الشهادة …. و كالعادة

09 Aug 2021

الشهادة …. و كالعادة …. !!

ا———————

.

على غرار الفنان سعيد صالح فى مسرحية العيال كبرت لما قال “طبق الأصل العلقة اللى فاتت ، لا قلم زاد ولا قلم نقص” .. كانت إمبارح شهادة المدعو محمد حسان أحد أقطاب السلفية المعروفين ، واللى قام بالمثول أخيرا أمام المحكمة بعد تهرب طويل ، للشهادة فى القضية المعروفة إعلامياً بقضية #خلية_داعش_إمبابة …. وزى ما كانت شهادة أخوه اللى سبقه محمد حسين يعقوب .. كانت إمبارح شهادة محمد حسان ، نسخة شبه مكررة ..

.

خلاصة كلامه زى اللى سبقه .. إحنا تمام .. إحنا ماعملناش حاجة .. إحنا دعاة إلى الله .. المتهمين دول انا ماعرفهمش ومليش دعوة بيهم … إحنا بنقول كلام صحيح لكن الوحشين المتطرفين هم اللى أساءوا فهم كلامنا … والإخوان دول وحشين وشريرين .. وطمعانين فى السلطة .. واساءوا للدين .. وشوية شوية كان هــ يقول تسلم الأيادى .. 🙂

.

طب فين ياعم الشيخ دورك فى دعم الإخوان الوحشين دوول !؟ .. طب فين ياعم الشيخ كلامك إن مرسى له شرعية نبوية وقرآنية وشعبية ولا يجوز إسقاطه .. فين كلامك ودعمك للإخوان من على منصة النهضة !؟ .. فين تحريضك على الجهاد فى سوريا (أااه قالك فى شهادته ولامؤاخذة امام المحكمة ، أنا كنت بأدعوا الحكام للجهاد مش الأفراد 😁 ) .. فين كلامك عن إن الإسلاميين بإمكانهم حشد عشرات الملايين في ميادين مصر المختلفة لتأييد محمد مرسي ، وإن الملايين من الشباب في انتظار كلمة واحدة من شيخ أو داعية لحشدهم بعشرات الملايين، للنزول للميادين !!؟؟ … كل ده راح فين يا شيخنا !؟ …

.

عموماً .. إحنا مش هــ نعيد ونزيد فى النقطة دى .. لأن الكلام فيها اصبح كلام معاد ومكرر .. والأقطاب الدينية دى كلها إتكشفت ، وفقدت كل مصداقية … وحتى لو كان بعض أو كثير أو حتى كل اتباعهم ، شايفين إن شيوخهم بيأخذوا بمبدأ التقية والمعاريض علشان الحكم فى مصر من وجهة نظرهم حكم جائر … طب إومّال فين بقى إن أعظم الجهاد هو قول حق عند سلطان جائر (ده على إعتبار إن المحكمة والقاضى من وجهة نظرهم برضوا من أدوات السلطان الجائر) … وإلا الجهاد ده فقط بالنسبة للشباب الصغير المغسول العقل والإرادة .. علشان يقتلوا ويفجروا ويحرقوا ويخربوا فى البلد … و عم الشيخ فى النهاية يغسل إيديه من الموضوع ويقول انا ماليش دعوة !!

.

المهم إن اللى لفت نظرنا فى الحدوتة كلها نقطتين مهمين جداً ..

.

#النقطة_الأولى:

كل مرة يحصل فيها موقف مماثل … أو يتم إستجواب حد إرهابى فــ يقول إنه عمل ده بسبب كلام و دروس الشيخ فلان .. فــ يطلع الشيخ فلان ويقول أنا ماليش دعوة … هم اللى وحشين وشريرين وفهموا كلامى غلط … أنا ماقولتش كدة … فــ السؤال بقى اللى بيطرح نفسه … ياترى ليه دايما بــ يتقال على شيوخ تيار معين (سلفى .. إخوانى .. بتنجانى .. ألخ) إنهم المغذى الفكرى للإرهاب .. لكن عمرنا ماشوفنا إرهابى مثلا طلع وقال إنه عمل جريمته بعد ما سمع دروس الشيخ الشعراوى مثلا .. أو دروس الشيخ على جمعة ، أو الشيخ الطيب ، أو اسامة الأزهرى .. أو حتى الشيخ محمد سعيد رسلان .. أو .. أو .. أو …… ياترى العيب الحقيقى فى مين !؟ … فى المنهج نفسه ، ومنهجية تمرير المعلومة للمتلقى .. وإلا فى المتلقى !!؟

.

و مش معنى كلامنا إن المتلقى معفى من المسئولية … بالعكس .. هو عليه جزء كبير من المسئولية .. وزى ما ذكرنا فى مقال سابق إن المشهد ده مايفرقش حاجة عن اللى ذكره ربنا عز وجل فى القرأن الكريم عن أحد مشاهد يوم القيامة لما قال فى سورة إبراهيم ….. “وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم” … صدق الله العظيم …

يعنى المتلقى أو التابع مسئول عن فعله هو كمان .. وعن إختياره .. لكن فيه كارثة كبيرة إسمها المنبع الفكرى .. و ده اللى ياخدنا للنقطة الثانية !

.

