لماذا حلب … ومعركة النفس الأخير

22 Feb 2016

لماذا حلب … ومعركة النفس الأخير !!؟؟

——————————————-

قامت الدنيا وماقعدتش فى الفترة الأخيرة وإرتفعت مؤشرات القلق عند الجميع بشك غير مسبوق ، مع تصاعد حمى التصريحات والتهديدات بالتدخل البرى فى سوريا ، واللى بدات الأول بالولايات المتحدة الأميريكية ، ثم تصريحات الناتو .. وبعدين السعودية أخدت الميكروفون والمبادرة ، وبدأت حملة من التصعيد ، والإعلان عن قرار التدخل البرى من السعودية بتأييد تركيا وقطر !! .. وأمام كل الضغوط دى ، كانت روسيا بتحذر بمنتهى القوة والثقة ، إن القيام بعملية تدخل برى مباشر ، هــ يحول الموضوع لحرب شاملة !!

وفى وسط كل ده ، وحالة التصعيد اللى المجتمع الدولى والإعلام كانوا عايشين فيها .. وخوف المصريين بالذات من الزج بالجيش المصرى فى حرب برية مباشرة ، كنا إحنا هنا على صفحة كلام فى الصميم فى جميع إجاباتنا على تسؤلات الأصدقاء ، بــ نستبعد التدخل البرى بشكل كبيير جداً .. وبــ نؤكد على إن الجيش المصرى مش ممكن يتورط فى حاجة زى دى ، مهما كانت الموائمات السياسية !! …

و بالرغم من ان ده عادي جداً بالنسبه لأصدقاء صفحة كلام في الصميم القدامي ، و متعودين عليه في كل الاحداث طوال عامين لكن لسه جديد على اصدقائنا الجداد  🙂 🙂  …. إنه تتحقق رؤية صفحتنا كالعاده  🙂 🙂   ….. و في الوقت ان كان كل الناس و القنوات و المحللين مرعوبين من السيناريوهات الحربيه و بيأكدوا ان الحرب هــ تقوم …. طلع كله بلح زي ما قلنا  🙂 🙂  …… 

فجأة كل حاجة فسسسسسسسس ، …. أميريكا جابت ورا ، والناتو قال مالناش دعوة ، وتركيا قالت إن الجيش التركى مش ممكن يتدخل برياً فى سوريا ، والسعودية قالت مش هــ أخش لواحدى ، ولو عايزيننى أدخل يبقى ندخل كلنا .. وكشك السجاير اللى على الخليج اللى إسمه قطر عمل من بنها   🙂 🙂  !!…  و النهارده طلع تصريح سياسي حاسم من وزير خارجيه تركيا قال فيه بالنص ( التدخل العسكريه البري التركي السعودي امر غير مطروح بالمرة )  🙂 🙂 🙂 

 لكن علشان نفهم لييه حصل التصعيد ده كله ، ولييه هدأ فجأة لازم نعرف إييه هى النقطة المفصلية فى التصعيد ، وفى التهدئة .. والنقطة المفصلية دى بكل بساطة وبدون تحفظ هى “حلب”

حلب هى أكبر المدن السورية ، وتعتبر المركز الإقتصادي و السكاني الأول لسوريا … و زى ما ذكرنا فى مقالنا السابق (سوريا و الحرب البريه المزعومه – بداية النهايه – الرقه – حلب ) إنه بالرغم من إن حلب كانت بعيدة عن الصراع فى البداية نظرا لطبيعتها السكانية ، إلا إنه الأمر تتطور بداية من 2012 وبدأنا نسمع ونشوف أحداث بتحصل فى حلب ومعارك دموية وقصف مستمر بهجوم شامل من كل الجهات على المدينة وعلى كتائب الجيش السورى .. وإبتدينا نسمع كلام وعناوين إنه لو سقطت حلب ، يبقى سقطت سوريا .. وخصوصا إننا بدانا نسمع عن صراع فصائل كتيرة مع الجيش السورى زى جبهة النصرة وداعش والجيش الحر ، وغيرهم من الفصائل !!

لكن برضوا يفضل السؤال .. إشمعنى حلب !!؟؟

أولا .. هى مركز ثقل وتجمّع للعناصر الإرهابية اللى بيسموها المعارضة السلمية المعتدلة المسلحة بكل اطيافها  🙂 🙂  …..   لأنها زى ما قولنا مركز ثقل إقتصادى هام ، ومدينة كبيرة .. وكمان قريبة من الحدود السورية التركية اللى بتمتد لقرابة 822 كيلومتر بإجمالى 19 معبر حدودى منهم إتنين بس فى إيدين الجيش السورى ، وثلاثة معابر فى إيدين الأكراد اللى هم ضد تركيا اصلا .. والباقى فى إيدين داعش وباقى الفصائل الإرهابية .. وبالتالى فالسيطرة على حلب ، هــ يوفر عملية إتصال بشكل كامل بين الإرهابيين وبين الدعم التركى من خلال المعابر اللى مسيطر عليها العناصر الإرهابية .. وهــ تكون ستار وحلقة مهمة في توريد المقاتلين و السلاح نحو الداخل السوري !!

