معركة الفساد .. والفارق بين منظور الفرد ومنظور الدولة

13 Feb 2017

معركة الفساد .. والفارق بين منظور الفرد ومنظور الدولة .. !!

———————————————————— 

ضرورة القضاء على الفساد .. مصطلح بقينا بنسمعه طول الوقت ، وبنردده كتير.. وده يمكن شئ نابع من إننا كلنا عندنا غيرة على الوطن ، ورغبة فى الأفضل وفى التطهير ، وإحساس بإن الفساد أصبح منتشر فى كل شئ حوالينا وفى معاملاتنا اليومية ، سواء على مستوى المؤسسات بقطاعيها العام والخاص ، أو حتى على مستوى الأفراد أنفسهم … وأى حد ينكر ده يبقى محتاج زيارة صغيرة لأقرب طبيب عيون علشان يغيّر عدسات النظارة بتاعته 🙂

نرجع تانى لمصطلح معركة الفساد اللى كلنا بنردده ، وبنضع له حلول وتصورات ومدد زمنية ، بدون ما نسأل نفسنا عن مدى قابلية الحلول دى للتنفيذ على الأرض ..

لكن السؤال الأهم هو .. هل الدولة بتحارب الفساد وإلّا لأ !!؟ .. وإزاى !!؟؟ .. وإييه الخطوات العملية اللى إتعملت علشان كدة !؟ .. وهنا بقى ييجى دورنا علشان نوضح الفرق بين رؤية الفرد ، ورؤية الدولة

مبدئيا .. خلينا نقول إن الفساد فى مصر متجذّر فى كل مفاصل الدولة .. ومتربى على الغالى .. وعلى مدار سنين طويلة ، كبر وترعرع فى ظل قوانين بتحميه وتحمى القائمين عليه … والغالبية العظمى مننا إتولدوا وإتربوا وعاشوا فى كنف الفساد ده … وأصبح الفساد أسلوب حياة ، ووصل إنه يبقى هو نمط الحياة الطبيعى من أول المواطن العادى ، و مرورا بالتاجر والموظف .. ووصولا لمسئولين فى مناصب مختلفة ورجال الأعمال ورجال الصحافة و الإعلام … يعنى من الأخر كدة الفساد أصبح يتخذ الصفة المؤسسية .. و دى كارثة فى حد ذاتها .. لإنك هنا بتتكلم عن مؤسسات ونقابات وشركات وحتى قطاعات حكومية بــ يتم إدارتها بالكامل بالفساد .. بحيث اصبح التعامل معاها بشكل مباشر وعنيف ، مش هــ يؤدى إلا لنتيجتين حتميتين ، وهما خسارة المعركة ، وسقوط الدولة .. وخصوصاً لما يكون الفساد ده بــ يحتمى بالقانون !!

رئيس الدولة نفسه قال فى إحدى خطاباته إن معركة الفساد أصعب من معركة الإرهاب .. و لما نيجى إحنا بقى نتكلم عن محاربة الفساد .. ونقول إننا متراخيين جدا فى إتخاذ إجراءات و مش بنشيل رؤوس الفساد فى المحليات والوزارات ، ومش بنقبض على الفاسدين .. يبقى إحنا كدة بنختزل الموضوع كله فى مجرد اشخاص ، وخصوصاً لما يكون الأشخاص دوول الباطل بتاعهم قانونى (على رأى الفنان عادل إمام فى فيلم طيور الظلام) .. وبــ نحول مشكلة الفساد لمشكلة مرتبطة بشخص يمشى وييجى واحد مكانه .. مع إن المشكلة الأساسية هى النظام أو الــ (System) اللى بتتم به إدارة الأمور .. لأن اى حد هــ ييجى مكان اللى مشى ، هــ يدخل منظومة الفساد بمزاجه او غصب عنه .. وعلشان كدة اللى بتعمله الدولة النهاردة إنها بتغير الــ (ٍSystem) ده … و ده معناه إنك بتشقلب نظام البلد بالكامل

طب إزااااااى !!؟؟ … أقولك ياسيدى 🙂

  • أولا منظومة الدعم:

