قراءة متعمقة فى أصل مخطط التقسيم وصولا لــ 2011 جزء 3

 23 Jan 2016

 قراءة متعمقة فى أصل مخطط التقسيم وصولا لــ 2011

المخطط من زمان –  الجزء الثالث

————————————————————–

على مدار المقالات السابقة اللى إتكلمنا فيها عن بداية المخطط ، ومعلش إستحملونا النهاردة فى مقال طويل شوية و…. “أخير” … محتاج كوباية الشاى اللى انتم عارفينها علشان بس نربط الحدوتة كلها مع بعضها ، لأننا لازم نكون فاهمين شئ مهم جداً وهو إن الهدف الإستراتيجى الأول لكل اللى بيحصل هو تمكين “إسرائيل” من الوجود على المدى الطويل .. !!

وعلشان يتحقق الكلام ده ، فكان لازم يتم العمل على إضعاف أو تفكيك الكيانات السياسية الكبيرة في الوطن العربي ، وخاصة دول مثلث القوة العربي (العراق – سورية – مصر) على الترتيب إلى كيانات أصغر ، علشان تغرق فى صراعات عرقية ومذهبية ، وخناقات على الحدود وعلى الثروة .. لكن أخطر شئ فى المشروع ده ، هو تغيير كيمياء الصراع العربي الصهيوني الأزلى ، إلى صراع عربي عربي على أسس مذهبية أو طائفية ، وكمان إدخال إيران كبديل “لإسرائيل” في دائرة الصراع ده ..

 ومش كدة وبس .. لكن تغيير الفكر بشكل كبير علشان يظهر توجهات مختلفة ، فــ نلاقى مثلا شريحة من الناس شايفة إن العرقية والمذهبية هى الإهتمام الأول بحيث تسمع ناس بتقول إن الشيعة أخطر على الأمة من اليهود .. وتلاقى الشيعة بتقول إن السنة بتهدد بقاء الشيعة .. أما الجزء الثانى أو الشريحة الثانية و دى جزء كبير منها من الشباب ، شايفين إن العدو الأول لهم هم أنظمة بلادهم وجيوش الدول بتاعتهم ، وإنهم علشان يحابوا إسرائيل ، يبقى لازم يهدموا الدول دى ويبنوا على نظيف .. ويؤيدهم فى ذلك بعض شيوخ الفتنة من أبواق الإخوان زى القرضاوى مثلا اللى قال مرة فى تصريح غريب إننا مش مأمورين فى الوقت الحالى بقتال اليهود !!

 ده يخلينا نرجع لنهاية الحرب العراقية الإيرانية ، وخروج صدام حسين منتشى بالقوة ، وخروج الجيش العراقى بخبرات عسكرية وميدانية كبيرة ، وضعته فى مصاف الجيوش الكبرى فى العالم .. وبدل ما يستفيد صدام وباقى العرب من التقارب بينهم فى حرب إيران ، بدأت النزاعات بينهم على سداد ديون الحرب ، وخصوصاً إن دول الخليج شعروا بإنهم أصحاب فضل على صدام حسين ، فى الوقت اللى هو كان شايف إنه حامى حمى البوابة الشرقية للوطن العربى ، وإن الجميع لازم يقدّروا ده …. وهنا لازم نقول حاجة مهمة جداً وهى إن الرؤساء والأمراء والملوك العرب بيتعاملوا مع قيادات الدول الأخرى فى العالم كله بإعتبار إننا كلنا “رؤساء زى بعدشينا” 🙂  .. يعنى على ما تُفرج كدة .. أما الغرب بأجهزته الأمنية فــ بيتعاملوا مع الأخرين من منطلق دراسات نفسية وعصبية وقياس ردود الأفعال لقيادات الدول وكيفية تعاملهم مع المواقف المختلفة .. وهو ده اللى حصل بالضبط ..

لقد تم تزكية روح الخلاف ، وتوسيع الهوة بين العراق وباقى دول الخليج فى خلال السنتين اللى أعقبت حرب الخليج الأولى ، بالإضافة للعب على روح الزعامة والنعرة القيادية والعنجهية العرقية لصدام حسين ، لإحداث مزيد من التوتر بينه وبين دول الخليج .. وبعد ما أخذ قراره بإجتياح الكويت وبدون الدخول فى تفاصيل واسباب اللى حصل .. قام صدام حسين بتوجيه سؤال رسمى لسفيرة الولايات المتحدة ، إذا كان أميريكا عندها أى تحفظات لو قام بغزو الكويت .. وكان الرد بعد 24 ساعة إن ده شأن عربى عربى ، وأميريكا مالهاش دعوة خالص بالموضوع … ولاحظوا إن وقتها الإتحاد السوفيتى كان خارج الحسابات لأنه كان بيترنح من سنة 1987 م ، وكان فى أضعف حالاته فى فترة حرب الخليج الثانية اللى بدأت بإجتياح الكويت فى اغسطس 1990 م … قبل إعلان تفككه بشكل رسمى فى ديسمبر 1991 م

