مصر أفريقيا … الجولة والهدف

19 Aug 2017

مصر أفريقيا … الجولة والهدف

—————————–

تابع كل المصريين الجولة الأفريقية اللى قام بيها الرئيس عبد الفتاح السيسى فى خلال الكام يوم اللى فاتوا واللى شملت أربعة دول أفريقية هى روندا وتنزانيا والجابون وتشاد … وطبعا بغض النظر عن الكلام السخيف اللى إتقال عن أهداف ونتائج الزيارة ، وإن إييه يعنى الدول دى علشان الرئيس المصرى يروح يزورها !!؟ … وقيمتها إييه !!؟ … وإييه اللى ممكن تقدمه لمصر !!؟ … وكل الكلام اللى لا يودى ولا يجيب ، واللى تحس ان أصحابه بعقلية لا تستطيع أن تدير حتى محل بقالة مش دولة بحجم مصر واهميتها

والغريب ايضا إنك تلاقى اصحاب التهوين من الجولة الأفريقية ، واللى بيقولوا إن مصر أكبر من الدول دى … هم هم نفس الناس اللى عندهم إحساس بالدونية ، واللى بيهاجموا مصر لما بيقوم الرئيس بزيارة دول كبرى سواء فى اوروبا او فى الشرق الأقصى … وتلاقيهم بيسخروا من مصر ، وإنها إيش جاب لجاب … وكلام خالتى وخالتك اللتاتة، اللى يدل على عقليات فارغة ، و إن مافيش حاجة شغلاهم غير مهاجمة التحركات المصرية وخلاص …. وعموما … ماعلينا … الناس دى لا تستحق عناء الرد عليهم !!

المهم إننا زى ما عودناكم على تاصيل الأمور … فــ الحقيقة علشان نفهم فائدة الجولة الأفريقية دى ، وإييه مدى اهميتها … لازم نرجع بالتاريخ شوية للخلف … شوية كتير لحد 50 او 60 سنة فاتوا … يعنى مع منتصف الخمسينات وحتى نهاية الستينات فى القرن الماضى … واللى كان يعتبر العصر الذهبى لعلاقات مصر مع الدول الأفريقية ، ايام الزعيم جمال عبد الناصر … لأن الفترة دى شهدت توغل مصرى كبير فى أفريقيا ، سواء على مستوى العلاقات السياسية ، أو الإقتصادية من خلال المؤسسات الرسمية للدولة … او حتى على مستوى الأزهر الشريف فى النواحى الدينية والتثقيفية … وغير البعثات التعليمية اللى كانت مصر بتقوم بيها لدول أفريقيا … وكان كثير من طلبة الدول الأفريقية بييجوا يدرسوا فى الجامعات المصرية !

الفترة دى كانت العصر الذهبى زى ما قولنا للعلاقات المصرية مع الدول الإفريقية … وخصوصاً إن الأفارقة كانوا بــ ينظروا لمصر بإعتبارها زعيمة أفريقيا ، وأيقونة الحركات التحررية من الإستعمار الغريى فى العالم كله … وكانت كل المواقف والقرارات اللى بــ تتبناها الدول الأفريقية كانت بــ تخرج من مصر …. والحقيقة إن ده ما كانش شئ إعتباطى بتعمله الإدارة المصرية … لكن ده كان بناء على رؤية سياسية للدولة المصريه ، و توجيهات الأجهزة الأمنية اللى نفذت مايعرف فى أدبيات السياسة والأمن الإستراتيجى بــ “أدبيات ملئ الفراغ الاستراتيجى” …. بمعنى إن مصر كانت بــ تنتشر وبــ تتوغل فى افريقيا علشان عندها بعد نظر إن أفريقيا هى الظهير القارى لمصر ، واللى ماينفعش أى حد يدخل فيه ويشغل بعلاقاته الإقتصادية والإستراتيجية وحتى الأمنية أى مساحة تؤثر على الأمن القومى المصرى ….

