28 Oct 2015
ونستكمل المسيرة بالهند .. !!
—————————––
أصبح من الواضح جداً إن توجّه الرئيس السيسى ناحية الشرق الأقصى ، مش مجرد جولات مكوكية وبروتوكولية الهدف منها التواجد فى المحافل العالمية فقط ، .. لكنها إستراتيجية سياسية وعسكرية وإقتصادية أيضاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ..
وأقول لكم لييه !؟
أولا .. إحنا مش محتاجين نعترف إن مصر بتمر بأزمة إقتصادية حقيقية ، لأن ده شيئ يراه ويشعر به حتى المواطن العادى .. لكن خلينا نقول .. والكلام ده مش مجرد تجميل للحقيقة .. إن مصر برغم الأحداث اللى مرت بها إجمالا من سنة 2011 لحد النهاردة .. والموقف الصعب اللى مرت به مصر تحديداً منذ 30 يونيو 2013 ، وحالة المقاطعة العالمية الكاملة واللى وصلت للتهديد العلنى من بعض دول أوروبا وتجميد عضوية مصر فى الإتحاد الأفريقى ، كل ده أثر بشكل كبير على وضعية مصر الإقتصادية لإننا كدولة أصلا إقتصادها ضعيف ، وكمان مرت مؤخراً بفترة عدم إستقرار أثرت على الإحتياطى النقدى بتاعها بشكل مخيف .. ونجاح مصر وسط كل الظروف دى فى الوقوف على رجليها ومواجهة كل التحديات دى يعتبر إنجاز كبير فى حد ذاته !!
لكن المشكلة اللى ناس كتيرة مش قادرة تستوعبها لغاية دلوقتى ، إن الوضع الإقتصادى الشديد الصعوبة ده ، مش قاصر على مصر بس ، لكن ده وضع بــ تمر به كل دول العالم بلا إستثناء .. وتأثير الوضع الاقتصادى على الدول دى وعلى شعوبها ، بــ يتناسب مع قدرة كل دولة على مواجهة الأزمة إعتماداً على عدة مقومات ، منها الإحتياطى النقدى بتاعها ، وقوة إقتصادها ، وقوة عملتها ، ومستوى الإستقرار السياسى والإجتماعى داخل الدولة ، وأخيرا حجم التحديات الخارجية اللى بتواجهها الدول دى !!
ولو حبينا نعطى امثلة .. مجرد أمثلة فقط .. هــ نلاقى إن إيطاليا وفرنسا وأسبانيا والبرتغال واليونان وإنجلترا وروسيا والصين وحتى أميريكا ، وفوق منهم السعودية .. كل دوول بيمروا بأزمة أقتصادية … يعنى مثلا شركات السياحة الإيطالية قررت إنها تقلل رحلات الطيران بتاعتها بنسبة 50% لأن الطلاينة معهمش فلوس يسافروا يتفسحوا نتيجة الوضع الإقتصادى الداخلى وبيعانوا لتغطية المستوى المعيشى ، .. ونلاقى الحكومة بتفرض ضرائب حتى على قنوات التليفزيون للى عايز يتفرج .. وفرنسا واسبانيا نسبة البطالة فيها إرتفعت مؤشراتها نتيجة سوء الوضع الداخلى وعدم وجود فرص عمل متاحة .. واليونان كلنا عارفين وضعها إييه .. وروسيا اللى بتواجه تدهور فى مستوى عملتها وهى الروبل بنسبة تصل لــ 50% .. وأميريكا بتعانى من عجز فى الموازنة بنسبة حوالى 4% ، ومستوى النمو السنوى فى دخل الفرد فى دولة زى إنجلترا وصل لمستوى (0% – 0.5%) .. والسعودية اعلنت إجراءات تقشفية لمدة سنتين .. وغيره وغيره وغيره … ومصر مش بعيدة عن اللى بيحصل فى العالم ..
