الصورة الذهنية و معركة الهوية

09 Apr 2021

الصورة الذهنية و معركة الهوية !!

———————————

على مدار سنين طويلة .. يمكن تمتد لعشرات السنين كان الشعب المصرى بــ يواجه حرب شرسة حقيقية .. حرب هو مش حاسس بيها ولا واخد باله منها ..  حرب وحملة ممنهجة  تم ممارستها على الوعى الجمعى للمصريين فى إطار من الإغتيال المعنوى المتعمّد .. فى محاولة لتدمير وإسقاط الهوية المصرية بالكامل ، بل وتشويه الصورة الذهنية السوية للمصريين وإزهاق خلفيتهم الحضارية وغرس شعور مستمر بالدونية فى وجدان المصريين .. وبالذات بالنسبة للأجيال الجديدة

وبرغم إن التفاصيل مهمة جدا لشرح كل اللى كان بيتعمل واللى تم ممارسته بصورة ممنهجة على الوعى الجمعى للمصريين … لكن علشان مانطولش على حضراتكم .. هــ نقفز مباشرةً لنتيجة الحرب الشرسة دى علينا إييه …  وهو ترسيخ صورة ذهنية فى وجدان المصريين تحولت مع الوقت لقناعة تامة .. بإن الدولة المصرية دولة فاشلة وجيشها ضعيف .. وإن المصريين شعب متخلف .. وإن بلدنا أسوء بلد فى الكون .. وبدأ يتغرز فيك عدم الشعور بالإنتماء لبلدك ولأصولك ولحضارتك .. وإن الهوية المصرية دى مجرد أكذوبة

و عن طريق السنيما و الدراما والإعلام والصحافة الصفراء والأبواق الدعائية للإخوان والمتسلفين والقنوات الإخبارية المغرضة ,, تم التركيز فى مصر على كل ما هو سلبى فى شكل صورة مقيتة مش بتعمل حاجة غير إنها بــ تشوه مصر والمصريين .. وبتقدم صورة سيئة عن مصر للعالم كله .. وبتشوه المرأة المصرية والموظف والمحامى والضابط والطبيب والمهندس … وبتقدم نموذج لأسرة مهترئة .. ولما تيجى تتكلم عن النماذج دى من الأعمال .. فــ يكون الرد هو إن ده الواقع !!!

و فى النهاية وصل الموضوع لدرجة إن المصريين نفسهم إقتنعوا بــ ده .. بعد ما بقت هى دى صورة مصر عند العالم .. وبالذات فى العالم العربى المحيط .. وأصبحت مصر بالنسبة لنا و لهم عبارة عن حكومة منحرفة وقيادة عميلة وخاينة .. وشعب ماعندوش ضمير وبيبيع كل حاجة فى مقابل القرش .. و إمرأة منحرفة .. وضابط فاسد .. وطبيب ماعندوش ضمير .. وشباب بيتعاطى مخدرات وبيتاجر فيها .. وناس عايشين فى عشوائيات .. وأسرة مهترئة .. وخيانة زوجية … ألخ ألخ ألخ بكل الصور السئية اللى ممكن أى حد يشوفها أو يتخيلها عن مجتمع ما ! 

لكن و مع اللحظة الأولى اللى تم فيها الإطاحة بالإخوان فى 30 يونيو ، كانت القيادة السياسية مدركة تماما لحجم التحديات اللى هــ تواجهها زى مواجة منتخب العالم للإرهاب كذراع مسلح للدول والمنظمات الداعمة والمؤيدة والممولة للجماعة .. ومواجهة الرفض الدولى للى حصل فى مصر .. وحالة الإستقطاب المجتمعى اللى فى أشد حالاتها .. وأزمات داخلية … وإنهيار إقتصادى .. وتحديات خارجية إقليمية ودولية … ألخ ألخ

لكن أهم تحدى كان بــ يواجه الدولة هو تصحيح الصورة الذهنية للمصريين .. سواء بالنسبة للمصريين أنفسهم .. أو للعالم كله .. والقيام بــ ضرب أدوات الحرب على الهوية المصرية … بهدف إعادة إستحضار الروح المصرية الأصيلة والقدرات الغير مدركة لدى المصريين ..

وكانت البداية إنطلاقا من جملة قالها رأس الدولة المصرية فى أشد لحظات الضعف اللى مرت بيها مصر .. وهى جملة  “مصر أم الدنيا وهتبقى قد الدنيا” .. ثم بدأت وإستمرت خطة تصحية الصورة الذهنة لمصر والمصريين ، فى صورة خطاب إعلامى وسياسي منضبط لعموم الشعب وللخارج … وكل ده مؤيد بأفعال حقيقية على الأرض تأكد التوجه ده ..