#النقطة_الثانية:

المجتمع المصرى طول عمره مجتمع وسطى فى عمومه ومجمله … لكن ظهور التطرف والإرهاب والفكر المختل ، إرتبط بظهور الجماعات الدينية والتيارات الأيديولوجية المختلفة .. وظهور اقطاب الفتنة الدينية ورموزها ، فى الستينات السبعينيات واللى كانت بتخاطب عموم الشعب من خلال الندوات وحلقات الدروس الدينية فى المساجد ، و من على المنابر … ثم لاحقا من خلال القنوات الدينية وبالذات بعد ظهور الفضائيات .. واللى تسبب فى حدوث شرخ وتغيير فى الهوية الإجتماعية للشعب المصرى ..، خلتنا نشوف نماذج حياتية وسلوكيات غريبة عن مجتمعنا

.

وحتى على المستوى السلوكى العام وبالذات بين الشباب .. هــ تلاقى إن إنتشار عقوق الوالدين والشتائم والبذاءات وعدم إحترام الكبير وتوقيره ، وإرتفاع مستوى التنمر .. وتجهيل الأخر وتسفيه افكاره ، وإفتقاد الموضوعية فى الحوار (حتى وإن كان السمت الظاهر هو التدين والصلاة والصيام) .. ثم تطور الوضع لحالة من المقت العام ، وصولا لضعف الولاء والإنتماء للوطن ، وإعتبار إن الحديث عن الموضوع ده من السخافات .. واحيانا من الكفريات … فــ ظهور كل السلوكيات دى إرتبط بظاهرة ما يسمى بالدعاة الشباب .. او الدعاة الجدد .. من أمثال عمرو خالد ومصطفى حسنى ومعز مسعود وغيرهم .. واللى اصبحوا نجوم فضائيات ومليونيرات فى غضون سنوات قليلة …

.

اللى أنا أفهمه .. إن ظهور الجماعات الدينية ، والشيوخ اللى المفروض إنهم بيقدموا أجمل ما فى الدين .. وكمان الدعاة الجدد اللى بيوصلوا الدين للشباب بشكل جميل ومتطور ، متماشى مع روح العصر الحديث … كل ده المفروض إنه يؤدى لصلاح المجتمع فى جميع طبقاته .. وإلى الرقى الفكرى والأخلاقى … وإنصلاح أحوال الناس ….. لكن مع الأسف .. اللى حصل هو العكس … وبقينا مش عارفين نلاقيها من التطرف الفكرى الإرهابى اللى بــ يهدد السلم والأمن العام للدولة .. وإلا التطرف الأخلاقى اللى بــ يهد فى المجتمع وبيظهر صور سلبية من السلوك العام اللى ماكانش موجود قبل كدة 😏

.

يبقى العيب هنا فيين !؟ .. و فى مين !!؟ … أكيد مش فى الدين .. لأن الدين (أى دين) .. بيحض على التسامح والشمولية وحب وإستيعاب الأخر ومكارم الأخلاق .. وغيرهم من الصفات الحميدة .. فــ  لما نشوف نتاج مختلف .. يبقى العيب أكيد فى المنهجية الفكرية نفسها .. وفى اسلوب توضيح وتوصيل المعلومة .. و فى الغرض الخفى من وراء المنهج ده واللى هم عايزين يوصلوا له فى النهاية !

.

صحيح الخطاب الظاهرى بــ يبقى كله خير وسماحة وتدين … لكن المشكلة دايما إنهم بــ يقدموا المعلومة بكلام غير محكم .. وبيقولوها بشكل يحتمل التأويل .. و بــ يستندوا لنصوص بــ يفسروها بشكل غير دقيق .. وبــ يعتمدوا فى كلامهم على مايسمى بالرقائق ، اللى بتأجج المشاعر ، وبتلهب العواطف ، تحت إطار ما يسمونه هم #الدعوى_إلى_الله .. بدون ما يكون فيه تاصيل فقهى سليم من ناحيتهم ….. وبطريقة تخليهم فى النهاية قادرين على التنصل من أى تبعية .. وإلقاء اللوم كله على المتبعين لمنهجهم الفكرى لما يخرجوا عن السياق … ويقولك إحنا ماقولناش كدة .. دول هم اللى فكرهم مختل وفهموا الموضوع غلط !! 🙄

.

العبقرى الدكتور مصطفى محمود رحمة الله عليه .. نعتقد إنه جاب الخلاصة فى احدى كتاباته لما قال: “إن أخلاقيات الإسلام وقيمُهُ هى القضية .. أن تكون لنا أخلاقيات هؤلاء المسلمون الأوائل ، وأن تكون لنا أرواحهم وقلوبهم .. ليست القضية ماذا نلبس على رؤسنا ، وماذا يكون طول الجلباب ولون العباءة ، إنما القضية ماذا يكون فى داخل رؤوسنا ، وماذا يشغل عقولنا وقلوبنا”

.

أيوة .. نعتقد إن دى خلاصة القضية .. “ماذا يكون فى داخل رؤوسنا ، وماذا يشغل عقولنا وقلوبنا” … وطالما النتيجة اللى بنشوفها من كل ده مش مضبوطة .. يبقى اكيد اللى فى الرؤوس والعقول والقلوب شيئ تانى خالص غير اللى هم بيقولوا عليه فى ظاهر كلامهم ..

.

نحن لا ولن نفتش عن النوايا … لأن ربنا وحده هو المطلع على النوايا ….

ولـكــن ……. الـقــطــنــة مـابــتــكـذبــش …

.

حفظ الله مصر برئيسها وجيشها وشعبها 🙏

.

#مقالات_ذات_صلة

.

ومازالت الأصنام تتهاوى – 15 يونيو 2021

لمتابعة تعليقاتكم