عيد ثورة 23 يوليو بين الهرى والوعى !!

23 Jul 2018

عيد ثورة 23 يوليو بين الهرى والوعى !!

—————————————–

خلونا فى البداية نقول كل سنة وإحنا طيبين ومصر كلها بخير وفرحانة ومعيّدة فى عيد ثورة 23 يوليو وقبلها عيد ثورة 30 يونيو .. رغم أنف كل كاره او حاقد ، ورغم كل المحاولات المستميتة لهدم تاريخ مصر وتحطيم وتشويه صورة الجيش المصرى فى عيون المصريين .. ومافيش أبدا رد أبلغ من إنه يكون عدد المتقدمين للكليات العسكرية والشرطة كل سنة هو 3 اضعاف المطلوب للكليات دى فعلياً ، برغم ما يقدمه الجيش والشرطة من شهداء بشكل يومى وبرغم صعوبة الوضع اللى فيه مصر وهى محطوطة طول الوقت فى وضعية المواجهة مع قوى الشر (و ده التعبير المهذب على فكرة 😉 ) …

بس مقال النهاردة مش علشان نعيّد على المصريين ، لأن المعايدة وفرحتنا دى أمر مفروغ منه .. لكن مقال النهاردة هو مجرد فضفضة ، و رد على الهرى السنوى اللى تحول مع الوقت إلى قناعات من أصحابنا اللى فاكريين نفسهم احفاد جدو الباشا ، واللى كانوا عايشين بيتنعموا فى جنة العهد الملكى ، أيام ما كانت مصر أفضل من اوروبا ، وكانت مسلّفة إنجلترا ، وكانت الموضة بتنزل فى مصر قبل اوروبا ، وكانت المواصلات فاضية ، وكان التعليم فى مصر أفضل من كواكب المجرة الشمسية .. والإقتصاد المصرى كان أقوى من إمبراطورية الشمس لأن الجنيه المصرى كان أغلى من الجنيه الذهب ألخ ألخ ألخ … و إلى اخر ذلك من التابوهات المحفوظة والأكلاشيهات اللى بيصدروهالنا علشان نكره عيشتنا ونتحسر على حالنا يا عينى اللى كان فييين وبقى فى الحضيض .. وبالمرة مايمنعش إننا فى السكة وبأسلوب غير مباشر ، نحطم كل رموز التاريخ المصرى اللى كنا بنحترمها ونقدرها .. وللأسف .. إننا بنلاقى ناس مصرة إنها يتلعب بيها وتصدق الهرى والكلام الشيك اللذيذ ده !! .. ومش قادرين يقتنعوا إن الكلام ده بيتعمل فيهم بفعل فاعل !!

للأسف .. إحنا مش محتاجين مؤامرة لهدمنا .. لأننا إحنا أكبر مؤامرة على نفسنا .. وإحنا اللى بنمسك بخيوطها الفعلية ونغزل شباكها بنفسنا حوالين عقولنا من غير ما نترك مجرد مساحة للتفكير فى الكلام اللى بيتقال لنا !!! .. و ده بيحصل سواء عن عدم وعي .. أو بغرض ، و مع سبق الإصرار والترصد .. لمجرد إن الكلام اللى بيتقال بيخدم توجهات فكرية معينة ، تم إقناعنا بيها على مدار سنين طويلة ، من خلال الإعلام والقنوات الموجهة .. و زادت الطينة بلة مع ظهور مواقع الشوشيال ميديا اللى إمتلأت بقوافل اللجان الخرفانية واللى بيحترمهم واللى مش بيحترمهم بس بيردد كلامهم علشان نلاقى نفسنا عايشين فى وسط خلطة مطبوخة و متسبّكة حلو أوى ، و مش بيستطعمها ويعرف إنها طبخة فاسدة غير اصحاب العقول الناضجة والواعية اللى قدروا يحافظوا على عقولهم من الفساد والإفساد ده …

يا حبيبى العصر اللى انت بتتغنى بيه وبعظمته وجماله ، حضرتك ماعشتهوش .. ولا شوفت منه حاجة غير شوية صور من بعض ميادين القاهرة القديمة الجميلة والشوارع الفاضية والمدارس المترتبة اللى بــ يتم دسها ليك مع شوية صعبانيات وبعض معلومات مغلوطة تحسسك إننا كنا عايشين فى كوكب المريخ ، وفجاة وقعنا فى صندوق زبالة 😏

