الإشكالية الشرق أوسطية 1

26 Mar 2017

الإشكالية الشرق أوسطية 1

—————————

لأن الموضوع متشابك بشدة … وفيه أطراف كتيرة بتتصارع .. ولغة المصالح هى سيدة الموقف .. فإحنا هنرحع للوراء شوية .. مش ورا أوى يعنى 🙂 .. لكن لقرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى .. واللي احنا كتبنا عنه مقالات مطولة وقتها  .. وقولنا أن ده أحد أهم المؤشرات لبدأ انهيار الاتحاد الأوروبى وإعادة رسم خريطة القوى العالمية بناء على معادلات القوة وميلاد النظام العالمى الجديد.

اللى كثيير من الناس مش قادرين يفهموه لحد النهاردة إن الشيطان الأكبر مش أميريكا … لكن المُخطِّط الفعلى لمعظم كوارث العالم واللى سمح بميلاد البؤرة السرطانية فى قلب الشرق الأوسط وهى الكيان الاسرائيلى .. واللى كمان خلق كل تنظيمات التأسلم السياسي ودعمها وكبّرها وربى أفكارها وتوجهاتها الهدامة لحد ما وصلنا للى إحنا فيه النهاردة ، .. موجود هناك … فى قصر باكنجهام .. بكل أجهزته الاستخباراتية والأمنية المسئولة عن معظم إللى احنا عايشين فيه النهاردة فى عالمنا العربى

احنا نوهنا قبل كدة فى مقالات الخروج الكبير أن خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبى كان متخطط له تماما ، بغض النظر عن فكرة الاستفتاء وكذبة الديموكراسى الغربى ، لأن التزوير مش شرط يكون تزوير نتيجة الصندوق .. لكن ممكن يكون تزوير وعى المواطن نفسه .. زى ما حصل فى مصر فى انتخابات ٢٠١٢ .. وهو ده إللى حصل بالضبط فى إنجلترا فى استفتاء الخروج واللى اجمع العديد من المثقفين ورجال النخبة الإنجليز على انه قد تم العبث بالوعى العام للشعب الانجليزى على مدار سنتين للوصول لمرحلة التصويت بنعم للخروج من الاتحاد الأوروبى .. واللى كان متخطط له تماما زى ما قولنا .. مش من سنة أو اتنين أو حتى 6 سنين .. لكن من اليوم الأول لدخول بريطانيا فى عبائة الاتحاد الأوروبى ….. ولاحظوا أن إنجلترا هى الدولة الأوروبية الوحيدة إللى احتفظت بعملتها ورفضت رفض تام الاندماج فى منظومة اليورو … ومش كدة وبس .. لكن فضلت إنجلترا هى الدولة الأوروبية الوحيدة إللى تأشيرة الدخول لها منفصلة عن تأشيرة الشنجن الاوروبية … و دى كلها مؤشرات تقول ان انضمام إنجلترا لأوروبا كان انضمام مرحلى للاستفادة من الكيان الأوروبى فى أوج قوته واستخدامه لتحقيق أهداف محددة … ثم القفز منه مع الإنهاء من الغرض من قيامه وبداية ملامح انهياره. 🙂

بعد الحرب العالمية كان الوقت قد حان بالنسبة لبريطانيا للدخول فى حالة الكمون الشكلى والاختباء خلف الستار . . وإطلاق العنان للبلطجى الاميريكى الصاعد علشان يبقى فى المواجهة أمام العملاق السوفيتى ثم الانفراد بالعالم تماماً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي … وبعدها بسنتين تبدأ عملية إختراق الشرق الأوسط والتحكم فى مقدراته بلعبة حرب الخليج الأولى  .. وبعد التمكن التام من الشرق الأوسط … بدأت موجة البلطجة المطلقة بعد ١١ سبتمبر ووصولا لأحداث الخريف العربى فى ٢٠١١ …. والكلام ده كله شرحناه بالتفصيل فى سلسلة مقالات مخطط التقسيم واللى أعدنا نشرها فى يناير الماضى.