ثانياً .. حلب بالنسبة لتركيا هى مركز تأمين للإرهابيين المواليين لها ولعمليات تهريب البترول اللى كانت بتقوم بها داعش لحساب تركيا ، واللى أردوغان إتفضح فيها عالميا .. ولسة لحد النهاردة إحنا مستنيينه يقدم إستقالته زى ما قال .. وفى نفس الوقت المحافظة على وضعية حلب والنقاط الحدودية الواقعة تحت سيطرة المليشيات الإرهابية المسلحة بالشكل ده مع دعمهم بالمال والسلاح والأفراد ، هــ يوفر لتركيا جبهة تقدر تهدد بيها مناطق نفوذ الأكراد و تحجيم قدرتهم العسكرية .. و ده اللى بيفسر لنا لييه كان إصرار تركيا على إقامة منطقة عازلة على الحدود بحجة الإرهاب .. وبكدة تبقى تركيا خلصت من الصداع المزمن ده واللى بــ يشكل قوة دعم لحزب العمال الكردستانى التركى داخل تركيا !

ثالثا .. الموضوع مش تركيا وبس .. لكن حلب تعتبر هدف وغطاء لكل الأطراف اللى بتدعم إسقاط سوريا ونظام الأسد .. ، وبقاء حلب فى إيدين الإرهابيين مش كمدينة فقط ، ولكن بكل المناطق المحيطة بيها بريفها الشمالى والجنوبى والشرقى والغربى ، يشكل إمتداد وداعم اساسى لكل المناطق السورية اللى سقطت فى إيديين المليشيات المسلحة .. وفى نفس الوقت إمتداد جغرافى وجيوسياسى كبير جداً فى مواجهة الحدود التركية اللى بالشكل ده هــ يخلى الحدود السورية مستباحة طول الوقت ومعبر لكل إمدادات الإرهابيين من المال والسلاح والأفراد !!

دخول الروس حلبة الصراع بألتهم العسكرية الجبارة .. أو إن شئنا الدقة بسلاح الطيران الروسى كان نقطة تحول فى ميزان القوة داخل حلبة الصراع السورى .. ومع الغطاء الجوى والدعم اللوجستى والسلاح الروسى ، بدأ الجيش السورى يحرز تقدم على الأرض ، وبدأ يستعيد مواقع حيوية ويكسب أرض ، وخصوصاً بعد الضربات الموجعة اللى تم توجيهها للمواقع ولقيادات التنظيمات الإرهابية .. وعلشان كدة بداً التلويح بالقوة من القوى المختلفة !

عملية التلويح بالقوة دى كانت مجرد بالونات إختبار ، بدأً من إعلان دول حلف الناتو زى ألمانيا وإنجلترا عن إقرار توجيه ضربات عسكرية لسوريا وبعدين طلع فشنك بعد توجيه شوية ضربات هبلة غير مؤثرة .. إلى الإعلان عن التحالف الأسلامى وبعدين طلع فنكوش ومعظم الدول قالت إننا لم نوافق على الإشتراك .. وبعدين شن حرب إعلامية على روسيا وعلى الجيش السورى وإتهامهم بإنهم بيقتلوا الأطفال والأبرياء .. وكل ده ماجابش نتيجة بعد ظهور فيديوهات هتافات السوريين وفرحتهم بإستعادة الجيش السورى لبعض المدن … وأخيراً التلويح بالتدخل البرى ، واللى روسيا حذرت منه بمنتهى الثقة وقالت إن التدخل البرى هــ يؤدى لحرب شاملة …. وعنها وأميريكا جابت ورا ، والناتو عمل من بنها ، وتركيا قالت إحنا مش داخلين ، والسعودية قالت علشان ادخل لازم انتوا تدخلوا الأول … ومن بعيد كدة يلوح فى الأفق مشهد الفنان عادل إمام فى فيلم عريس من جهة أمنية وهو بيرقص ويقول (الجوازة باظت ، الجوازة باظت =D =D  )