يا حبيبى مصر ايام الملكية كانت بتعانى من الأمراض المتوطنة زى الملاريا والبلهارسيا وشلل الأطفال مع رعاية صحية متدنية لأقصى درجة … و كانت نسبة الجهل أو الأمية إن شئنا الدقة تصل إلى 90% ونسبة الفقر تتخطى حاجز الــ 80% .. والملك فاروق نفسه كان متزعم حملة اسمها حملة مكافحة الحفاء .. أيوة الحفاء .. كان فيه حملة فى مصر علشان الناس تلبس شباشب واحذية اعزكم الله ، لأن الناس كانت حافية من شدة الفقر المدقع … ماتبصوش على صور القاهرة وكورنيش الأسكندرية .. لكن أنظروا لعموم مصر بكل مدنها و قراها .. وشوفوا الناس كانت عايشة إزاى … وبعدين إحنا هــ نروح بعيد لييه … ما تتفرجوا على الأفلام القديمة من إنتاج ما قبل الثورة ، علشان بس نتجنب الكلام من نوعية (تزييف التاريخ والضحك على الناس والكلام ده كله) … شوف افلام نجيب الريحانى زى سى عمر وأبو حلموس وسلامة فى خير ولعبة الست … شوف افلام زى منديلى الحلو وليلة العيد .. شوف فيلم زى صراع فى الوادى إنتاج بداية الخمسينات … ماهى دى برضوا كانت مصر زمان .. وصوت وصورة .. وعلى حقيقتها !!!

يا حبيبى مصر كانت دولة محتلة … مصر ما كانتش تقدر ترفض أمر من السفير الانجليزى .. مصر لم تكن تمتلك قرارها .. مصر كنظام سياسى ماكانش معروف لها هى ملكية وإلا برلمانية وإلا إييه بالضبط .. لكن الحقيقة الأكيدة إنها كانت دولة محتلة .. ورئيس الحكومة كان بتغير بتعليمات السفير الإنجليزى لو مامشيش على مزاجه … والقصة المضحكة بتاعة أصل مصر كانت مسلّفة إنجلترا دى .. بجد مش عارف اقول عليها إييه من شدة تفاهتها وتفاهة اللى مصدقها .. يعنى إحنا كنة تحت الإحتلال الإنجليزى .. وإقتصادنا اقوى من إنجلترا وبنسلفها كمان !! .. يا حبيبى الفلوس دى إتاخدت من مصر بقوة الإحتلال علشان تدعم نفقات إنجلترا فى الحرب العالمية بإعتبارك تابع لهم .. ولو هى سلف .. طب مش السلف ده بيكون بــ ورق .. طب لييه ما إسترديناش الفلوس دى لحد النهاردة !!؟؟ .. يعنى مثلا لو اميريكا إحتلت مصر بكرة وسيطرت عليها سيطرة كاملة .. وبعدين دخلت فى حرب مع الصين .. واخدت من الإحتياطى النقدى بتاعنا 30 مليار دولار لدعم تكلفة الحرب .. يبقى إنت كدة إقتصادك اقوى من إقتصاد اميريكا .. ومسلفها 30 مليار دولار !! …

وبالنسبة لموضوع إن الجنيه المصرى كان أغلى من الجنيه الذهب وإن ده دليل على قوة الإقتصاد .. فــ إحنا شرحنا قبل كدة فى مقالاتنا الإقتصادية إن محددات قوة الإقتصاد متشابكة جداً ومؤشر قوة العملة مش هو المؤشر الصحيح .. لأن ده معناه إن إقتصاد الكويت أقوى من إقتصاد اميريكا لأن الدينار الكويتى بــ يساوى 3.25 دولار أميريكى .. ومعناه إن إقتصاد مصر الحالى اقوى من إقتصاد اليابان وروسيا .. لأن الجنيه المصرى بــ يساوى 6 ين يابانى ، و 3.5 روبل روسى !! .. لكن ما علينا .. خلينا إحنا مش بنفهم فى الإقتصاد .. طب لما الجنيه المصرى كان اغلى من الجنيه الذهب زمان .. و ده حقيقة على فكرة … طب ليه الجنيه المصرى وقتها ماكانش عملة دولية لها وضعها وشأنها فى العالم ، وبتتحط ضمن الإحتياطات النقدية للدول !!؟؟ … بالذمة مش عيب علينا نبنى قناعاتنا على أى هري من غير إستدلال صحيح وواقعى .. ونسمح لحد إنه يستغلنا علشان ماعندناش معلومة كاملة !!!؟

