محاولة هدم الدولة المصرية باستهداف قوتها الناعمة – الجزء الخامس

05 Dec 2018

محاولة هدم الدولة المصرية باستهداف قوتها الناعمة – الجزء الخامس

——————————————————————–

أعزاؤنا أصدقاء صفحة كلام في الصميم ……. اتكلمنا في الاربع الاجزاء السابقة على احد اهم عناصر القوة الشاملة للدولة المصرية و هي القوة الناعمة الحضارية للدولة المصرية …. و عن تأثيرها الرهيب على شعوب محيطنا في مجال امننا الحيوي ….. و بدأنا نفند و نفكك الصورة شوية شوية عشان نقدر نفهم ازاي بــ يتم ضرب الهوية و الشخصية المصرية لتفتيت المجتمع و كسره قبل الاجهاز عليه تماما …. و بدأنا التأصيل للادوات المستخدمة وزرع من يقومون بها …. و بدأنا في الجزء الاول بتعريف يعني اييه القوة الشاملة و انواعها … و يعني اييه القوة الناعمة و كيفية ضربها …. و ألحقناها بالجزء الثاني اللى تكلمنا فيه عن اختراق المجتمع أيدولوجيا بانشاء يمين ديني متطرف باستخدام الدين و دعاة الفتنة و الدم و الاستحواذ على الخطاب الديني لهدم الدولة المصرية…. ثم الجزء الثالث اللى اتكلمنا فيه عن كيفية اختراق المجتمع بتكوين مجموعات مخترقة استحوذت على التيار اليساري و تكوين معارضة تهدم و لا تبني…. ثم الجزء الرابع اللى اتكلمنا فيه عن تكوين نخبه ثقافية كان دورها هو “كلاب صيد سعرانه ” … تنهش في الهوية و الشخصية الوطنية المصرية

النهاردة في الجزء الخامس هــ نتكلم فيه بعد ما أصَّلنا مع بعض اييه بالظبط اللى حصل من وجهة نظرنا …. لازم نجاوب مع بعض على الاسباب و الثغرات اللى نجح فيها أهل الشر دول في النفاذ الى مجتمعنا ….. عشان مانقعش في نفس الغلط مرة تانية … و نعطي حصانة لاولادنا انهم مايقعوش و يدمروا اللى بيتصلّح دلوقتي و تحصل انتكاسة مره تانية.

لكن في الاول … لازم نوضح حاجة مهمة …. ان ده رأى الصفحة …. مش بنفرضه على حد … لاننا عارفين ان ناس كتير ممكن تختلف معانا … لان الحقيقة في معظم الاحيان بــ تبقي مش مستحبة … لكن ده رأينا … و دي وجهة نظرنا و لك كل الحرية في انك تقبل بيها او ترفضها لان كلامنا هــ يكون قاسي شوية و يمكن صادم للبعض … و بالذات ان طوال فترة نشر الاجزاء كان بــ يجي لينا تعليقات كتير و عشرات الرسائل كلها فيها تساؤل واحد :-

  • و هو فين كانت الاجهزة السيادية.
  • فين المخابرات
  • فين الجيش
  • فين الامن
  • فين الدولة

و كأن اللى خضناه طوال عشرات السنين اللى فاتت كان مسؤلية اجهزة الامن فقط ….. و ماكانش مسؤولية الجميع بدون استثناء … و نكررها مرة اخرى … (((الجميع))) …. وأن النخب المتعلمة و المثقفة ماكانش ليها الدور الاكبر و الاساسي فيما واجهناه لما تعاملوا مع وطنهم بمنتهي الانانية .. و الشعب اللى كان المفروض انهم يقودوه ، تركوه فريسة لمجموعة من الكلاب السعرانة تنهش فيه و تحاول تحطمه و اللى في نفس الوقت لم يقوِّموا اخطاء الادارة السياسية اللى كان ليها اخطاء قاتلة في فترة من الفترات ….. فـ كان مضمون الاسئلة دي بــ يأكد كل كلمة احنا اتكلمنا فيها في سلسلة مقالاتنا عن اختراق الشخصية المصرية …. اللى نجحوا فيه في غرس روح الانفصال عن المجتمع عن الجميع …. و ان كل واحد عايش حياته في جزيرة منعزلة … و ارتباطه بمجتمعه هو عبارة عن شباك بــ يطل من جزيرته منه علي اللى حواليه … بــ يشاور من بعيد و ينظَّر على الجميع و يقول ازاي يحصل كده … و فين الاخرين … و ماحدش سأل نفسه … و فين المتعلمين و المثقفين و اساتذة الجامعات و النخب في جميع المجالات …

