تلويحات البرلمان الأوروبى

19 Dec 2020

تلويحات البرلمان الأوروبى .. جولة البداية !!

———————————————

حالة من الإنزعاج الشديد لدى البعض بعد إجتماع البرلمان الأوروبى ، وفتح الملف الحقوقى فى مصر من خلال قضية ريجينى ، و طرح توصيات بتنفيذ عقوبات على الدولة المصرية ، بعد اقتراح تقدمت به إيطاليا للاتحاد الأوروبي، يتضمن فرض عقوبات ضد مصر !!

والحقيقة إحنا مش فاهمين هو إحنا لييه مستغربين و متفاجئين من اللى بيحصل ده !!؟؟ .. ده كان شيئ متوقع يمكن بنسبة 100% ، ومتوافق تماما مع التغيرات السياسية اللى هــ تحصل فى العالم مع بداية يناير 2021 مع مجيئ الإدارة الأميريكية الجديدة … و ده بــ يرد ببساطة خالص على أصحاب قناعة إن السياسة الأميريكية واحدة ، وإن الرئيس الأميريكى مجرد موظف .. و هى القناعة اللى مسيطرة على وعى كثير من المصريين كنتاج للخطاب اليسارى فى الشارع المصرى .. برغم إن الحقائق على ارض الواقع تختلف تماما .. والدليل هو اللى بيحصل دلوقتى مع مصر !

صحيح السياسة الأميريكية سياسة واحدة فى الإطار العام للدولة مهما إختلف انتماءات الرئيس سواء كان جمهورى أو ديموقراطى … منها ضمان امن إسرائيل .. محاولة تسيّد العالم .. تحقيق مكاسب على حساب العرب .. إعتبار الروس والصينيين أعداء .. السيطرة على الإعلام العالمى .. ألخ ألخ … دى يمكن مجرد نبذة عن الأطر العامة للتوجهات الأميريكية أو نقدر نقول أولويات السياسة الأميريكية .. لكن فيما عدا ذلك .. تختلف التوجهات بإختلاف الرئيس نفسه وأجندته السياسية .. والدليل إن (مصر\ترامب) غير (مصر\أوباما) ، غير (مصر\بوش الإبن) , غير (مصر\بيل كلينتون) .. وهكذا.

عموما ما علينا … إحنا مش هــ نستطرد فى النقطة دى علشان ما نختزلش المقال فى نقطة خلافية ، وقناعات قد لا تجد طريقها للتغيير .. وخلينا نركز فى اللى بيحصل مع مصر ، وبيحصل لييه .. و لييه فى التوقيت ده بالذات ، وخصوصا بعد الزيارة الأخيرة الناجحة لفرنسا.

طبعا مش محتاجين نفكر حضراتكم بحالة الصراع اللى إتكلمنا عنها كتير قبل كدة ، بين النظام العالمى القديم ممثلا فى التوجهات النيولبيرالية وفكر العولمة وسيطرة شبكات المصالح والمنظمات والمؤسسات العابرة للقارات ، وبين النظام العالمى الجديد ممثلا فى التيار القومى المتصاعد بشدة ، وبيضرب فى أساسات وقواعد التوجه القديم … الصراع اللى كلنا شاعرين بيه ، و لامسين نتائجه .. من غير ما يكون ظاهر قدامنا أو حتى نقدر نشاور عليه بشكل واضح !!

وعلشان كدة لازم نبقى فاهمين ، إن معظم الدول الغربية ، وبالذات اللى لها ثقل سياسى وإقتصادى وشأن وبصمة ، وعندها القدرة على تحريك الأحداث العالمية .. فيها صراع داخلى قوى جداً بين ممثلى النظامين العالميين .. وكل فريق بــ يستمد قوته وتأثيره على قرار دولته ، من قوة التيار بتاعه وإتجاه بوصلته فى التوجه العام للسياسة الدولية.

وعلشان بس مايحصلش خلط عند البعض .. فــ لازم هنا نوضح شيئ مهم ، وهو إن الصراع ده مش صراع بين حكومة ومعارضة .. لأ خالص .. ده صراع بين توجه قومى ، وتوجه لحساب الغير .. أو لحساب منظومة عالمية .. يعنى عندك دولة زى فرنسا مثلا ، هتلاقى إن الدولة والمعارضة ، الإثنين توجهاتهم قومية .. لكن ده مايمنعش من وجود التيار الأخر اللى قولنا عليه .. علشان بس مايتفهمش خطأ إن التيار ده معارضة ، وهدفهم مصلحة الدولة بقى و .. و كدزة

المهم .. نرجع تانى ونقول إنه خلال الأربع سنوات الماضية ، حصل تصاعد كبير لقوى التيار القومى ، و أخد دفعة قوية جدا بعد وصول ممثلى التيار ده إلى قمة هرم السلطة فى معظم القوى التقليدية فى العالم .. زى بوتين فى روسيا ، وماكرون فى فرنسا ، وبوريس جونسون فى إنجلترا .. و حتى فى إيطاليا برغم إن الموقف الإيطالى الداخلى معقد حبتين .. وكمان اللى كان بيتم إعداده لخلافة ميركل فى ألمانيا .. ألخ ألخ ..