تم رفع الروح المعنوية للمصريين .. وإيصال رسالة لكل مصرى بإنه شخص محترم ومقدر .. وإنه له اصول عريقة .. وإنه صاحب منجز حضارى هائل .. وخلفية ثقافية لا يمتلكها أحد .. وإن المصرى من حقه يعيش حياة كريمة .. ويحصل على أفضل خدمة ممكنة

تم إعادة بث روح الوطنية فى المصريين .. وإنهم شعب قوى .. ويقدروا يتخطوا كل التحديات .. وده كان له مردود إيجابى على المجتمع ككل .. وبدأ يتم تسليط الضوء على كل ما هو إيجابى لمصر والمصريين

بدأت الدولة تزرع فكرة (وهى فكرة حقيقية تماما) .. إن الدولة مش هــ تبقى عظيمة غير بشعبها … وإن إرادة التغيير إرادة مجتمعية .. ومن غير إرادة الشعب ماحدش هــ يقدر يغير حاجة .. وإن جيشك لو كان قوى .. فهو قوى بيك .. لأنك واقف فى ظهره .. وبتدعمه

بدأت معركة إزالة العشوائيات ونقل المجتمعات إلى مدن ومجمعات عمرانية جديدة تليق بالمصريين .. وبدأ تطوير البنية التحتية .. وتغيير الصورة الذهنية عن مؤسسات الدولة … بإعادة الصورة المشرقة الجميلة للمعيشة الأدمية اللى بــ يطمح ويتطلع لها كل المصريين

بدأ يتم وضع المرأة المصرية فى مكانتها التى تليق بيها .. وبدأت الصورة تتغير .. وبقينا نشوف التقدير لدور المرأة المصرية ، فى الخطاب السياسى والمجتمعى من أول رئيس الدولة لحد كل المؤسسات .. وبدأ يبقى فيه مشاركة فعالة للأم المصرية فى مرحلة بناء الدولة ومواجهة التحديات .. من أول المشاركة فى 30 يونيو مرورا بكل الفعاليات الإنتخابية ووصولا إلى إن المرأة اصبحت تمثل وزن فى الكيان السياسى والنيابى للدولة كوزيرات ومسئولات ونائبات فى مجلسى الشعب والشورى .. بالإضافة إلى الدور المجتمعى اللى بتقوم بيه عظيمات مصر من أمهاتنا وإخواتنا وبناتنا.

بدأ يبقى فيه خطاب إعلامى إيجابى .. يبرز الشكل الجمالى ويعكس الصورة الجديدة اللى أصبحت عليها مصر … وبعيدا عن القنوات المغرضة والتقارير والمقالات الموجهة والممولة ضد مصر .. ونتيجة لكل الجهود اللى بتقوم بيها الدولة المصرية .. بقينا بنشوف فى الإعلام الغربى كلام إيجابى عن مصر وعن التجربة المصرية .. وبدل ماكانوا بينقلوا صور العشوائيات .. بقوا بينقلوا صور المدن الجديدة والمشروعات القومية ومعدلات النمو الإقتصادى العالية والفرص الإستثمارية وإنخفاض معدلات البطالة وتطوير القطاع الصحى والتعليمى ….

بدأت مصر تنظم أحداث رياضية قارية وعالمية زى بطولة أفريقيا لكرة القدم وبطولة العالم لكرة اليد وغيرها من الأحداث الرياضية اللى قدمتها مصر فى شكل مبهر وبأعلى مستوى من التنظيم والحرفية .. وبدأ يتم تركيز الضوء على أبطال مصر فى كل الألعاب زى الإسكواش وحمل الأثقال والسياحة والكراتيه وتنس الطاولة وكل الألعاب الفردية اللى فيها أبطال مصريين مشرفين بلدهم على مستوى العالم .. وكمان بقى بيتم تكريمهم من مؤسسة الرئاسة ورئيس الدولة

أصبحت كلمة .. اضخم .. وأكبر .. وأعلى .. وأطول .. وأعرض .. وأفضل … كلمات ملاصقة لتوصيف وتصنيف كل عمل بــ يقوم بيه المصريين سواء على مستوى الشرق الأوسط او أفريقيا أو العالم .. من محطات كهرباء ، وإسالة غاز ، وشبكات طرق وكبارى وأنفاق ، ومدن جديدة ، وإستصلاح اراضى ، ومجمعات صناعية ، ومشروعات إنتاج حيوانى وإستزراع سمكى .. وكل ده بمعدلات غير مسبوقة … إضافة للحملات الصحية ومشروعات القضاء على الأمراض المتوطنة زى فيروس سى … وتطوير منتج تعليمى يليق بالمصريين .. لدرجة إن النظام التعليمى اللى مش عاجب بعض المصريين ده .. تم تصنيفه كواحد من أنجح 3 تجارب تعليمية على مستوى العالم فى زمن كورونا