فـ كلامنا النهاردة هــ يكون عن دور الدولة طوال الأربعين سنة الماضية فيما وصلنا اليه … و دور النخبة المجتمعية اللى قامت بدور عراب تدمير مصر و اللى فسدت و أفسدت ….. و دور الشعب المصري العظيم اللى واجه منفرداً ما كانت تنوء به قارات بأكملها و اللى لو شعوب دول عظمي واجهت ربع اللى اتعمل فيه … كان اتفككت من زمان … و اللى قدر يواجه و يصمد و يحاول يرجع تاني الى شخصيته الحقيقية.

و قبل ما نتكلم عن دور الدولة … فياريت اللى ماتابعش الاجزاء السابقه يقراها … لان فيه محددات هــ تكون حاكمه لرأينا و للنقاش فيه … و لان مصر مش وجهة نظر ممكن نختلف عليها عشان واحد بحبه او بكرهه … فـ مهم جدا اننا نبعد تماما عن الايدولوجيات القميئة اللى اتفرضت على الشخصية المصرية بتاعة الناصري و الساداتي و المباركي و الملكي …. لاننا بنرفض تماما هذا النهج …. و ايضا في محدد هاااام جداً … ان اكبر خطأ بــ يقع فيه الكثيرين ، هو الحكم على الاحداث التاريخية بمعايير اليوم بتاعة 2018 … بدون الاخذ في الاعتبار السياق التاريخي و الظروف و الملابسات و الوضع الداخلي و الخارجي لمصر في وقت حدوث هذه الاحداث او اتخاذ القرارات المصيرية في وقتها.

فــ لو جينا اتكلمنا على دور الدولة … هــ نلاقي إن فترة الخمسينات و الستينات كانت فترة تحول سياسي واجتماعي و اقتصادي كامل … كان الدولة المصرية ليها هدف وطني واضح و سعت بكل قوه انها توصله سواء داخليا او خارجيا …. و سواء اتفق البعض او اختلف على الآليات و والسائل و القرارات اللي اتخذتها الدولة المصرية لتحقيق هذه الاهداف الوطنية …. الا ان الدولة المصرية استخدمت كل الوسائل لتقوية و استخدام قوتها الناعمة بشكل كامل في هذا الوقت … فأنشات التليفزيون المصري و دعمت الفن و الادب و دعمت نشر الثقافة الدينية المصرية المعتدله …. فكان العصر الذهبي للازهر اللى انطلق شيوخه يجوبون قارات العالم اجمع … و ايضا كان الدعم للكنيسة المصرية غير محدود … فأنشأت الكتدرائية المصرية و دعمت الكنيسة المصرية في توسعها خارج مصر بإنشاء كنائس مصرية في دول كثيره من العالم …..

ففي هذا الوقت بالفعل كانت القوة الناعمة المصرية وبأدواتها من اعلام و فن و ثقافه و ادب و جامع و كنيسة في أوج قوتها و في عظم تأثيرها في محيط مصر العالمي و في كل الاتجاهات … و ده كان في الوقت اللى قامت الدولة المصرية فيه بمواجهة محاولات اختراق المجتمع لتغيير شخصيتة الوطنية سواء من الداخل او الخارج بكل قوه غاشمة …. فكانت عناصر التيارات الاشتراكية الشيوعية أذرع الاتحاد السوفيتي … و أيضا التيارات الاسلامية السياسية أذرع الدول الغربية اللى أنشأتها … ضيوف دائمين في المعتقلات و السجون و في اقفاص المحاكم.

