الطريق إلى أكتوبر 1973 .. !!

06 Oct 2020

الطريق إلى أكتوبر 1973 .. !!

——————————–

حرب أكتوبر ماكانتش صدفة .. و لا كانت وليدة عمل لحظى .. لكنها كانت نتاج كفاح و جد وتعب … وخطة عمل بدأ تنفيذها لإستعادة الأرض ، إنطلاقا من نزول المصريين إلى الشوارع رفضا لتنحى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عن الحكم وهتافهم بكل قوة “هــ نحارب .. هــ نحارب” .. وصولا إلى لحظة العبور و رفع علم مصر على أعلى دشمة فى خط بارليف !

رجع الرئيس جمال عبد الناصر لرأس السلطة ، وبدأ على الفور خطة بناء القوات المسلحة المصرية من جديد .. ثم اعلن حرب الإستنزاف ، اللى أقلقت أحلام الكيان ، وقدت مضاجع جنرالاتها المنتشيين بأوهام النصر فى معركة لم تحارب فيها مصر من الأساس … وكان الملهم والمؤسس لبداية حرب الإستنزاف لما تقدمت المدرعات الإسرائيلية فى إتجاه مدينة بور فؤاد يوم 1 يوليو، 1967، بهدف احتلالها .. يعنى بعد 3 اسابيع فقط من نهاية الحرب والهزيمة القاسية ..، لكن تصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عرف بمعركة رأس العش ..

لكن العملية الأهم والأخطر واللى تعتبر هى البداية الحقيقية لحرب الإستنزاف كانت عملية إغراق المدمرة البحرية الإسر$ئيلية “إيلات” واللى غيرت العلم العسكرى البحرى في العالم كله ، بعد قيام القوات البحرية المصرية بإغراقها في البحر الأبيض المتوسط أمام مدينة بورسعيد في 21 أكتوبر 1967 بعد أربع أشهر فقط من نكسة 1967 …. وفضلت حرب الإستنزاف مستمرة ، علشان ترسم للكيان المغتصب حقيقة واضحة لا تقبل الشك ، وهى إن بقائه فى الأرض دى مش ممكن هــ يستمر …

وإلتهب العمليات الإستخباراتية بين مصر والكيان الغاصب وصولا لعملية من أهم العمليات ، اللى كان فشلها هــ يؤدى لدخول مصر فى حرب مباشرة لم يكن الإستعداد لها قد إنتهى بعد .. وهى عملية تدمير الحفار الإسر$ئيلى “كينتنج” اللى كانت دولة الكيان عايزة تجيبه للتنقيب عن البترول فى الشاطئ الغربى لقناة السويس بهدف إذلال مصر و المصريين ، و إرسال رسالة للعالم مُفادها إن الوضع مستقر لجيش الإحتلال ، و إن المصريين قبلوا بالأمر الواقع بدليل إننا بــ نسرق ثرواتهم أمام عيونهم زى ما سرقنا ارضهم … وبالتالى كدة كان لازم يتم تدمير الحفار قبل عبوره لمضيق باب المندب علشان مايضطرش الطيران المصرى لضربه بشكل علنى ومباشر …. وهنا قامت مصر بعمل إستخباراتى رائع يحمل إسم كودى “عملية الحج” .. نجح فيها رجال المخابرات وفريق من الضفادع البشرية فى تدمير الحفار قبل وصوله لمصر .. وكان الإعلان عن نجاح العملية برسالة ارسلها رجال المخابرات فى أبيدجان بساحل العاج إلى قيادات المخابرات العامة اللى اوصلوا الرسالة للرئيس الراحل جمال عبد الناصر وكانت الرسالة من كلمتين “مبروك الحج”

ورحل الرئيس جمال عبد الناصر وإستلم الراية من بعده الرئيس السادات .. وبدأ الإعداد الفعلى لمعركة العبور اللى إشتركت فيه كل أجهزة الدولة لحد ما نجحنا فى تحقيق المستحيل وتحقيق الحلم ، بــ عبور مانع قناة السويس وإستعادة الأرض …

