إنهيار الليرة التركية … والحتة بعشرة

13 Nov 2021

إنهيار الليرة التركية … والحتة بعشرة .. !!

—————————————–

حالة السقوط الحر لــ الليرة التركية بــ تعبر بكل بساطة عن الوضع اللى بتمر به تركيا واقتصادها حاليا من أزمة كبيرة، واللى بــ تأكده عمليات الهروب الواسعة لرؤوس الأموال الأجنبية، وحالة التضخم اللى وصلت لمستوى غير مسبوق .. ناهيك عن عمليات بيع لا يكاد يتوقف للعملة التركية واللى بيأكد فقدان الثقة فى أى مستقبل لهذه العملة .. على الاقل فى المستقبل القريب. !!

وعلشان ندخل فى الموضوع بشكل مباشر .. وتقدر تفهم حجم الكارثة اللى بتمر بيها الليرة التركية بشكل خاص والاقتصاد التركى بشكل عام … فخلينا نقول إنه فى سنة 2007 كان الدولار يساوي 1.16 ليرة تركية .. يعنى تقريبا واحد لواحد … و ده أفضل مستوى وصلت له الليرة التركية فى تاريخها ..

بدأت بعد كدة قيمة الليرة فى التراجع بشكل تدريجي بطيئ .. لحد ما كسرت فى عام 2016 حاجز ال 3 ليرة مقابل الدولار … ثم بدأت الليرة مرحلة السقوط الحر بتسارع وتيرة الإنخفاض خلال الــ 5 سنوات الماضية وفشل كل محاولات وقف هذا الإنخفاض .. و ده كله كان بسبب سياسات إقتصادية ومالية خاطئة للإدارة التركية 😏 

وهنا لازم يبقى لنا وقفة .. لأنه فى نفس السنة 2016 .. بدأت مصر برنامج الإصلاح الاقتصادى .. واتخذت القيادة السياسية قرارها التاريخي بتحرير سعر الصرف الاجنبى .. وقفزت قيمة الدولار فى مواجهة الجنيه المصرى الى 19.90 .. يعنى تقريبا 20 جنيه للدولار الواحد !

قبل ما نكمل لازم نوضح إن اللى حصل للجنيه المصرى ماكانش انهيار لكنه كان نتيجة لبدء برنامج الإصلاح الاقتصادى و عملية تصحيح المسار بإعادة تقييم العملة المحلية بقيمتها السوقية الحقيقية بدون أى دعم من البنك المركزي واللى كان وضعها قبل قرار التعويم فى مستوى ال 9 جنيه للدولار … فى الوقت اللى كانت فيه الليرة التركية بــ تتراجع بالقصور الذاتي وبدون اى عملية إصلاح اقتصادى .. فى ظل دولة مستقرة ، مش بــ تعانى من الثورات ولا بــ تواجه الإرهاب فى حرب مصيرية زى ماكان بيحصل مع مصر !

طبعا مش محتاجين نفكركم بحملات البكاء والعويل اللى خاضتها اللجان الإلكترونية على السوشيال ميديا .. مدعومة بكل الامكانيات الإعلامية فى كل قنوات الإعلام المعادى لمصر .. وبالذات الإعلام التركى الناطق باللهجة المصرية .. بهدف ترسيخ فكرة واحدة فقط لاغير .. وهى إن مصر بتسقط والدولة على وشك الإفلاس .. وإن الدولار فى خلال اسابيع قليلة جدا هيساوى 150 ويمكن 200 جنيه … وكانت صفحتنا من القلائل اللى وقفنا أمام الهجوم الكاسح ده … وخضنا معركة صعبة جدا فى حرب الوعى وشرح وتصحيح المفاهيم .. وكشف الاكاذيب … وكانت فعلا معركة فى منتهى الصعوبة … وأصعب مافيها كان محاولة تثبيت المؤيدين وتدعيم موقفهم بالمعلومات والمقارنات والمنطق ، للوقوف فى مواجهة السيل الجارف اللى كان بيهاجم الدولة المصرية وقتها !