أما فترة السبعينات …. فالدولة المصرية كانت في وضع لا تحسد عليه و في اصعب المواقف اللى ممكن ان تجتمع فيها كل الظروف المحبطة …

دولة مهزومة عسكريا و إحتلال جزء من أراضيها بواسطة قوة عسكرية حديثة بأحدث الاسلحة .. و اللي نظريا و علميا كان لا قبل لنا بها …. و جيشها بــ يعيد تكوين نفسه بعد هزيمة مذلة و تدمير معنويات جنوده ….. في ظل اقتصاد شبه مدمر لان كل امكانياته مستنزفة تماما في المجهود الحربي … و مهزومين دولياً بعد دعم دول العالم للمعتدي و ضغطهم على مصر بأن تقبل احتلال اراضيها لانها مهزومة و ضعيفة و المهزوم لا يُستمع له …. و مجتمع مكسور نفسيا و مفككين داخليا ما بين صراعات داخلية من تيارات محسوبة على الاتحاد السوفيتي من الحرس القديم و تيارات اسلامية بــ يقوم الغرب بزرعها و تقويتها في المجتمع بمنتهي السرعة …. بعد ما استغلوا الفراغ الموجود في المجتمع بسبب إما انشغال كل اجهزة الامن القومي بالعدو الخارجي المحتل … او الفراغ اللى احدثته النخبة الوطنية بدخولها في مزايدات وطنية فارغة و استعداء الدولة المصرية و المزايدة عليها و محاربتها فكريا في قراراها الاستراتيجي في استعادة الحرب في بالوسيلة الوحيدة المتاحة في ذلك الوقت و هو السلام ….. حتي انهم تحالفوا مع التيارات الدخيلة اللى بيزرعها الغرب داخل مصر لتفريغ المجتمع من محتواه…. و ده في الوقت اللى تخلي عنها العرب و حاربوها اقتصاديا و سياسيا و فتحوا منابرهم الإعلامية للنخب المصرية المعاديه لمصر لـ يكيلون لمصر كل انواع العداء و الاستعداء لمصر و زرع كره مصر في ربوع الوطن العربي ليزرعوا اول بذره لتقطيع ازرع مصر الناعمة التى كانت ممتدة من المحيط الى الخليج…. !!

و حتي القوى الاسلامية الارهابية تجار الدين اللى كونها الغرب ، بدأت تتوحش على الارض و بدلا من محاربة الصهاينة … فــ اول عملية ليها كانت ضد الجيش المصري في عمليه الفنية العسكرية عام 1974 …. فـ تأكدت مصر ان الغرب حرك كرة التلج و ان ماحدش هــ يقدر يقف قدامها و ان الموضوع مسألة وقت في توحش هذه القوى و استهدافها للنظم الحاكمة في المنطقة و بالذات بعد تحكمهم من ايران …. و ان مصر المنتصرة عسكريا و المدمرة اقتصاديا مش هــ تعرف تقف لوحدها قدام كل الدول العربية و كمان اسرائيل و العالم بمفردها …… و ده اللى دفع الدولة المصرية انها تعمل مناورة سياسية …. فدعمت مصر نقل هؤلاء الى افغانستان لكسب الوقت لاستعادة الارض المحتلة …. … و مع فشل اقناع النخب الاخرى في المجتمع بالقضية المصرية الوطنية … فــ الامر إنتهى الى اعتقال الجميع حتي لا تتلكأ اسرائيل في ارجاع الارض المصرية … ثم الختام بعملية اغتيال لرأس الدولة.