لكن الدفعة الأكبر للتيار القومى كانت فى وصول الحاج ابو حنان صاحب التوجه القومى ، لرئاسة أميريكا فى غفلة من الزمن .. والدفعة دى مش لشخصية ترامب نفسه .. ولكن لحجم وقيمة أميريكا كدولة ، وتأثيرها على السياسات العالمية ، ودورها فى توجيه دفة الأحداث … و ده مالوش علاقة خالص بكون ترامب حلو أو وحش .. و ده موضوع قتلناه بحثا قبل كدة .. وإتكلمنا عنه فى مقالين كاملين .. هــ نحطهم فى نهاية المقال للى عايز يراجعهم

وعلشان كدة كنا بنشوف كيمياء بين الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى ، وبين الأسماء اللى ذكرناها بسبب توجهاتهم القومية ، المتماشية مع فكر وعقيدة الإدارة المصرية الحالية .. وناهيك طبعا عن التنين الصينى فى الشرق ، واللى واقف من زمان فى مواجهة التمدد النيوليبرالى فى نظام العولمة !

لكن اللى حصل ياسيدى إنه بــ خسارة الحاج ابو حنان للإنتخابات الأميريكية ((حتى الأن)) ..، ده اضعف التيار القومى بشدة .. ومع تأكد كل الدوائر السياسية فى العالم ، والمعنيين بالمشهد الدولى ، إن ولاية الأخ “بايجون” القادمة هــ تكون عبارة عن ولاية ثالثة للمولّا “أوب$ما” بنفس الأدوات السياسية و الإنتماءات الفكرية و القناعات الأيديولوجية .. فــ بالتالى كان لازم نبدأ نشوف تغيرات فى المواقف والرؤى الدولية بناء على ما سيكون عليه حال الإدارة السياسية الحاكمة للدولة الأكبر فى العالم وهى الولايات المتحدة الأميريكية !!

وبناء عليه بدأت الجوقة السياسية إياها فى كل الدول تُبعث من جديد من تحت الرماد .. وبدأنا نشوف تصاعد تانى لصوت منظمات السبوبة الحكوكية .. وبدأ الحديث من جديد عن “مواخير المجتمع المدنى” .. وبدأت اصوات من يطلقون على أنفسهم نوشاتاااء وحكوكيين تعلى من جديد … وبدأ عواهر جماعة الإخوان يخطبوا ود الإدارة الجديدة ، ويقدموا نفسهم من جديد بإعتبارهم لسة اداة فاعلة ، وقادرة على التأثير فى الشارع ، وعلى دفع الأحداث فى محاولة منهم للحصول على قبلة الحياة من الجديد سواء كان سياسيا أو ماديا .. وتقديم نفسهم تانى بإعتبارهم خير من يحافظ على المصالح الأميريكية فى المنطقة .. و ناهيك طبعا عن تغير مواقف وسياسات بعض الدول بالبناء على ما سيكون .. و ده غير لململة شتات تنظيم داعش الإرهابى من جديد ، وبدأ يعلن عن نفسه بقوة فى غرب أفريقيا بعد إندماج بوكو حرام فى التنظيم

وعليه .. فــ البرلمان الأوروبى هو واحد من المؤسسات اللى ينطبق عليها كل اللى قولناه ..، و علشان كدة ، فــ اللى صدر عنه من توصيات ، حتى وان كانت غير ملزمة للدول الأعضاء في الاتحاد الاوروبي .. لكنها مؤشر للحالة اللى هــ تبقى عليها المرحلة اللى جاية من الابتزاز السياسي والاقتصادي اللي هتتعرضله مصر طوال الأربع سنوات القادمة … و نقدر نقول بمنتهى الأريحية إن اللى حصل ده يعتبر عربون محبة بيقدمه التيار الموالى داخل البرلمان الاوروبي للإدارة الأميريكية الجديدة بقيادة الأخ “بايجون” ! … يعنى من الأخر كدة … اللى حصل ده كان ضربة البداية … والبقية لسة هــ تأتى !

لكن الجميل فى اللى حصل كان هو رد البرلمان المصرى على البيان والتوصيات اللى أصدرها البرلمان الأوروبى … واللى كان رد قوى جدا ، إنتقد فيه البيان الأوروبى وقال إنه تضمن معلومات غير حقيقة بشأن الأوضاع في مصر، مشيرا إلي أن البيان غير مقبول ولا يلائم الشراكة ‏المصرية – الاوروبية .. ووصف مجلس النواب المصري البيان والتوصيات ، بأنها مسيسة وتعبر عن نهج غير متوازن، مطالبا البرلمان الأوروبي بعدم تنصيب نفسه ‏وصيا على مصر، وعدم تسييس قضايا حقوق الإنسان لخدمة ‏أغراض سياسية أو انتخابية .. وإنه كان من الأولى إلقاء نظرة على جهود مصر في حفظ الأمن والاستقرار ليس على المستوى ‏الداخلي فقط، ومكافحة الإرهاب ‏والهجرة غير الشرعية وكذلك جهودها لتحسين معيشة المواطن المصري بالتزامن مع طفرة التنمية التي لم تتوقف حتي في ظل أزمة كورونا.

طب موقف الإدارة السياسية المصرية من اللى بيحصل ده إييه !!؟؟ .. و هل مصر قادرة على مواجهته ، وإلا لأ !!؟؟ … و إييه هى الكروت اللى فى إيدين مصر لمواجهة ده كله … ده بقى اللى هــ نتكلم عنه فى المقال القادم علشان بس مانطولش عليكم أكثر من كدة

حفظ الله مصر وشعب مصر

مقالات ذات صلة:

لمتابعة تعليقاتكم