التمهيد ده كان ضرورى نقوله علشان يبقى واضح لنا إنه بعد انهيار مخطط الخريف العربى فى ٢٠١٣ على إيدين مصر ، وانكشاف كل الخطط والادوات مع انحسار موجة البلطجة الأميركية .. وبوادر ظهور النظام العالمى الجديد واتضاح ملامح القوى الجديدة .. فكان لازم يتم استعادة زمام المبادرة ، وخصوصاً مع ميلاد الحقبة الترامبية إللى جت علشان تنظف وترفع انقاض انهيار مخطط الربيع المزعوم وتنشغل أميريكا بمحاولة الاستفادة من النتائج إللى تم الوصول إليها وفى نفس الوقت تعالج كل ما أفسدته إدارة أوباما داخلياً … وبالتالى كان لازم بريطانيا تستعيد دورها بوجه جديد .. أو لو شئنا الدقة.. العودة بوجهها القديم … وعلشان كدة خرجت علينا رئيسة الوزراء تريزا ماى بتصريحاتها القوية أن بريطانيا لن تتورع عن استخدام السلاح النووي للحفاظ على أمن المملكة المتحدة .. وبعدين ظهورها فى اجتماع مجلس التعاون الخليجي والاعلان عن ان أمن الخليج من أمن بريطانيا .. وانها هتبدأ فى انشاء قواعد عسكرية بريطانية .. وكأن بريطانيا هى الوريث للمنطقة .. أو انه أن الأوان لاستعادة دورها القديم … ويمكن احنا لمحنا بالكلام ده فى خواطر أدمن إللى فى اللينك ده !!

النهاردة خلاص بدأت ملامح ظهور النظام العالمى الجديد .. وبدأت أقطاب القوة تتضح … وأصبح لروسيا والصين دور مساوى لدور أميريكا فى حين بدأ تراجع الدور الأوروبى وخصوصا بعد انفراط عقده ، وخروج بعض الدول من التغريد مع السرب زى فرنسا مثلا .. وعلشان كدة تم معاقبتها اكثر من مرة خلال السنتين إللى فاتوا … لكن فى نفس الوقت .. الساحة بتشهد تراجع البعبع إللى تم خلقه فى المنطقة وهو تيارات التأسلم السياسى .. وبدأ التخلى عنهم ، وتصفية بعض قياداتهم … و ده إللى بتعمله أميريكا وروسيا النهاردة فى سوريا .. مع تراجع واضح لدور “ريتشارد التركى” .. قصدى أردوغان .. وإللى بدأ كل حلفاؤه بالتخلى عنه .. وبدأت دول أوروبا واحدة ورا التانية تقلب عليه ، وأخرهم بلغاريا .. … فى الوقت إللى بدأت تظهر قوة إقليمية جديدة فى المنطقة … قوة لها ثقلها السياسى والعسكرى … وقريب أوى هتبقى قوة اقتصادية كمان مع تصاعد فرص الاستثمار على الرغم مما يشهده العالم من تباطؤ فى حركة الاقتصاد العالمى .. ولها علاقات قوية مع كل الأطراف … وتمثل بوابة هامة لأفريقيا .. ورمانة ميزان الشرق الأوسط كله .. ألا وهى مصر

لكن الخطيئة الكبرى إللى وقع فيها الغرب ، هو خلقه لكيانات إرهابية غير شرعية دعما للمشروع الامريكي البريطانى للاستيلاء على الشرق الاوسط و سحق روسيا و الصين في حرب طويله  .. و انقلاب النظام التركى الاخوانى على الغرب  … وهنا تكمن الإشكالية الشرق أوسطية ، واللى حلها يكمن فى اسم واحد فقط ……… مصر

وللحديث بقية في الجزء الثانى

لمتابعة تعليقاتكم