ولأن القيادات فى تركيا .. كانوا فاهمين إن الموضوع عندهم بيخرج عن السيطرة واحدة واحدة .. فكان نفس الإعلام اللى بيهاجم مصر  وبيقول إن الدولار هيبقى بــ 200 جنيه … وبإيعاز من الساسة الأتراك … كان هو نفس الإعلام اللى بيدعم الليرة التركية بكل قوة .. وبيطلب من كل القطيع انهم يستثمروا فى الليرة التركية .. وبيقنعوهم إن الليرة هى المستقبل .. وإن الليرة هتبقى ب 10 دولار ..  وإن دعم الليرة واجب دينى اسلامى … ألخ ألخ ألخ من كل الخزعبلات اللى كانوا بيقولوا دى ..

طب تعالى بقى نشوف الناس اللى مشيت وراهم ووراء الليرة التركية حصل معاهم اييه .. وبحسبة بسيطة .. وبالارقام … لأن الارقام مابتكذبش … ولاحظ إن الدولار النهاردة كسر حاجز ال 10 ليرة .. فى حين إنه ثابت فى المتوسط بقاله سنتين بالنسبة للجنيه المصرى عند حاجز 15.70 جنيه تقريبا للدولار الواحد.

⛔️ وعلشان تقدر تفهم الفرق … هــ نفترض إنه فى سنة 2016 كان فيه شخصين … وكل واحد فيهم معاه 100 الف دولار …

🔹 الأول قرر إنه يدعم الليرة التركية فــ حوّل الفلوس الى ليرة … وعلى سعر الصرف وقتها (1 دولار = 3 ليرة) … يبقى الــ 100 الف دولار يساوي 300 الف ليرة …

👈 النهاردة لو نفس الشخص ده حب يرجع فلوسه لدولارات تانى .. هيكتشف ان الــ 300 الف ليرة دوول بــ يساوو بسعر صرف النهاردة 30 الف دولار فقط … يعنى بعد استثمار 5 سنوات .. خسر 70 ألف دولار .. يعنى 70% من فلوسه !!!

🔹 الثانى بقى قرر يستثمر فى الجنيه المصرى ويدعم بلده فى 2016 بعد التعويم وعلى سعر الصرف وقتها ( 1 دولار = 19.90 جنيه) … يعنى الــ 100 الف دولار كانوا يساوو 1.9 مليون جنيه مصرى

👈 النهاردة لو الشخص ده حب يرجع فلوسه لدولارات تانى .. هيكتشف ان الــ 1.9 مليون جنيه بــ يساوو بــ سعر صرف النهاردة حوالى 127 الف دولار … يعنى بعد استثمار 5 سنوات فلوسه زادت 27 ألف دولار .. يعنى كسب 27% زيادة فوق فلوسه الاساسية !!!

وطبعا كل ده مع افتراض إن فوائد البنوك فى البلدين تساوى صفر … لكن لو أضفنا سعر الفائدة للعملة المحلية فى البلدين .. شوف بقى المكسب هيتضاعف قد اييه بالنسبة للى حول فلوسه لجنيه مصرى خلال ال 5 سنين اللى فاتت !!

✅✅ يعنى بالمختصر المفيد:

فى سنة 2016 ..

100 الف دولار = 300 الف ليرة تركية

100 ألف دولار = 1.9 مليون جنيه مصرى

فى سنة 2021 … وبشكل عكسى

300 الف ليرة = 30 الف دولار

1.9 مليون جنيه = 127 ألف دولار

طبعا هتلاقى احد المحنكين الاقتصاديين من خبراء الهرى الفيسبوكى والمنبطحين على بلاط الاغا العثمانلى هيطلع يقولك .. ياعم الدولار بيساوي 15.7 جنية .. وبيساوى 10 ليرة … ابقى تعالى اتكلم لما الدولار يوصل 16 ليرة ….

والحقيقة إن ده كلام خايب ..  .. وإحنا ردينا عليه قبل كدة فى مقالات مفصلة .. وبيتلخص فى نقطتين …

النقطة لأولى:

إن قيمة العملة فى مقابل الدولار مش هى المحدد الوحيد لقوة الاقتصاد … وإلا ده كان معناه إن مصر وتركيا اقتصادهم أقوى من اقتصاد اليابان (1 دولار = 114 ين يابانى) .. أو أقوى من الإقتصاد الروسى (1 دولار = 73 روبل روسى) … لكن قيمة العملة هى مجرد مؤشر فقط للمحددات الكلية لقوة الاقتصاد ….