اما في مرحلة الثمانينات و حتي 2010 …. فكان الخيار الاستراتيجي للدولة هو بناء الاقتصاد الدولة و رفعت شعار لا صوت يعلو فوق صوت الاستقرار كـ خيار وطني …. و بالفعل بدأت الدولة في اتخاذ خطوات فاعلة لاعادة بناء الاقتصاد …. و لكن مع الوقت … طغي صوت الاستقرار على اي مواجهة لحل اي مشكلة من جذورها املا في النهوض البطىء بالاقتصاد …. و لان مواجهة المشاكل لا تبدأ و لا تتم الا بإرادة سياسية حقيقية زى ما بنشوف دلوقتى ….. و لأن سياسة الاستقرار كانت مقدمة على اي ملف او موضوع ….. ادي ذلك الى ان قبلت الدولة ان تتصالح مع التيارات الاسلامية أملا في اتقاء شرها و افسحت لهم المجال على الارض للحركة بحرية لنشر افكارهم و توغلهم اقتصاديا و سياسيا و فكريا …. و قبلت الدولة ان تتصالح مع مندوبي التيارات الغربية اللى كان بــ يطلقوا على انفسهم يساريين ، أملا في اتقاء شر الدول الممولة لهم …. و تركت لهم الساحة الثقافية و الاجتماعية و الفنية و الاعلامية تماما .

و حتي على المجال الاقتصادي … فكان استقرار الاسعار و استقرار الرأي العام مقدم عن مواجهة المشاكل الاقتصاديه الفعليه …. فمثلا ….

  • تجار و محتكرى الخضار حيزودوا الاسعار لان التكلفه عليهم بتزيد …. طب سيبوهم ياخدوا اراضي او ادوهم تسهيلات حتي لو غير قانونية او فيها شبهة فساد في مقابل انهم مايغلوش الاسعار عشان يبقي فيه استقرار.
  • تكلفة انبوبة البوتاجاز تتضاعفت 10 مرات و مش حنعرف نوفرها بتمنها …. لا لا … خلوها بتمنها بـ 3.75 جنيه … حتي لو اخدنا الفرق من ميزانية الخدمات … محدش هــ يحس … المهم ماتغلوش سعرها عشان الاستقرار.
  • رجال الاعمال هــ يزودوا السلع الفلانية … لا بلاش … شوفوا هم عايزين ايه و حتي لو فيه اراضي حطوا اديهم عليها … سيبوهم … المهم مايغلوش الاسعار.
  • عايزين نبني محطات كهرباء جديدة و محتاجين مدارس و مستشفيات جديده و كمان طرق اللى اتهالكت تماما و لو عملنا كده هــ يبقي على حساب الميزانية و الدعم …. لا لا …. ماتجوش جنب الدعم خاااالص عشان الاستقرار …. احنا نقطع الكهرباء عن الصعيد و المناطق اللى مش بيطلع ليها صوت و منقطعش عن الاماكن اللى متركز فيها النخب اللى ليها منافذ اعلامية …. و سيبكم من المستشفيات و المدارس … مش مشكلة لما الفصل يتضاعف عدد العيال فيه … المهم الاسعار و الاستقرار

و غيرها من الامثلة اللى كان كل تركيز الدولة منصب على الاستقرار … و ده خلق بيئه غير صحية تماما في المجتمع و خلق بيئة في غاية الخصوبة ان المجموعات دي تتوسع و تنتشر في المجتمع بصورة سرطانية و تبث سمومها في كل مكان ، و قدرت تستحوذ تماما على كل وسائل السيطرة على الوعي الجمعي للمجتمع من اعلام و فن و ثقافة …. و الاستحواذ على مقدرات الدولة الاقتصادية لتدميرها …. و ده اللى أدي الى تدخل بعض المؤسسات الوطنية بين الحين و الاخر لانقاذ ما يمكن انقاذه فعلى سبيل المثال و ليس الحصر لما تدخلت المؤسسة العسكرية بامكانياتها التي تكفي بالكاد تسليحها لانقاذ الترسانة البحرية من البيع لتفكيكها و بيع اراضيها لانشاء مساكن فاخرة …… عشان يجي اول اختبار حقيقي لما تم فرض المواجهة بين الدولة المصرية و بين هذه التيارات … لتنال مصر هزيمة قاسية في احداث يناير عندما هزمت اعلاميا و توعويا …. و وقف حزب الكنبة المصري شامتا متفرجا على ما يحدث بالشارع … و اختصارا للموقف … ابتعد النظام المصري عن شعبه … و عندما احتاجه … لم يجده….. فالنظام في هذه الفتره كان صحيح مش نظام خائن … و قام بالعديد من الخطوات الجبارة لاعادة بناء الدولة اقتصاديا و سياسيا … الا انه وقع في اخطاء فادحه نعاني منها اليوم … على الرغم من ان رب ضارة نافعه لان هذه الاخطاء حمت مصر بشكل ما من الاستهداف الخارجي العسكري …. و اللى نزلنا عنها مقال يوجد باللينك التالي

