المناظرة .. وخيبة الأمل اللى راكبة جمل

05 Apr 2015

المناظرة .. وخيبة الأمل اللى راكبة جمل

—————————————

 إنتظرت بشغف شديد جداً المناظرة المنشودة ، بين إسلام بحيرى كشخص مستنير ، وباحث ، أثار جدل واسع لأكثر من سنة بسبب القضايا الشائكة اللى بــ يتصدى لها ، وبيخوض فيها تحت راية التنوير وتنقيح التراث .. وبين ممثل مؤسسة الأزهر ، أياً من يكون .. بإعتباره ممثلاً للأزهر الشريف حصن الإسلام ، ومنبع الوسطية ، والمنارة العلمية اللى إتخرّج منها ملايين الطلاب والباحثين والعلماء فى العالم كله

 كنت منتظر إنى أشوف مناظرة حقيقية على مستوى الحدث .. يكون فيها الأطراف متفقين على الموضوعات اللى هــ يتم مناقشتها .. او حتى موضوع واحد بس من الأشياء اللى تم إثارة الجدل حولها فى الفترة اللى فاتت .. وكنت منتظر كمان من الطرفين إنه يكون عندهم النية لإثبات وإظهار الحقيقة أياً كانت .. علشان الفائدة تكون للمواطن العادى اللى كل همه إنه يفهم الحقيقة ، ويوصل لرضاء ربنا ببساطة ومن غير تعقيد ، و بدون ما يسقط فى فخ الإنكار التام .. أو القبول الأعمى … لكن بكل أسف خاب ظنى من كلا الطرفين .. وبالذات من ممثل الأزهر ..

 وبالرغم من إن صفحة كلام فى الصميم ما كانتش عايزة تتصدى لمناقشة قضية خلافية .. و بالذات قضية دينية زى دى .. فى الوقت اللى فيه البلد محتاجة كل إتحاد وترابط ، وهى مقبلة على لحظات مفصلية فى تاريخنا .. لكن وجدنا إن من واجبنا إننا على الأقل نبدى رأينا فى الموضوع .. وعلشان كدة ، تعالوا بقى نستعرض اللى حصل بمنتهى الحيادية فى الرأى علشان نأصل الأفكار بموضوعية ..

 إسلام بحيرى من أكثر من 10 سنين نزل ورقة بحثية بخصوص عمر السيدة عائشة عند الزواج بالرسول عليه الصلاة والسلام أثبت فيها إنه كان (17 سنة) مش 9 سنوات .. وتم نشرها فى وسائل الإعلام .. وكمان أكد عليها عمرو خالد .. وبعض الشيوخ المستنيرين .. فى الوقت اللى الأزهر الشريف كمؤسسة مافكرتش ترد على الكلام ده ، أو تدعو حد للمناقشة فيها .. ومش كدة وبس .. لكن إسلام بحيرى بقاله سنة عمال بيهرى و ينتع فى قلبه فى قضايا فقهية جوهرية و بــ يكسّر فى تابوهات فقهية وفكرية .. و بــ يتحدى الأزهر إنه يناظره فى أى موضوع من الموضوعات .. ومؤسسة الأزهر فى كوكب تانى .. وبعدين صحيوا فجأة ببيان اقل ما يوصف به أنه إستعداء للشعب على إسلام البحيرى وتكفيره بشياكة بوصفه إن بيهدم صحيح الدين .. فى نفس الوقت اللى رفضوا فيه أى صيغة لتكفير داعش وأصدروا بيان بيقول إن داعش عندهم فهم خاطئ للدين !! .. يا سلاااام …. !! .. طب لييه ده ما إتقالش على إسلام بحيرى .. وليه اللى إتعمل مع إسلام بحيرى ما إتعملش مع الشيخ عبد الله نصر الشهير بميزو ، واللى بيقول تقريباً نفس اللى بيقوله البحيرى !!!