ومع بداية السبعينات ، بدأت العلاقات المصرية الأفريقية يحصل لها شئ من الجمود … والحقيقة ده ما كانش خطأ الإدارة المصرية ، على قد ما كان إنشغال مصر بالتحضير لمعركة المصير والعبور فى اكتوبر 73 لإستعادة سيناء … وبعدها توجهات وفكر الرئيس السادات رحمة الله عليه ، وإقتناعه إن 90% من اوراق اللعب فى الشرق الأوسط فى إيدين أميريكا ، زى ما قال حرفياً …. ومع مجئ الثمانينات إستمرت حالة الجمود فى العلاقات حتى حدثت واقعة إغتيال الرئيس مبارك فى أديس أبابا … واللى ترتب عليها حدوث شق فى العلاقات المصرية مع الدول الإفريقية … وبدأت مصر تخرج تقريباً من الميدان الأفريقى ، وتسيب الساحة خالية علشان تبدأ أطراف أخرى تدخل وتملئ الفراغ اللى تركته مصر ورائها ، سواء على المستوى السياسى أو الإقتصادى … و دى كانت أحدى الأخطاء الكارثية اللى إرتكبها النظام المصرى وقتها … واللى مصر بتدفع ثمنه لحد النهاردة

طبعا بغض النظر عن مناطق النفوذ لبعض الدول الغربية فى غرب أفريقيا زى فرنسا مثلا ، واللى إتكلمنا عنه بشئ من التفصيل فى مقالات تأديب فرنسا … واللى هــ تلاقوها على الموقع بتاعكم  زي مقال عملية تأديب فرنسا … لكن تراجع الدور المصرى سمح لدول زى إسرائيل (وهى الأخطر) … والصين طبعاً وبعض الدول الأوربية ودول شرق أسيا ، بالإضافة للجماعات والتيارات اللى بتنتمى للتنظيم الدولى بشكل أو بأخر … إنهم يدخلوا ويملأوا الفراغ ده … وكان جزء من ملئ الفراغ موجه ضد الأمن القومى المصرى سواء كان الأمن المائى أو الإقتصادى … وناهينا طبعا عن الصعيد الأمنى

ومع بداية احداث الزفت العربى فى 2011 ، دخلت مصر فى النفق المظلم تماما فى علاقتها بدول أفريقيا … وجائت سنة حكم الإخوان علشان تقضى تماما على أى مساحة تواجد لمصر ، بإستثناء السودان طبعا لأنه نظام إخوانى … و ده كان احد أهداف الخريف العربى ، واللى أهم ادواته هم الإخوان …. لكن بعد 30 يونيو … كانت مصر بتعيد حساباتها بشكل كامل فيما يخص العلاقات المصرية الأفريقية … وبدات تدخل حرب ضروس علشان تقدر تفتح لها مساحة جديدة فى قلب القارة السمراء … و دى ما كانتش معركة سهلة … وإفتكروا إن أول قرار دولى رسمى تم إتخاذه ضد مصر بعد 30 يونيو ، كان تعليق عضوية فى الإتحاد الأفريقى … و ده كان مؤشر مهم جداً علشان نفهم إنه اصبح فيه أطراف بتلعب فى الداخل الأفريقى ، وأصبحوا قادرين على توجيه القرار الأفريقى ضد مصر