الا ان ادارة الدولة المصرية لهذا الملف كان يمكن ان يدار بشكل افضل و كنا لن نتكلف هذه التكاليف الفادحة الاستراتيجية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية التي ندفعها من عام 2011 حتي اليوم … و الجهات الامنية السيادية مش من وظيفتها انها تتدخل في طريقة ادارة الدولة السياسية او في تغيير الارادة السياسية و التوجه الاستراتيجي الداخلي للدولة …… لكنها اخذت بمهامها التي حمت فيها الدولة و الشعب المصري و ادارت دفة الاحداث من 2011 الى ان انتقلت السلطة في مصر الى قيادة مصرية وطنية في 2014 …… و ده كان توصيف بسيط لدور الدولة فيما اصاب القوة الناعمة المصرية.

اما دور النخبة الوطنية … و هم اساتذة الجامعات و المفكرين و المثقفين الوطنيين الحقيقيين … فهم المدانون رقم واحد فيما وصلنا اليه …. لان النخب الوطنية في المجتمعات هي دائما و ابدا حائط الصد المنيع سواء ضد الهجمات الخارجية … او هي من تتصدى لاصلاح المسار داخليا …. و لم يحدث ابدا في اي مجتمع ان تخلت النخب الوطنية عن دورها و تركها للشعب يواجه مصيره منفردا و هو يتفرج و يشاهد و ينظِّر عليه و يتاجر بيه و بمشاكله اللى هو اصلا سبب كبير فيها …. و مفيش ليهم عذر لما اقترفوه في حق الشعب المصري باي شكل من الاشكال. … و خلونا نقتبس برجراف صغير احد المقالات السابقه :-

  • “”و لو بدأنا كلامنا بلمحة تاريخية في العصر الحديث … هــ نلاقي ان تكوين نخبة وطنية حقيقية تقود المجتمع و تأخذ بمسؤوليتها عن تحديد اجندة النقاش الوطني و توعية عامة الشاعب ، كان لا يعتمد على وجود دولة داعمة لها … فـ بالرغم من ضعف الاقتصاد المصري لانها كانت دولة محتلة ..، و بالرغم من انتشار الجهل و الامية وسط جموع الشعب اللى كانت نسبة الامية فيه تتعدي الـ 95% … و بالرغم من اتباع الاحتلال لسياسة افقار الشعوب و اضعاف اقتصاد الدول التي تحتلها و اللى أدي الى انتشار القهر و الظلم و الفقر المدقع بين عموم المصريين لدرجة إن نسبة الحفاه فى المجتمع كانت تتعدي الـ 85% … و بالرغم من محاربة الاحتلال و السلطات الموجودة لنشر العلم و محاربتهم لاي سبيل لتكوين نخبة وطنية مصرية فاعلة في المجتمع … الا ان ده مامنعش من وجود نخب وطنية حقيقية مصرية على مدار السنين …. و اللى كانت بــ تنقل ثقافة الهوية المصرية لعموم الشعب و تحافظ على ملامح الشخصية المصرية … و اللى كان نتيجته ان افراد المجتمع العاديين بالرغم من الجهل و الفقر … الا انهم كانوا ناضجين فكرياً … فـ كانوا يتذوقون الفن المحترم و عندهم مناعة و حصانة وطنية في منتهي الصلابة ضد كل ألاعيب الاستعمار لشق الصف الوطني بــ لعبه على وتر الفتنة الطائفية او لفظه اي محاولات لفرض شخصيات غير وطنية مخترقة فكرياً عليهم…. فـ مثلا في إنتخابات مجلس النواب المصري …. كان المواطن العادي ناضج كفاية في انه لا يجد اي مشكله انه ينتخب مواطن مصري مسيحي بدلا من خريج أزهر لو رأى فيه انه افضل للمشروع الوطني المصري في هذه المرحلة.””