ولأن الدولة المصرية بتنحت فى الصخر وهى مرتكنة على إقتصاد محتاج حقن إنعاش بشكل كبير ، كان من الواجب على الرئيس المصرى أنه يبدأ يستدعى ويستقطب القوى الإقتصادية اللى ممكن تساعد مصر فى تجاوز أزمتها .. وكمان نفتح مصر كأرض خصبة الإستثمار .. وهو ده اللى خلّى الرئيس السيسى يولى إهتمامه للكتلة الشرقية بدأً من الصين لسنغافورة للهند لكوريا لروسيا .. وغير بعض الإتفاقيات مع إيطاليا وفرنسا ، ناهينا عن الدعم الخليجى اللامتناهى لمصر ..
ثانياً .. حرص الدولة المصرية على الإنسلاخ تماماً من التبعية لأميريكا و للغرب عن طريق عمل توازن فى العلاقات الإستراتيجية بين الشرق والغرب مع توجيه الإهتمام الكامل للتحالفات الشرقية لمواجهة التسلط الغربى على مصر بشكل خاص وعلى المنطقة بشكل عام .. وكل ده باسلوب سياسى مخابراتى وحرب عقول علشان مانخسرش الغرب ، بحيث إن مصر دايما تكون فى وضعية إستقلالية تضمن بيها تسابق المعسكرين الشرقى والغربى لكسب ودها والخوف من خسارة علاقتهم بيها كدولة محورية فى المنطقة .. والكلام ده شرحناه فى أكثر من مقال قبل كدة .. 🙂 🙂
ثالثا .. وده اللى إحنا شايفينه بعينينا والعالم كله كمان شايفه .. هو دخول مصر فى صفقات عسكرية صادمة للجميع وقيامها بــ تنويع مصادر السلاح وتطوير القدرات القتالية للجيش المصرى ، مش بس علشان تكسر الوصاية الغربية على حرية صنع القرار فى مصر ، لكن بإتمام صفقات سلاح نوعية ، لما نضيفها لقدرات الفرد المقاتل المصرى والعقلية العسكرية للجيش المصرى ، هــ تكون كفيلة بوضع مصر كقوة إقليمية ودولية كبرى قادرة على حماية الأمن القومى بكل مايمثله ده من قوة ردع فى المحيط الإقليمى لمنطقة الشرق الأوسط بالكامل وكمان عمل إتزان بين كل موازين القوة فى المنطقة سواء اللى جوة المنطقة وإلا اللى جاية من برة من أجل فرض رؤية محددة على التوجهات السياسية لكل دول المنطقة !!
ومن هنا لما نيجى نبص على زيارة الرئيس السيسى لــ نيودلهى للمشاركة فى أعمال القمة الثالثة لمنتدى الهند أفريقيا الإقتصادى .. هــ نلاقى إن الزيارة دى تصب فى إطار الثلاثة عناصر اللى إحنا إتكلمنا فيهم فى المقال .. بدايةً لأن مصر أحد أهم الشركاء التجاريين بالنسبة للهند في أفريقيا، وفي المقابل تعتبر الهند سادس أكبر شريك تجاري لمصر ، وهي ثاني أكبر جهة تصدير وعاشر أكبر مورد لمصر ، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال السنة المالية 2014-2015 نحو 4.76 مليار دولار، .. وتوجد بمصر حوالى 50 شركة هندية نشطة بإجمالي حجم استثمار يصل إلى نحو 3 مليار دولار وبتقوم الشركات دى بتنفيذ مشروعات مختلفة لصالح منظمات حكومية، و بــ توفر عمالة مباشرة وغير مباشرة في مصر تقدر بنحو 35 ألف عامل …
وثانيا على المستوى العسكرى وخصوصاً لما نعرف إن مع بداية تواصل مصر مع دول العالم والبدأ فى تطوير الكفاءة القتالية للجيش المصرى بعد 30 يونيو وتولى السيسى منصب الرئيس ، فيه وفد عسكرى من الهند جاء لمصر وقعد فيها لمدة أسبوع وعمل مباحثات مع قيادات الجيش المصرى ، وماحدش إتكلم خالص عن الموضوع ده ولا حد حس بيه 🙂 🙂
مصر مازلت بتتحرك بحرفية عالية جداً ، .. والقيادة المصرية بتعمل المستحيل علشان تقفز بمصر للأمام بما هو متاح من إمكانيات إقتصادية وبشرية و ….. وفكرية …. والأخيرة دى هى أهم عنصر فى الموضوع كله