السوشيال ميديا تصنع ابطال من ورق

03 Aug 2018

السوشيال ميديا تصنع ابطال من ورق !!

—————————————

فى المعتاد ، إحنا مش بنحب نشارك فى الهرى الدائر حول اى موضوع من الموضوعات الفيسبوكية اللى بتخلص فى ساعتين .. ودايما بــ ننأى بأنفسنا عن الإنغماس فى القيل والقال .. لكن فى الموضوع بتاع الشباب والأطفال اللى إتقبض عليهم ، و اللى بيشتغلوا فى التهريب فى جمرك بورسعيد ، وعلشان المزايدات الدايرة مابين مهاجم ومتعاطف مع الولاد دول ، كان لازم نقول كلمة قصيرة .. نحسم بيها الجدل الدائر ده

وبالرغم من إننا مش من عادتنا نستخدم اى قصص او مرجعيات دينية علشان ماندخلش فى ديلمة الخلاف فى التاويل والتفسير الفقهى .. وخصوصا إننا صفحة سياسية بالدرجة الأولى .. لكننا نجد انفسنا امام قصة بسيطة جدا ولها معناها وابعادها الإجتماعية الرائعة .. ومصداقية الفكرة واليات الحل والتنفيذ .. لأن القصة دى حدثت فى عهد الرسول عليه الصلاة والسلام .. !

القصة جائت فى حديث أخرجه أبو داوود وابن ماجة: أن رجلا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال أما في بيتك شيء قال بلى حلس نلبس بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء قال ائتني بهما قال فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال من يشتري هذين قال رجل أنا آخذهما بدرهم قال من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا قال رجل أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين وأعطاهما الأنصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع”…. وبتنتهى القصة على كدة

الخلاصة …، إن راجل فقير مش لاقى ياكل جاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم علشان يشحت .. فالرسول قال له .. هو انت ماعندكش حاجة فى البيت .. قال له لأ .. عندى أنا واهلى حتة قماش نلبسها شوية ونتغطى بيها شوية .. وكوز مية نشرب فيه .. فالرسول قال له روح هاتهم .. ولما جابهم ، عمل مزاد عليهم فى المسجد وباعهم بدرهمين ، وأعطى للراجل درهم يجيب بيه اكل لأهله ، ودرهم يشترى بيه قادوم ، أو بلغتنا كدة بلطة .. فعمل كدة الراجل ، فالرسول ربط البلطة دى بإيد خشب .ز وقال للراجل روح إحتطب وبيع وإشترى ، و ما اشوفكش لمدة 15 يوم .. فالراجل عمل كدة ورجع للرسول بعد 15 يوم معاه 10 دراهم .. يعنى قد ثروته الأصلية 5 مرات .. وراح جاب أكل وهدوم له ولأهله .. فالرسول قال له إن ده احسن من الشحاتة

الشاهد من القصة دى كذا حاجة:

أولا … الراجل كان بيشحت .. يعنى لا كان بيسرق ولا كان بيهرّب .. وإذا كان النهى عن الشحاتة مع عظيم الفقر موجود وواجب ، .. يبقى النهى عن السرقة والتهريب أولى وأشد .. ويكفينا المثل العربى الرائع “تجوع الحرة ولا تأكل بثديها” .. يعنى الموت من الجوع اهون من الحرام !!

ثانياً .. الرسول خلى الراجل هو اللى يحل مشكلته .. وخلاه يبيع عفش بيته (الحلس والكوز اللى هم ولا حاجة اصلا) .. وباعهم بثمنهم فى مزاد .. وماطلبش من الناس إنها تدفع زيادة .. لإنها بالشكل ده هتبقى برضوا صدقة .. ويبقى ماعملناش حاجة !!

ثالثاً .. الرسول مابصش للصحابة وقال لهم إزاى ده يحصل .. وسايبين الراجل مش لاقى ياكل .. وفين الغنياء اللى فيكم .. وليه ماحدش فيكم شغل الراجل ده .. وطقطوقة الغلابة والمساكين ، و … و … و … الرسول ماعملش كدة خالص ، لأنا مش عايز يرسخ فى نفوس الناس مبدأ النطاعة ، وإستمراء السهل ابو بلاش .. والدعم يا حكومة ، والمنحة ياريس .. والغلابة يا منى .. ولازم ناخد فلوس الأغنياء نديها للفقراء علشان الأغنياء دول كلهم حرامية واشرار .. والفقراء دول طيبين وكيوت .. مع إقرارنا طبعاً إن الزكاة والصدقة هم حق الفقراء فى أموال الأغنياء .. وبالدين .. لكن الرسول هنا بيعطى المثل إن الأصل فى الأشياء هو العمل مش النطاعة والإعتماد على الأخرين ! .. مهما كانت درجة الإحتياج 🙂

رابعاً .. الرسول عليه الصلاة والسلام .. طلب من الراجل يروح يحتطب .. يعنى يشتغل ويتعب .. وشغلانة صعبة مش سهلة .. والراجل بقى ما قالش للرسول .. وهو يعنى الإحتطاب ده هيجيبلى فلوس قد إييه !!؟؟ .. والموضوع مش مستاهل التعب ده .. وهــ أجهز بناتى منين !!؟؟ .. ويعملوا إييه الكام درهم دوول فى بيتى اللى من غير عفش .. وأنا مش لاقى اكل .. وبدل ما تقولى روح إحتطب ، ماتجيب من اللى معاهم ملايين (بالمناسبة .. كان فيه صحابة معاهم ملايين بالفعل زى عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان وأبو بكر الصديق .. وأخرين .. رضى الله عنهم وأرضاهم جميعا) .. لكن الراجل ماقالش كدة .. يمكن علشان لسة عنده شوية دم وإحساس 😉😊

