بين الإنسحاب والمفاوضات وفرض الإرادة … سوريا بترجع

31 Mar 2016

بين الإنسحاب والمفاوضات وفرض الإرادة … سوريا بترجع !!

—————————————————————————-

من فترة قصيرة ، فاجئت القيادة الروسية العالم كله بإعلان إنسحاب القوات الروسية من سوريا … وطبعا العالم كل إنشغل بتحليل القرار .. وناس كتير من أصدقائنا ارسلوا يستفسروا عن الكلام ده .. وكان ردنا بإختصار إن القرار كان  بسحب القوات الرئيسية فقط مع إبقاء كل القواعد والقوات المتمركزة فيها ، بالإضافة للدعم البحرى ، وكمان بقاء منظومة الصواريخ S400  زى ماهى .. و الكلام ده فى حد ذاته مايعتبرش إنسحاب !!

خلونا نقول إن القرار كان مناورة سياسية من الألف للياء بعد قرار وقف إطلاق النار فى سوريا .. ومش كدة وبس .. لكن خروج ما يسمى بــ  ((((القوات الرئيسية))) مع تصريح غاية فى الغرابة على لسان وزارة الدفاع الروسية عن قدرة الجيش السورى على السيطرة على الوضع الحالى والمحافظة على أليات وقف إطلاق النار، مع احتفاظ الجيش السورى بحقه فى تقدير الأمور بناء على المستجدات على الأرض ….. ومش كدة وبس كمان .. لكن التصريح الأغرب هو إمكانية عودة الجيش الروسى للأراضى السورية مرة اخرى فى خلال ساعات إذا لزم الأمر … كل ده معناه ببساطة خالص .. ((إن عدتم عدنا)) 🙂

طبعاً كل المعلقين أو المحللين قالوا إن الإنسحاب الروسى يؤكد إن فيه توافق تم بين القوى العظمى ” روسيا والولايات المتحدة ” و ده طبعا صحيح واكيد … وخصوصاً بعد ما طلع بوتين  بتصريح وقدم الــ (Complément) السياسى اللطيف الظريف وقال إن التفهّم الأميريكى كان له دور كبير فى إستقرار الأوضاع فى سوريا …. وعلشان كدة كل التوقعات والتحليلات كانت بتصب فى صالح إنه فيه إتفاق سياسي وشيك يتم بموجبه تحويل سوريا الى دولة فيدرالية مثلا أو  أى صورة من صور التقسيم بما يُرضي كافة الاطراف المتصارعة على الأرض !! … لكن التحليلات والتوقعات دى كلها، أغفلت نقطة مهمة جداً جداً جداً وهى .. هو مين اللى فارض شروطه فعلياً على الأرض !!؟؟ 🙂  

و بعد صمت مؤقت ووقت مدروس إنطلقت فيه كل التكهنات  .. يطلع تصريح من بشار الأسد إن فدرلة سوريا أمر غير وارد على الإطلاق ، وإن الحديث عن هذا هو من قبيل التكهنات لأن سوريا كدولة ماينفعش يتطبّق فيها النظام الفيدرالى نظرا لصغر مساحتها … يعنى بيرمى الكرة فى وجه الجميع وبيضحك فى وش الكل .. وخصوصاً إن موضوع تحويل سوريا لدولة فيدرالية فيها إقليم كردى يعتبر صفعة على وجه النظام التركى ، وبيدق إسفين فى العلاقات التركية الأميريكية اللى مش ممكن تقبل بقيام إقليم كردى على حدودها الجنوبية …. و هو ده اللى خلانا نقول إن الصمت من الجانب الروسى والسورى كان مدروس وكان مطلوب إنه يساهم فى هز العلاقات بين أميريكا وتركيا إستغلالاً لغباء ورعونة النظام التركى الأردوغانى 🙂