أكبر مدخل للفساد فى مصر .. الرشاوى ، والعمولات ، والمناقصات اللى بترسى على اشخاص بعينها .. والموردين اللى بيتعاقدوا على طلبيات بأسعار ، ويوردوها للدولة بأسعار مختلفة … وبمواصفات مختلفة غير اللى تم التعاقد عليها ، وكله بيكسب من كله ، وكله بــ يدارى على كله .. وأذونات الإستيراد والتوريد بــ يتم التلاعب فيها لحساب ناس كتيرة .. ألخ الخ ألخ … طب الدولة عملت إييه !!؟؟ .. بدأت تشيل الدعم واحدة واحدة ، وبدأت تعمل منظومة محددة للتعامل مع ملف الخبز المدعم والتموين ، عن طريق الكروت الذكية ونظام النقاط بمنظومة أليكترونية معقدة ..

ومش كدة وبس .. لكن بدات الدولة تتعامل بشكل مباشر مع مافيا منظومة إستيراد وتوريد القمح .. وفيلم الصوامع اللى إحنا كلنا عايشناه علشان يتم كشف المافيا دى بالرغم من سقوط وزير التموين كأحد ضحايا الحرب على الفساد .. وكمان بدأ مشروع إستصلاح 2.5 مليون فدان بهدف زراعة القمح وتحقيق الإكتفاء الذاتى منه … وفى الطريق كمان منظومة دعم البنزين . وغيره وغيره … يعنى كل ده بيضرب تماماً فى منظومة الفساد الأكبر والأعمق فى الفساد الإدارى فى مصر

  • ثانياً .. تعويم الجنيه:

و ده إذا كان الهدف منه بالأساس هو الإصلاح الإقتصادى .. لكنك فى نفس الوقت بتهد منظومة فساد المضاربات والسوق السوداء ، وتلاعب رجال الأعمال فى السوق والبورصة .. وناهينا طبعا عن العلاقات المشبوهة فى الأنظمة البنكية مع بعض رجال الأعمال .. والدولة هنا بتضرب فى الفساد سواء بشكله المؤسسى .. أو حتى بشكله الفردى .. وأظن كلنا شوفنا حجم الدولارات اللى تم توريدها للبنك بمجرد التعويم .. وتخيلوا بقى إن كل الدولارات دى كانت بيتم التعامل معها كسلعة وليست كعملة .. وفيه شركات وأفراد كسبوا مبالغ طائلة من تجارة العملة بسبب المضاربات … وطبعا ده غير إن الدولة كدة قفلت باب من الأبواب اللى كان بيستخدمها اعدائها لهدمها ..

  • ثالثا .. تفعيل دور الشركات الوطنية:

الدولة هنا بدأت تقوم بدورها فى مواجهة الإبتزاز التجارى والسوقى .. وتخلق أليات سوق موازى لتوفير السلع والمنتجات للمواطنين فى منافذ بيع الجيش والجمعيات الإستهلاكية .. وكمان عملت مشروع جمعيتى ، بالتزامن مع موضوع قروض المشروعات الصغيرة .. وبدأ الشباب يعمل مشاريع مصغرة للجمعيات الإستهلاكية ويكسب .. والهدف من كدة هو تحقيق أعلى معدل إنتشار للسلع والخدمات الغذائية بشكل مؤسسى وفردى كمان .. والهدف هنا هو ضرب الفساد التجارى وضرب إبتزاز التجار للمواطنين .. أو على الأقل محاصرته وتقليل تاثيره فى ظل تحديات إقتصادية صعبة

  • رابعا ..  ضرب مافيا المناقصات فى القطاعات الهامة للدولة:

طبعا الحديث يطول فى الموضوع ده والدولة بتواجه هنا مافيات متجذرة ومتأصلة سواء فى القطاع العام والحكومة ، أو فى النقابات ، أو حتى الوسطاء ورجال الأعمال المستفيدين .. وإفتكروا موضوع لبن الأطفال ، واللى الجيش عمله فى الأزمة دى ….. و إحنا هنا هــ نقول مثال واحد فى الموضوع ده ، واللى حصلت عليه دوشة كبيرة جداً .. وظهرت كمية شائعات على الجيش فى الفترة دى غير طبيعية !!