وبدأت أكبر وأخطر خطة تعمية فى التاريخ الحديث .. خطة الإستعداد للحرب .. لكن بشرط إن العدو مايعرفش إنك بتستعد .. وكان ده يعتبر درب من دروب المستحيل .. لأن الموضوع ده كان عامل بالضبط زى ما وصفه احد قادة المخابرات وقتها إنه كان المطلوب تمرير فيل بالغ من تحت أنف نمر جالس متحفز بدون ما النمر يشعر أو ياخد باله .. و ده كان عمل يندرج تحت نطاق الإستحالة المطلقة

وعلشان تفهم مدى صعوبة إذا ماكانش إستحالة الموضوع ده .. فــ لك ان تتخيل إنك كان لازم تعيد بناء قواتك المسلحة وتسليحها .. وتعيد تأهيل الضباط والجنود فى الجيش بالكامل .. وتدرب القوات دى على عبور القناة وإقتحام خط بارليف .. و تعيد بناء الجبهة الداخلية .. وتأمن الإحتياطى الإستراتيجى للحرب وتأهل مستشفياتك .. وتخترق الأجهزة الأمنية للعدو إستخباراتيا .. وتجيب كل المعلومات المتاحة والممكنة عن أى شئ وكل شيئ .. وعلى رأس المعلومات دى ، كل ما يخص خط بارليف .. وأماكن إنتشار وتمركز قوات العدو فى سيناء ، وقواعدهم وخطوط إمدادهم .. وعدتهم وعتادهم بالأرقام .. وخطط تأمينهم … وبعد كدة .. و وقت اللزوم .. تقوم إنت بنقل قواتك بالكامل لخط القنال ، وتبدأ فى العبور .. وكل ده من غير ما يشعر العدو بكدة ، ولا تقدر اجهز الرصد بتاعتهم ولا الأقمار الصناعية بتاعة الأمريكان إنه ترصد كل ده !! .. وحصل …

رفع الروح المعنوية للجيش والشعب كان على راس أولويات الدولة ، بدايةً من حرب الإستنزاف ، وحتى لحظة العبور علشان بس تخلى الجميع يشعر بقيمته وقدرته على التحمل وتحقيق المستحيل .. و ده تم بخطة ممنهجة على مدار سنوات ، ألهبت الشعور الوطنى ، و وصلت بالناس لدرجة إنهم أصبحوا مستعدين يعملوا أى شيئ علشان يحاربوا .. و وصل الوضع بجنود الجيش إنهم كانوا على إستعداد للحرب حتى لو هــ تكون فيها نهايتهم … يعنى من الأخر تخيل كدة إنك وصلت بالمصريين بالكامل لمرحلة إنهم اصبحوا جعانين حرب !!

تم رفع كفاءة وقدارت الجيش القتالية على مستوى الجنود والضباط لدرجة إنه فى حالة الحرب كان الفرد المقاتل بــ يهاجم الدبابة الإسرائيلية فى مواجهة مباشرة مستحيلة و بــ ينتصر عليها ويأسر أفرادها أو يقتلهم .. وكانت الطائرة الميج بتتفوق على قدرات الطائرة الفانتوم الإسر$ئيلية اللى بــ تفوق قدرات الطائرات المصرية بخمسة اضعاف .. وكان سلاح الغواصات المصرى أسهل مشوار بالنسباله هو زيارة موانئ دولة الكيان بشكل اسبوعى بدون ما يتكشف .. وقدر سلاح المهندسين يخترق اصعب مانع فى تاريخ الحروب وإسقاطه تحت بيادة الجندى المصرى فى اقل من 6 ساعات.

الحرب المخابراتية إشتعلت لأقصى درجاتها .. وكان على مصر إنها تضرب ضربات موجعة وتعمل إختراقات للأجهزة الأمنية للعدو بدون ما يشعر ، وقام جهاز المخابرات العامة المصرية بعمليات مبهرة .. منها على سبيل المثال لا الحصر ، “عملية العراف” اللى قدر فيها العميل المصرى يخترق حاجز السرية ويوصل لكثير من جنرالات جيش الكيان ويزرع اجهزة تنصت فى مكاتبهم داخل إسرائيل ، مما جعل مصر ترصد كل شاردة و واردة لهؤلا الجنرالات.