وعلشان كدة كانت أهم أولويات دولة 3 يوليو 2013 ، هو التوجه بقوة ناحية أفريقيا … والبدأ فى خوض معركة فك طلاسم وإزالة ترسبات سنين طويلة من الخروج الكامل من الساحة الأفريقية … و المعركة كانت صعبة … ومازالت أكيد … لكن على الأقل مصر قدرت تخترق الجبهة الأفريقية … وتحقق نجاحات كبيرة … ويمكن علشان كدة صفحتنا كانت بــ تولى نشاطات الرئاسة المصرية فيما يتعلق بالشأن الأفريقى إهتمام خاص … وكنا أول ناس أيدت موقف مصر فى دعوة بعض الدول الأفريقية لحضور مؤتمر شرم الشيخ الإقتصادى فى 2015 واللى ناس كتير من عينة اللى ذكرناهم فى بداية المقال قعدوا يتريقوا ويقولوا ، هى الدول الأفريقية اللى مش لاقية تاكل ، جايين مؤتمر إقتصادى لدعم مصر لييه … طبعاً مش هــ نرد على الناس دى …. 🙂 🙂 ونحب نفكر حضراتكم بمؤتمر الكوميسا اللى إتعمل فى شرم الشيخ … وإتفاقية التجارة الحرة اللى تم توقيعها … وغيره وغيره من التحركات المصرية على الساحة الأفريقية … و وهتلاقوا هنا لينكات لمقالات كنا نشرناها من سنتين ، وللأسف ماكانش حد من المهاجمين لمصر قادر يفهم أو يشوف أبعاد الرؤية المصرية … والمؤسف اكثر إن بعض المؤيدين للدولة كانوا بيستهتروا بالتحركات دى وتأثيرها على مجريات الأحداث !

وكان التأكيد على الكلام اللى قولناه زمان ، واللى بنقوله وبنأكده النهاردة هو الجولات اللى قام بيها نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل فى افريقيا … والزيارة التاريخية اللى قام بيها اوباما رئيس أميريكا بجلالة قدرها لأثيوبيا … وكنا نشرنا المقال ده من أكثر من سنة 🙂 :

فلما نيجى نتكلم عن جولة رئاسية لرئيس مصر فى 4 دول أفريقية ، وبعد اللى ذكرناه ده كله … يبقى ماينفعش بأى حال من الأحوال نستهين بيها ، أو إن الموضوع يمر مرور الكرام ، زى ما حصل فى الإعلام المصرى إلاّ أقل القليل منهم … وخصوصا إن الجولة دى تعتبر جزء من الاستراتيجية المصرية لإستعادة الدور المصرى والمكانة التى انسحبت منها خلال السنين الطويلة الماضية …. لأن اللى بتعمله الرئاسة المصرية والدبلوماسية المصرية هو العمل على تفعيل الإتفاقيات فى المجال الاقتصادى والتجارى والسياسى … مع الوضع فى الإعتبار إن إختيار الدول اللى بتشملها الجولات الرئاسية واللى بيتم التركيز عليها فى العلاقات الثنائية ، مش بــ يتم بشكل عشوائى … و لو تلاحظوا إن الجولة المرة دى ركزت على دول الجوار و دول حوض النيل … وده له معنى كبير جداً … و يتوافق مع الكلام اللى قولناه قبل كدة ، ومع التوجهات الإستراتيجية فى المحيط الإقليمى للدولة المصرية

وختاماً … نحب بس نلفت النظر ، إلى إن الجولة الأخيرة اللى قام بيها الرئيس السيسى كانت على مستوى عالى من الأهمية لأنها بتنعكس بشكل إيجابى على ملفات كتيرة تتعلق بالأمن القومى … يعنى تقوللى ملف سد النهضة أقولك ايوة … تقولى تأمين حدود ، اقولك أومّال زيارة تشاد دى كانت ليه … تقوللى الأمن القومى المائى ، اقولك اومّال زيارة دول حوض النيل لييه !؟ … تقوللى ملف إقتصادى ، اقولك أومّال العالم كله بيتصارع على التمكن من التوغل فى القارة السمراء لييه … و ألخ ألخ ألخ .. من الملفات المفتوحة واللى مصر بتسابق الزمن علشان تحقق فيها النجاح … واللى ناس كتير بالفعل مش حاسين بمدى صعوبة المعارك اللى بتخوضها مصر علشان تقدر تكمل وتنطلق للأمام …

بس قولوا تحيا مصر … والقادم افضل بإذن الله 🙂

لمتابعة تعليقاتكم