أمطار الإسكندرية – زرع .. حصد

20 Nov 2020

أمطار الإسكندرية – زرع .. حصد !!

——————————–

من فجر يوم الجمعة … تعرضت مدن الساحل الشمالى لمصر لحالة من عدم استقرار الجو التي تأتي بشكل متكرر في نفس الفترة من كل عام … و تسمي في الأسكندرية بأنواء المكنسة …. و تتميز هذه النوة بشدة و غزارة الأمطار و إن اختلفت شدتها و غزارتها من عام لعام …. لتأتي نوة هذه السنة بكمية أمطار غزيرة تصل لحد السيول لم تشهدها الإسكندرية من أعوام مضت …. لتغرق معظم الشوارع و يرتفع منسوب المياه لتتحول معظم الشوارع الى بحيرات و انهار كبيرة.

و ارتفعت صيحات الاستنكار و الاستهجان و اللوم على مستوى البنية التحتية و إهمال المسؤولين و اتهامهم بعدم الاستعداد لمثل هذة المواقف التي ستتكرر بالتأكيد مع كل نوة أو مع كل هطول للأمطار …. و لنا هنا ثلاث ملاحظات رصدناها بأنفسنا إحقاقاً للحق:-

– كمية الأمطار التي هطلت على مدينة الإسكندرية و لفترات طويلة كانت بالفعل غزيرة و هااائلة و كأن أبواب السماء قد فتحت على مصراعيها و كانت تفوق أي طاقة استيعابية لأي شبكة صرف لأي مدينة في العالم …. يعنى الموضوع مالوش علاقة ، لا ببلاعات مسدودة و لا شنايش غير مطهرة او استعدادات غير مجهزة.

– إحقاقاً للحق …. معظم الشوارع و الأنفاق التي غرقت تم التعامل معها بسرعة و كفاءة و شفط المياه في وقت قياسي …. و في أقل من نصف ساعة الى ساعة بالكثير ….. فتحت الشوارع و كأن شيئا لم يكن ….. و هو ما لم نكن نراه من قبل.

– إحقاقاً للحق …. و من شهود عيان كثيرين …. محافظ الإسكندرية و رؤساء الأحياء باتوا ليلتهم وسط الشوارع و الأمطار و أشرفوا بأنفسهم على إزالة الأضرار بمنتهي السرعة و الكفاءة سواء في رفع المياه أو التعامل الفورى لبعض الحوادث مثل تهدّم او انهيار بعض المباني و وفاة او إصابة ساكنيها …. ده طبعا شغلهم و يجب القيام به بهذا الشكل …. لكن أيضا … هو ما لم نكن نراه من قبل و يجب الإشارة و الإشادة به.

نيجي بقي لموضوع المقال …. “زرع – حصد” …. و ليه وصلنا لهذة الحالة من البنية التحتية لمدينة مليونية مثل مدينة الأسكندرية … و يمكن كلامنا مش حيعجب ناس كتير …. لكن دي الحقيقة و حتي و إن كانت مرّة.

الإسكندرية مدينة مليونية …. صُممت مرافقها لخدمة مليون و نصف المليون مواطن …. و تم إهمالها لعشرات السنين سواء من الحكومات المتعاقبة او من مواطنيها أنفسهم اللى أخترعوا و تفننوا في إنتهاك كل القوانين من أول الإستيلاء على أراضي الأجانب او المتوفيين …. و البناء العشوائي الغير مخطط …. و كونوا شبكات فساد و مصالح لنهش المال العام ليصل عدد سكان الإسكندرية الى 10 مليون مواطن تخدمهم بنية تحتية صُممت لخدمة مليون و نصف فقط.

اللى بــ يسأل فين البنية التحتية … بنقولّه …. طب مش إحنا اللى عملنا كده في نفسنا بجشعنا و أنانيتنا و طمعنا ؟؟ …. مش إحنا كلنا مشاركين فيما وصلت إليه البنية التحتية بعروس البحر الأبيض المتوسط اللى شبكة صرفها أصبحت لا تحتمل شوية مطر ؟؟ .