 فى نفس الوقت .. سكوت الأزهر أغرى إسلام بحيرى بالتمادى فى اللى بيقوله .. ووصل الموضوع للسباب الصريح فى برنامجه .. وكمان الطعن فى كل التراث اللى جاء به الأئمة الأربعة ، والبخارى ، ومسلم ، وكتب التفسير والفقه المعتمدة ، زى الطبرى وابن كثير وغيرهم .. واللى مش ممكن يبقى مقبول عند أى حد ، بالصورة اللى هو بــ ينتههجها دى ، واللى مش ممكن توصل بينا لنقطة إلتقاء .. لأن اللى بيعمله ده كان إما إنه علاج بأسلوب الصدمة .. وده ما ينفعش فى الموضوعات الدينية الشائكة .. أو إنه إنسان مُغرض ، و دى حاجة ماحدش يقدر يثبتها غير بعد فترة  !!

 فوجئت بإن طرفى المناظرة على النقيض تماماً .. فــ ممثل الأزهر شخص لزج مستفز ضحل الثقافة .. و ظهر من البداية إن هدفه ماكانش المناظرة ولكن التركيز على سفاسف الأمور ، وزلات لسان .. فى محاولة لإثبات فساد عقائدى عند إسلام بحيرى بغض النظر عن قيمة المناظرة نفسها ، و اللى المفروض إنه بيمثل الأزهر فيها .. وفى المقابل كان إسلام البحيرى صورة للغضب والثورة والتطاول وإتنرفز وزعق ، وصوته راح ، وسقط فى هوة الدفاع عن نفسه ، واللى بــ يتنافى مع الهدف اللى هو جاى علشانه أصلا .. واللى المفروض إنه محتاج كل هدوء وعقلانية !!

 عبد الله رشدى الباحث فى الأديان وممثل الأزهر ، زى ما وصفه إسلام بحيرى ماكانش مذاكر كويس وكان طول الوقت بيطلب الدعم من على الموبايل .. فى الوقت اللى فشل فيه إسلام البحيرى فى التركيز حتى على نقطة واحدة صريحة تكون موضوع المناقشة .. و ساب ممثل الأزهر يجرجره في التفاصيل و الفروع و أبعده عن أساس المناظرة اللي المفروض إن أهم عنوان فيها كان هو أحاديث البخاري !!

 لأسف الشديد … المناظرة دى هى أهم توصيف للحالة الحوارية المتردية اللى وصلنا لها فى مجتمعاتنا العربية .. واللى دايما المحصلة النهائية بتاعتها بتكون صفر !! 🙂

وللأسف مرة أخرى .. بين كهنوت تقديس التراث و شيوخ الرفض لأى تجديد وتحديث وتنقيح للفكر الدينى والدفاع المستميت عنه علشان مايفقدوش مكانتهم اللى خلقوها لنفسهم بالهالة الدينية اللى حواليهم زى بالضبط ما عمل قساوسة وبابوات الكنيسة فى العصور الوسطى .. وبين دعوات رفض الوصاية التام وإنكار المرجعية .. تكمن المشكلة 🙂

 أيوة .. هنا تكمن المشكلة .. المشكلة اللى ماحدش عايز يعترف بيها .. واللى كانت السبب فى كل اللى بيحصل دلوقتى ، من قتل وحرق وخراب ودمار .. وإفتكروا إن كل المستنيرين زى الخوارزمى ، و ابن رشد ، و ابن سينا والحلاج .. وغيرهم .. تم تكفيرهم بل وقتل بعضهم ، إستناداً لكتب هى فى النهاية منتج بشرى لا يمكن أن يتحصن من أى نقد أو تنقيح ..

 فى النهاية .. وإذا كانت المناظرات دى هــ تستمر .. فانا أدعوا مؤسسة الأزهر .. وإسلام بحيرى ، لمناظرات منضبطة ، محددة التوقيتات ، برؤوس مواضيع كبيرة ، وتأصيلات دينية محددة .. بدون شخصنة الحوارات وسفسفة الملاحظات .. علشان يبقى الهدف هو الوصول للحق فقط .. مش لتحقيق إنتصار من طرف على حساب الطرف الثانى ..

 خلص الكلام

لمتابعة تعليقاتكم