وعنها بقى يا عم الحاج وما أطوّلش عليك ، .. فــ بمجرد إجتياح العراق للكويت ، أميريكا قلبت الدنيا على دماغ العم صدام حسين ، وفى ظرف أسابيع قامت بتكوين تحالف عسكرى دولى كامل بمليارات الخليج طبعاً ، وبدأت حرب عاصفة الصحراء مع بداية عام 1991 م ، وفى ظرف شهرين كان تم تحرير الكويت … يعنى فى نهاية فبراير 1991 م .. وهى دى كانت بداية النهاية الدرامية لصدام حسين وللجيش العراقى اللى تم تدمير جزء كبير منه أثناء إنسحابه من الكويت .. وبدأت سلسلة من القرارات والعقوبات الدولية على العراق .. لكن الأدهى كان إن أميريكا والغرب حافظوا على بقاء صدام حسين كبعبع وكأحد أسباب التوتر وعدم الإستقرار فى منطقة الخليج العربى لمدة 12 سنة ، وبكدة تم ترسيخ وجود القوات الأميريكية فى منطقة الخليج ، و بقواعد معلنة بهدف حماية دول الخليج ، وللأسف كله كان على حساب صاحب المحل !!!

 وفى خلال الــ 10 سنوات التالية ، ومع إنهيار الإتحاد السوفيتى ، وإنفراد الولايات المتحدة الأميريكية بالقوة المطلقة فى العالم ،  تم شغل العالم كله بموضوع العراق والعقوبات الدولية والمفتشين الدوليين و شد وجذب .. ومع كل يوم بيعدى ، كانت أميريكا والغرب ومن وراهم إسرائيل ، بيغرزوا أظفارهم فى جسد المنطقة أكثر وأكثر ، وبيتحكموا فى قرارات ومصير دول المنطقة .. وبيتم تفعيل مخطط برنارد لويس أكثر وأكثر ، مع توجيه جزء كبير للحرب الإعلامية والثقافية .. من أجل خلق أجيال وشباب مدمر يساعد فى هدم بلاده بدل ما يقف فى وجه الخطر الخارجى .. وكان من أخطر ما حدث هو إنشاء كيانات لبث السموم الفكرية فى عقول الشعوب على طريقة دس السم فى العسل ، وعلى رأس الكيانات دى كانت قناة الجزيرة الصهيونية (و دى هــ يكون لنا معاها حديث مطوّل بإذن الله) 😉 🙂

وبعد ما تم التأكد من تحقيق الغرض وهو التواجد فى المنطقة بشكل كامل ، كان لازم يتم قلب الترابيزة على دماغ الجميع ، وبالتالى كان لازم تحصل المسرحية الهزلية بتاعة أحداث 11 سبتمبر فى سنة 2001 ، واللى جزء كبير من الخبراء والمحللين السياسيين ، ومنهم أميريكيين ، بيضعوا تصورات وسيناريوهات بناء على وقائق وحقائق ذكرناها فى أحد مقالات صفحتنا ، صفحة كلام فى الصميم ، تثبت بشكل كبير إن “حدوتة 11 سبتمبر” دى كانت فعلا مسرحية هزلية تم إنتاجها لهدف واحد لاغير وهو إجتياح العالم بشكل بربرى همجى بحجة الحرب على الإرهاب ، وإخراس جميع الأصوات ، ووضع حالة من الرعب عند الأنظمة فى كل دول العالم وخصوصاً دول المنطقة خوفاً من إلصاق تهمة الإرهاب بأى نظام ، واللى هــ يتم ذبحه بلا رحمة لو فتح بقه ، بمجرد الإشارة فقط وحتى بدون أى دليل أو إثبات !!