فتلاقى نفس الخبير الفهمان ده يقولك .. طب خلاص .. طالما قوة العملة مش مؤشر يبقى هبوط الليرة ده ولا حاجة .. وتركيا جامدة أخر فيصل !! … وهنا تيجى النقطة الثانية

النقطة الثانية:

صحيح العملة مش مؤشر قوى .. بدليل إن بعض الدول ، زى الصين مثلا بتلجأ لتخفيض قيمة عملتها بنفسها من وقت للتانى ، بس بشكل مدروس طبعا …… لكن العبرة بتبقى بإتجاه الصعود والهبوط لقيمة العملة …. مدفوعا بالمحدات الأخرى لإقتصاد الدولة زى مستوى التضخم وحجم البطالة ومستوى الاستثمار الاجنبى ومؤشر الاحتياطي النقدى.. وغيرها … والمقارنة هنا فى صالح مصر مليون فى المائة .  لأن المؤشرات الإقتصادية بالنسبة لمصر فى اخر  5 سنوات ، كلها ايجابية .. فى حين إن العكس تماما هو الحاصل بالنسبة لتركيا فى نفس الفترة …

هتلاقى نفس الشخص المحنك ده صاحب الفكر اللوذعى بيقولك .. طب واحنا مالنا بــ تركيا … بنقارن نفسنا بيهم ليه .. ماتخلينا فى نفسنا احسن !!!

والله سيادتك مش احنا اللى بنقارن .. لكن سيادتك باعتبارك احد حريم السلطان كنت دايما انت اللى بتقارن … وكان كل ما حد يفتح بقه أو يتكلم عن مصر .. كنت سيادتك تنجعص وتتقمّص دور الخبير البهنساوى .. وترفع حاجبك اليمين وتشاور بطرف صباعك وتقول: شوفوا تركيا بتعمل اييه ، و ياريتنا نبقى زى تركيا …. لكن النهاردة لأن الاغا بتاعك بيعاني نتيجة سياساته الاقتصادية الخاطئة وافكاره الايديولوجية التوسعية الرعناء …  فــ بقيت تقول دلوقتى واحنا مالنا ومال تركيا …

وانت معاك حق على فكرة … إحنا صحيح مالنا ومال تركيا ..  مالنا إحنا ومال الدول الفاشلة دى …  خلينا فى نفسنا أحسن .. ولا عزاء لك و لكل منبطح راهن على دولة الاغا … ولكل من راهن على سقوط مصر وفشل إدارتها السياسية ..

طب أخيراً … هل الإنهيار ده هــ يستمر .. وإلا ممكن الليرة تتعافى تانى … والإجابة بسيطة خالص .. كل شيئ وارد .. يعنى ممكن تواصل الإنهيار وتروح فى سكة اللى يروح مايرجعش طالما الدولة التركية مصرة على الإستمرار فى نفس سياستها دى … وممكن تاخد إجراءات إصلاحية تخلى إقتصادها يتحسن وعملتها ترجع ترتفع تانى !

و ده يعتمد على حاجات كتيرة أوى .. يعنى مثلا موضوع إعلان الأغا عن تحويل المجلس التركى لمنظمة الدول التركية ممكن يبقى له تأثير إيجابى على قيمة الليرة .. لأنه أكيد هــ يعمل على إستنزاف ونهب خيرات الدول اللى داخلة فى المنظمة ..،  لأن أغلبها دول نفطية غنية … زى ماكان عايز يعمل فى ليبيا كدة .. وبالتالى قد تكون المنظمة الجديدة دي هى طوق النجاة للإقتصاد التركى … أو إنه يبقى فيه تأثير عكسى ، وروسيا تدخل على الخط فى اللعبة السياسية لحماية نفسها .. وينقلب السحر على الساحر وتزداد سرعة السقوط

عموماً .. أدينا بنتفرج .. ومبروك على الأغا ، الحتة بعشرة .. وياريته يفضل مكمل كدة 😁

والمجد دايما للثابتين فى حب ودعم مصر ..

وحفظ الله مصر برئيسها وجيشها وشعبها 🙏

لمتابعة تعليقاتكم