فالاحتلال الانجليزي … و حالة الكساد العالمي بعد الحرب العالمية الاولي و الاقتصاد المصري الذي كان منهك تماما … كل ذلك لم يمنع احد أفاضل النخب المصرية الاقتصادية ان ينشىء اعرق و اقدم جهاز مصرفي وطني في مصر لما قام طلعت حرب بانشاء بنك مصر …. و لا منع عبود باشا انه يدخل مصر صناعة السكر …. او منع مجمع البحوث الاسلامية انه يجتهد و يطلع فكر ديني وسطي متشبع بالشخصيه المصريه … و لا منع النخب المصرية في التصدي لمحاولات الاحتلال العثماني او الانجليزي استهداف اللغة العربية و فرض لغتهم او ثقافتهم علي المجتمع ….. و لا كانت الحالة الاقتصادية و الاختلافات السياسية منعت الفنانين المصريين من اول الثلاثينات و حتي الستينات في تقديم فن محترم و افلام توثق الحياه المصرية في ذلك الوقت بصورة محترمة و يقدمون قصص تخدم المجتمع لا تدمره …. و لا منعهم ايضا انهم يجوبون بلاد العالم لشرح قضيتهم الوطنيه و جمع التبرعات للمجهود الحربي…. مع العلم انهم افنوا حياتهم و ثرواتهم في سبيل مجتمعهم .. و توفى معظمهم فقير.

فـ للاسف من منتصف السبعينات … تحولت النخب المثقفة الى خنجرا مسموما في خاصرة الوطن … و كانوا رأس الحربة اللى استخدمهم كل المعادين لمصر في ضربها في مقتل و عزلها … و ارتضوا ان يكونوا ابواق يكيلون فيها السباب و الشتائم لبلدهم و نعت دولتهم و جيشها و شعبها بالخيانه و العمالة وأفظع الالفاظ التي يحاسب عليها القانون … حتي تشبعت اجيال عربية كاملة بكره مصر و كره شعبها … و كل ده لمجرد ان مصر اتخذت قرارها باستعاده ارضها بكل الوسائل الممكنه و منها خيار السلام لانها كانت تعلم جيدا ان قوتها العسكريه و اقتصادها لم تكونوا قادرين على حسم المعركه عسكريا مع عدوا كان يحارب له القوة العظمي في العالم….. و اللى للاسف معظمهم بعد عشرات السنين … بدأوا تباعا يعترفون بخطأ تفكيرهم حين ذاك و عدم قدرتهم على قراءه الامور بصوره صحيحه حينها.

