الربيع العربى .. !!

25 Jan 2018

الربيع العربى .. !!

——————

إن تاريخ الأمم ليس حلقات منفصلة أو جزر منعزلة بل هو سياق متصل يزدهر بالنضال والانتصارات ، و يوضح أيضاً الإنكسارات والهزائم .. وإذا أرت أن تفهم حاضرك جيداً ، وأن تحسن رؤية مستقبلك ، فعليك ان تكون قارئاً جيدا للتاريخ …. ولكن بشرط … ان تحسن أنت قراءة وفهم هذا التاريخ ، دون تعصب أو إنحياز أو شخصنة أو أهواء شخصية .. وأن تستقى معلوماتك من مصادرها الصحيحة والمعتبرة ، وليس من فرضيات وإقتراحت مستر جوجل 🙂 … هذا لأن تاريخ وحاضر ومستقبل الأمم والشعوب ، هو عبارة عن حلقات متصلة ، وموجات متكررة تعيد نفسها بنفسها على مدار تتابع الزمن … والجاهل وحده هو من يتصور أنه يستطيع ان يدرك ما حوله بمنأى عن تاريخ الماضى !! 😉

وهذا يقودنا لأن نقول بكل اسف وحزن .. أن كل من خرج علينا خلال سنوات الخريف العربى السوداء ، متمطعاً ، متبجحاً ، ساخراً ومنكراً لما يسمى بنظرية المؤامرة .. هو فى حد ذاته جزء من هذه المؤامرة ، سواء كان عن علم ودراية ، أو حتى عن جهل وخيبة .. وهذا الأخير هو من يهمنا .. لأن هذا الشخص لم يحاول ان يقرأ ، وحتى عندما قرأ لم يفهم ، لأنه سلّم عقله وإدراكه لمن تلاعب بهما بكل خسة .. ولو أنه أحسن قراءة  وفهم التاريخ ، لأدرك ان قدر مصر أولاً ، ومنطقة الشرق الاوسط ثانياً أن تكون فى مرمى مؤامرة تاريخية  قديمة قديمة قِدم الدهر ، منذ أن عرف العالم معنى الحروب والإستهداف واحلام التوسع والسيطرة ..

وعليه فإن ما حل ببلادنا مع مجئ عام 2011 ، إنما هو إحدى حلقات التاريخ المتتابعة فى مراحل الإستهداف المتتالية … وعملية إستهداف وتربص ممنهج تم على مدار سنوات طويلة من تاريخنا الحديث …. والمدهش فى الأمر هو ان هذه الحلقة من الإستهداف لم تكن مفاجأة ، أو حتى على حين غرة .. ولكن سبقها إعلانٌ وتصريحٌ ممن يستهدفون المنطقة ..، يخبروننا فيه بل ويخبرون العالم كله أنهم سيقومون بهذا .. عندما خرجت علينا كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميريكية الشهيرة بتصريحاتها التاريخية ، والتى تحدثت فيها عن مشروع الفوضى الخلاقة ، قبل سنوات من أحداث هذه الفوضى …

والمشكلة الكبرى عندما تجد أن هناك من يكذّب كل هذا ، ويعيش فى إطار من الإنكار لكل ماحدث ، بل ويتعامى عن تصريحات اصحاب المؤامرة انفسهم وكأن لسان حال هؤلاء وهم يخاطبون اصحاب المؤامرة يقول “لا ما تقولش على نفسك كدة … إنت حد جميل” … وكل هذا لا لشئ إلّا لأنهم يرفضون الإعتراف بأنهم كانوا مخطئين أو مغيّبين .. بل و يستعذبون الإحساس بالحالة الثورية والشعور بالقوة التى كانوا يشعرون بها ، وهم يرون انفسهم جزأً من مشهدٍ بدا عظيماً ، وهم يظنون أنهم يغيرون النظام والتاريخ .. وتلعب وسائل الإعلام فيه الدور الأقذر على الإطلاق كأحد اهم وسائل حروب الجيل الرابع ، فى تغذية هذا الشعور فى قلوب هؤلاء .. فينطلقون غاضبين ثائرين ، دون أن يدركوا انهم إنما يأدون الدور المرسوم و المراد منهم أن يقوموا به بالضبط فى تدمير أوطانهم وحياتهم ومستقبلهم ، بأيديهم لا بأيدى اعدائهم .. وهم يظنون انهم يحسنون صنعاً !