و لحد هنا تنتهى ملاحظاتنا عن القصة وعن الحدث .. لكن المزعج فى الموضوع إن الأولاد دوول بــ يلاقوا متعاطفين معاهم تحت رعاية (أصلهم اطفال ومعلش سامحوهم و دوول لسة صغيرين .. ألخ) .. زى بالضبط الإرهابيين اللى بيلاقوا اللى يتعاطف معاهم تحت مبدأ “الدم كله حرام” .. وهو قول حق يراد به باطل .. يعنى إحنا كدة بــ نشرعن الفساد والسرقة والإرهاب .. أو إن أحكامنا بتبقى على حسب الحالة .. ومش كدة وبس .. لكن المفزع أكثر إنك تلاقى واحد من الأولاد دوول تحول فجأة بقدرة قادر لبطل وفارس مغوار من صناعة السوشيال ميديا .. لمجرد إنه صرخ فى وش المذيعة (الضايعة والغير مهنية على الإطلاق) وقال لها .. هى الحكومة بتمسكنا إحنا علشان بنهرب ونكسب 150 جنيه فى اليوم .. طب ماتروحوا تمسكوا الحرامية اللى بيسرقوا بالملايين !! .. ياسلام .. يعنى هو ده المبرر .. !!! 😏 .. ماشى .. بس الشاب ده والمتعاطف معاه ، واللى بيصفق له ، ناسيين حاجة مهم جداً …

الحرامية الكبار بيتمسكوا .. وبالدليل وبالبرهان .. ومتصورين صوت وصورة .. وبياخدوا احكام قضائية نهائية واجبة النفاذ .. وبيخشوا السجن اللى مافيش فيه فرق بين حرامى كبير وحرامى صغير .. وكله معلن وعلى عينك يا تاجر … أيوة .. فى السجن وزراء .. ومحافظين .. ونواب محافظين .. ورؤساء شركات قابضة .. ورؤساء أحياء .. وقضاه فى مجلس الدولة .. وموظفين كبار فى الوزرات المختلفة .. ومستشارين وزراء .. وحتى رئيس مصلحة الضرائب …. ألخ ألخ ألخ .. وكل دوول ممسوكين فى تهم فساد ومتلبسين .. يعنى الدولة بتمشى بالقانون ، ومش بتمسك اللى بيسرق 150 جنيه وبتسيب اللى بيسرق ملايين !!! … واللى بيقنع نفسه بكدة ، بيحاول بس إنه يوجد لنفسه المبرر الأخلاقى ، أو المجتمعى ، علشان يعمل الغلط ويبقى حرامى ويبرر السرقة ، ويقولك إشمعنى أنا … !! 🙄

والمفارقة المضحكة .. لما تلاقى إن الدولة والناس الأسوياء بيتعاطفوا مع الغلبان والشقيان .. لكن السوشيال ميديا بتتعاطف مع الحرامى …. ومع الوقت ، بقى في ترسيخ لهدم القيم و انحلال المجتمع …. فبقينا نقول دى طيبة و بنت حلال بس بتخون جوزها و ماشيه في الحرام عشان مالاقتش الصدر الحنين  و لازم نحتويها … و القاتل قتل لانه يا حرام المجتمع ظلمه و لازم نحتويه … و المغتصب اغتصب طفلة لانه يا حرام مش قادر يتجوز … حاوروه و ناقشوه و حلوا مشاكله .. و الارهابي قتل و فجر لانه يا حرام امين الشرطة شخط فيه و فيه زولم و كمع … و الاستاذ ده بيناقش فبيشتم و يسب الدين و يخوض في اعراض اللى قدامه و يمسح بيه الارض بكل قلة ادب لانه يا حرام متنرفز و فقد اعصابه …. عشان قلبه واجعه على اخوه الارهابي اللى الشرطه قبضت عليه … الخ الخ الخ من إللى بنشوفه كل يوم فى مواقع السوشيال ميديا 🤔

أرجوكم بلاش ننزلق وراء الهرى الفيسبوكى ، ونخلق ابطال من ورق على الفاضى .. لأنه حتى مع الإعتراف بوجود اخطاء ، أو سلبيات .. فــ فى النهاية لا يصح إلا الصحيح .. وعلشان نجيب من الأخر .. يوم ما نحب نتعاطف .. نتعاطف مع اللى تعاطفت معاه الدولة ، زى الغارمين وسكان العشوائيات وأهالى القرى الأشد فقراً .. والناس أصحاب العوز والإحتياج اللى إتعمل لهم برنامج تكافل وكرامة ، والحرفيين وعمال اليومية الشقيانين اللى الدولة عملت لهم شهادة امان .. لكن ماينفعش ابدا نتعاطف مع حرامى بصحته وقوته وشبابه .. مهما كانت مبرراته للسرقة ….

مراجع قديمة عن الفساد وقضاياه:

معركة الفساد فى مصر ..

بنتكلم عن الفساد ..

معركة الفساد .. والفارق بين منظور الفرد ومنظور الدولة ..

لمتابعة تعليقاتكم