فالنخب المصرية للاسف … ارتضوا بكل انانيه ان يكونوا عرَّابين تدمير الهوية المصرية و الشخصية الوطنية المصرية بعد ما غرقوا في المصالح الشخصية و المزايدات و الحنجوريات الفارغة و الفساد الاخلاقي …. و كلنا نفتكر في السبعينات لما هذه النخب سخنت الناس و اعطوا المخربين الغطاء الاخلاقي لحرق البلد و جزء من وطنهم لازال تحت الاحتلال …. لما الدولة المصرية بدأت تأخذ قرارات اقتصادية اصلاحية جذرية بتحريك الدعم …. و بدل من ان يكونوا في صف مصلحة الشعب و مستقبله و يقيموا حوارات مجتمعية لاقناع الشعب ان هذه القرارات في مصلحته … و انها قرارات حتمية ستحدث الان او مستقبلا … و ان تكلفة اجراؤها الان اقل بكثيييييير من التكلفة الباهظة اللى حيدفعها اولادنا في المستقبل … اخذتهم العزة بالاثم و وقفوا امام الدولة ….. و اطلقوا زبانيتهم في كل مكان للكذب على الناس و ملىء عقولهم بالاكاذيب الحنجورية و الشعارات الكاذبة لحرق البلد …. و هم فاهمين كويس انهم بيضعوا مصلحة الشعب تحت رجليهم و كمان بيضعوا الدولة في موقف صعب امام اسرائيل اللى ما حتصدق ان الدولة فيها اضطرابات و غير مستقرة و تتلكأ توقيع اي اتفاق مع حكومة ضعيفة … و ده اللى ادي الى تراجع الدولة المصرية عن الاصلاح ….. و كل ده عشان يحققوا لانفسهم انتصارات وهمية على حساب الدولة و الشعب المصري….. و ده اللى ارعب اي حكومة طوال عشرات السنين انها تقوم باصلاح جذري حقيقي و تكتفي بترقيع الموجود.

النخب دي للاسف شعرت من ساعتها بقيمتها المزيفة و ان سعرهم بقي كبير …. من ساعة ما ركبت عقولهم شياطينهم و صور لهم انه مادام سعره عالي … فـ بالتبعية قيمتة كبيرة في المجتمع و انه يجب له قيادة مجتمعه …. و كان ده من اهم اسباب انحدارهم و فشلهم.

لان مثلا لو دكتور جامعه او طبيب … حصل على اعلى الشهادات و المناصب العلمية … فــ ده معناه انه بني لنفسه نجاح في مجاله و بالتالي سعره كبير … لكن قيمته في المجتمع تتحدد على قدر خدمته لمجتمعه باستخدام علمه او نجاحه …. فالفرق الكبيييير بين القيمة و السعر …. هو نفس الفرق بين عشماوى و المنسي …. بين عبد الرحمن البر و الشعراوى …. بين محمود عزت و بين مجدي يعقوب و غيرهم كتيييير

و مش هــ نشرح فيه كتير لاننا اتكلمنا عنه في مقال

و الشعب المصري و التاريخ لن يغفر ابدا للنخب الوطنية الحقيقية التي انزوت و تركت الساحة لهؤلاء المهرجين و الافاقين ليحلوا محلهم و يستفردون بالشعب المصري …. و لم يصححوا مسار الارادة السياسية التي انحرفت عن مسارها و تخلت عن ترسيخ اوصال الشخصية و الهوية المصرية و التي ادي بذلك الى تقطيع تقطيع اوصال القوة الناعمة الثقافية و الحضارية لمصر… و تفرغوا فقط للمتاجرة بأوجاع المواطن المصري … و اللى وصل فجورهم في المتاجرة بالناس على سبيل المثال …. انه بعد ازالة احد المناطق العشوائية الفقيرة بعد نقل ساكنيها الى احد المساكن الادمية المحترمة … انه يجي كاتب بدل ما يفرح بانتهاء معاناة هؤلاء المواطنين ….. يطلع يتباكي و ينعي فيه روايته اللى بتدور قصتها في هذه المنطقه وسط كم هاااائل من الاحباط والسوداويات و النكد و الغلب و اللى سماها بنفس اسم المنطقة و هو بيقول يا خسارة روايتي اللى بقت خيالية و لا تمت للواقع بــ صله.

الجزء القادم و الاخير ان شاء الله حنتكلم فيه عن الحلول الجذرية اللى لاول مرة تتعمل على الارض لمواجهة وإصلاح ما تم افساده على مدار عشرات السنين و ايه دور كل واحد فينا …..

تحياتنا لكم

لمتابعة تعليقاتكم