فاكرين سيناريو مناقصة توريد تجهيزات المستشفيات اللي اتعملت عن طريق الامداد والتموين !!؟؟ .. ايوه.. اللي الدولة وفرت فيها فوق الــ 4 مليار جنيه لو انتم فاكرين … دول بقى كانوا عمولات ورشاوي ومصاريف دعاية ورحلات للاطباء برة مصر ومؤتمرات في منتجعات سياحية في الغردقة وشرم الشيخ ، والدكاترة تروح لها تذاكر الطيارات وحجز غرف واكل وشرب ببلاش علي حساب الغلابة اللي بتدفع تمن الرشاوي دي … وكله بالقانون يا باشا .. وأكيد إنتم فاكرين إن بالتزامن مع الكلام ده طلعت منى مينا بقصة السرنجة اللى بتستخدم مرتين ، والإعلام زااااااط وراها .. طبعاً .. ماهو كان لازم تتعمل حاجة تهد أى محاولة لضرب مافيا التوريدات للتجهيزات الطبية …. و ده طبعا ياخدنا لمنظومة الدواء ومافيا الصيادلة واللى بيحصل بقاله فترة ، … وبعد ما الدولة برضوا تدخلت علشان تستورد الادوية الغير منتجة محلياً .. فــ طبعا السبوبة كدة هــ تضيع من الحرامية واللى منهم موظفين كبار في وزارة الصحة طبعا….. طب تفتكر هم كدة هــ يسكتوا .. وإلا يفضلوا كل يوم يخلقوا مشكلة واشاعة في أي موضوع حتي ولو بعيد عن الادوية .. لكن معلش .. جارى التطهير

  • خامساً .. ضرب الإحتكار:

وهنا الدولة بقت بتخبط فى حيتان السوق .. وعلى سبيل المثال لما قررت انشاء 3 مصانع للحديد .. وبدأنا نسمع عن إن هيئة قناة السويس تسعى لإقامة مجمع للحديد والصلب بمنطقة السخنة باستثمارات مصرية سعودية .. ويضم المجمع 3 مصانع للحديد والصلب ومنتجاتها، ويقام على مساحة 572 ألف متر مربع للمصنع الأول على أرض مملوكة لهيئة قناة السويس وجارى إنهاء إجراءات توريد معداته من شركة دانيلى الإيطالية أحد أكبر الشركات العالمية فى مجال تكنولوجيا صناعة الحديد والصلب ..

  • سادساً .. فض الإشتباك بين رجال الأعمال وأذرعهم الإعلامية

و ده هــ نبقى نتكلم عنه فى مقال لاحق لواحدة لأنه ملف خطير بالفعل

  • سابعاً .. القانون ، والرقابة الإدارية ، وضرب الفساد الإدارى:

وإحنا هنا مش هــ نحلل أو نشرح .. لكن هــ ننقل لكم بعض الإجراءات والضبطيات اللى تمت كجزء من الحرب على الفساد:-