مش هو ده المواطن اللى إللى اخترع فكرة الكَحول و دفع رشوة لمواطن تاني شغال في الحي و الاتنين هدّوا عماير كان فيها 8 شقق و طلعوا بيها برج فيه 60 شقة في شارع لا يتجاوز عرضة 3 متر فقط …. و جه مواطن تالت دفع و سكن في المخالف و هو عارف ؟؟

مش هو ده المواطن اللى عادى عنده استحلال المال العام و هبش المال العام و أخذ أي حق مش ليه من أول الإستيلاء على الأراضي الى البناء المخالف الى السكن في المخالف وصولا الى دق المواسير في الشوارع و الاستيلاء على أجزاء منها ، و اللى هي ملك كل الناس لركنة عربية سيادته !؟

مش هو دة المواطن اللى بيدافع بمنتهي القوه على العيال السريحة اللى فارشين الأرصفة و بيرازوا في خلق الله في الشوارع لما الحكومة تيجي تشيلهم و هو نفسه اللى بيسب و يلعن الحكومة اللى سايباهم و يقول بيدفعوا رشاوى.

مش هو ده المواطن سواء كان موظف حكومي او مواطن عادي …. اللى وصلّنا الى ان حل مشكلة الصرف في مدينة مليونية زي اسكندرية أصبح ملهاش حل غير الإستبدال الكامل لكل شبكة الصرف الصحي من أول محطات الرفع الى جميع المواسير في الشوارع لرفع طاقتها الإستيعابية لكي تستطيع خدمة الـ 10 مليون سكندري….. و دي تتكلف مئات المليارات و عشرات السنوات.

مش هو ده المواطن اللى دايما يكلمك بــ قال الله و قال الرسول و هو نفسه اللى بـ يلقي كل اللوم على الموظف الحكومي المرتشي و يقولك حسبي الله و نعم الوكيل … و هو اول واحد لما يدخل المصلحة الحكومية يدور على الموظف المرتشى ده ، عشان يديله رشوة عشان ياخد حق مش حقه …. أو بــ يرفض يبلغ عن الموظف المرتشي و يقولك حرام سيبه ياكل عيش…. هي جت عليه … و تناسي ان الدين قدم الراشي على المرتشي و قال الإتنين في النار كما جاء ذكره فى الحديث الشريف .. اللى هو أصلا حكم إلاهى لأن اشرف الخلق عليه الصلاة والسلام ماكانش بينطق عن الهوى ، وإنما هو وحىٌ يوحى.

مش ده المواطن اللى لما بــ يطلع أى قانون تنظيمى ، بــ يعمل المستحيل عشان يتجاوزه و مايتطبّقش عليه .. ويفضل يدوّر بإبرة على ثغراته و يخترع مليون إختراع عشان مايديش الدولة و المجتمع حقه و كأنها فهلوة و شطارة … و استحلال المال العام عنده حق مشروع و مباح ؟؟

مش ده المواطن اللى كان بــ يصرّخ من موضوع وقف اعمال البناء العشوائي و الغير مخطط و بالذات في الإسكندرية و كان بيقول وقفتوا حالنا و بعد كده رجع يصرّخ من المجارى اللى ضربت؟؟؟

مش ده المواطن اللى ساكن مخالف في الدور الـ 15 و بــ يجور على حق جاره أخوه المواطن اللى ساكن في الرخصة في الدور الـ 3 و مركب موتور عشان يشاركه في المياه و الكهرباء و شبكة المحمول و النت و في الأخر بــ يدق حديدة في الشارع عشان ياخد ركنة عربيته بالبلطجة و بعدين يقعد يشتكي من بطىء خدمات الإتصالات و ضعف المياه و إنقطاع الكهرباء و زحمة الشوارع ؟؟

في دول بجانبنا ممنوع فيها نشر صور الكوارث الطبيعية و منها غرق المدن بمياه الأمطار لأنها تسىء للشكل العام … و لم تطبق اي غرامات على اي مواطن لأن الجميع إلتزم … لان عندهم ثقافة الإلتزام بالقانون …. أما نحن … فــ نتسبب بالمشاكل … ثم نصرخ منها و نتاجر بيها.

احنا عارفين ان كلامنا قاسي و مش هــ يعجب ناس كتيير … لكن للأسف دي الحقيقة المرة … مش ذنبنا انها شكلها وحش….. لكن كلنا بدون استثناء مشاركين في اللى بيحصل …. فهذا ما قدمت يدانا و ما نحصده من نتاج أفعالنا و جشعنا و طمعنا و إستهتارنا …. أو بالمختصر …. زرع – حصد .

عامةً … مشكلة الإسكندرية بالذات كنا اتكلمنا عنها في مقال سابق

ربنا يحفظ مصر و تحياتنا

لمتابعة تعليقاتكم