمر عليها فى ظل الحكم ده ، هويتها ومستقبل شعبها  ..

ولأن توجه الرئاسة الاميريكية فى 2019 ممثلة فى دونالد ترامب كانت ضد جماعات وتيارات التأسلم السياسى .. فالإدارة الاميريكية رحبت بالثورة دى اللى ازاحت نظام اخواني من المنطقة وهو نظام عمر البشير .. وكانت مصر من الدول اللى أيدت الثورة الوليدة ، .. وقدمت للسودان الشقيق كل الدعم ..

ده طبعا ماكانش فصل الختام … وخصوصا انه مخالف لأدوات المؤامرة .. ولأهداف كل صانعيها .. وعلشان كدة بدأت الاطراف الدولية مع اللحظة الأولى محاولة احتواء الثورة دى سواء بالترهيب أو بالترغيب !!!

طبعا بعض الاطراف شنت هجوم حاد على الثورة زى الاتحاد الأوروبي،  وتركيا ، وقطر … وشنت قنوات الاخوان ومنصات السوشيال ميديا هجوم عنيف على الجيش السوداني .. وخصوصا إن أول زيارة خارجية للفريق عبد الفتاح البرهان كانت لمصر.

فى الوقت اللى هرولت دولة الكيان لمحاولة إيجاد موطئ قدم لها داخل تشكيل الدولة الجديدة … وحاولت إثيوبيا استغلال الحدث علشان تطلع منه بأى مكاسب … وبدأت جماعات التأسلم السياسى تدعم اذنابها فى الداخل .. وبدأت الاطراف الدولية تضغط وتدعم رجالها فى الداخل علشان يبقوا جزء من مكون الثورة الوليدة تحت مسمى المكون المدنى …

المهم علشان مانطولش على حضراتكم … كانت النتيجة هى المكون الحالى بالمجلس السيادى .. ثم تم تشكيل الحكومة اللى بيرأسها عبدالله حمدوك رئيس الوزراء ..

طبعا بعيدا عن التقارب اللى حصل بشدة مع الدولة المصرية .. لكن كلنا كنا بنشوف بين الحين والآخر توجهات متذبذبة وتصريحات متضادة فيما يتعلق بالشراكة الاستراتيجية بين مصر والسودان .. كانت دايما بتصدر من رئيس الوزراء عبدالله حمدوك .. واللى كانت أحيانا بتتعارض مع التوجه العام للدولتين .. وبالذات فيما يخص ملف السد الاثيوبى والعلاقات بين إثيوبيا والسودان …

طبعا ده كان شيئ محير لكثير من اصدقائنا واللى كانوا ساعات بيبعتوا يسألونا … وكنا بنطمنهم إن توجه الدولتين فيه توافق تام فى الرؤى ، مهما كان فيه اشياء بتقول عكس كدة … يمكن لأننا كنا فاهمين طبيعة المرحلة .. وطبيعة بعض الأشخاص الموجودين فى مركز صنع القرار ، واللى تم التوافق عليهم بشكل أو بأخر لأسباب سياسية .. لكن بقيت العلاقة المصرية السودانية فى افضل حالاتها من سنين طويلة … وكان التوافق فى ملفات الامن القومى هو الأفضل على الاطلاق

ومش محتاجين نقول إن الاحداث والمواقف اثبتت ان “حمدوك” ما هو إلا النسخة السودانية من برادعى مصر او سراج ليبيا …

المهم ان العالم كله صحى النهاردة الصبح على اخبار قيام الجيش بحل مجلس الوزراء ، واغلاق العاصمة ، السودانية وقطع الانترنت وشن حملة اعتقالات على مجموعة من الوزراء والمحافظين والتحفظ على رئيس الوزراء “عبدالله حمدوك” .. وأعلن رئيس المجلس العسكرى عبدالفتاح البرهان فى بيان شامل حالة الطوارئ ، و حل المجلس السيادى والحكومة ، وقال إن دى ثورة لتصحيح المسار .. كما أعلن التزام السودان بكل الاتفاقيات الدولية الموقعة ..

وكان بالقطع فيه فى الداخل السودانى مؤيدين بشدة لما حدث .. وهناك معارضين أو خلينا نقول مدفوعين بفعل ايديولوجيات وقناعات سواء كانت دينية أو سياسية ….. وللاسف الناس كلها فى الشارع دلوقتى .. والوضع غير مستقر .  ومازالت الدقائق حبلى بالأحداث.. !!

ردود الأفعال كانت متوقعة تماما .. سواء من الولايات المتحدة أو من الاتحاد الأوروبي .. وبعض الاطراف الدولية … فى حين دعى الاتحاد الافريقى للحوار … فى الوقت اللى فيه الروس شايفين إن الجيش من حقه يتحرك لو شعر بأى خطر  يهدد تماسك للدولة .. أما مصر والسعودية فبتدعوان للتهدئة والحفاظ على استقرار ووحدة السودان

المؤسسة العسكرية السودانية طول الفترة الماضية كانت بتحاول توجد لغة مشتركة مع كل الاطراف فى الداخل السودانى .. ومع الظروف الدولية الصعبة وظروف الجائحة العالمية والتحديات الحدودية اللى بتمر بيها الدولة السودانية ، وبالذات مع دولة الاحباش .. كان فيه نوع من التهدئة مع الكيانات المدنية .. لكن مع مجيئ الحاج بايجون ، بتوجهات إدارته واجندتهم اللى كلنا عارفينها …  وبدأ يحصل تواصل مع الاطراف المدنية اللى ولائهم الأول والأخير للاجندة الاميريكية اللى مش بييحى من وراها غير خراب وتفتيت دول المنطقة …

وهنا بدأت المؤسسة العسكرية تستشعر خطر التحركات والتواصل ده على الأمن القومى السودانى .. وبالتالى كان لازم المؤسسة العسكرية تتحرك لإنقاذ البلاد قبل ما يتم اسقاط الدولة فى براثن أجندة خبيثة وقبل خروج الأمور عن السيطرة .. مهما كانت النتائج والتحديات …

السؤال اللى بيطرح نفسه .. هل الجيش السودانى هيقدر يسيطر على الوضع ويوصل بالدولة لبر الامان !؟ .. وهل هيقدر يتعامل مع التطورات اللى ممكن تحصل على الأرض ، مع تداخل اطراف كتيرة فى المشهد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر .  وخصوصا مع عدم الاستقرار فى الشارع وانقسامه فى مواجهة ماحدث !؟ …

الحقيقة إن التكهن بنهاية للأحداث دى هيكون شيىء صعب جدا .. لكن خلينا نتابع اللى بيحصل لأن الساعات القادمة هتبقى بالفعل حبلى بالأحداث …

حفظ الله مصر برئيسها وجيشها وشعبها 🙏

لمتابعة تعليقاتكم