لكن الضربة اللى كانت موجعة اكثر هو قيام الجيش السورى بإستعادة مدينة تدمر الأثرية ، واللى كان له وقع الصدمة على جميع الأطراف وخصوصا المليشيات الإرهابية والمعارضة السلمية المسلحة بتاعتهم =D =D .. لأن من النتائج المترتبة على كدة هو تفتيت التجمعات الإرهابية دى كلها وتفريقها فى جيوب ضيقة فى كل الأراضى السورية ، مما يسهل عملية القضاء عليها فى وقت لاحق  .. و ده كان بيبعت رسالة للعالم إن الجيش السورى مش ساكت ، ولسة بيتحرك .. وهو ده اللى خلّى الداعمين للمليشيات المسلحة يرجعوا يهددوا تانى ويقولوا إن اللى بيعمله الجيش السورى بيهدد عملية وقف إطلاق النار ، و ده اللى خلّى بوتين يطلع بتصريح قوى ومقتضب يقول فيه إن الطائرات الروسية ممكن ترجع سوريا تانى فى خلال ساعتين للحفاظ على إستقرار الأوضاع !!

طب إييه اللى مخلى الأوضاع كدة عاملة زى لعبة القط والفار !!؟؟ … السبب إن الغرب مدرك تماماً ومن البداية إن نقطة التحرك الروسية لمواجهة ميليشيات السلاح المدعومة على أرض سوريا، هي حماية المصالح الروسية ، ومنع تغلغل وتمدد الإرهاب لأراضيها، و الابقاء على نفوذ استراتيجي فى المنطقة ، بــ يسعى الغرب بقيادة أمريكا لسحبه من تحت أقدام روسيا .. وكمان تهديد حدودها … وعلشان كدة كان لازم إن روسيا تتدخل ، و تفرض سياسة الأمر الواقع على الأرض في سوريا علشان تقدر بعد كدة تتفاوض وتفرض شروطها الأمنية والعسكرية ، وفقا لما تصل له إمكانيات السلاح الروسي فى الهجوم والردع ، واللى اثبت بدون ادنى شك إن إمكانياته رهيبة ..

ولأن العمليات الروسية كانت هدفها إستراتيجى بالدرجة الأولى فى مواجهة عالمية الأطراف .. فكان واضح إن روسيا بتتبع إستراتيجية الحرب الخاطفة، لتحقيق هدفين رئيسيين، وهم أولاً عدم إقامة منطقة عازلة بالشمال السوري بالإضافة لإغلاق الحدود مع تركيا لتأمين المجال الحيوي جنوباً بالإضافة لتوفير شرعية التواجد في المنطقة .. و ثانياً عدم السماح بإضعاف الحليف السوري إلي حد السقوط .. وعلشان كدة حافظت روسيا على بقاء الدولة السورية قائمة بمؤسساتها بما يسمح لها بالمناورة السياسية ، ويحفظ مكانها في أي مفاوضات، بالإضافة للتواجد الروسى نفسه …. وهو ده اللى خلّى روسيا النهاردة بتقول بمنتهى القوة إن مصير الرئيس السورى بشار الأسد لن يكون مادة مطروحة للنقاش فى أى مفاوضات بأى صورة كانت 🙂 .. يعنى إجرى يا حبيبى انت وهو إلعبوا بعيد .. 🙂

يعنى من الأخر كدة .. روسيا قدرت تفرض شروطها على أرض الواقع ، مستغلة حالة التخبط اللى بيعانى منها حلف الناتو ، والخلافات اللى بدات تظهر فى بين أميريكا وبين حلفائها التقليديين فى المنطقة .. واللى خلّى أوباما الرئيس الأميريكى يطلع فى خطابه مؤخراً ويتكلم بأسلوب عصبى ينم عن فقدان أميريكا لسيطرتها على مفاتيح اللعبة ، لما وصف لأول مرة بعض أصدقاء أمريكا في المنطقة بأنها “دول جامحة” تحاول امتطاء ظهر الولايات المتحدة لتخوض حروبا دامية لتحقيق أغراضها، وتعرض المنطقة لمخاطر بالغة !! … ماعرفتكش انا كدة يابو قلب طيب 🙂 🙂 🙂 

الخلاصة واللى يهمنا فى الموضوع ده كله إن معركة طحن العظام لسة شغالة .. وماشية فى مصلحة سوريا .. وبالتالى فى مصلحة مصر .. ومش كدة وبس .. لكن روسيا قلبت الأوضاع ، وبدل ما هى اللى كان بيتم حصارها .. النهاردة هى اللى بتستخدم سوريا لتطويق أمريكا وأوروبا … و …..

ولهذا حديث أخر … 🙂

لمتابعة تعليقاتكم