أزمة كورونا نفسها اثبتت إن الدولة المصرية مش أقل من أى دولة كبرى فى العالم .. بل تفوقت عليهم .. وإن حملات المزايدة على مصر والمصريين بإننا كم مهمل .. وإن المواطن له قيمة برة عند دولته .. وإن الدول بتقول للمواطن بتاعها “نحن نحرك أساطيلنا من أجلك” .. فــ الأزمة دى اثبتت إن الدولة الوحيدة فى عز الأزمة اللى حركت أساطيلها الجوية فعليا من أجل ابنائها .. كانت هى الدولة المصرية .. فى حين إن دول تانية عظمى .. زى بريطانيا وأميريكا .. كانت بتقول لمواطنيها من العالقين فى دول أخرى  .. اللى عايز يرجع بلده يدفع ..

بدأ يبقى فيه فن راقى وافلام ومسلسلات هادفة .. تعكس صورة مشرفة ومحترمة للمصريين .. صورة بتقول للمصريين ، و للعالم كله .. إن هى دى صورة مصر الحقيقية .. مش الصورة المشوهة المقيتة اللى إنتم تعرفوها

بدأ يبقى فيه إهتمام بالحضارة المصرية القديمة .. ووضع الإهتمام بيها من ضمن أولويات الدولة المصرية وإعادة تقديمها للعالم كله بالصورة التى تليق بيها ..

كل ده وأكثر منه قامت بيه الدولة المصرية لتغيير الصورة الذهنية اللى ترسخت فى قلوب وعقول  المصريين والعالم ، على مدار عقود … وكان تتويج للمجهودات دى كلها هو اللى إحنا شوفناه فى إحتفالية نقل المومياوات الملكية .. وكلنا شوفنا الروح المعنوية المرتفعة اللى كانت عند كل المصريين .. ولحظات الفخر بنفسهم وبأصولهم العريقة وخلفيتهم الثقافية والحضارية اللى مافيش حد فى العالم بــ يمتلكها … واللى خلى العالم كله بدون أدنى مبالغة .. بــ يتابع مصر .. وكثير جدا قالوا فى تعليقاتهم على الحدث اللى نقلته اكثر من 400 قناة .. “ياريتنا كنا مصريين”

فى الختام .. عايزين بس نفكركم بحاجة بسيطة ..

لما داعش دخلت العراق وسوريا .. وبدأت تسيطر على أجزاء كبيرة منهم  (وكلنا بقينا عارفين مين اللى عمل داعش ومين اللى دعمها وسرحها علينا) .. كانت أول حاجة عملوها .. هو تحطيم المكتبات وحرق الكتب ، وهدم المتاحف والأثار وتدمير مدن أثرية بالكامل … ثم تدمير البنية التحتية للدولة وتشريد الشعوب ….. الكلام ده ماكانش إعتباطى .. لكن كان هدفه حاجتين:

#أولا .. تدمير الهوية والمنتج الحضارى للشعوب المستهدفة … و محو كل ما يمت بــ صلة لأصولهم التاريخية والثقافية ..

#ثانيا .. تدمير قدرة الشعوب دى على الحياة ، ووضعها فى حالة عجز تمام عن إستعادة منتجها الحضارى والثقافى وترسيخ مشاعر العجز والدونية فى نفوس الشعوب وتشويه هوية الأجيال الصاعدة

ده اللى كان هــ يحصل معاك على فكرة .. وإذا كنتوا نسيتوا اللى جرى … هاتو جوجل ويوتيوب يتقرأ عن الفترة السودة اللى عشناها فى 2012 و2013 كتتويج للحرب الممنهجة اللى تم ممارستها علينا على مدار سنين … وكان هيبقى القادم أسوء

لازم تبقى فاهم .. إنك صاحب أصول عريقة .. ومنتج حضارى وثقافى هائل .. بيحسدك عليه العالم كله .. وصاحب إمكانيات لا يتخيلها أحد .. وعندك القدرة إنك تعمل المعجزات .. لكن أهم شيئ إننا مانسمحش لحد إنه يحط من قدرنا .. أو يميّع هويتنا … والأهم إننا نؤمن بنفسنا وبقدراتنا .. ونفخر بماضينا .. علشان نقدر نحافظ على حاضرنا .. ونخطى لقدام علشان نصنع مستقبلنا ….

حفظ الله مصر وجيشها وشعبها

لمتابعة تعليقاتكم