أصدقاؤنا ….

إن خسائر دول المنطقة فى ظل ثورات ما يسمى بالربيع العربى بلغت فى أكثر الأراء والحسابات تفاؤلا ما يتجاوز الــ 900 مليار دولار في البنية التحتية ، وليتها إقتصرت على الخسائر المادية ، بل وتجاوزت إلى الخسائر البشرية ، فــ خلّفت أكثر من مليون و400 ألف قتيل وأكثر من 15 مليون لاجئ …… !!!!!

والسؤال الذى يطرح نفسه هنا ..

– هل من المتصور ان يكون المتسبب فى خسائر بهذا الحجم يمكن أن يكون أى شئ غير حرب دولية طاحنة بمشاركة دول وأجهزة ومؤسسات وتنظيمات دولية ؟؟ .. بل هل من المتصور أن المتسبب فى مثل هذا الحجم من التخرب والتدمير يمكن ان يكون شيئاً شريفاً رائعاً ذا قيمة !!؟؟

نحن لن نجيب .. لأن الإجابة هنا فقط لأصحاب الشأن .. لو كانوا ما يزالون يملكون الحد الأدنى من العقل والإنصاف ..

قد يكون كلامنا صادماً للبعض .. وقد يكون مرفوضا من البعض الأخر ممن اصابتهم لعنة ما يعرف فى كتب علم النفس بــ “متلازمة الثبات الزمنى” .. والذى توقف به الزمن عندهم وسجنهم فى إطار و زمن و تاريخ و حدث معين …. ونحن لن نجادلهم فى ذلك .. لأنه لا يمكن لطبيب مهما بلغت مهارته وشهرته ، أن يعالج مريضاً ، إلا إذا إقتنع المريض أولا أنه مريض .. كما أن مدمن المخدر لا يمكن أن يبدأ رحلة علاجه إلا إذا تولدت عنده الرغبة الأكيدة فى الشفاء من الإدمان .. وعليه فنحن لن نجادل أو نناقش … ولكننا سنظل مقتنعين بما هو كائن أمامنا من نتائج واحداث .. وبعد كل ما تكشّف من حقائق تم إعلانها على لسان اصحابها ، .. أن ما حدث فى منطقتنا العربية .. أو على الأقل ما حدث فى مصر ، هو ثورة على خلفية مؤامرة كبرى مكتملة الأركان ، تم فيها إستغلال احلام البسطاء من الأبرياء والمغيبين ، والدفع بهم إلى الشارع لكى يحاربوا بإسم غيرهم من دعاة الهدم والمخربين والمتأمرين وتجار الدم .. وممن باعوا أوطانهم ، وقبضوا ثمنه …. !!

وياله من ثمن بخسٍ ، ذلك الذى حصلوا عليه على حساب دمار الأوطان وحياة ودماء الملايين من الأبرياء !!!

أما الشيئ الإيجابى الوحيد والمترتب على ثورات الربيع العربى هى إنكشاف كل الحقائق ، وإرتفاع الوعى الجمعى وحجم الإدراك عند المصريين إلى مستويات غير مسبوقة من فهم ما يحدث ، ترسيخاً وبناءً على حضارة 10 ألاف عام من الأحداث والتحديات والمحن والإنتصارات التى شكلت التركيبة اللوغاريتمية للشعب المصرى

حتى الأن ، مصر هى الدولة الوحيدة التى نجت من براثن مؤامرات الخريف العربى ..، تلك المؤامرات التى مازالت قائمة ومستمرة وتعمل من أجل إستكمال أهدافها التى مازالت لم تنجح فى تحقيقها بعد … وحلقات التاريخ هى من تتحدث ..

تحياتنا لكل المخلصين .. وتحيا مصر رغم انف المجرمين

ملحوظة:

مراجع من المهم جداً الرجوع إليها بترتيبها من مقالات الصفحة على مدار سنوات حاولنا فيها بقدر الإمكان ان نلعب دورا بسيطا فى معركة إحياء الوعى الجمعى للمصريين:

مقالات الخريف العربي  

مجموعة مقالات الحرب النفسية وتمهيد الطريق إلى 25 يناير

لمتابعة تعليقاتكم