قدرت مصر تنقل قواتها العسكرية بالكامل لخط القنال بدون ماتقدر الأقمار الصناعية الأميريكة ترصد التحركات دى .. و ده كان نتاج عملية مخابراتية قدرت مصر من خلالها تحصل على خط سير هذه الأقمار الصناعية ، وبقت بتحرك القوات بشكل بعيد عن خطوت السير والرصد للأقمار دى لحد ماتم نقل القوات بالكامل للخطوط الأمامية ، وتخبئتها تحت مخابئ مش ظاهر منها غير أجسام هيكلية لدبابات ومدافع كانت تثير سخرية وشفقة جنود وضباط جيش الكيان المحتل ، وهم بيضحكوا على غباء المصريين ، من غير ما يعرفوا إن المصريين هم اللى بيضحكوا عليهم.

تم إختراق جيش الكيان نفسه ، و زرع عناصر من المخابرات المصرية فيه ، فى سلاح الإشارة والمراسلات العسكرية .. ومنها عملية “العميل 1001” .. اللى قام بيها البطل المصرى “عمرو طلبة” اللى تم زرعه فى إسرائيل سنة 1969 وإستشهد على الجبهة فى حرب أكتوبر 1973 تحت قصف الطيران المصرى بعد مارفض يغادر موقعه كمجند فى غرفة اللاسلكى الإسر$ئيلية على الجبهة .. وفضل ينقل المعلومات العسكرية بالشفرة عبر جهاز اللاسلكى لمصر لأخر لحظة برغم تحذير القيادة المصرية له بضرورة مغادرة موقعه ، لحد ما إستشهد على ارض سيناء .. وقامت بعدها المخابرات المصرية بعملية إستخباراتية لإستعادة جثمانه من على الجبهة ودفنه فى تراب بلده متدثرا بعلم مصر.

و طبعا مش هــ ننسى العملية القام بيها جهاز المخابرات المصرى لزرع أجهزة تنصت داخل المنظمة اللى كان مقرها إحدى الدول الأوروبية ، و اللى كان بيجتمع فيها مخابرات العدو مع رؤساء وقادة وضباط مخابرات الدول اللى بتساعد دولة الكيان معلوماتيا وإستخباراتيا ضد مصر .. بعد ما طلب الرئيس السادات من رئيس المخابرات المصرى وقال له “أنا عايزك تحطلى كرسى فى غرفة الإجتماعات معاهم” .. وقد كان .. وتم تقديم العملية دى فى عمل درامى بإسم الثعلب نسبة إلى الإسم الكودى لضابط المخابرات المصرى اللى قام بتنفيذ العملية !

حتى الرئيس السادات نفسه ورجال الحكومة فى سنوات من 1971 إلى 1973 ، كجزء من خطة التعمية الإستراتيجية .. كانوا بيتحركوا بإرشادات خبراء فى علم النفس علشان يتكلموا ويتصرفوا بطريقة معينة توحى للعدو بحالة من الإسترخاء .. وكانت لغة الجسد للرئيس السادات فى كل حواراته ولقاءاته وخطاباته الصحفية فى قمة الإتقان لدرجة اجمع خبراء الطب النفسى فى دولة الكيان إنه من المستحيل إن الناس دى ممكن تكون مقبلة على حرب من اى نوع فى المستقبل القريب !

خلاصة القول .. كل الكلام اللى قولناه ده مجرد غيضٌ من فيض … واللى قامت به مصر ممثلة فى قيادتها وجميع اجهزتها الأمنية ومؤسساتها للعبور بسلام بخطة التعمية والبناء من بعد الهزيمة المرة فى يونيو 1967 وحتى الوصول إلى لحظة العبور فى أكتوبر 1973 .. كل ده يندرج تحت نطاق الإعجاز المسجل بعلامة الجودة بإسم مصر وبإسم القوات المسلحة المصرية .. و هــ يفضل مسجل بإسمهم إلى أبد الآبدين

حفظ الله مصر وشعب مصر

مقالات ذات صلة

لمتابعة تعليقاتكم