  •  تقديم وتفعيل قانون الخدمة المدنية الجديد
  • وزير قطاع الأعمال يطيح بـ400 مستشار بالشركات يتقاضون 30مليون جنيه
  • الرئيس يطالب بتنفيذ خطة التقشف .. وده بدأ بالفعل بتقليل ميزانيات الوزارات ، وتقليل حجم البعثات الديبلوماسية فى الخارج … ألخ ألخ ألخ
  • أعلن د. أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية نتائج مسابقة تعيين القيادات لشغل 249 وظيفة بالمحليات “سكرتير عام وسكرتير عام مساعد ورؤساء أحياء” بدرجات وكيل أول وزارة ووكيل وزارة ومدير عام .. وقال بدر إن لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب انتهت من مراجعة 90 مادة من قانون الإدارة المحلية ووافقت عليها من بين حوالى 120 مادة، ومن المنتظر أن تبدأ أيضا إجراءات عقد انتخابات المحليات قريباً
  • حكم نهائى بسجن وزير الإسكان الأسبق 3 سنوات و بإلزام محمد إبراهيم سليمان برد إجمالي مبلغ 201.074 مليون جنيه و5 لمجدى راسخ فى قضية «سوديك»
  • 72 مليون جنيه إجمالي “رشوة” مدير الشئون القانونية بزراعة المنيا مقابل تبوير 300 فدان بمركزي مطاي وسمالوط
  • إحالة رئيس محكمة بالإسكندرية للجنايات لتقاضيه رشوة 650 الف جنيه للحصول على حكم بالبراءة لصالح أحد المتهمين في قضية تتعلق باتهامه بجلب مخدرات
  • ضبط أكبر شبكة دولية للاتجار بالأعضاء البشرية .. بينهم 12 طبيبا وآخرين منهم أساتذة جامعيون ومراكز طبية شهيرة ووسائط وسماسمرة.
  • ضبط العضو المنتدب لشركة إيجوث للفنادق أثناء تقاضيه رشوة مليون جنيه.
  • ضبط وكيل مصلحة الخبراء بوزارة العدل متلبسا برشوة 350 ألف جنيه.
  • قضايا اختالس ورشاوى مالية ضخمة ، وإهدار 11 مليونا و510 آلاف جنيه بقطاع الإسكان بالمنوفية
  • سقوط رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية برشوة 200 ألف جنيه
  • وطبعاً الزغلولة الكبيرة اللى تمكنت فيها هيئة الرقابية الادارية من ضبط مسؤول المشتريات و التوريدات بمجلس الدولة عقب تقاضية رشوة وبتفتيش منزله تم العثور على ٢٤ مليون جنيه مصرى بالاضافة الى ٤ مليون دولار امريكى و٢ مليون يورو ومليون ريال سعودى وكمية كبيرة من المشغولات الذهبية بخلاف العقارات والسيارات التى يملكها.

وفيه حاجة عايزين نشير إليها وهى دورنا إحنا كشعب فى مكافحة ومواجهة الفساد إما فى عدم التعامل معاه والإستفادة منه .. أو فى مواجهته .. و ده بيتلخص فى خبر عن مواطنة شجاعة قامت بتصوير موظفي مكتب تموين عين شمس وهم بــ يستولوا علي سكر حملة الشعب يأمر

وإحنا كصفحة ، كنا نشرنا قبل كدة مقالين عن الفساد ، وحاولنا نلفت النظر لجاجتين مهمين جداً .. الحاجة الأولى إن فيه حرب حقيقية ضد الفساد ، فيه اللى بيتم الإعلان عنه وفيه لأ .. بس للأسف حتى المعلن مش بيتم تسليط الضوء عليه … والحاجة التانية ، إن الفساد أكبر مما يمكن تصوره .. والقضاء عليه مش سهل ومش هــ يكون بين يوم وليلة زى ما الناس بتتكلم عن مكافحته وكانه ممكن يتم بتكة زر !!

الحرب على الفساد مشتعلة ومستمرة .. واللى إحنا ذكرناه ده مجرد غيضٌ من فيض … وإحنا هــ نبقى ننشر فى الأيام القادمة مجموعة بوستات عن بعض قضايا الفساد اللى تم كشفها …

وفى النهاية .. هدفنا من المقال ده مش مجرد تعديد أحداث وقضايا .. لكن مجرد شرح مبسط ومحاولة توصيل فكرة الفرق بين توجهات الدولة وتناولها لموضوع الحرب على الفساد ، وبين أسلوب تفكيرنا إحنا كأفراد .. لأننا إحنا بنتكلم عن مواجة أفراد وحساب المخطئ بالقانون .. و ده صحيح مش غلط على فكرة .. لكن الدولة بتشتغل عن مواجهة مؤسسية محسوبة بالشعرة .. مواجهة ضد أخطوط منتشر فى كل اركان الدولة .. مواجهة لو الحسبة بتاعتها كانت غلط ، ممكن تسقط الدولة فى هوة الفوضى .. وساعتها .. كل اللى الجيش والدولة وإحنا بنعمله ، هــ يروح فى ثانية .. وعلشان كدة المواجهة بطيئة .. لكن كل مادى بتتسارع مع كل خطوة الدولة بتخطيها لإحكام السيطرة ..

لمتابعة تعليقاتكم