وتم إجتياح أفغانستان ككارت إرهاب للعالم .. وأما بالنسبة للملف العراقى فكان لازم يتم غلقه بعد ما أدى دوره تماماً ، وحان الوقت لتدمير العراق بالكامل والسيطرة على بتروله ، ونهب جميع ثرواته .. وطبعا تحت مظلة الحرب على العدو الهلامى اللى إسمه “الإرهاب” .. وماحدش يقدر يفتح بقه أو يتكلم .. وللأسف تم إحتلال العراق فى 2003 م وإعتقال صدام حسين فى نفس العام .. وكان إستمرار الحرب فى العراق لسنوات وترسيخ التوتر فى المنطقة والنهب المنظم أمام الجميع للعراق هو عبارة عن كابوس مرير عاشته المنطقة … لكن المدهش والغريب كان فى أواخر فبراير 2009 لما أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن فترة زمنية مقدارها 18 شهر لانسحاب القوات المقاتلة من العراق ، مع بقاء 30 ألف إلى 50 ألف من القوات “لتدريب قوات الأمن العراقية”، وصرح قائد القوات الأمريكية راي أوديرنو أن جميع الجنود الأمريكين هــ يكونون خارج العراق بحلول نهاية عام 2011 وهو ما حدث بالفعل … (و نحط علامات تعجب من هنا لحد أول الطريق الصحراوى كدة 🙂 !!!!!!

هل تاريخ 2011 ده كان صدفة أم شئ مخطط له ومعروف ومدروس لإطلاق ثورات الزفت العربى .. وخصوصاً بعد تصريح “كونداليزا رايز” الشهير فى 2005 بتاع الشرق الأوسط الجديد ومشروع الفوضى الخلاقة ، واللى أثار سخرية الجميع وقتها بدون ما كان ممكن يتخيل أى شخص إييه اللى بــ يتم تدبيره للمنطقة من خراب !!! .. وبالتالى لما أميريكا تطلع من العراق فى 2011 .. هــ تكون خلاص دخلت للمنطقة كلها بس بأسلوب تانى خالص و”جديد نوفى” 🙂 !!

أصدقاؤنا ..

أفكار برنارد لويس هي فكرة إنهاء “الوطن العربي”، وتفكيك الدولة، والإمعان فى نهج التفتيت كبديل لمشروع سايكس بيكو، مع تطوير أهم وأخطر ، و هو إن التفتيت ده يكون شامل للوطن العربي من المحيط إلى الخليج ، ومش كدة وبس ، لكن يضم كمان تركيا وإيران في إطار خريطة النفط والغاز … وتطوير المخطط ده علشان يصل إلى قلب موسكو ، مع اعتبار أن الصراع على مصادر الطاقة ، هــ تكون معاركه شرسة وخصوصاً مع دول الطاقة الجديدة وهي الغاز، وهو ده اللى بــ يعكس الصراع بين سيطرة أمريكا والغرب على مناطق النفط ، وسيطرة روسيا الجديدة على خريطة الغاز … وأعتقد إننا إتكلمنا من أكثر من سنة عن موضوع صراع الطاقة ، وليه روسيا بتدعم مصر وسوريا بشدة وبعنف فى مواجهة المخطط الغربى .. لأن الموضوع لو ما وقفش ، ممكن يكون فيه تركيع لروسيا نفسها ، و ده اللى بوتين مش هــ يسمح به .. ولا النظام العالمى الجديد اللى مصر فى القلب منه ممكن يقبل به … أبداً

وفي النهاية للازم كلنا نقر حقيقة مهمة جداً .. وهى إن وجود مخططات أجنبية حقيرة لتقسيم بلادنا وأوطاننا ، لا يتعارض بأى شكل من الأشكال ، مع حقيقة وجود عوامل داخلية سواء كانت إجتماعية أو سياسية تشجع على تنفيذ هذه المخططات ، .. لكن فى نفس الوقت أى حد عايش فى دور جيفارا ، وبينكر أو بيستنكر إنه فيه مخطط لإسقاط بلادنا لمجرد إنه ساجن نفسه فى 18 يوم ثورة ، مش عايز يخرج منهم أو يشوف غيرهم .. أو لأنه رافض مبدأ إنه تم الضحك عليه ، واللعب على مشاعره ، وإستغلاله لإسقاط وطنه .. فــ ده مالوش توصيف غير إنه قصور فكرى وعقلى .. لأن زى ما قولنا ، إن الأحلام المشروعة والأسباب اللى تم إستغلالها ، و أدت لخروج ثورة ، لا تتعارض مطلقاً مع وجود مؤامرة .. وكان نزول الناس فى الشارع زى ما دايما بنقول إنه كان على طريقة “قول حق يراد به باطل”

و … للحديث بقية من خلال إعادة نشر سلسلة مقالاتنا الثلاثية واللى كانت بعنوان “أصل الحدوتة فى ثورة مصر المحروسة” .. علشان ده يكون فصل الختام فى موضوع الثورة اللى مش ثورة !!!

 

لمتابعة تعليقاتكم