ياحبيبى موضوع الموضة اللى كانت بتنزل فى مصر قبل أوروبا .. مع فرض إن المعلومة دى صحيحة ، فــ ده لأن بيوت الأزياء العالمية كانت بتعمل ده للقصور الملكية وقصور الباشوات والأمراء وكل الحاشية بتاعتهم .. يعنى اخرك القاهرة وضواحيها ولشرائح معينة من الناس .. مش علشان خاطر سعادتك .. إلا لو كنت تعرف تقولنا تاريخ جدوا الباشا إييه !! 😅 .. وغير كدة .. هى الموضة كانت هــ تنزل فى أوروبا لمين .. دى كانت قارة منهارة ومدمرة ولسة خارجة من الحرب العالمية مع النازى وبتحاول تبنى نفسها بالعافية … ، و دولة زى ألمانيا كان تعيين المواطن الواحد فى اليوم ولكذا سنة بعد الحرب ، كان بطاطساية !! .. موضة إييه بقى اللى بنتكلم عنها ! 😏

ياحبيبى الشوارع كانت فاضية والمواصلات فاضية (الشوارع المرصوفة والمواصلات فى القاهرة فقط وبعض المدن زى الإسكندرية ومدن القناة) .. علشان مصر كان تعداد سكانها فى بداية القرن الــ 19 حوالى 12 مليون نسمة فقط .. ووصل تعداد السكان فى عهد الملك فاروق حوالى 18 مليون … فى نفس المساحة اللى حضرتك عايش فيها دلوقتى بــ 100 مليون بنى ادم !! .. يعنى تعداد السكان فى خلال 65 سنة تضاعف 5 مرات على الأقل !!

و فى وسط ده كله بقى .. وعلى السكة كدة .. وفى إطار التطنيب والمبالغة فى وصف محاسن الفترة الملكية فى مصر ، هو كدة بيجرك من غير ما تحس إن شخصياتنا التاريخية زى سعد زغلول ومصطفى كامل وغيرهم من الشخصيات التاريخية وصولا إلى الضباط الأحرار وشخصيات زى عبد الناصر والسادت ، كل دوول لازم تكرههم وتلعن ايامهم لأن هم دوول اللى حرموك من العز اللى كان زمانك متنغنغ فيه من ثروة جدوا الباشا !!

الهرى كتير والرد عليه موجود .. لكن الكلام فى التفاصيل هو فى حد ذاته هدف البعض إنه يشغلك ويغرقك فى التفاصيل .. ويضعك طول الوقت فى خانة المدافع عن بلدك وعما تؤمن بيه …، وكمان علشان تغمض عينك عن حاجات تانية كتير .. وياسلام بقى لو قدر يقنعك بكلامه التافه ده .. يبقى كدة هو جاب جون بجد .. وسعادته هــ تكون من غير حدود

ثورة 23 يوليو زيها زى أى حقبة زمنية مرت بمصر .. لها ما لها وعليها ما عليها .. وكل الشخوص التاريخية ورموز مصر ، اخطاوا واصابوا .. وعلشان تقدر تحكم على الخطأ والصواب ده يبقى لازم تكن دارس وفاهم وعلى علم بكل الظروف والملابسات والإنعكاسات الدولية والتحديات المحيطة بأى قرار !

هم بيحاولوا يغرقوك طول الوقت فى صراع لا ينتهى فى تحديد الأفضلية بين ماقبل ومابعد ثورة 23 يوليو .. وبعدين يلهيك فى صراعات جانبية بتقسيمك ناصرى وساداتى .. وبعدين سينا ضاعت .. لأ ماضاعتش .. لأ رجعت .. لأ مارجعتش .. لأ رجعت لكن على الورق بس … وعلى فكرة .. كان بيتقال عن عبد الناصر إنه امه يهودية ، وإنه خاين ووعميل لأميريكا … أااه والله بجد … وما اشبه اليوم بالبارحة ….  وبعدها كل واحد يبدأ يستعين بكل وأى شئ يؤيد وجهة نظره .. والنتيجة .. صراع مستمر .. وإنهيار وتشويه الرموز .. وانهيار التاريخ بعد التشكيك فيه .. وفى الخلفية الجيش المصرى اللى بــ يتم تشويه كل رموزه .. وإقناعك إنه سبب كل الشرور والأثام من بدأ الخليقة … والنتيجة أجيال مايعة ، وعقول مشوهه فكرياً ، غرقانة فى تفاصيل وحروب مجادلات السوشيال ميديا بعد ما ترسخت فى عقولهم معلومات مضللة وافكار وإستنتاجات ، أقل ما توصف بها انها ساذجة (و ده برضوا اللفظ المهذب) 😊

نعتذر بشدة إننا طولنا عليكم .. بس إعتبروا إن كلامنا النهاردة مجرد فضفضة معاكم فى ذكرى إحتفال مصر بثورة 23 يوليو .. وإمتدادها .. ثورة 30 يونيو .. وكل سنة وحضراتكم ومصر كلها بخير وأمن وأمان

لمتابعة تعليقاتكم