بذرة الخلاف والإختلاف

24 Nov 2014

 بذرة الخلاف والإختلاف

————————

 إتكلمنا فى اليومين اللى فاتوا عن “ليه يوم 28 نوفمبر” وعن الفخ اللى بيتم نصبه علشان يشعلوا الوضع الداخلى ، وكمان تأليب الرأى العام العالمى على مصر بإظهارها كدولة قاهرة للحريات … والنهاردة هــ نتكلم عن تأصيل فكرة رفع المصاحف فى التاريخ بشرح مبسط ، ثم ربطها بالدعاوى الحالية !!

كلنا عارفين الفترة الصعبة فى زمن الإمام على بن أبى طالب ، و اللى سمّيت فى التاريخ بالفتنة الكبرى .. واللى كتير قوى من الصحابة إعتزلوها خوفاً من الوقوع فى الإثم .. وإحنا كمان مش هــ ندخل فى تفاصيلها لأنها كتيرة ومتشعبة ، لكن هــ نتكلم عن خطوطها العريضة فقط .. وهو الصراع اللى كان بين على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما .. واللى بلغة عصرنا الحالى ممكن نوصفه بأنه كان صراع سياسى على شرعية الحكم .. واللى تطور لدرجة الإقتتال بين الجيوش المسلمة !!

 ولما إنهزام جيش معاوية اللى جاى من الشام أمام جيش علي بن أبى طالب اللى جاى من العراق ظهرت فكرة فى جيش معاوية بدون الخوض فــ مين هو صاحب الفكرة لأنها محل خلاف .. وهى فكرة رفع المصاحف على أسنّة الرماح طلباً لتحكيم كتاب الله !!

وطبعاً توقف القتال … وشعر سيدنا على بن أبى طالب إن الموضوع مجرد خدعة لكنه فضل حقن دماء المسلمين وإنتدب من عنده الصحابى أبى موسى الأشعرى وإنتدب معاوية من عنده الصحابى عمرو بن العاص علشان يجلسوا مع بعض للتحكيم …

إنشق 12 ألف من جيش على بن ابى طالب وخرجوا عليه رافضين فكرة التحكيم على إعتبار إن الموضوع مش محتاج تحكيم لأنهم شايفين إنهم هم اللى معاهم الحق ، وإن جيش معاوية هو الجيش الباغى عليهم ، وإن فيه أيات وأحاديث بتتكلم عن الفئة الباغية وبالتالى لا يجوز تحكيم بشر فى الموضوع ، وكان قصدهم طبعاً (عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري) … وبعدها صاحوا “لا حكم إلا لله”….

 وهنا قال سيدنا على بن أبى طالب قولته المشهورة “إنها كلمة حق يراد بها باطل” !!! .. واللى خلّاهم بعد كدة يصل بهم الأمر إنهم يكفّروا سيدنا على بن أبى طالب نفسه ، وطالبوه بإنه يتوب ويعلن إسلامه … أاااه والله زى ما بقول لكم كدة !! .. 🙂 الخوارج كفّروا أبو الحسنين ، رابع الخلفاء الراشدين ورابع العشرة المبشرين بالجنة ، وثالث أول ثلاثة فى الإسلام ، وأول من أسلم من الصبيان .. تخيّلوا !!!

 القصة دى ترتب عليها أحداث كتير بعد كدة ودماء كتير سالت وخاصة فى إعتصام حروراء اللى إتكلمنا عنه على صفحتنا من فترة وربطناه بإعتصام رابعة … لأن الأحداث دى أدت إلى شق وحدة المجتمع الإسلامى وظهور الفكر المتطرف اللى بــ نعانى منه لحد النهاردة .. من عقول متخلفة وقلوب زى الصخر ، وفكر ضحل متعصب ، قافل على نفسه ، ورافض التفكير العقلانى أو حتى التفكير الدينى الوسطى ، اللى ربنا سبحانه وتعالى أمرنا به !!

وعلى فكرة .. الناس دى كانوا من القرّاء ، العبّاد ، الصوّامين بالنهار ، و القوّامين بالليل ، ومشهود لهم بالورع والتقوى .. !!

من أمثلة تطرف الخوارج الفكرى هو إنهم أجمعوا على وجوب الثورة على الأئمة إذا بلغ عدد المنكرين على للأئمة أربعين رجلاً .. وكمان حَكم الخوارج على مرتكبي الكبائر اللى بــ يموتوا قبل التوبة، بالكفر والخلود في النار .. يعنى منهم لنفسهم كدة بقوا بيقرروا مين يدخل النار ومين يدخل الجنة !!! … (طب مش بيفكّروكم بحد الخوارج دول !!؟؟ 🙂 ) .. ومن فكر الخوارج ، خرجت محنة “خلق القرأن” اللى كادت إنها تعصف بالأمة كلها فى عهد الخلافة العباسية .. و …. الخ الخ الخ …

كل اللى عايز أقوله من رواية القصة دى ، إن رفع المصاحف ، وإستخدام الدين ، وتصوير الأمر على إنه حرب على الإسلام وصراع هوية دينية ، كل ده كلام فارغ و “كلمة حق يراد بها باطل” زى ما قال الإمام على بن ابى طالب رضى الله عنه ، ومش ممكن تؤدى إلّا لمزيد من التشتت والفرقة والصراع ، لأن الموضوع ده بيضرب القناعات الدينية فى مقتل ، وخصوصاً عند البسطاء من المصريين ، اللى أول ما تجيب سيرة الدين بــ تتحول عقولهم إلى جبل من الصخر الأصم الغير قابل للنقاش ، .. والكلام ده مابيفرقش مابين مسلم أو مسيحى أو حتى يهودى !!

ياترى بقى اﻹخوان أو أصحاب التأسلم السياسى ، عملوا أى حاجة تختلف عن اللى عملوه الخوارج !!؟؟ .. إنشقوا عن الكل .. وحزّبوا نفسهم فى فصيل مختلف عن اﻷخرين .. و إبتدعوا لنفسهم فكر جديد .. و سعوا لتنصيب نفسهم أوصياء على الفكر الدينى .. وحرقوا وقتلوا وسبّوا وشتموا بدعوى الجهاد فى سبيل الله .. وكفروا المخالف لهم .. بل وكفروا المجتمع كله وإتهموه إنه ضد شرع الله … عادى يعنى .. زى بالضبط ما الخوارج كفروا سيدنا على بن ابى طالب 🙂 … ومش فاضل بقى غير أخر حاجة .. وهى رفع المصاحف على أسنة المولوتوف علشان يكملوا سينفونية تقسيم المجتمع ، وإرساء المزيد من دعائم الفرقة والتشتت !!

 يا ناااااااااس …. إرحموا هذا البلد من اللعب بالنار على وتر الدين …

النار اللى لو إنتشرت هــ تحرق كل اللى قدامها ، والفائز فى النهاية هم أعداء مصر اللى قاعدين هناك وراء الحدود وفيما وراء أعالى البحار ، وقاعدين مبسوطين وبيضحكوا والشعوب العربية بتقطّع فى بعضها بإسم الدين والجهاد .. وإحنا فى كل يوم بيعدّى بــ نثبت فعلا إننا أمة ضحكت من جهلها الأمم !!

وللحديث بقية وصولاً ليوم 28 نوفمبر ..

 

لمتابعة تعليقاتكم