كل ده لييه !!؟؟ .. علشان السياسة اللى إتبعها الجيش السورى فى وجود الدعم الجوى الروسى كانت هي تطويق المدن الهامة و قطع خطوط الامداد عن المسلحين بداخلها بدلاً من السيطرة عليها سيطرة مباشرة ، والكلام ده هدفه هو حصر البؤر الإرهابية المسلحة في جيوب ضيقة أولاً و بعدين القضاء عليه … وهو ده اللى الجيش السورى عمله فى حلب ، لما بدأ السيطرة على ريف حلب الجنوبى والشرقى والغربى تمهيداً لمحاصرة حلب بالكامل ثم السيطرة عليها !! .. وهو ده اللى خلق حالة الجنون الهستيرى فى الفترة اللى فاتت .. لأن كل طرف من الطراف كان عايز يقعد على ترابيزة المفاوضات فيما يعرف بمباحثات جينيف ، وهو معاه أكبر عدد من كروت اللعبة  🙂 🙂  ..!! ولما فشلت الأطراف الداعمة لإنهيار الوضع فى سوريا فى تدعيم مخططها نتيجة وجود المارد الروسى بقوته ، بدأت أميريكا وأوروبا يدعوا لوقف إطلاق النار ، وعمل مناطق حظر طيران لإنقاذ مايمكن إنقاذه من رجالتهم اللى بتتفرم فعليا على الأرض  🙂 🙂   !! 

وعلشان كدة ، لما تم طرح فكرة وقف إطلاق النار .. روسيا قالت أوى أوى .. لكن القرار لا يشمل حلب .. وطلع بعدها الرئيس السورى بشار الأسد وقال إنه من غير المتوقع إيقاف العمليات العسكرية فى حلب خلال الأسبوع القادم … طب ليه .. لأنه زى ما قولنا فى مقال (سوريا و الحرب البريه المزعومه – بداية النهايه) إنه لو حلب رجعت يبقي سوريا خلصت خلاص بنسبة 90% ، لأن الجيش السورى بكدة هــ يكون قفل مصدر الإمدادات وإسترجع الشمال ، وحصر معظم الكيانات الإرهابية فى جيوب صغيرة ، يقدر يتسلّى عليها بعد كدة واحدة واحدة فى وجود الدعم الروسى .. وفى الحالة دى ، تهريب البترول هــ يقف ، والحدود مع تركيا هــ تتقفل ، وبكدة كل المخططات ، و المليارات اللى إتصرفت على الملف السورى خلاص بح .. و ده كله سبّب حالة الجنون اللى كانت حاصلة الفترة اللى فاتت .. مع الوضع فى الإعتبار إن العقدة اللى كانت فارقة فى الموضوع كله هى الجيش المصرى لما رفضت مصر التورط فى أى حرب برية ، وأعلنت الخارجية المصرية موقفها صراحة فى الموضوع ده !!

اللى حصل ده ترتب عليه حالة من الجنون برضوا لبهلول إسطنبول ، وخصوصاً بعد ما أميريكا والناتوا تخلو عنه وسابوه لواحده فى وجه المارد الروسى .. بالإضافة لتواصلهم مع الأكراد ، و ده اللى خلى أردوغان يقصف مناطق الأكراد بالمدفعية ، لأنه مش قادر يهاجمهم بالطيران بسبب منظومة الصواريخ الروسية .. وكمان تمادى اردوغان فى جنونه لدرجة تهديده لأميريكا بإغلاق قاعدة أنجيرليك أمام الطيران الأميريكى .. و ده معناه إنه بدأ يحس إنه خلاص بــ يتباع فهمى نظمى رسمى … و ده معناه بالنسبة لنا إنقلاب فى منظومة التحالفات وموازين القوى فى المنطقة بشكل عام ، وفى الملف السورى بشكل خاص  🙂 🙂 

وفى وسط كل ده ، تبدأ أميريكا تتواصل مع روسيا للوصول لتسوية فيما يخص الملف السورى بعد ما فقدوا كل الأوراق على الأرض .. وفى نفس الوقت .. بدأت أميريكا وكلابها يتحولوا للملف الليبى ، واخرها الغارة الأميريكية الأخيرة اللى قام بها الطيران الأميريكى بحجة ضرب داعش .. نفس الحجة الماسخة واللى اصبحت مفهومة ومكشوفة … لكن الهدف مش داعش ولا حاجة ، وإنما الهدف أولا ترسيخ التواجد والسيطرة على مصادر الطاقة لتعويض الفاقد من سوريا وبعض مناطق العراق .. وثانيا محاولة تحجيم الدور المصرى اللى أخد شكل فعال سواءً داخل ليبيا ، أو من خلال العلاقات السياسية بين مصر وبين روسيا و دول الإتحاد الأوروبى فيما يخص الشأن الليبى !!

أما فيما يخص الشأن الليبى ، فــ للحديث بقية  🙂 🙂 

لمتابعة تعليقاتكم